هل تعرف المؤسسات الإعلامية الفرق بين تكلفة غالون البنزين وقطعة الحلوى؟ (مقال)
مارك ماثيس* – ترجمة: نوار صبح
- المؤسسات الإخبارية تخطئ عادة في فهم أخبار الطاقة التي تحتوي على أرقام
- من المشجع أن نرى أن إدارة بايدن تعتمد المبادئ الاقتصادية الأساسية للعرض والطلب
- إجمالي الوفورات في تكلفة البنزين للسائقين الأميركيين هو 2,061,557,327,878 دولارًا
- قطاع النفط والغاز الطبيعي وفّر للمستهلك الأميركي أموالًا أكثر بكثير مما يعرفه الناس
عندما ترغب في إرباك مراسل إخباري، عليك أن تطرح عليه السؤال التالي: "إذا كانت التكلفة الإجمالية لغالون البنزين وقطعة الحلوى هي 4.40 دولارًا، وكان البنزين يكلف 4.00 دولارات أكثر من الحلوى، فما هو ثمن الحلوى؟".
وسيقول نحو 99% من أولئك المراسلين بثقة، إن الإجابة هي 40 سنتًا، لذلك، يتعين عليك أن تشرح لهم بالتفصيل طريقة الحساب عدّة مرات؛ حتى يفهموا أنهم أخطؤوا الإجابة بمقدار 20 سنتًا.
في الفصل الرابع من كتابي (تغذية وسائل الإعلام الكبرى Feeding the Media Beast)، أوضحتُ أن "الأرقام مربِكة" بالنسبة لكوادر المؤسسات الإخبارية.
ويزداد الأمر سوءًا عندما تُدمج الأرقام مع أيّ موضوع ينطوي على مستوى متوسط من التعقيد، ونظرًا لأن أخبار الطاقة غالبًا ما تكون معقدة إلى حدّ ما، وغالبًا ما تكون شديدة التعقيد، فإن المؤسسات الإخبارية عادةً ما تخطئ في فهمها.
وقد لا ترى هذه المؤسسات حتى الجزء الجوهري والمهم من الخبر الموجود أمام أعينها مباشرة.
في المقابل، ضعوا في حسبانكم الادّعاء الذي تقدّمه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن أن سحب كميات من احتياطي النفط الإستراتيجي يخفض تكلفة البنزين بمقدار 40 سنتًا للغالون.
من المشجع أن نرى أن الإدارة تتفق مع المبادئ الاقتصادية الأساسية للعرض والطلب (أي إن المزيد من النفط يؤدي إلى تكرير المزيد من البنزين، ما يقلل من تكلفة البنزين).
ويمكن للناس مناقشة صحة تقدير 40 سنتًا للتوفير في التكلفة، ولكن هذا ليس هو الموضوع المهم.. دعونا نمضي بالنقاش إلى أبعد من ذلك.
ماذا لو افترضنا أن رقم 40 سنتًا لكل غالون بنزين صحيح، ثم عدنا لاحتساب الأموال التي وفرها الأميركيون في محطات بيع البنزين بالتجزئة بفضل تقنيات حقول النفط المتقدمة؟ على سبيل المثال: التصوير الباطني والجوفي والحفر الأفقي، والتكسير المائي (الهيدروليكي) الاتجاهي.
وأجد نفسي غير مضطر لإجراء العمليات الحسابية للإجابة على هذا السؤال، لأن معهد أبحاث الطاقة (آي إي آر)، في العاصمة الأميركية واشنطن، قام سابقًا باستخدام الأرقام.
وقد اطّلعتُ للتو على العمليات الحسابية لمعهد أبحاث الطاقة، واعتقدت أنه سيكون من الممتع أن أعرضها لكم، مع إبداء رأيي.
وعلى الرغم من أن عمل معهد أبحاث الطاقة ذكي، فإنه ليس معقدًا.
حسابات معهد أبحاث الطاقة
كما يعلم معظمكم، بلغ إنتاج الولايات المتحدة من النفط ذروته في عام 1970، وشهد الإنتاج انخفاضًا مستمرًا حتى عام 2008، عندما وصل إلى مستوى منخفض، بلغ 5 ملايين برميل يوميًا.
