زيادة توليد الكهرباء من الشمس والرياح في أوروبا تخفّض حدة التضخم (دراسة)
بعد غزو روسيا لأوكرانيا
حياة حسين
- توليد الكهرباء من طاقتي الشمس والرياح في أوروبا ارتفع 13%
- الطاقة الكهرومائية تراجعت 21% في 6 أشهر بسبب الجفاف
- رغم الارتفاع الملحوظ في كهرباء الطاقة المتجددة ما تزال الكميات لا تتوافق مع طموحات القارة
- حكومات القارة لن تستطيع دعم فواتير الوقود مدة طويلة
كشفت دراسة حديثة لمركزي بحوث المناخ "إي 3 جي" و"إيمبر" عن أن زيادة معدلات توليد الكهرباء من الشمس والرياح في أوروبا حدّت من ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات أعلى، عقب غزو روسيا لأوكرانيا.
وعوّضت تلك الكهرباء نسبة كبيرة من نقص المصادر الأخرى مثل الوقود الأحفوري والطاقة النووية والكهرومائية بفعل الجفاف، عقب غزو روسيا لأوكرانيا، وفق الدراسة الحديثة، حسبما ذكرت مجلة بي في ماغازين (Pvmagazine).
وعانت أوروبا، خلال الأشهر الأخيرة، أزمة طاقة مزدوجة الأسباب، بسبب غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، وفرض عقوبات غربية، بالإضافة إلى عدد من الكوارث الطبيعية المرتبطة بتغير المناخ.
وأدت موجات الجفاف وارتفاع درجة الحرارة في العديد من الدول الأوروبية بصورة غير اعتيادية إلى انخفاض توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية (السدود)، كما تراجعت نسب التوليد من الوقود الأحفوري نتيجة لارتفاع أسعار النفط والغاز، والمحطات النووية كذلك، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
24 % من احتياجات أوروبا
أظهرت دراسة مركزي بحوث المناخ "إي 3 جي" و"إيمبر"، أن زيادة نسبة توليد الكهرباء من الشمس والرياح مكّنت أوروبا من الحصول على 24% من احتياجاتها الكهربائية بين شهري مارس/آذار وحتى سبتمبر/أيلول.
ووفّرت كهرباء الطاقة المتجددة من الشمس والرياح لدول القارة العجوز الـ27 نحو 99 مليار يورو (97 مليار دولار أميركي) خلال 6 أشهر، تلت الغزو الروسي لأوكرانيا، كان من المفترض إنفاقها على واردات الغاز.
وتزيد تكلفة الواردات المفترضة عن المدة ذاتها العام الماضي بنحو 11 مليار يورو (10.8 مليار دولار أميركي)، وفق الدراسة، التي عرض موقع "سي إن إن" ملخصًا لها.
وشهدت أسواق الطاقة اضطرابًا كبيرًا بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وفرض عقوبات غربية على موسكو، ما أدى إلى صعوبات بالغة في أوروبا لتوفير الوقود، خاصة الغاز، إذ تعتمد القارة على توفير 40% من احتياجاتها من روسيا، وفي بعض الدول تزيد على 50% مثل ألمانيا.
وقطعت روسيا -مرارًا- الإمدادات عبر خطوط الأنابيب الممتدة إلى أوروبا، إلى أن أوقفت الضخ تمامًا عبر نورد ستريم 1 مطلع شهر سبتمبر/أيلول الماضي، عقب قرار من الدول الصناعية السبع بوضع حد سعري لنفطها.
الاستقلال عن روسيا
ارتفعت نسب توليد الكهرباء من الشمس والرياح في أوروبا خلال الأشهر الأخيرة، في وقت تسعى فيه القارة إلى تحقيق الاستقلال عن روسيا التي تعتمد بكثافة عليها في توفير احتياجاتها من الطاقة.
وعلى سبيل المثال، استحوذت واردات أوروبا من روسيا على نسبة 41% من إجمالي تكلفة واردات الوقود الأحفوري في 2020.
ووجدت دراسة مركزي بحوث المناخ "إي 3 جي" و"إيمبر"، أن 19 دولة من أعضاء الاتحاد الأوروبي الـ27 حققت معدلات قياسية لتوليد الكهرباء من الشمس والرياح خلال الأشهر الـ6 الأخيرة.
وتصدّرت بولندا قائمة الدول الأعلى في توليد الكهرباء من طاقتي الشمس والرياح، إذ زادت بنسبة 48.5%.
كما ارتفعت في إسبانيا بنحو 7.4 تيراواط/ساعة، ما وفّر لمدريد نحو 1.7 مليار يورو (1.7 مليار دولار أميركي) من تكلفة واردات الغاز.
تحذير لأوروبا
حذّرت "ثينك تانك" دول أوروبا من عدم تحقيق معدلات تتوافق مع طموحاتها في مجال الطاقة المتجددة، رغم الزيادة الكبيرة في كهرباء الشمس والرياح خلال الأشهر الأخيرة.
وقالت إن الغاز -وهو أحد مصادر الطاقة المنتمية إلى الوقود الأحفوري- ما يزال يمثّل أكثر من 20% من وقود توليد الكهرباء في أوروبا، وبلغت تكلفته خلال الأشهر الـ6 الأخيرة وحتى سبتمبر/أيلول الماضي نحو 82 مليار يورو (80.7 مليار دولار أميركي).
وقال رئيس قطاع التحليل في مركز إيمبر، كريس روسلو: "إن كهرباء الشمس والرياح تساعد مواطني أوروبا، لكن طموحات القارة تفوق هذه المعدلات بمسافة هائلة".
