باحث فرنسي: الجزائر لن تكون الحل لاحتياجات الأوروبيين من الغاز
لكن لديها نقاط قوة
دينا قدري
سلّط مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS)، فرانسيس بيرين، الضوء على الجزائر، في ظل أزمة إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، مؤكدًا أن الدولة -التي تقع في شمال أفريقيا- تواجه منافسة صعبة.
وأشار بيرين -في حوار مع منصة "لا باتري نيوز" (La Patrie News) الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية- إلى أن الجزائر تُعدّ حاليًا ثالث أكبر مورّد للغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي، بعد روسيا والنرويج.
وشدد المتخصص الفرنسي في قضايا الطاقة على أن الجزائر لن تكون هي الحل لاحتياجات الأوروبيين من الغاز، لكنها يمكن أن تكون جزءًا من الحل؛ إذ تمتلك نقاط قوة ترجح كفّتها، بحسب التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
اتفاقيات الغاز في الجزائر
أوضح الباحث الفرنسي، فرانسيس بيرين، أن رغبة الاتحاد الأوروبي في التوقف تمامًا عن استيراد الغاز الروسي بحلول عام 2027، على أبعد تقدير، وحقيقة أن السلطات الروسية قد خفضت صادراتها إلى الدول الأوروبية بشكل كبير، تخلق احتياجات غاز إضافية، وتدفع الاتحاد الأوروبي للبحث عن مورّدين غير روسيا.
وأضاف أن الجزائر لديها مكان لتحتلّه في سياق الطاقة الجديد هذا، وقد بدأت في القيام بذلك، كما يتضح من الاتفاقية المُبرمة بين سوناطراك الحكومية ومجموعة إيني الإيطالية، في أبريل/نيسان 2022.
بموجب شروط هذه الاتفاقية، ستكون إيني قادرة على استيراد المزيد من أحجام الغاز الجزائري بدءًا من عام 2022، عبر خط أنابيب ترانس ميد، وستكون هذه الأحجام الإضافية 9 مليارات متر مكعب سنويًا في 2023-2024.
كما عززت الشركتان -اللتان تتعاونان منذ عقود- شراكتهما مؤخرًا؛ بهدف تسريع تطوير مشروعات النفط والغاز الجديدة في حوض بركين.
ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا
بالنسبة لسوق الغاز، تهدد روسيا بخفض شحناتها إلى أوروبا بشكل أكبر، ما يدفع أسعار الغاز إلى الارتفاع، فضلًا عن نقص الإنتاج النووي وموجات الحر الشديدة.
وفي هذا الصدد، أشار بيرين إلى أن قضية ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء بالنسبة للأوروبيين مهمة للغاية في الوقت الحالي، لما لها من تأثير سلبي في اقتصاداتهم وصناعاتهم وسكانهم.
بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر كبير يتمثل بحدوث نقص في الغاز، ما قد يكون له عواقب سلبية على إنتاج الكهرباء، وفق تصريحات بيرين.
وقال: "من هنا جاء القرار الأوروبي بخفض استهلاك الغاز بنسبة 15% خلال المدّة من أغسطس/آب 2022 إلى نهاية مارس/آذار 2023، مقارنةً بالأعوام السابقة".
انخفاض أسعار النفط في هذه الحالة
تحدّث فرانسيس بيرين عن إمكان انخفاض سعر برميل النفط بنهاية عام 2022؛ إذ أوضح أن الأسعار انخفضت بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، مع استمرار اندلاع الحرب في أوكرانيا.
ففي 14 أغسطس/آب، كان سعر خام برنت لشهر أكتوبر/تشرين الأول 98 دولارًا للبرميل، مقارنةً بـ 114 دولارًا للبرميل في 8 يونيو/حزيران، بانخفاض قدره 14% تقريبًا.
