التنقيب عن النفط في بحر الشمال يعود للأضواء.. وشركة بريطانية تطالب بتوسيع الاستثمارات
مي مجدي
تعالت الأصوات المنادية بمواصلة الاستثمار والتنقيب عن النفط في بحر الشمال مرة أخرى، وسط تشجيع من رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تروس حتى قبل دخولها داوننغ ستريت.
وحثّت شركة إنكويست البريطانية -مؤخرًا- رئيسة الوزراء الجديدة على تقديم حوافز استثمارية لشركات النفط والغاز في بحر الشمال؛ من أجل مساعدة البلاد على تأمين إمدادات الطاقة المحلية، حسب وكالة رويترز.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة أمجد بسيسو، إن تعزيز عمليات التنقيب عن النفط في بحر الشمال يعدّ أحد الحلول للتصدي لأزمة الطاقة الحالية، مشيرًا إلى الخلل في أسواق الغاز الذي تسبَّب في عدم كفاءة السوق وارتفاع الأسعار.
وأكد بسيسو حرص شركته على المشاركة في الاستثمار والحوافز المتعلقة بمشروعات النفط والغاز في بحر الشمال، مبديًا استعداده للحوار مع الحكومة بصدر رحب، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
مواصلة التنقيب
في الوقت نفسه، دعت رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة ليز تروس، اليوم الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول (2022)، لاستخراج المزيد من النفط والغاز وتعزيز استثمارات الطاقة النووية، والعثور على حلول للحدّ من ارتفاع تكاليف الطاقة للشركات.
وردًا على أول سؤال موجّه لها في البرلمان بصفتها رئيسة وزراء بريطانيا، أعربت تروس عن أملها في استغلال المزيد من إمدادات الطاقة المحلية، بما في ذلك النفط والغاز من بحر الشمال والطاقة النووية.
وكانت حكومة بوريس جونسون السابقة قد فرضت ضريبة أرباح غير متوقعة بنسبة 25% على منتجي النفط والغاز في بحر الشمال، ضمن مساعيها لمساعدة المواطنين الذين يعانون من ارتفاع فواتير الطاقة.
وعارضت ليز تروس فرض المزيد من الضرائب غير المتوقعة، وتعهدت بحلّ مشكلات الإمدادات على المدى الطويل في إطار الجهود المبذولة لمواجهة أزمة الطاقة الناجمة عن ارتفاع الأسعار.
وقبل تولّي منصبها يوم الثلاثاء 6 سبتمبر/أيلول (2022)، صرّحت تروس بأنها تخطط لمواصلة التنقيب عن النفط في بحر الشمال، وسيكون هذا الهدف جزءًا من إستراتيجية طويلة الأمد لتعزيز أمن الطاقة في البلاد.
ووعدت باتخاذ إجراءات فورية للحدّ من ارتفاع فواتير الكهرباء وزيادة إمدادات الطاقة، فضلًا عن إخراج الاقتصاد البريطاني من أزمة التضخم التي تشهدها البلاد.
وخلال الأسابيع الماضية، حرص وزير الأعمال البريطاني كواسي كوارتنغ، ووزير فرص الخروج من الاتحاد الأوروبي جاكوب ريس موغ -آنذاك-، على الاجتماع مع شركات النفط والغاز لمناقشة كيفية تأمين إمدادات الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء.
الاستثمارات الجديدة
تمثّل الاستثمارات الجديدة في التنقيب عن النفط والغاز أهمية كبيرة لبريطانيا، لا سيما أن هيئة "أو إي يو كيه"، التي تمثّل صناعة النفط والغاز البحرية في الدولة، كشفت أن المملكة المتحدة ستعتمد على واردات النفط والغاز في غضون 15 عامًا، حال وقف التراخيص والاستثمارات الجديدة.
وأشارت الهيئة إلى ضرورة إعطاء الأولوية لمنتجي الطاقة الذين يتّسمون بالموثوقية والمسؤولية لتقديم مصادر طاقة نظيفة.
في حين حذّر مدير قسم الاستدامة في الهيئة مايك ثولين من حدوث فجوة كبيرة، موضحًا أن هذه الاستثمارات والتراخيص الجديدة تعني أن أوروبا والمملكة المتحدة غير مضطرة للتنافس على الإمدادات العالمية، أو إعادة استخدام أنواع الوقود الأحفوري الأخرى.
ويحتوي بحر الشمال على احتياطيات تُقدَّر بـ1.5 مليار برميل من النفط، وفقًا لخبراء في الصناعة.
شركة شل وبحر الشمال
لم تكن إنكويست أو هيئة "أو إي يو كيه" الوحيدتين ممن طالبوا بمواصلة التنقيب عن النفط في بحر الشمال.
فقد سبق أن أكد رئيس شركة شل بالمملكة المتحدة سيمون رودي أهمية تطوير مشروعات جديدة في قطاع النفط والغاز ببحر الشمال، إلى جانب مشروعات طاقة الرياح واحتجاز الكربون وتخزينه.
