السعودية تطلق مشروعات ضخمة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060
وتخطط لتوليد 50% من الكهرباء بالمصادر المتجددة بحلول 2030
نوار صبح
- لا يزال إدماج الطاقة النووية في مزيج الطاقة مطروحًا للبحث والدراسة والتقييم
- الاستثمار العالمي العام في قطاع الطاقة كان بطيئًا وأسهم في أزمة الطاقة الحالية
- المملكة العربية السعودية تركز على تطوير الاقتصاد الدائري للكربون
- أرامكو تخطط لإنتاج 11 مليون طن من الأمونيا الزرقاء سنويًا بحلول عام 2030
تمضي السعودية، أكبر مصدِّر للنفط في العالم، في إطلاق مجموعة من المبادرات والمشروعات النوعية وتنفيذها في خطة تحول الطاقة، لتأكيد التزامها بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، المعلن في أكتوبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
وشهدت المشروعات الواعدة -مثل محطة مدينة نيوم السعودية للهيدروجين الأخضر الرائدة، وتطويرات الطاقة المتجددة واسعة النطاق- تقدمًا ملحوظًا، ولا يزال إدماج الطاقة النووية في مزيج الطاقة مطروحًا للبحث والدراسة والتقييم، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتبلغ سعة توليد الكهرباء بالطاقة المتجددة الموضوعة حاليًا في الخدمة في المملكة العربية السعودية وفقًا لمناقصة برنامج الطاقة المتجددة بقدرة 700 ميغاواط، حسبما أفادت وزارة الطاقة السعودية لمنصة "إس آند بي غلوبال إنسايتس" أواخر يونيو/حزيران الماضي.
وتوقعت منصة إس آند بي غلوبال إنسايتس أن يزداد حجم السعة الموضوعة في الخدمة ازديادًا ملموسًا، خلال السنوات القليلة المقبلة، إذ طُرحت مشروعات بسعة إجمالية تبلغ 7.1 غيغاواط للسوق، وهي الآن في مراحل مختلفة من الإنجاز.
ويرجّح المحللون طرح سعة توليد 15 غيغاواط إضافية في عامي 2022 و2023.
تطوير الموارد الهيدروكربونية
التزمت السعودية، عضو منظمة أوبك، بمواصلة تطوير مواردها الهيدروكربونية الهائلة، التي تتميز بخصائصها منخفضة التكلفة وقليلة الكربون مقارنة بموارد عالية التكلفة وزائدة الانبعاثات في عالم يسعى للتخلص من الوقود الأحفوري.
وترى المملكة، وبعض منتجي النفط والغاز الآخرين مثل الإمارات، وجود حاجة إلى هذه الموارد من أجل تجنب أزمات الطاقة في المستقبل وتلبية متطلبات الطاقة العالمية لتبقى في متناول الجميع.
في المقابل، تتلاشى سعة الإنتاج الاحتياطية العالمية بوتيرة عالية، خصوصًا مع استمرار نمو الطلب على النفط، نظرًا إلى نقص الاستثمار في قطاع الاستكشاف والإنتاج، حسبما نشر موقع "إنرجي إنتليجنس" (Energy intel) في 21 سبتمبر/أيلول الجاري.
وعلى ضوء ذلك، تحركت السعودية لزيادة سعة إنتاج النفط إلى 13 مليون برميل يوميًا من 12 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2027.
ومن المقرر أن يساعد تنفيذ خطط الطاقة المتجددة وزيادة إنتاج الغاز للاستخدام المحلي في تخصيص مليون برميل إضافية من السوائل الهيدروكربونية للتصدير، وتلبية الطلب الذي تعتقد الرياض ومنتجو النفط الآخرون أنه سيستمر لعقود مقبلة.
وفي مقابلة أجراها معه موقع "إنرجي إنتليجنس"، مؤخرًا، صرّح رئيس مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك"، فهد العجلان، بأن الاستثمار العالمي العام في قطاع الطاقة، سواء في مصادر الطاقة المتجددة أو الاستكشاف والتنقيب، كان بطيئًا وأسهم في أزمة الطاقة التي يواجهها العالم اليوم.
وأوضح العجلان أهمية الاستثمار في جميع أشكال الطاقة في أثناء التحول إلى عالم محايد كربونيًا للتخلص من الانبعاثات.
علاوة على ذلك، تولد المملكة العربية السعودية حاليًا 49% من الكهرباء من الغاز الطبيعي و51% من المشتقات النفطية، بما في ذلك النفط الخام، وفقًا لمصادر مطلعة.
وأضافت المصادر أنه بحلول عام 2030، تخطط المملكة لتوليد 45-50% من الكهرباء من مصادر متجددة و50-55% من الغاز.
وبالنظر إلى أن الغاز الطبيعي يُعدّ وقودًا انتقاليًا، فإنه يمثل جزءًا من هدف البلاد طويل الأجل المتمثل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقد تمثل جهود تعزيز إنتاج النفط في السعودية بهدف التصدير، في سياق إيجاد بديل للوقود الروسي، حافزًا لجعل المملكة تسرع في توسعة منشآت الطاقة المتجددة وتطويرها لديها، بحسب محلل قطاع الطاقة منخفضة الكربون لدى منصة إس أند بي غلوبال بلاتس، ميغيل بريتو.