وشدّد بيرين -في تصريحاته- على أن السبب الرئيس لهذا التطور الأخير هو الخوف من الركود العالمي، الذي أضيف إليه في الأيام الأخيرة الأمل مجددًا في التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران بشأن برنامج إيران النووي.
وأوضح أنه إذا استمرت هذه المخاوف من الركود، وتعززت بمؤشرات اقتصادية جديدة ليست جيدة للغاية، وكذلك من خلال تشديد السياسات النقدية للبنوك المركزية الرئيسة، فقد تستمر أسعار النفط في الانخفاض.
واستطرد: "لكن يجب ألّا ننسى أن الحرب في أوكرانيا لم تنتهِ بعد، وأن ارتفاع الأسعار لا يزال ممكنًا، كما سيتعين علينا أن نرى ما سيقرره تحالف أوبك +، والذي يجتمع في بداية سبتمبر/أيلول".
تطور الطاقة المتجددة يستغرق وقتًا
شدد الباحث الفرنسي على أن صعود مصادر الطاقة المتجددة (باستثناء الطاقة الكهرومائية) يستغرق بالضرورة وقتًا، لأنه في عام 2021 كانت تمثّل أقلّ بقليل من 7% من الاستهلاك العالمي للطاقة الأولية.
وقال: "تذكّر أن حصة الوقود الأحفوري (النفط والفحم والغاز الطبيعي) كانت 82% العام الماضي، وفقًا للمراجعة الإحصائية لشركة النفط البريطانية بي بي".
ومع ذلك، أشار بيرين إلى أن هناك تقدّمًا قويًا في مصادر الطاقة المتجددة، فقد زاد استهلاكها فقط في السنوات الـ10 الماضية، حتى خلال عام 2020، لكن التطورات الرئيسة في مجال الطاقة تستغرق -دائمًا- وقتًا.
وأوضح أن الزخم التصاعدي لمصادر الطاقة المتجددة، وخاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، سيستمر بوتيرة جيدة.
اندفاع الفحم.. كابوس للطاقة؟
تطرَّق فرانسيس بيرين إلى الاندفاع العالمي نحو الفحم، مشيرًا إلى تقديرات وكالة الطاقة الدولية بأن يصل الاستهلاك العالمي للفحم إلى 8 مليارات طن في عام 2022، ومن ثم العودة إلى الرقم القياسي السابق الذي يعود تاريخه إلى عام 2013.
وأوضح أن الدول الأوروبية -التي تنوي الاستغناء عن الغاز الروسي على المدى الطويل، وتعاني من تخفيض إمدادات غازبروم- تتجه أكثر إلى الفحم، إمّا عن طريق إعادة فتح محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، أو من خلال إطالة عمرها، أو عن طريق زيادة استخدام المحطات العاملة.
بالإضافة إلى ذلك، ينمو الاستهلاك في الهند بقوة، وفق ما أكده الباحث الفرنسي.
وقال: "من الواضح أن هذا أمر سلبي بالنسبة للبيئة والمناخ، لكن هذا لا يعني أنه اتجاه طويل الأجل، على الأقلّ، ليس بالنسبة للأوروبيين الذين لا يغيب عن بالهم هدفهم المتمثل في أفق الحياد الكربوني لعام 2050".
وشدد على مسؤولية الاتحاد الأوروبي عن 4-5% فقط من استهلاك الفحم عالميًا، مقارنةً بـ 80% لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، إذ تمثّل الصين والهند وحدهما ثلثي استهلاك الفحم العالمي.
اقرأ أيضًا..
- 3 دول آسيوية تتجه إلى شراء النفط الروسي الرخيص لتجاوز أزماتها الاقتصادية
- استثمارات الغاز المسال عالميًا قد تبلغ ذروتها قرب 42 مليار دولار (تقرير)
- أفضل أنواع بطاريات الطاقة الشمسية وأسعارها (تقرير)
- نقص 3 معادن يهدد صناعة السيارات الكهربائية في الصين
العنوان لا علاقة له مع مضمون المقال.