إنتاج النفط في كردستان العراق يواجه النضوب.. ووثائق: الإقليم مهدد بالإفلاس
يواجه إنتاج النفط في كردستان العراق تحديات كبيرة، تهدد بتراجعه إلى النصف بحلول عام 2027، في ظل عدم ضخ استثمارات جديدة للقطاع، ونضوب الآبار القديمة.
وفقًا لوثائق حكومية، قد يرتفع إنتاج إقليم كردستان العراق من النفط إلى 580 ألف برميل يوميًا في غضون 5 سنوات، ضمن سيناريو يجري فيه تحسين الاستثمار بالكامل، مما يتيح نحو 530 ألف برميل يوميًا للتصدير.
لكن الوثائق، التي اطّلعت عليها وكالة رويترز، تُظهر أنه دون استثمارات جديدة في قطاع النفط في كردستان العراق، قد يتوفر للمنطقة شبه المستقلة 240 ألف برميل يوميًا فقط للتصدير، مع نضوب الآبار القديمة.
عائدات النفط
قال دبلوماسيون ومسؤولون وخبراء في الطاقة، إن التراجع الحاد في عائدات النفط -وهي شريان الحياة لحكومة إقليم كردستان- من شأنه أن يفاقم المشكلات الاقتصادية لمنطقة تعاني ماليًا، في ظل عدم استقرار العراق.
وقال عضو البرلمان الكردستاني -وهو عضو في لجنة النفط والغاز في الإقليم كروان غازناي-: "إنه أمر خطير للغاية".
وأضاف: "يجب أن نشعر بالقلق من ذلك، لكنه لن يكون مشكلة حقيقية إذا حُلَّت المشكلات مع الحكومة العراقية، عندها يمكن لكردستان تطوير كتل جديدة وزيادة الإنتاج، لدينا الكثير من الخزانات".
كانت عدد من شركات النفط العالمية، وفي المقدمة منها شلمبرجيه و بيكر هيوز، قد أعلنت انسحابها من الإقليم استجابة لطلب الحكومة المركزية.
الخلاف مع حكومة بغداد
كانت وزارة النفط العراقية قد أرسلت رسائل إلى شركات النفط العاملة في إقليم كردستان، وطالبتها بتوقيع عقود جديدة مع شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، وذلك بعد حكم المحكمة الفيدرالية العليا الصادر في 15 فبراير/شباط، والذي دعا إلى تسليم أصول حكومة إقليم كردستان للنفط والغاز إلى الحكومة الفيدرالية.
وتخطط بغداد لإنشاء شركة نفط جديدة في كردستان للتفاوض بشأن عقود خدمات جديدة مع شركات النفط الدولية العاملة هناك؛ تنفيذًا لحكم المحكمة العراقية العليا في فبراير/شباط.
من جانبها، ترفض حكومة الإقليم تحركات بغداد، وتصفها بأنها محاولة للسيطرة على إيرادات صادرات النفط، وتؤكد أن حكم المحكمة اعتداء على سيادتها المنصوص عليها في الدستور العراقي.
بموجب الدستور العراقي، يحقّ للمنطقة الحصول على جزء من الميزانية الوطنية، لكن الترتيب انهار في 2014، عندما سيطر الأكراد على حقول النفط الرئيسة شمال العراق في كركوك من تنظيم داعش، وبدؤوا بيع الخام من هناك بشكل مستقل.
في عام 2018، استعادت القوات العراقية الأراضي المتنازَع عليها، بما في ذلك مدينة كركوك النفطية، واستأنفت بغداد بعض مدفوعات الميزانية، لكنها كانت متقطعة.
وحتى الآن هذا العام، أرسلت حكومة بغداد دفعتين بقيمة 200 مليار دينار عراقي (137 مليون دولار)، في حين تبلغ ديون حكومة إقليم كردستان حاليًا نحو 38 مليار دولار، وفقًا لمسؤول حكومي، وقال النائب غازناي، إن صادرات النفط تمثّل 85% من ميزانية الإقليم.
إنتاج النفط في كردستان
تحسَّن الوضع المالي لحكومة إقليم كردستان هذا العام بفضل ارتفاع أسعار النفط في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن التراجع الحادّ في الإنتاج سيزيد من قيودها المالية بشكل كبير.
وتراجع إنتاج النفط في كردستان العراق من نحو 468 ألف برميل يوميًا في 2019، إلى 445 ألفًا العام الماضي، و434 ألفًا في الربع الأول من عام 2022، وفقًا لتقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة.
وأرجعت مصادر سبب انخفاض إنتاج النفط الحالي إلى عدم قدرة وزارة الموارد الطبيعية في حكومة إقليم كردستان على جلب استثمارات إضافية للتغلب على الانخفاض الطبيعي بنسبة 15% إلى 20% سنويًا في الإنتاج لكل بئر".