زيادة 13%
ذكرت دراسة حديثة لمركزي بحوث المناخ "إي 3 جي" و"إيمبر"، أن توليد الكهرباء من الشمس والرياح زاد بنسبة 13% خلال مارس/آذار-سبتمبر/أيلول، مقارنة بالمدة ذاتها العام الماضي (2021)، مسجلة 365 تيراواط/ساعة.
وأوضحت أن معدلات التوليد من مصادر الطاقة المتجددة بصورة عامة كانت ستشهد ارتفاعًا أكبر، لولا هبوط الطاقة الكهرومائية بنسبة 21%؛ نتيجة لموجات الجفاف وارتفاع الحرارة التي ضربت دول القارة خلال هذه المدة.
وتُعد الرسالة الأساسية للدراسة هي "أن مزيدًا من الطاقة المتجددة يؤدي إلى خفض في معدلات التضخم".
وما تزال أوروبا تعاني ارتفاع أسعار الطاقة، إذ أدى حظر دخول الغاز الروسي إلى أوروبا إلى أسوأ موجة تضخم منذ الحرب العالمية الثانية، وتجاوزت صدمة أسعار النفط التي قفزت في سبعينيات القرن الماضي.
الطاقة والتضخم
صعدت أسعار الطاقة في أوروبا، خلال سبتمبر/أيلول الماضي، على مستوى سنوي بنسبة 40.8%، وهي تمثّل 36% من معدلات التضخم في أنحاء دول القارة.
ورصدت بعض دول القارة عشرات المليارات من الدولارات في صورة حزم دعم لمواطنيها لمواجهة معدلات التضخم القاسية، خاصة فاتورة الوقود الأحفوري اللازم للتدفئة، ورغم ذلك ما يزال العديد من رجال الأعمال والعائلات تحت وطأة فواتير ثقيلة لا يستطيعون دفعها.
وحذّرت دراسة مركزي المناخ من أن حكومات الدول الأوروبية لن تستطيع مواصلة تقديم هذا الدعم إلى المواطنين لتعويض ارتفاع فواتير الوقود الأحفوري المحلقة بعيدًا إلى أعلى لمدة طويلة.
وقالا في عرضهما لنتائج الدراسة: "نجحت أوروبا في ملء خزانات الوقود بالغاز استعدادًا للشتاء المقبل، لكن ماذا ستفعل القارة لمواجهة آثار الاحترار العالمي والكوارث الطبيعية المرتبطة بتغير المناخ المقبلة؟.. يجب أن يتحول التركيز الآن إلى ما هو أبعد من شتاء 2023/2022".
الطاقة المتجددة
وافق برلمان أوروبا، منتصف شهر سبتمبر/أيلول الماضي، على خطة "ري باور إي يو"، وهي تستهدف زيادة مستوى إمدادات الكهرباء من المصادر المتجددة إلى 45% بحلول 2030، بدلًا من 40%، كانت دول الاتحاد قد حددتها في وقت سابق، ومقارنة بـ22% في 2020.
كما أقر خفضًا لاستهلاك الطاقة بنسبة 14.5%، وهما قراران يصبان في صالح تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، وخفض انبعاثات الكربون 55% في عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990، وفق الصفقة الخضراء.
وأشار بيان المفوضية الأوروبية على الموقع الإلكتروني في مايو/أيار الماضي، بعد موافقة الأعضاء على الخطة، التي أقرها البرلمان في سبتمبر/أيلول، إلى أن تلك الخطة ستعمل بالتوازي مع نصوص الصفقة الخضراء، والمبادرات الأخرى التي تسعى للأهداف ذاتها.
ومن تلك المبادرات، إستراتيجية أوروبا للطاقة الشمسية، التي تستهدف مضاعفة سعة مشروعاتها بحلول 2025، وتركيب 600 غيغاواط بحلول 2030.
ومبادرة التوسع في تركيب محطات الطاقة الشمسية على أسطح المباني العامة والتجارية، بالإضافة إلى المنازل الجديدة.
والعمل على تنفيذ توصية المفوضية الخاصة بتسهيل التشريعات التي تسمح بإقامة مشروعات الطاقة المتجددة الضخمة.
تكلفة تريليونية
يُذكر أن شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، قد أشارت في تقرير حديث إلى أن التكلفة الاستثمارية لتنفيذ خطة أوروبا للتوسع في توليد الطاقة المتجددة تتجاوز التريليون يورو (1.07 تريليون دولار)، وفق تقديراتها.
كما تحتاج دول أوروبا إلى المزيد من الاستثمارات لتطوير الشبكة الكهربائية وتخزين البطاريات، لضمان إمدادات مستقرة من الكهرباء، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ولدى أوروبا -حاليًا- 189 غيغاواط من طاقة التوليد الشمسية المركبة، ما يعني حاجتها إلى تركيب 131 غيغاواط بحلول 2050، وللوصول إلى 600 غيغاواط المستهدفة بحلول عام 2030، فإن أوروبا تحتاج إلى إضافة 56 غيغاواط من الطاقة الشمسية سنويًا بدايةً من منتصف العقد.
موضوعات متعلقة..
- هل يعوّض النفط والغاز في ليبيا إمدادات أوروبا من روسيا؟ (إنفوغرافيك)
-
وكالة الطاقة الدولية تطلق خطة جديدة لتقليل الاعتماد على الوقود الروسي
-
الغاز الأذربيجاني يدعم إمدادات أوروبا بعيدًا عن روسيا بصفقة جديدة (صور)
اقرأ أيضًا..
- معيار جديد لتسعير الغاز.. ومقترح أوروبي بشراء مشترك
-
خطوة للعالمية.. المغرب يطوّر بطاريات السيارات الكهربائية القائمة على الفوسفات