تحذيرات من خطورة تحديد سقف لسعر النفط الروسي.. هل تتغير خريطة الشراء؟
هبة مصطفى
بدأت تداعيات قرار مجموعة الدول الـ7 بتحديد سقف لسعر النفط الروسي في الظهور على الساحة، وحذّرت شركة فيتول من تأثير القرار بخريطة الشراء في الأسواق الدولية.
وأطلق رئيس الأعمال الآسيوية في شركة "فيتول" مايك مولر صافرة إنذار للتحذير من رفع روسيا لسعر خامها وإلغاء التخفيضات التي كانت قد أقرّتها عليه عقب الحرب الأوكرانية، بحسب ما نقلت عنه ستاندرد آند بورز غلوبال كومودتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) الأحد 4 سبتمبر/أيلول.
وكانت مجموعة الـ7 -التي تضم أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا واليابان- قد أقرّت الجمعة الماضية 2 سبتمبر/أيلول تحديد أسعار النفط الروسي ضمن إجراءات تحجيم نفوذ موسكو، وأوكلت لوزراء المالية مهمة تحديد سعر البرميل في مرحلة لاحقة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
تغيير خريطة الشراء
يؤثّر تحديد سقف لسعر النفط الروسي في خريطة الشراء العالمية، إذ يعمل على توسعة نطاق المشترين لخام موسكو، لكن في الوقت ذاته يرفع الخصومات والتخفيضات التي كان يتمتع بها لترويج شرائه.
وكانت موسكو قد لجأت منذ أشهر إلى خفض سعر النفط في محاولة منها لاجتذاب مشترين، بعدما تكدست الشحنات وعزف التجّار عنه خوفًا من الوقوع تحت طائلة العقوبات.
وأوضح رئيس الأعمال الآسيوية في شركة فيتول مايك مولر أن الأسواق المستوردة للخام الروسي سوف يتّسع نطاقها، بالإضافة إلى أن التخفيضات التي أقرّتها موسكو على الخام والمنتجات النفطية قد تتقلص في ظل إقبال مشترين جدد.
ونجحت موسكو خلال الآونة الأخيرة في اجتذاب المشترين الآسيويين، ومن ضمنهم الأسواق الهندية والصينية، بعدما خفضت سعر خامها إلى أقلّ من الأسعار العالمية.
وفي الوقت ذاته، ربطت مجموعة الـ7 شراء النفط الروسي والمنتجات النفطية الأخرى من روسيا ونقل الشحنات بحريًا بحجم الالتزام بالسقف المحدد الذي يحدده وزراء مالية المجموعة في وقت لاحق، أو سعر ينخفض عن ذلك السقف.
الاعتماد على النفط الروسي
من المقرر أن تدخل العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي على تمويل الناقلات والتأمين عليها، والخدمات المتعلقة بتصدير الخام الروسي حيز التنفيذ بحلول 5 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري (2022).
وقابلت روسيا قرار مجموعة الـ7 بالرفض والانتقاد، إذ استبق نائب الرئيس ألكسندر نوفاك إعلان القرار بتأكيد استعداد شركات الطاقة في بلاده للحظر.
وأضاف نوفاك أن بلاده ستمتنع عن توفير الإمدادات للدول التي تؤيد تحديد سعر أقصى لخامها أو المشتقات الأخرى.
كما أعلنت روسيا أنها لن تلتزم بقرار مجموعة الـ7، وقد تعمل على تقليل تأثيرها بشحن المزيد من النفط الروسي إلى الدول غير الملتزمة بسقف الأسعار المرتقب.
وبالنظر إلى تلك المستجدات، حذّر رئيس الأعمال الآسيوية في شركة "فيتول" مايك مولر من أيّ اضطرابات قد تطال تدفقات النفط الروسي الذي يشكّل 11% من الإمدادات العالمية.
وقال، إنه لا يجب التعامل مع الخام الروسي بالنهج ذاته في التعامل مع تدفقات الغاز من موسكو إلى أوروبا، مشيرًا إلى أنه يجب ضمان استمرار تدفقات خام موسكو إلى الأسواق.
وأكد أن الإنتاج الروسي من النفط يتّسم بقدرة إنتاجية عالية تصل إلى 11 مليون برميل يوميًا، لذا يجب النظر في أيّ عقوبات قد تُفرض عليه قبل إقرارها.
ويوضح الرسم البياني أدناه وجهات النفط الروسي عقب غزو أوكرانيا، ورغم العقوبات والالتزامات الدولية للضغط على موسكو، بحسب إحصاء نشرته رويترز، وبيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
مصير النفط الإيراني
في الوقت الذي يعدّ به النفط الروسي مثار حديث الأسواق الدولية في ظل حسم مجموعة الـ7 لقرار وضع سقف لسعره دون إعلان جداول زمنية تُنظم ذلك، تبرز على الساحة تساؤلات عدّة حول مصير النفط الإيراني، لا سيما مع استئناف محادثات الاتفاق النووي.
وأكد مولر أن إدراك تحالف أوبك+ لسيناريوهات السوق في حالة إضافة تدفقات النفط الإيراني، أو عدم إضافتها، يشكّل نقطة جوهرية، لا سيما أنها تتزامن مع بلوغ الطلب في آسيا ذروته وتوقيع العقود في أكتوبر/تشرين الأول.
وتتفق رؤية مولر مع تحليل أجرته "بلاتس أناليتيكس" أكدت فيه أن إتمام الاتفاق حول خطة العمل المشتركة قد يرفع صادرات الخام والمكثفات بمعدل مليون برميل يوميًا بحلول مارس/آذار (2023).
ويأتي ذلك في حين أعلن وزير النفط الإيراني جواد أوجي أنه منذ تولّي الحكومة مهامها قبل عام نجحت طهران بفتح أسواق لخامها وأبرمت عقودًا جديدة تجاوزت 80 مليار دولار.
ويتعين على أسواق النفط وتحالف أوبك+ الأخذ في الحسبان إمكان شقّ براميل النفط الإيراني طريقها للأسواق، حال رفع العقوبات ونجاح المحادثات مع الجانب الأميركي.
كيف يتعامل أوبك+؟
في ظل وجود متغيرات عدّة بالأسواق قبيل الاجتماع المرتقب لتحالف أوبك+ الإثنين 5 سبتمبر/أيلول الجاري، تتوجه الأنظار إلى احتمالات تأييد التحالف لمقترح وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، الذي أعلنه الشهر الماضي حول خفض إنتاج التحالف.
ورغم مطالبة أميركا وبريطانيا السعودية بزيادة إنتاجها النفطي، فإن تصريحات وزير الطاقة جاءت لتحسم الأمر بانحياز تحالف أوبك+ لدعم الأسعار واستقرار السوق.
ورجّح خبراء ارتفاع سعر النفط إلى مستوى يتجاوز 120 دولارًا للبرميل حال اتفاق التحالف على خفض الإنتاج، حسبما أكدوا في تصريحاتهم الخاصة لمنصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح مايك مولر أن مدة استقرار أسعار النفط بالأسواق عقب جائحة كورونا قد انتهت، وتترقب الأسواق المرحلة اللاحقة لمدة الاستقرار مع تزايد احتمالات تدفّق المزيد من إمدادات النفط الروسي والإيراني.
وأشار إلى اضطرابات الطقس والتغيرات المناخية التي تطرأ على بعض البلدان وانخفاض المخزون الأميركي يثيران قلق أسواق النفط أيضًا.
ويواجه التحالف ضغوطًا من جوانب عدّة قد تؤثّر في قرارته بشأن حصص إنتاج شهر أكتوبر/تشرين الأول، ومن بينها تداعيات قرار مجموعة الـ7 والقيود الجديدة المفروضة على النفط الروسي وسقف أسعار شرائه، بجانب ما تؤول إليه المحادثات الإيرانية-الأميركية.
وما بين تلك الاحتمالات كافة وبين ترجيح لخفض التحالف إنتاجه، يخشى المتعاملون بالأسواق نقص السعة الفائضة للنفط، لا سيما أن السعودية والإمارات والكويت هي أبرز دول منظمة أوبك القادرة على تزويد السوق بالمزيد من الإمدادات.
اقرأ أيضًا..
- اجتماع مرتقب لأوبك+ غدًا.. و5 خبراء يتوقعون ارتفاع أسعار النفط فوق 120 دولارًا
- الطاقة المتجددة في الأردن خطوة مهمة للحصول على كهرباء رخيصة (تقرير)
- أول صفقة لنقل الكربون وتخزينه في العالم.. على عمق 2600 متر تحت البحر (إنفوغرافيك)
- انقطاع الكهرباء في باكستان ينتهي تدريجيًا بعد التعافي من آثار الفيضانات