وقالت الوثائق الحكومية، إن انخفاض الإنتاج في 3 حقول نفطية رئيسة -طاوكي وخرمالة وطق طق- هو السبب الرئيس للانخفاض.
يدفع الانحدار المحتمل في إنتاج النفط في الإقليم، الحكومة الكردية إلى زيادة إنتاج الغاز، لكن عُلِّقَ مشروع لتوسيع أحد أكبر الحقول في العراق بسبب مخاوف أمنية.
ارتفاع منسوب المياه
يُستخرج النفط في كردستان من تصدعات صخور الحجر الجيري، ويقول خبراء الطاقة، إن هذا يدرّ في البداية كميات كبيرة، لكن مستويات الإنتاج القوية يمكن أن تستنزف التصدعات بسرعة، وتؤدي لتسرّب المياه إليها.
تسبَّب ارتفاع منسوب المياه في عدّة حقول، بما في ذلك طق طق، بصعوبة الوصول إلى النفط، وفقًا لمسؤول حكومي وخبراء في الطاقة أرجعوا النضوب السريع للآبار إلى سوء الإدارة وصعوبة السمات الجيولوجية في المنطقة.
ويقول خبراء الطاقة ومصادر الصناعة، إن جذب المزيد من الاستثمار يمكن أن ينقذ المنطقة من الانزلاق إلى الإفلاس، لكن مناخ الاستثمار الصعب يعوق الطريق.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة قمر لاستشارات الطاقة روبن ميلز: "هناك بعض التوسعات الميدانية، وهي بطيئة، فالشركات تجد صعوبة في الحصول على الموافقات، ولم تكن هناك اكتشافات جديدة مهمة منذ عدّة سنوات".
احتياطيات النفط في كردستان العراق
يمتلك إقليم كردستان العراق احتياطيات نفطية مؤكدة تقلّ عن 3 مليارات برميل على الأكثر، بناءً على أكثر التوقعات تفاؤلًا، وهو جزء يسير من إجمالي احتياطيات العراق المؤكدة التي تزيد عن 140 مليار برميل.
وواجه قطاع الطاقة في إقليم كردستان عددًا من الانتكاسات الأخيرة، إذ عَدَّ حكم أصدرته المحكمة الفيدرالية العراقية العليا في فبراير/شباط أن الأسس القانونية لقطاع النفط والغاز في المنطقة غير دستورية، مما أجبر بعض الشركات الأجنبية، بما في ذلك شركات خدمات حقول النفط الأميركية، للمغادرة.
كما أن القرار المرتقب في قضية تحكيم يعود تاريخها إلى عام 2014 بين تركيا والعراق بشأن خط أنابيب تصدير النفط الذي يمتد بين البلدين يرسل أيضًا موجات من عدم اليقين من خلال الشركات الأجنبية التي لا تزال في المنطقة الكردية.
يزعم العراق أن تركيا انتهكت اتفاقًا من خلال السماح للمنطقة الكردية بالوصول إلى خط الأنابيب دون موافقة بغداد.
كانت الجلسة الأخيرة بغرفة التجارة الدولية في باريس في يوليو/تموز، وسيكون هناك قرار نهائي خلال الأشهر القليلة المقبلة، بحسب وزارة النفط العراقية.
استثمارات النفط
جاء مستثمرو النفط الأجانب لأول مرة إلى كردستان في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، عندما كانت المنطقة تعدّ أكثر استقرارًا وأمانًا من بقية العراق.
لكن نجم المنطقة بدأ يتلاشى، مع ردع الشركات الأجنبية الكبرى بسبب التوترات بين الإقليم والحكومة المركزية في العراق، وسلسلة من التخفيضات لاحتياطيات النفط في كردستان العراق والمشكلات الأمنية.
ويوجد حاليًا في كردستان عدد قليل من المشغّلين الصغار والمتوسطين، ويشكو الكثير منهم بيئة التشغيل الصعبة، فإذا لم تعمل بيئة الاستثمار على تحسين كردستان، فإن هناك مخاطر أخرى لعمليات السحب.
موضوعات متعلقة..
- وزير النفط العراقي يتعهد بإلغاء عقود النفط في إقليم كردستان
- مسؤول: تهريب المشتقات النفطية إلى كردستان وراء أزمة الوقود في العراق
اقرأ أيضًا..
- باحث فرنسي: الجزائر لن تكون الحل لاحتياجات الأوروبيين من الغاز
- مصادر لـ"الطاقة": 3 سيناريوهات أمام أوبك+ قبل اجتماع 5 سبتمبر