إيرادات النفط والغاز الروسيين تتراجع مع تباطؤ النمو في الصين (تقرير)
نوار صبح
- • الصين تستورد نحو مليوني برميل من النفط يوميًا أقلّ من المتوقع في أغسطس/آب
- • خفض إنتاج أوبك+ يكاد يعوّض تمامًا عن الطلب المفقود في الصين
- • الشركات الصينية أعادت بيع العديد من شحنات الغاز إلى أوروبا بدلًا من استلامها
- • أسعار النفط العالمية انخفضت بشكل مطّرد منذ أن بلغت ذروتها في أوائل يونيو/حزيران
- • روسيا والسعودية كانتا أكبر مورّدي النفط للصين في الأشهر الـ7 الأولى لهذا العام
على الرغم من أن تباطؤ النمو في الصين أدى إلى كبح ارتفاع أسعار الطاقة العالمية وإيرادات النفط والغاز الروسيين، زادت بكين مشترياتها من الوقود الأحفوري الروسي.
وكان الاقتصاد الصيني، قبل 12 شهرًا فقط من الآن، يشهد نموًا سريعًا بحيث يتعذر على قطاع الطاقة لدى الصين مواكبته، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى انطفاء الأنوار في المصانع الشاسعة، وأُخلِيَت مباني المكاتب الشاهقة قبل دقائق من انقطاع الكهرباء عن المصاعد، وتوقفت شبكات المياه البلدية عن الضخ بسبب نقص الكهرباء.
تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين
تشهد الصين -حاليًا- ظروفًا مختلفة مع تباطؤ النمو الاقتصادي بسرعة كبيرة، لدرجة أن عشرات الملايين من الشباب عاطلون عن العمل.
وتتأرجح الشركات على شفا الإفلاس، حسبما ذكر مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأميركية للشؤون التجارية والاقتصادية في مدينة شنغهاي الصينية، كيث برادشير.
وأشار كيث برادشير إلى أن تباطؤ النشاط الاقتصادي تسبَّب في تراجع واردات الصين من الطاقة بنحو مليوني برميل من النفط يوميًا أقلّ من المتوقع في أغسطس/آب، وغاز طبيعي أقلّ بمقدار سُدْس ما كان عليه قبل عام.
وأوضح أن الانخفاض الحادّ في الطلب من جانب الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يساعد على إبطاء ارتفاع الأسعار الذي نتج عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقًا لما نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية (nytimes).
ويقدّم تراجع استهلاك الطاقة في الصين مساعدة غير مقصودة للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لخنق إيرادات النفط والغاز الروسيين الهائلة التي تجنيها موسكو بصفتها مصدِّرًا للطاقة.
ووافق الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ حظرًا على واردات النفط والغاز الروسيين هذا الشتاء، على خطة للحدّ من الأسعار التي يمكن أن تفرضها روسيا على النفط الذي تبيعه إلى دول ليست في الاتحاد الأوروبي، باستخدام سفن أو تأمين من أوروبا.
خفض الصين لوارداتها الإجمالية من الطاقة
رغم خفض الصين لوارداتها الإجمالية من الطاقة، فقد زادت مشترياتها من النفط والغاز الروسيين مباشرة من موسكو المجاورة، وكانت مصافي النفط وموزّعو الغاز الصينيون يشترون الوقود بأسعار مخفضة للغاية؛ نظرًا لأن موسكو تتمتع بنفوذ أقلّ للتفاوض.
ويرى المحللون أن دور الصين بصفتها صديقة لروسيا وأكبر مستورد للنفط الخام في العالم، وثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي بعد أوروبا، يجعل من الصعب على دول الغرب عزل روسيا، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المحلل المتخصص في الطاقة الصيني في جامعة سنغافورة الوطنية فيليب أندروز سبيد، إن الصداقة بين بكين وموسكو، تعني أنه في حالة النفط والغاز الروسيين، هناك تحدٍّ جيوسياسي للغرب.