وجاء ذلك بعد تراجع الإنتاج في بحر الشمال بنسبة 15%، وانخفاض الاستثمارات بسبب جائحة كورونا، وانخفاض الأسعار خلال عام 2020.
وتواجه المملكة المتحدة دعوات مطالبة بخفض استثمارات الوقود الأحفوري، للسيطرة على الأزمة المناخية، والقدرة على تحقيق هدف الحياد الكربوني.
انتقادات حادة
قوبل قرار احتمال تعزيز التنقيب عن النفط في بحر الشمال بصفته حلًا لأزمة الطاقة الحالية، بانتقادات عديدة من قبل الجماعات البيئية.
وترى هذه الجماعات أن الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وسيلة أرخص وأسرع لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والسيطرة على فواتير الطاقة.
وقال كبير العلماء، مدير السياسات بمنظمة غرينبيس دوغ بار، إن اجتياح حُمى التنقيب عن النفط في بحر الشمال لا يعدّ خطة لمساعدة المستهلكين، لكنه هدية لعمالقة الوقود الأحفوري لجني المليارات من الأزمة.
وأوضح أن عمليات ضخ النفط والغاز الجديدة قد تستغرق ربع قرن، ولن يكون لها تأثير حقيقي في فواتير الطاقة عند بيع النفط والغاز لاحقًا، وفقًا للأسعار العالمية، لكنها ستؤجج أزمة المناخ.
تأميم الشركات
يقول محللون، إن أكثر من نصف سكان بريطانيا سيعانون من "فقر الوقود" بحلول أكتوبر/تشرين الأول (2022)، و يناير/كانون الثاني (2023)، ولن يقدر ثلث السكان على دفع الفواتير.
ويعدّ تأميم شركات الكهرباء أحد الحلول أمام الحكومة البريطانية للسيطرة على الأسعار، التي سترتفع بنسبة 80% إلى متوسط سنوي يصل إلى 3 آلاف و549 جنيهًا إسترلينيًا (4 آلاف و67 دولارًا أميركيًا)، بدءًا من شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022).
(الجنيه الإسترليني= 1.15 دولارًا أميركيًا)
ووفقًا لمسح نُشر في أغسطس/آب (2022)، أيّد قرابة نصف الناخبين المحافظين خطوة تأميم شركات الطاقة، في حين أظهر مسح سابق أن هذا الرقم يتجاوز الـ72%.
ويرى رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردان براون ضرورة تأميم الشركات العاجزة عن خفض الفواتير مؤقتًا، وسيسمح ذلك للوزراء بخفض التكلفة، ووقّع أكثر من 100 ألف شخص عريضة لدعم مثل هذه الإجراءات.
وفي هذا الصدد، أوضح مؤتمر نقابات العمال البريطاني (تي يو سي) أن التأميم سيكلف 2.85 مليار جنيه إسترليني، وهو المبلغ نفسه الذي أنفقته الحكومة على إنقاذ شركات الكهرباء خلال الـ12 شهرًا الماضية.
بينما يريد حزب العمال إنفاق قرابة 30 مليار جنيه إسترليني لتجميد الفواتير عند مستواها الحالي.
إيرادات إنكويست
على صعيد آخر، كشفت شركة إنكويست، يوم الثلاثاء 6 سبتمبر/أيلول (2022)، زيادة بنسبة 82% على أساس سنوي في الإيرادات النصف سنوية، وإيرادات التشغيل الأخرى عند 943.5 مليون دولار.
وتتوقع الشركة أن تصل النفقات الرأسمالية النقدية إلى 165 مليون دولار خلال العام الجاري، لحفر آبار جديدة، والحدّ من معدلات الانخفاض الطبيعي لأصولها.
وأشار الرئيس التنفيذي لشركة إنكويست أمجد بسيسو إلى أن الشركة تعيد تحديد الغرض والبنية التحتية الحالية، إلى جانب الاستثمار في الطاقة المتجددة.
ولدى الشركة خطط لتحويل وإعادة استخدام محطة "سولوم فو" للنفط والغاز في جزر شتلاند بإسكتلندا، لكن ذلك سيستغرق بعض الوقت.
وقال المدير المالي الجديد لشركة إنكويست سلمان مالك، إن فرص التقاط الكربون وتخزينه قد تبدأ في مطلع العام المقبل (2023)، لكن فرص كهربة المحطة ستستغرق وقتًا أطول.
في الوقت نفسه، أوضح مالك أن الشركة وضعت خطة طويلة لإنتاج الهيدروجين النظيف بالموقع خلال العقد المقبل.
اقرأ أيضًا..
- التقاط الكربون من عوادم السيارات.. سلاح أرامكو السعودية لمواجهة انبعاثات النقل
- تخزين الطاقة والشبكات الذكية أبرز خطط الأردن للتوسع في قطاع الكهرباء
- 3 مشروعات جديدة تدعم قدرة تصدير الغاز المسال في أميركا (تقرير)