صادرات الطاقة الروسية إلى الصين تسجل 35 مليار دولار في 5 أشهر
بزيادة 15 مليار دولار عن المدة نفسها من 2021
هبة مصطفى
بينما تفضّل دول عدّة تجنُّب شراء شحنات الطاقة الروسية خوفًا من الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية والأوروبية، كان للصين موقف مختلف، إذ زادت من حجم واردات النفط والغاز والفحم بمعدلات قياسية خلال الأشهر الـ5 الأخيرة، عقب حرب أوكرانيا.
وزادت واردات الصين فيما يتعلق بإمدادات الطاقة من موسكو بنحو 15 مليار دولار عن قيمة واردات المدة ذاتها العام الماضي (2021)، بحسب بيانات جمركية نشرتها بلومبرغ.
وغزت الطاقة الروسية بكين، وبعد أن كانت إندونيسيا مُورّد الفحم الأبرز لأكبر الاقتصادات الآسيوية، حلّت إمدادات الفحم من موسكو محله، وفق تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
واردات الصين من الطاقة الروسية
تعكف الصين منذ غزو أوكرانيا، في 24 فبراير/شباط الماضي، على زيادة وارداتها من إمدادات الطاقة الروسية، مستفيدةً من انخفاض أسعارها وعزوف المشترين عنها.
وخلال الأشهر الـ5 (من مارس/آذار حتى نهاية يوليو/تموز الماضي)، بلغت قيمة واردات الصين من (النفط الخام، والمنتجات النفطية، والغاز، والفحم) من روسيا 35 مليار دولار، بزيادة 15 مليار دولار عن مشتريات المدة ذاتها من العام الماضي (2021) المقدَّرة بـ20 مليار دولار.
وأنفقت بكين ما يصل إلى 7.2 مليار دولار، خلال شهر يوليو/تموز الماضي وحده، على واردات الطاقة الروسية ارتفاعًا من 4.7 مليار دولار خلال المدة ذاتها من العام الماضي، رغم تباطؤ الاقتصاد الذي يكافح للتعافي من تداعيات موجات جائحة كورونا.
وشكّلت شحنات الطاقة 70% من حجم الواردات الصينية من موسكو خلال الشهر الماضي.
وركّزت البيانات الجمركية على واردات شهر يوليو/تموز بصورة تفصيلية، إذ سجلت واردات النفط الخام الروسي 7.15 مليون طن، مرتفعة بنسبة 8% على أساس سنوي، بينما انخفضت عن واردات شهر يونيو/حزيران السابق له.
وحافظت موسكو على صدارتها بصفتها أكبر مورّدي مصافي التكرير الصينية.
الغاز المسال والفحم الروسي
الأمر ذاته تكرر مع صادرات الغاز المسال الروسي إلى الصين في يوليو/تموز الماضي، إذ سجلت 410 ألف طن منخفضة عن صادرات يونيو/حزيران، رغم ارتفاعها على أساس سنوي بنسبة تصل إلى 20%.
ويُشار إلى أن بيانات الجمارك حول صادرات الغاز الروسي إلى الصين منذ بداية العام الجاري (2022) لا تتضمن التدفقات الواردة عبر خطوط الأنابيب.
ومن جانب آخر، أزاح الفحم الروسي صادرات إندونيسيا من الساحة الصينية لتصبح موسكو مورّد الوقود الملوث الأول إلى بكين، لا سيما أن الفحم الإندونيسي شهد ارتفاع أسعاره إلى مستويات دفعت نحو عزوف المشترين.
وضمن صادرات الطاقة الروسية إلى الصين، سجلت شحنات الفحم الروسي ارتفاعًا في شهر يوليو/تموز الماضي إلى 7.4 مليون طن، بنسبة 14% عن واردات المدة ذاتها العام الماضي.
واقتنصت صناعة الصلب الصينية وحدها ما يُقدَّر بنحو 2 مليون طن من فحم الكوك الروسي خلال الشهر الماضي، بزيادة وصلت إلى 63%.
المعادن وموجة الجفاف
تضمنت واردات الصين من الطاقة الروسية عددًا من المعادن، من بينها النحاس المكرر، غير أن وارداته سجلت 20 ألفًا و396 طنًا في يوليو/تموز الماضي، بانخفاض يصل إلى 20% على أساس سنوي، كما تراجعت ورادات النيكل المكرر أيضًا إلى 3 آلاف و286 طنًا، بنسبة 10%.
وفي المقابل، زادت واردات الألومنيوم -ضمن شحنات الطاقة الروسية- إلى 39 ألفًا و53 طنًا، بنسبة 16%، وارتفعت واردات البلاديوم -أيضًا- إلى ألفين و350 كيلوغرامًا، بنسبة 29%.
على صعيد آخر، تشهد سوق الطاقة بالصين توترات عدّة في الآونة الحالية، من بينها تعطُّل بعض الصناعات كثيفة الطاقة، بعدما وسّعت مقاطعة سيتشوان نطاق قطع التيار الكهربائي عن القطاع الصناعي، ما أدى إلى إغلاق مصانع وشركات.
وضربت موجة من الجفاف أنحاء عدّة بالمقاطع، ما أثّر في إنتاج الطاقة الكهرومائية وتوافر إمدادات الكهرباء.
ودفع الجفاف وانقطاع الكهرباء نحو متغيرات عدّة في سوق الطاقة الصينية، من ضمنها ارتفاع الطلب على الديزل، بحسب بيانات أويل كيم، بينما طالت المخاطر صناعة الليثيوم والألومنيوم، وكذلك الحبوب والمحاصيل.
سوق الطاقة الصينية
يرى محللون أن انقطاع الكهرباء عن عدد من الصناعات -إثر موجة الجفاف- لن يكون بحجم خطورة انقطاعات العام الماضي (2021) ضمن تداعيات جائحة كورونا.
وقررت شركة تايوان للطاقة الشمسية رفع معدل أسعارها، لا سيما أن أزمة الكهرباء في مقاطعة سيتشوان الصينية أثّرت في عمليات تصنيع المعدّات الشمسية.
كانت موجات الجفاف قد انتقلت من قارّة أوروبا إلى آسيا، الأسبوع الماضي، مسبّبةً فرض قيود صارمة على الصناعات والاستهلاك المحلي للكهرباء بمقاطعة سيتشوان الصينية.
وفرضت إدارة المقاطعة قيودًا واسعة النطاق لتحجيم استهلاك الكهرباء، من بينها الاستهلاك المنزلي، والصناعي، والحكومي أيضًا.
وباعتماد المقاطعة الصينية على الطاقة الكهرومائية بنسبة 80% من مزيجها، كانت التغيرات المناخية وموجة الجفاف بمثابة ضربة قاتلة لإمدادات الكهرباء، في ظل ارتفاع شديد للحرارة، تزامن مع انخفاض مستوى هطول الأمطار.
اقرأ أيضًا..
- الاتفاق النووي الإيراني وسوق النفط.. 3 قضايا شائكة تبدد الزخم الإيجابي (مقال)
- نقل الغاز إلى أوروبا يشعل المنافسة بين تركيا ومصر.. من يفوز؟
- حقل غرونينغن.. كيف حرمت الزلازل أوروبا من مصدر مهم للغاز؟
- النرويج والسعودية.. خبراء يقارنون تجارب الاقتصاد والتنمية قبل النفط وبعده (تقرير)
- هل يحقق نظام الطاقة في بريطانيا التنوع والأمن؟ مسؤول يجيب