وأعلن تحالف أوبك+، مجموعة منتجي النفط بقيادة روسيا والسعودية، يوم الأربعاء 5 أكتوبر/تشرين الأول، أنه سيخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا، وهو إجراء تعارضه إدارة بايدن.
ويكاد خفض الإنتاج من جانب دول تحالف أوبك+ يعوض تمامًا عن الطلب المفقود في الصين.
تأثّر إمدادات الطاقة العالمية
علاوة على ذلك، إذا انتعش طلب الاقتصاد الصيني على الطاقة في الأشهر المقبلة، فإن زيادة الصين جنبًا إلى جنب مع تخفيضات أوبك+ يمكن أن تضغط على حدود إمدادات الطاقة العالمية، وتجعل من الصعب على الاتحاد الأوروبي ضبط زيادات الأسعار.
قال نائب مدير التخطيط في إدارة الطاقة الوطنية الصينية دونغ وانتشنغ، في أغسطس/آب 2022، إن استخدام الصين للطاقة بدأ في التباطؤ نهاية مارس/آذار.
وتفاقمت الأمور بسبب إجراءات الإغلاق في مدينة شنغهاي الصينية لمكافحة تفشّي وباء كوفيد-19 لمدة شهرين، التي شلّت أحد أهم محاور النشاط الاقتصادي في الصين.
وقلّصت الحكومة الصينية حركة الشاحنات في شنغهاي أو بالقرب منها، وخفضت استهلاك وقود الديزل.
وأسفر إغلاق الطرق عن تقليل استخدام سائقي السيارات للبنزين، وعانت المصانع من نقص في مكونات التجميع، وقلصت العمليات أو أغلقتها، ما قلّل من استخدام الكهرباء.
مشكلات الصين الاقتصادية
لم تقتصر مشكلات الصين الاقتصادية، هذا العام، على خطوات تهدف إلى احتواء جائحة فيروس كورونا.
أدى الانهيار القطاع العقاري إلى تباطؤ بناء الشقق، وأضرّ ذلك بقطاعي الصلب والأسمنت اللذين يستهلكان كميات كبيرة من الطاقة، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
في المقابل، تُولي العديد من الأسر في الغرب اهتمامًا أقلّ للوباء، وتشتري عددًا أقلّ من الأدوات والمفروشات المصنوعة في الصين لمنازلها، وتنفق المزيد من الأموال على السفر ووجبات المطاعم والخدمات الأخرى بدلًا من ذلك.
تراجُع واردات الصين من النفط والغاز
تراجعت واردات الصين من الوقود الأحفوري، ومن بينها النفط والغاز الروسيان، في أغسطس/آب الماضي، وهو أحدث شهر متاح، بحسب بيانات من الإدارة العامة للجمارك في الصين.
واستوردت الصين 9.4% من براميل النفط الخام أقلّ من العام السابق، وانخفضت واردات المنتجات المكررة مثل الديزل بنسبة 35.4%.
وانخفضت واردات الغاز الطبيعي شهريًا من يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب من هذا العام مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، إذ سجلت انخفاضًا بنسبة 15.2% في أغسطس/آب.
وتحتفظ الشركات الصينية، التي تديرها الدولة، بعقود طويلة الأمد لشحنات منتظمة عن طريق البحر من الغاز الطبيعي المسال منخفض التكلفة، من دول مثل قطر.
وقال محلل الطاقة الصيني في شركة ريفينيتيف، وهي شركة بيانات مقرّها لندن، يان تشين، إن الشركات الصينية أعادت مؤخرًا بيع العديد من هذه الشحنات إلى أوروبا، بدلًا من استلامها.
تأثّر أسعار الطاقة
إلى جانب انخفاض واردات الصين من النفط وعلامات الضعف في الاقتصاد العالمي، كان تأثير تراجع الطلب في الصين بأسعار الطاقة كبيرًا.
