هل يلبي الديزل الصيني احتياجات أوروبا بعد انقطاع الإمدادات الروسية؟ (تقرير)
نوار صبح
يرى بعض المحللين أن الديزل الصيني يمكن أن يعزّز نجاح أوروبا وجديتها في الاستغناء عن واردات النفط الخام والمشتقات النفطية الروسية، في مطلع العام المقبل.
في مايو/أيار الماضي (2022)، وافق الاتحاد الأوروبي على منع واردات الخام الروسي المنقولة بحرًا بحلول ديسمبر/كانون الأول المقبل، وخفض واردات المشتقات النفطية بعد شهرين من غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، في إطار جهود لمعاقبة موسكو على ذلك.
ويمكن أن يحل الديزل الصيني أزمة عدم وجود كميات كافية من الوقود في النظام العالمي، لتعويض النقص المحتمل في أوروبا، التي لم تتمكن حتى الآن من إنهاء اعتمادها على الواردات من روسيا، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
صادرات الديزل الروسية
بلغت صادرات الديزل الروسية عبر السوق المنقولة بحرًا إلى أوروبا 543 ألف برميل يوميًا في أغسطس/آب الماضي (2022)، التي بلغت أكثر من 520 ألف برميل يوميًا شُحنت في الشهر نفسه من العام الماضي، وفقًا لبيانات جمعتها شركة معلومات الطاقة الاستباقية وبيانات الشحن "كبلر".
وبقيت صادرات الديزل الروسية إلى أوروبا، في الأشهر التي أعقبت الهجوم على أوكرانيا، إلى حد ما عند مستويات ما قبل الغزو، إذ شهد أغسطس/آب الماضي أدنى مستوى، وكان 681 ألف برميل يوميًا المستوى الأعلى في أبريل/نيسان، حسبما نشرت وكالة رويترز (Reuters) في 13 سبتمبر/أيلول.
بدورها، تحاول أوروبا شراء المزيد من الديزل من مصافي التكرير الآسيوية، إذ أظهرت بيانات كبلر أن الصادرات المنقولة بحرًا بلغت 365 ألف برميل يوميًا في أغسطس/آب نفسه، وهو أعلى مستوى منذ مارس/آذار (2022).
ويؤكد المراقبون أن التدفقات الأوروبية تحافظ على هوامش تكرير الديزل عند مستويات مرتفعة في آسيا، خاصة الديزل الصيني، إذ وصلت أرباح إنتاج برميل من زيت الغاز، الذي يُعدّ أساسيًا لإنتاج الديزل ووقود الطائرات، في مصفاة سنغافورة إلى 42.83 دولارًا يوم الإثنين 12 سبتمبر/أيلول الجاري.
وعلى الرغم من انخفاض هذه القيمة عن الرقم القياسي 68.69 دولارًا للبرميل في 24 يونيو/حزيران الماضي، فإنه أعلى بـ6 أضعاف مما كان عليه في هذا الوقت من العام الماضي، وأعلى بنسبة 166% من 16.07 دولارًا في يوم الغزو الروسي لأوكرانيا.
الصين وتلبية احتياجات أوروبا
السؤال المطروح على السوق هو ما إذا كان لدى أوروبا حل عملي لخفض واردات النفط الخام والوقود الروسي، خصوصًا الديزل.
ويُعدّ استبدال النفط الخام سهلًا، بالنظر إلى قدرة المصدرين في الشرق الأوسط وأفريقيا والأميركتين على إرسال شحنات إلى أوروبا، فضلًا عن قدرة روسيا على إرسال المزيد من النفط إلى المشترين في آسيا، خصوصًا الصين والهند.
ويرى المحللون أن المشكلة تكمن في الديزل وأن الحلول ليست سهلة إطلاقًا.
من ناحيتها، قد تكون روسيا قادرة على تصدير المزيد من الديزل إلى دول خارج أوروبا، خصوصًا تلك الموجودة في أفريقيا التي قد تجد نفسها في مزايدة على شحنات منشأها آسيا.
ومن غير المرجح أن تصبح إعادة تنظيم التدفقات هذه حلاً كاملًا، وستؤدي إلى ارتفاع التكاليف لجميع الأطراف، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتتمثّل حاجة أوروبا في توفر المزيد من إمدادات الديزل في السوق العالمية المنقولة بحرًا، وهنا تكمن أهمية الصين.
وعلاوة على ذلك، تراجعت صادرات الديزل الصيني خلال العام الجاري (2022)، إذ أظهرت بيانات الجمارك الرسمية شحنات بلغت 360 ألف طن فقط في يوليو/تموز الماضي، أي ما يعادل نحو 87 ألف برميل يوميًا.
صادرات الديزل الصيني
في الأشهر الـ8 الأولى من العام، بلغ متوسط صادرات الديزل الصيني نحو 85 ألفًا و900 برميل يوميًا، انخفاضًا من 315 ألف برميل يوميًا لكامل عام 2021.
وبدأ التراجع في صادرات الديزل في أغسطس/آب (2021)، عاكسًا الاتجاه المتزايد الذي شهد ذروة بلغت نحو 680 ألف برميل يوميًا في كل من مارس/آذار 2021 والشهر نفسه من عام 2020.
وسيخفّ الضغط على الإمدادات العالمية، إذا ارتفعت صادرات الديزل الصيني إلى نحو 500 ألف برميل يوميًا، وهو ما يُعد ضمن إمكانات البلاد بسهولة.
وعلى الرغم من أن السماح بمزيد من الديزل الصيني سيكون مكسبًا اقتصاديًا لبكين، إذ يمكنها شراء الخام الروسي الرخيص والحصول على هوامش ربح أقوى على صادرات المشتقات النفطية، إلا أن هناك ما هو أكثر من مجرد المال.
وتحالفت بكين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتتردد في رؤيتها وهي تساعد أوروبا في خفض أرباح روسيا من صادرات الطاقة.
وبالمثل، لن ترغب بكين في رؤية ركود عالمي تقوده أسعار الطاقة، نظرًا إلى اعتماد صناعاتها التحويلية على الصادرات بالدرجة الأولى إلى الدول الغربية.
اقرأ أيضًا..
- صادرات الغاز الروسي لإسبانيا ترتفع 100% مع تراجع الواردات الجزائرية
- أوروبا أم روسيا.. من يفوز بكعكة الطاقة الأفريقية؟
- حريق بأحد حقول النفط الإيرانية.. وطهران تلمّح إلى عمل تخريبي