نفطالمقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفط

رسالة أوبك+ إلى العالم لتأمين الطلب في المستقبل.. هل من مستمع؟ (مقال)

فاندانا هاري – ترجمة: مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • قرار أوبك+ لم يكن ردًا على مناشدات بايدن، بل إهانة له
  • أوبك+ وجّه رسالة واضحة عن دوره ودور العالم حول تأمين الطاقة في المستقبل
  • أوبك+ قد لا يميل إلى زيادة الإنتاج لتهدئة الأسعار مع عدم وجود نقص حادّ في الإمدادات
  • قوة أوبك+ تكمن في مرونته وقدرته على إعادة التوازن إلى السوق
  • أوبك+ يدفع الثمن باهظًا بعد انهيار الطلب والأسعار جراء جائحة كورونا
  • أوبك+ يسلّط الضوء على قلّة الاستثمار في قطاع التنقيب والإنتاج وتأثيره في المستقبل

كان قرار أوبك+ بزيادة هدف الإنتاج في سبتمبر/أيلول 2022 بنحو 100 ألف برميل يوميًا قرارًا مثيرًا للفضول، وتلقّى تحليلًا سياسيًا واسعًا، رغم أن التغطية الإخبارية تخطّته بسرعة.

فإذا كان القصد منه أن يكون بادرة تجاه الولايات المتحدة؛ ردًا على مناشدات الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة للمنتجين الخليجيين خلال رحلته إلى المملكة العربية السعودية الشهر الماضي (يوليو/تموز)، فإن الأمر لم يفلح، بل يعدّ إهانة لبايدن.

الزيادة المستهدفة أقلّ قدرًا من الرقم المحدد، لأنه حتى في أفضل السيناريوهات، فإننا نقدر تحقيق إمدادات تراكمية فعلية بنسبة 40% فقط؛ نظرًا لأن أغلب أعضاء أوبك+ يكافحون من أجل تلبية حصصهم الحالية.

هل تصنع فرقًا؟

يتوافق الارتفاع المقدَّر بنحو 40 ألف برميل يوميًا مع الزيادة التراكمية في الحصص السعودية والإماراتية والكويتية لشهر سبتمبر/أيلول 2022، وهم الأعضاء الوحيدون الذين يمكنهم تعزيز الزيادات، لكن هذا لن يصنع فرقًا كبيرًا في سدّ العجز البالغ 2.7-2.8 مليون برميل يوميًا بين هدف أوبك+ ومستويات الإنتاج الفعلية في الأشهر الأخيرة.

وجاءت صفعة المنتجين بعد يوم من موافقة وزارة الخارجية الأميركية على بيع صواريخ باتريوت للسعودية، وأنظمة دفاع صاروخية مضادة للصواريخ الباليستية إلى الإمارات، بقيمة إجمالية تصل إلى 5.3 مليار دولار، وربما حان الوقت لتتخلى الإدارة الأميركية عن محاولة التأثير في قرارات سياسة أوبك+.

ومع هذا، فإن الأهم من ذلك هو ما إذا كانت واشنطن (والحكومات الأخرى في الدول المنتجة) قد استمعت إلى الرسالة الأكبر التي وجّهها تحالف أوبك+، الأسبوع الماضي، بشأن الطريقة التي ينظر بها إلى دوره ودور بقية العالم في تأمين احتياجات الطاقة المستقبلية، وستستجيب لها، فهل هناك من يصغي؟

البنك المركزي للنفط

وصف وزير الطاقة السعودي السابق خالد الفالح تحالف أوبك+ بأنه بمثابة البنك المركزي العالمي للنفط، واتفق معه خليفته عبد العزيز بن سلمان على هذا الوصف في عام 2020، وقد لا يرغب التحالف في مواصلة أداء هذا الدور بعد الآن.

وقال تحالف أوبك+ في بيان بعد الاجتماع الافتراضي لوزراء الطاقة، يوم الأربعاء 3 أغسطس/آب 2022: "أشار الاجتماع إلى أن التوافر المحدود للقدرات الإنتاجية الفائضة يستلزم استخدامها بحذر شديد، استجابة للاضطرابات الخطيرة في الإمدادات".

ولا يُبرز البيان قلق التحالف المتعلق بنقص القدرات الإنتاجية الفائضة فحسب، بل يؤكد -أيضًا- رغبة مجموعة المنتجين في الاحتفاظ باحتياطي لحالات الطوارئ (القصوى)، بعبارة أخرى، قد لا يميل التحالف إلى زيادة الإنتاج ببساطة لتهدئة الأسعار إذا لم يشهد نقصًا كبيرًا في الإمدادات.

وقبل الاجتماع الوزاري، قدّرت اللجنة الفنية المشتركة بين أوبك والدول من خارجها متوسط فائض نفطي عالمي قدره 800 ألف برميل يوميًا خلال عام 2022، انخفاضًا من توقعاتها البالغة مليون برميل يوميًا قبل الاجتماع في يوليو/تموز (2022)، لكنه رقم كبير -أيضًا-.

وتكمن قوة تحالف أوبك+ في مرونته، أي القدرة على إعادة التوازن إلى السوق بعد صدمات العرض أو الطلب عن طريق تسريع خفض الإنتاج من خلال نهج منسق ومنظم، أو تعزيزه من خلال الاستفادة من القدرات الإنتاجية الفائضة لأعضائها وفقًا للحاجة، وافتقار القوة للقيام بالأمر الأخير، ليصبح التحالف ذا مهارة أحادية.