الطاقة المتجددة في السعودية
يشتمل جزء من تعزيز الطاقة المتجددة في السعودية على بناء 70 مجمّعًا للطاقة المتجددة واستثمارات بقيمة 100 مليار دولار، وفقًا لمصادر مطلعة
وأضافت المصادر أن المملكة استثمرت حتى الآن ما يُقدر بنحو 15 مليار دولار، ولديها 15 مشروعًا بسعة توليد كهرباء تبلغ 7.1 غيغاواط، حسبما نشر موقع "إنرجي إنتليجنس" (Energy intel) في 21 سبتمبر/أيلول الجاري.
ونقل الموقع عن الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات قمر إنرجي، روبن ميلز، قوله إن الأهداف كبيرة ويجب تنفيذها بسرعة، مشيرًا إلى الأمر ينطوي على تحدٍ من حيث التنظيم.
وأضاف أن المملكة قادرة على التغلب على هذا التحدي من خلال طرح العطاءات وتنفيذها في الوقت المناسب. وأكد أنه لا يرى أي تحدٍّ في دمج الشبكة حتى الآن.
رؤية السعودية 2030
في سياق التركيز على التنويع الاقتصادي، تأمل قيادة المملكة -بالإضافة إلى إنتاج الطاقات النظيفة- أن تساعد المشروعات المتجددة في خلق فرص عمل ملحّة في القطاع غير النفطي.
ويتماشى التوجه مع مسار الإصلاح الاقتصادي في إطار خطة "رؤية 2030"، التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ويُعد الاستثمار في الطاقة الشمسية أحد مجالات الاهتمام الواضحة لدول الخليج في الشرق الأوسط.
في العام الماضي، أُعلِن مشروع سدير للطاقة الشمسية، الذي من المقرر أن يصبح إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية التي تم التعاقد عليها منفردة في العالم بسعة مركبة تبلغ 1500 ميغاواط.
ويُعد المشروع العملاق جزءًا من برنامج الطاقة المتجددة المدعوم من صندوق الاستثمارات العامة (بي آي إف)، صندوق الثروة السيادي للمملكة، ويديره تحالف مدعوم من الصندوق، بإشراف شركة أكوا باور ومقرها السعودية.
دمج النفط في مسار تحول الطاقة
بهدف الحفاظ على صناعة الهيدروكربونات ذات الصلة، تركز السعودية على تطوير الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يسعى أساسًا إلى تقليل انبعاثات الكربون وإعادة استخدامه وإعادة تدويره وإزالته.
وبدورها، حددت شركة أرامكو السعودية التي تديرها الدولة هدفها للحياد الكربوني بحلول عام 2050، أي قبل عقد من التعهد الذي التزمت الدولة.
ونشرت أرامكو مؤخرًا تقريرها الأول للاستدامة، الذي حدد الطرق التي تنتهجها الشركة لتحقيق خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في النطاقين 1 و2 عبر الأصول المملوكة بالكامل بحلول عام 2050.
وتشمل الخطط احتجاز 11 مليون طن متري واستخدامها وتخزينها من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2035، وتوليد 12 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2030.
وتتضمن الخطط تقليل كثافة الكربون في عمليات الاستكشاف والتنقيب بنسبة 15% على الأقل بحلول عام 2035.
وتهدف الشركة إلى إنتاج 11 مليون طن من الأمونيا الزرقاء سنويًا بحلول عام 2030.
ويستمر العمل -أيضًا- في مشروع الهيدروجين والأمونيا الأخضر الوحيد في البلاد في مدينة نيوم، الذي يعد معيارًا مستقبليًا للمنطقة، وما حولها، نظرًا إلى حجمه المدمج.
ويتواصل تنفيذ خطة الـ54 مليار دولار مع الإغلاق المالي المستحق بحلول نهاية العام.
ومن المتوقع أن تمتلك شركة سابك، التابعة لأرامكو السعودية، حصصًا في مشروعات الطاقة المتجددة المستقبلية التي يطورها صندوق الاستثمارات العامة بصفتها جزءًا من هدف المملكة لتوليد 58 ألفًا و700 ميغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
جاء ذلك في تقرير نشرته مجلة ميد (MEED Magazine) في 23 يونيو/حزيران الماضي.
وأضاف التقرير أن الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة من جانب الشركات التابعة لأرامكو -مثل مصفاتي موتيفا وأرلانكسيو ومصفاة أرامكو السعودية بالجبيل- ستسهم في تحقيق هدف الشركة العام المتمثل في تلبية التزامها بالطاقة المتجددة البالغ 12 ألف ميغاواط بحلول عام 2030.
اقرأ أيضًا..
- استهلاك المغرب من الغاز الطبيعي.. هل تؤمّن الاكتشافات احتياجات المملكة؟
- أكبر حقول النفط العربية.. السعودية والكويت والجزائر بين الأبرز (تقرير)