على الرغم من أن جميع خبراء الصناعة تقريبًا أعلن أن الولايات المتحدة والعالم قد بلغا ذروة إنتاج النفط، وأن إنتاج النفط سينخفض سنويًا بعد ذلك، كان الخبراء مخطئين.
وتعدّ حسابات معهد أبحاث الطاقة (آي إي آر)، في العاصمة الأميركية واشنطن، سهلة بما يكفي، حتى يتمكن مراسلو شبكات الأخبار من فهمها.
فقد حدد معهد أبحاث الطاقة مقدار انخفاض إنتاج النفط في الولايات المتحدة على مسار ما قبل 2008، إضافة إلى المكاسب الكبيرة في الإنتاج بين عامي 2008 و 2021.
ثم حسب المعهد الانخفاض في تكلفة كل غالون من البنزين نتيجةً لزيادة إنتاج النفط.
عند تضمين عدد غالونات البنزين المستخدمة سنويًا، وضربها، يمكن معرفة المبالغ المالية الموفَّرة، وسيكون إجمالي الوفورات في تكلفة البنزين للسائقين الأميركيين 2,061,557,327,878 دولارًا!
وتُعدّ الوفورات البالغة 2 تريليون دولار أكثر من 24000 دولار لأسرة مكونة من 4 أفراد منذ عام 2008.
فوائد تقنيات الإنتاج
أعتقد أنه لو لم تحرز شركات النفط تقدمًا في التكسير الهيدروليكي، والحفر الأفقي، وغيرها من تقنيات الإنتاج عندما فعلت ذلك، لكانت الأمور مختلفة كثيرًا.
بالنسبة للمبتدئين، كان الناس قد قطعوا أشواطًا أقلّ بكثير مما يفعلون دائمًا عندما ترتفع تكلفة البنزين.
بدورها، كانت الحكومة الأميركية ستُجري تعديلات مختلفة لاحتساب تكلفة البنزين، كان من شأنها أن تخلق تحولات أخرى، وما إلى ذلك، لكني ما زلت أعتقد أن الممارسة الفكرية جيدة.
تجدر الإشارة إلى أن قطاع النفط والغاز الطبيعي وفّر للمستهلك الأميركي أموالًا أكثر بكثير مما يعرفه الناس.
ويُعدّ هذا مجرد عملية حسابية ممتعة بشأن إنتاج النفط وتكلفة البنزين.
علاوة على ذلك، أفسحت تقنيات إنتاج النفط الطريق لكمية هائلة من الغاز الطبيعي، ما جعل أميركا، إلى حدّ بعيد، رائدة عالميًا في إنتاج الغاز.
وعند محاولة تقدير مقدار الثروة المتولدة من النطاق الكامل لإنتاج النفط والغاز الطبيعي، بما في ذلك الفوائد من وظائف القطاع ذات الأجور المرتفعة؛ فقد أُنشِئ ما يقرب من 1.5 إلى 2.5 مليون وظيفة في قطاع الخدمات.
وباحتساب عائدات الضرائب، والرسوم البالغة نحو 2 تريليون دولار، تبدو وفورات البنزين صغيرة.
لذلك، يجب أن يكون لدى الأميركيين (والمستهلكين في جميع الدول) تقدير كبير للفوائد التي يجنيها منتجو النفط والغاز الطبيعي في حياتهم اليومية.
لكنهم لا يفعلون ذلك، ويعود جزء كبير من السبب إلى أن المؤسسات الإخبارية غير مهتمة بتقديم الحقائق للناس.
في كثير من الحالات، تفتقر المؤسسات الإخبارية إلى الخيال والكفاءة الحسابية؛ لرؤية وقائع الطاقة على حقيقتها.
* مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- واردات الهند من النفط السعودي تصعد لأعلى مستوى في 3 أشهر
- دراسة: نقل الهيدروجين في خطوط الغاز "مُدمر".. هل تتبدد آمال الجزائر والمغرب؟
- مافيا الفحم في جنوب أفريقيا يكشفون كواليس عصابات السرقة وتورط الأمن