أوبك+

وبينما القدرات الفائضة الأكثر فعالية المتمركزة في القليل من منتجي الشرق الأوسط متَّفق عليها منذ مدة طويلة حسب المألوف، فإن العدد الهائل لأعضاء أوبك+ الذين يكافحون الآن حتى لاستعادة المستويات التي اعتادوا ضخّها منذ ما يزيد قليلا عن عامين، أمر مثير للقلق.

ومن الأمثلة على ذلك، منتجو أوبك ذوو الأحجام المتوسطة، مثل نيجيريا وأنغولا، الذين يعانون من أكبر اتّساع للفجوة بين أهدافهم ومستويات الإنتاج في الأشهر الأخيرة.

عواقب غير متوقعة

إن عدم قدرة أوبك+ على العودة إلى الركب مع استعادة الإنتاج، يجب أن يدقّ ناقوس الخطر في جميع أنحاء العالم.

وأمام تزايد أهداف خفض الانبعاثات الطموحة حول العالم، وتسارع انسحاب شركات النفط العملاقة والمستقلة من مشروعات الوقود الأحفوري، ومشروعات النفط والغاز التي تعاني من نقص التمويل، تكمن المشكلة في النقطة العمياء المشتركة.

فقد أُشيد بأوبك+ لاستعادة توازن السوق بكفاءة بعد انهيار الطلب والأسعار غير المسبوق جراء جائحة كورونا، بالاتفاق في أبريل/نيسان 2020 على خفض إنتاج تاريخي قدره 9.6 مليون برميل يوميًا، وكانت خطوة جريئة، وأتت بثمارها، والآن تدفع ثمنًا لم يتوقعه أحد.

فمكامن النفط القديمة التي شهدت انعدام الضغط بسبب إغلاق عدد ضخم من الآبار لمدة طويلة قد لا تستعيدها أبدًا، كما أن النقص العام في الاستثمار من قبل الجهات الحكومية والخاصة، حتى في أمور مثل الصيانة الدورية للحقول والبنية التحتية للنفط، قد يسرِّع حدوث تدهور طبيعي، وتصبح الأعطال أكثر شيوعًا.

ولم يحقق أيّ من منتجي أوبك+ اكتشافًا نفطيًا جديدًا ضخمًا قد يعوض تدهور الحقول الحالية.

وهناك بعض التشجيع لعدد قليل من الأعضاء -حاليًا- للاستثمار في اكتشاف وتطوير حقول الغاز لتغذية أوروبا خلال الابتعاد عن الصادرات الروسية، ولا يُعرَف بعد ما إذا كان التمويل والمشروعات ستُنفذ فعلًا، إلى جانب ذلك، هذه استثمارات في الغاز الطبيعي، وليست في النفط.

وحتى لو افترضنا أن إنتاج النفط الروسي بإمكانه العودة إلى مستويات ما قبل الغزو في مرحلة ما، فإن باقي أعضاء أوبك+ يواجهون خسائر محتملة قدرها 1.7 مليون برميل يوميًا من القدرات الإنتاجية؛ لأن الدول تفتقر ببساطة إلى الموارد المالية اللازمة لمضاعفة جهود تجديد وإحياء صناعات المنبع.

مسؤولية غير متكافئة

جاء في بيان أوبك+ أن الاجتماع سلّط الضوء -بوجه خاص- على أن "قلّة الاستثمار في قطاع التنقيب والإنتاج سيؤثّر في توفير الإمدادات اللازمة في الوقت المناسب؛ لتلبية الطلب المتزايد بعد عام 2023"

وأضاف البيان أن قلة الاستثمار تشمل بعض أعضاء أوبك وخارجها ومنتجين من خارج تحالف أوبك+.

الرسالة واضحة: لا ينبغي الانتظار من عدد قليل من أعضاء أوبك+، ممن واصلوا الاستثمار للحفاظ على القدرات الإنتاجية وزيادتها، تحمل العبء الأكبر لفتح الصنابير والمساهمة في خفض الأسعار في المستقبل.

وقد يفسر ذلك -أيضًا- صمت المملكة العربية السعودية الواضح حول موجة التكهنات الأخيرة المتعلقة بقدراتها الإنتاجية المعلنة رسميًا عند 12 مليون برميل يوميًا، وما يمكن بلوغه، والأهم من ذلك، الحفاظ عليه لمدة طويلة من الوقت، وظهرت تعليقات ومناقشات المحللين فجأة قبل رحلة بايدن إلى المملكة العربية السعودية.

كما يضع تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي (يوليو/تموز) في إطاره الصحيح، بأن المملكة لن ترفع مستوى قدراتها الإنتاجية إلى ما يزيد عن 13 مليون برميل يوميًا المقررة لعام 2027.

وجاء التعليق، الذي فاجأ المشاركين في السوق، خلال خطاب ألقاه ولي العهد في اجتماع مجلس التعاون الخليجي بحضور بايدن الموافق 16 يوليو/تموز (2022).

وأكد الأمير محمد بن سلمان في خطابه أن الدول الأخرى بحاجة إلى الاستثمار في الوقود الأحفوري خلال العقدين المقبلين، لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.

وهذا الخلاف بين المملكة والدول المنتجة العازمة على التخلص من الوقود الأحفوري يمكن أن يصبح مصدر خلاف دائم.

* فاندانا هاري، مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق