سيناريوهات اجتماع أوبك+ وهل يلجأ التحالف لخفض الإنتاج؟.. 6 خبراء يتحدثون
مي مجدي
- تصريحات وزير الطاقة السعودي بمثابة تحذير لصناديق التحوط والمضاربين
- توقعات بعدم اتجاه أوبك+ إلى خفض الإنتاج لكن قد يلجأ إلى ذلك مع تدفق النفط الإيراني إلى الأسواق
- الأوضاع في ليبيا والعراق قد تؤثر في قرارات أوبك+ خلال الاجتماع المقبل
- حجم خفض الإنتاج المتوقع يتراوح بين 100 و400 ألف برميل يوميًا
أثار تفكير تحالف أوبك+ في خفض الإنتاج لتحقيق استقرار السوق الكثير من المخاوف، وظهر ذلك واضحًا في أسعار النفط وارتفاعها متجاوزة الـ100 دولار في الجلسات الأخيرة، قبل أن تنخفض 5% في تعاملات اليوم الثلاثاء 30 أغسطس/آب، بحلول الساعة 02:30 مساءً بتوقيت غرينتش (05:30 مساءً بتوقيت مكة المكرمة).
وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد أشار إلى احتمال خفض الإنتاج لدعم الأسعار، في ردّ مكتوب على أسئلة وكالة بلومبرغ، يوم الإثنين 22 من الشهر الجاري.
ووصف وزير الطاقة السعودي السوق بأنها تعاني انفصامًا، مشيرًا إلى أن التقلبات الحادة في الأسواق ونقص السيولة تفصلان أسعار العقود الآجلة عن أساسيات السوق، وقد يدفعان ذلك أوبك+ إلى التحرك واتخاذ التدابير اللازمة.
ويتزايد الزخم بين منتجي النفط وراء فكرة خفض الإنتاج، بداية من الإمارات وسلطنة عمان والكويت والجزائر وغينيا الاستوائية وليبيا والعراق وأذربيجان، إلى أمين عام أوبك هيثم الغيص، الذي دعّم اقتراح السعودية.
ويأتي ذلك في وقت تقترب فيه الولايات المتحدة وإيران من التوصل إلى اتفاق نووي من شأنه أن يُعيد النفط الإيراني إلى السوق.
وفي ظل ترقّب الأسواق اجتماع أوبك+ المقبل المقرر في 5 سبتمبر/أيلول (2022) لتحديد حصص إنتاج أكتوبر/تشرين الأول، كشفت مجموعة من خبراء الطاقة البارزين عالميًا -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- عن مدى احتمال خفض الإنتاج، وحجم الخفض المتوقع.
هل حسم أوبك+ الأمر؟
يقول الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة-: إن تصريحات وزير الطاقة السعودي تركت 3 انطباعات في السوق.
وأوضح أن الانطباع الأول كان بمثابة تحذير لصناديق التحوط والمضاربين بعدم الاستمرار في تحريك الأسعار كما يحلو لهم.
والانطباع الثاني أن التصريحات كانت إشارة إلى أن أعضاء أوبك مهتمون بالإبقاء على الأسعار عند مستوى أعلى من الوضع المثالي (بين التكلفة والفائدة) البالغ 75-80 دولارًا للبرميل، إذ يرون أن السوق تواجه تهديدًا وشيكًا، لا سيما أن الركود والتضخم قد يقوّضان الطلب.
وأما الانطباع الثالث فهو إشارة إلى المستهلكين (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة) أن توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة لا يجب الاستخفاف بها، ولن تسفر عن خفض الأسعار بلا شك.
بينما استبعد نائب الرئيس الأعلى للتنقيب والإنتاج في شركة أرامكو السعودية سابقًا الدكتور سداد الحسيني، أن يشهد الاجتماع المقبل في سبتمبر/أيلول أي تعديلات جديدة ضخمة لحصص شهر أكتوبر/تشرين الأول (2022).
وأوضح الحسيني -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن بعض الدول التي تخلّفت عن حصص الإنتاج، مثل نيجيريا وأنغولا، قد تحاول زيادة الإنتاج، في حين قد يتراجع الإنتاج من دول أخرى، مثل ليبيا.
وقال الحسيني: "عمومًا، ستسود حالة من التريث لمراقبة الوضع في الوقت الحالي، مع استمرار المحادثات بشأن حصص إنتاج أوبك+ في عام 2023 بعيدًا عن دائرة الضوء".
حالة من الضبابية
لا تتوقع مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، اتجاه أوبك+ إلى خفض الإنتاج، لا سيما مع استعادة خام برنت حاجز الـ100 دولار، مقارنة بيوم الإثنين الماضي 22 أغسطس/آب (2022)، ومخاوف من هبوط الأسعار دون الـ90 دولارًا للبرميل قبل تصريح وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.
وترى هاري أنه يمكن لأوبك+ خفض الإنتاج حال التوصل إلى اتفاق نووي إيراني، وتدفق كميات ضخمة إضافية من النفط الإيراني إلى السوق، ما يؤدي إلى هبوط أسعار النفط الخام.
وأشارت -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى الحالة الضبابية التي تسود الملف، قائلة: "في هذه المرحلة، لا يمكننا أن نكون على ثقة بتبلور الصفقة أو السماح لإيران بالتصدير بأقصى طاقتها، وعلى ما يبدو هذا ما تفترضه السوق".
واتفق مع هذا الرأي الخبير المتخصص في تحليل أسواق السلع لدى ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، بول هيكن، قائلًا، إن أوبك+ لن يُقدِم على خفض الإنتاج، لكن هناك إشارة إلى أن ميزان المخاطر آخذ في التغير.
(ميزان المخاطر مصطلح يستخدمه مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ويهدف إلى تحديد أسعار الفائدة على نحو يتجنّب مخاطر التضخم والتراجع الاقتصادي).