فقد انخفضت أسعار النفط العالمية بشكل مطّرد منذ أن بلغت ذروتها في أوائل يونيو/حزيران، كما انخفضت أسعار الغاز الطبيعي منذ أواخر أغسطس/آب.
وساعد ضعف الطلب من الصين على خفض سعر خام برنت، المعيار الدولي، إلى ما دون 85 دولارًا للبرميل في الأسابيع الأخيرة، قبل أن يرتفع فوق 90 دولارًا هذا الأسبوع، مع استعداد أوبك+ لاتخاذ قرارها.
ويرى المحللون أنه من غير الواضح ما إذا كان النفط والغاز الطبيعي في الصين سيظلان ضعيفين في الأشهر المقبلة.
قد تخفف الحكومة تدريجيًا من ضوابط كوفيد بعد مؤتمر الحزب الشيوعي الذي يبدأ في 16 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وبدأت الصين في إنفاق المزيد على بناء الطرق والبنية التحتية الأخرى، التي تتطلب استهلاكا كبيرًا للديزل؛ لتشغيل الحفارات والشاحنات.
وقال عميد معهد الصين لدراسات سياسة الطاقة بجامعة شيامن الصينية، لين بوكيانغ، إنه مع الانخفاض الأخير في أسعار النفط، أصبحت الشركات الصينية أكثر استعدادًا لتحمّل المخاطر المالية بشراء كميات كبيرة من النفط الخام وتكريره إلى بنزين وديزل ووقود الطائرات ومواد الأخرى.
الصين والنفط والغاز الروسيان
كانت روسيا والسعودية أكبر مورّدي النفط للصين في الأشهر الـ7 الأولى من عام 2022، إذ يزوّد كل منهما سُدْس واردات الصين من النفط، وفقًا لتحليل أجراه معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وكانت روسيا خامس أكبر مورّد للغاز الطبيعي للصين.
وقد اتجهت الصين نحو روسيا خلال حرب أوكرانيا، مرددةً حملات التضليل الروسية، في حين لم تقوّض بشكل واضح العقوبات الغربية.
من ناحيتها، حاولت الصين منذ مدة طويلة عدم الاعتماد بشكل مفرط على مورد واحد للطاقة، وشهدت أوروبا تدافعًا بعد أن أوقفت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي.
وأوقفت شركة غازبروم، عملاق الطاقة الروسي، تدفّق الغاز الطبيعي إلى الصين عبر خط أنابيب مختلف في شرق سيبيريا لأكثر من أسبوع، قائلة، إن خط الأنابيب بحاجة إلى صيانة.
وأضرّ ذلك بسمعة روسيا في الصين من حيث الموثوقية، لكن خبراء الطاقة الصينيين يميلون إلى قبول أن خط الأنابيب بحاجة إلى إصلاحات.
وقال مستشار الطاقة في بكين، مدير برنامج الصين السابق بوكالة الطاقة الدولية في باريس كيفين تو: "يجب على الصين أن تتجنب وضعًا تعتمد فيه بشكل أكبر على النفط والغاز الروسيين، أي أن تصبح روسيا أكبر مصدر للوقود الأحفوري في الصين".
وأوضح أنه لدى حدوث تعديل مفاجئ في العلاقات الدولية، فقد يكون له تأثير كبير بأمن الطاقة في الصين.
اقرأ أيضًا..
- حقل كاريش للغاز المتنازع عليه بين إسرائيل ولبنان يبدأ اختبار التدفق العكسي
- بوتين ينتزع إدارة سخالين 1 من إكسون موبيل بمرسوم جديد
- وزير النفط الهندي: قرار أوبك+ يرفع أسعار النفط ويخفض الطلب
- 3 مدن صناعية في قطر.. مشروعات ضخمة تشمل أكبر مرفق عالميًا لتصدير الغاز المسال