وأوضح هيكن أن أسعار النفط كانت تتراجع، ومن الممكن أن تشهد المزيد من الانخفاض، إذ من المرجح تراكم مخزونات النفط التجارية في الربع الرابع من 2022، وحتى عام 2023.
وأشار إلى أن الرسائل السعودية كانت متزامنة مع التحول السردي في السوق، إذ ظهرت المخاوف المتعلقة بتدمير الطلب وسط تراجع الاقتصاد العالمي وارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.
(تدمير الطلب هو اتجاه هبوطي دائم على منحنى الطلب لسلعة ما).
من جانبه، قال مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إنه من غير الواضح حتى الآن ما سيقرره تحالف أوبك+، ولكن قد تكون هذه الضبابية مقصودة للتقليل من آثار المضاربين في السوق.
إلا أنه أكد -في تصريحات خاصة- استمرار فكرة خفض الإنتاج وانتقالها من شهر إلى شهر آخر حتى إذا لم يتغيّر سقف الإنتاج في الاجتماع المقبل.
عوامل تؤثر في قرار أوبك+
يرى كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة بواشنطن الدكتور أومود شوكري، أنه بالنظر إلى الإمكانات الهائلة للمملكة العربية السعودية في إنتاج النفط وتصديره، ومكانتها بين أعضاء أوبك، يبدو أن هناك نوع من التنسيق بين الأعضاء لخفض الإنتاج قبل الاجتماع الشهري.
وقال إن أوبك وروسيا اتبعتا سياسة موحدة في سوق النفط في الأشهر الماضية، خلال أزمة الطاقة، موضحًا أن الحفاظ على مصالح الدول الأعضاء في السوق يتصدر أولويات المنظمة.
واتفق مستشار تحرير منصة الطاقة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، مع هذا الرأي، مشيرًا إلى أن الرسالة باتت واضحة إلى القيادات الأميركية والصينية والأسواق، ومفادها بأن دول أوبك+ ستركّز على مصالحها أولًا، وأن سياساتها منفصلة عن السياسات الداخلية للدول الأخرى.
وأضاف كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة بواشنطن الدكتور أومود شوكري أنه في حالة استمرار الأحداث في ليبيا والعراق، وتضررت المنشآت وحقول النفط جراء ذلك، ومن ثم تراجع الإنتاج من الدولتين، فقد يكون لذلك أثر في قرار أوبك+ خلال اجتماعه المقبل.
ما هو حجم انخفاض الإنتاج المتوقع؟
رجّح نائب الرئيس الأعلى للتنقيب والإنتاج في أرامكو السعودية سابقًا الدكتور سداد الحسيني، عدم وجود زيادة أو انخفاض في حصص الإنتاج، موضحًا أن تخفيضات أوبك ستكون سياسية للغاية، وحال لجأت إلى ذلك إذا لزم الأمر -لاحقًا- فسيكون كافيًا لتحقيق الاستقرار في الأسواق.
بينما قال الخبير المتخصص في تحليل أسواق السلع لدى ستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس، بول هيكن -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- إن تصريحات وزير الطاقة السعودي تشير إلى احتمال خفض الإنتاج إذا توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق نووي مع إيران، خاصة بعد زيادة أوبك+ حصص سبتمبر/أيلول (2022) بمقدار 100 ألف برميل يوميًا، معتبرًا إياها بادرة بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية.
وأوضح هيكن أن التصريحات تزيد من احتمال تراجع إنتاج أوبك في الربع الرابع من عام 2022، مقارنة بمستويات سبتمبر/أيلول (2022) غير المستقرة، في ظل وجود خفض رسمي أو دونه، مرجحًا انخفاض الحصص عن المستويات المرتفعة -حاليًا- عند تمديد الاتفاقية الحالية إلى ما بعد ديسمبر/كانون الأول (2022)، التي من المقرر انتهاؤها بحلول هذا الموعد.
من جانبه، توقع الدكتور أومود شوكري أن الأوضاع في السوق والأحداث الجيوسياسية ستؤدي دورًا في تحديد حجم انخفاض الإنتاج.
ويرى شوكري أنه إذا لم تخل الأوضاع في السوق والأحداث الجيوسياسية (في إشارة إلى تطور الأحداث في العراق وليبيا) بالتوازن في السوق، ولم يهددا الطاقة الإنتاجية للدول الأعضاء حتى موعد الاجتماع المقبل، 5 سبتمبر/أيلول، فمن المتوقع خفض الإنتاج بمقدار 100 ألف برميل التي أقرتها في أغسطس/آب (2022).
وتوقع أنه يمكن خفض الإنتاج إلى 200 ألف برميل إذا حاولت أوبك الحد من الإمدادات.
بينما قال الخبير في شؤون الطاقة والشرق الأوسط سيريل وودرشوفن: "الفكرة تتمثّل في خفض ضئيل، ومن الممكن أن تكون أقل من 400 ألف برميل، وهنا علامة على وجود رغبة في المجموعة (على خفض الإنتاج)".
إلا أن وودرشوفن حذّر من عودة النفط الإيراني للأسواق، متوقعًا أن الإنتاج قد يتراجع من 400 إلى 600 ألف برميل، للحد من آثار تدفق أول 800 ألف برميل إضافية متوقعة من إيران.
اقرأ أيضًا..
- الحرب في أوكرانيا ترفع أسعار الغاز.. وقلق عالمي من سيناريو 5 آلاف دولار
- تغير المناخ يضرب باكستان بآثار مدمرة.. فيضانات وارتفاع درجات الحرارة
- هل يعوض المخزون العائم من النفط الإيراني الإمدادات الروسية في أوروبا؟ (تقرير)