الهند تتمسك بالفحم لتوليد الكهرباء.. والطاقة المتجددة لا تشكل تهديدًا
وسط ارتفاع تدفقات الفحم الروسي
مي مجدي
تسعى الهند لتوليد 50% من الكهرباء المتجددة بحلول عام 2030، لكن الابتعاد عن الفحم يُعَد من أكبر التحديات التي تواجه البلاد، ويتطلب تدابير حازمة من أجل انتقال عادل للطاقة.
وكشف رئيس مجلس إدارة شركة كول إنديا، برامود أغراوال -في أحدث تقرير سنوي صادر يوم 30 يوليو/حزيران 2022، واطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- عن أنه لا ينبغي النظر إلى مصادر الطاقة المتجددة على أنها تمثل تهديدًا لمكانة الفحم في الهند على الأقل في المستقبل القريب.
ويرى أن الفحم سيستمر في تغذية قطاع الكهرباء بالهند وفقًا لنمط الاستهلاك الحالي؛ حيث كان من المتوقع أن تسهم مصادر الطاقة المتجددة في تسريع توسيع سلة الطاقة بالبلاد؛ إذ لقيت هذه الخطوة استحسانًا في ضوء الالتزامات المناخية التي قدمتها الهند خلال مؤتمر كوب 26.
ويرجح التقرير عدم قدرة البلاد على استبعاد الفحم لحين بدء الطاقة المتجددة المساهمة بقدر يمكنها من تولي دوره، حسبما نشر موقع إس آند بي غلوبال بلاتس (S&P Global Platts).
توليد الكهرباء
وفقًا لبيانات شركة كول إنديا، بلغت نسبة توليد الكهرباء من الفحم في الهند 69.9% من إجمالي التوليد البالغ 1490.277 مليار وحدة في السنة المالية 2021-2022، بزيادة قدرها 9.5% عن العام الماضي.
وبلغ توليد الكهرباء في البلاد من المصادر المتجددة 11.4%، أو 169.369 مليار وحدة، بينما الفحم وصل إلى 1041.459 مليار وحدة.
وقال أغراوال، في التقرير السنوي: "هذا يؤكد أهمية الحاجة إلى انتقال رشيد للطاقة من الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة".
وأضاف أن تفضيل الفحم في الهند يرجع إلى وفرته، وسهولة الحصول عليه، والقدرة على تحمل تكلفته.
وأوضح أن الفحم هو المحرك لنمو قطاع الطاقة؛ إذ يلبي أكثر من 70% من احتياجات الكهرباء في الهند، وعزز ذلك التوسع في توليد الكهرباء، وما زال المصدر الكبير الوحيد في مزيج الطاقة.
استقرار الإمدادات
في هذه النقطة، أشار أغراوال إلى أن أسعار الفحم العالمية مرتفعة، وتواصل شركة إنديا كول توفير الإمدادات للمستهلكين الهنود بأسعار تنافسية؛ حيث لم تشهد الأسعار أي زيادة على مدى السنوات الـ4 الماضية.
ومنذ شن روسيا الحرب في أوكرانيا، ظلت الأسعار العالمية مرتفعة، مسجلةً مستويات قياسية في ظل الاضطرابات في التدفقات التجارية وزيادة الطلب من أوروبا، بسبب العقوبات المفروضة على موسكو.
ووفقًا لبيانات إس آند بي غلوبال كوميديتي إنسايتس، بلغ تقييم الفحم البالغ 6 آلاف كيلوكالوري/كيلوغرام على أساس عقد البيع "سي آي إف"، أي تسليم البضائع في ميناء الشحن، عند 423.45 دولارًا للطن المتري في 29 يوليو/تموز (2022)، من 209 دولارات للطن المتري في 23 فبراير/شباط (2022)، أي قبل يوم من غزو أوكرانيا، في حين بلغ أعلى مستوياته عند 432.50 دولارًا/طن متري في 23 يونيو/حزيران (2022).
وأظهرت البيانات أن تقييم فحم بالتيمور البالغ 6 آلاف و900 كيلوكالوري/كيلوغرام على أساس تعاقد فوب، أي تسليم البضائع على سطح السفينة، لشهر أغسطس/آب (2022)، عند 283 دولارًا/طن متري، مقارنة بـ73.80 دولارًا/طن متري في عام 2021.
وقُيم الفحم من نيو أورليانز البالغ 6 آلاف كيلوكالوري/كيلوغرام على أساس تعاقد فوب عند 276 دولارًا/طن متري، قرب مستوياته القياسية.
بينما تراجعت أسعار الفحم بميناء ريتشارد باي البالغ 5 آلاف و500 كيلوكالوري/كيلوغرام، والفحم من كاليمانتان البالغ 4 آلاف و200 كيلوكالوري/كيلوغرام، على أساس تعاقد فوب، بعد ارتفاعها إلى مستويات قياسية في مارس/آذار، وأبريل/نيسان 2022.
ارتفاع الطلب
في المقابل، ارتفع إنتاج شركة كول إنديا في السنة المالية (2021-2022) إلى 622.63 مليون طن متري، وهو أعلى مستوى منذ إنشاء الشركة.
وأظهرت بيانات وزارة الفحم أنه مع ارتفاع الطلب المحلي وارتفاع أسعار الواردات، ارتفع إجمالي إنتاج الفحم في الهند إلى 777 مليون طن في السنة المالية (2021-2022) من 716 مليون طن في السنة المالية (2020-2021).
وخلال الربع الأول المنتهي في يونيو/حزيران (2022)، بلغ إجمالي إنتاج الفحم 205.56 مليون طن، مقابل 155.85 مليون طن في السنة المالية (2020-2021).
وأنتجت شركة كول إنديا 159.8 مليون طن متري خلال المدة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران (2022)، بزيادة 28.9% على أساس سنوي.
ولزيادة الإنتاج، وافقت شركة كول إنديا ومجالس الشركات التابعة لها على تطوير 16 مشروعًا للتعدين في السنة المالية (2021-2022)، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
كما تخطط لتشغيل 14 منجمًا من خلال إشراك مطوري ومشغلي المناجم، وتبلغ الطاقة الإجمالية 165.58 طنًا متريًا/سنة، إلا أن الشركة تعاني تأخرًا في تنفيذ 42 من مشروعاتها بسبب التصاريح وقضايا حيازة الأراضي.
تدفق الفحم الروسي إلى الهند
من جهة أخرى، أظهرت بيانات إس آند بي غلوبال بلاتس أن ارتفاع واردات الهند من الفحم الروسي منخفض التكلفة أضر بسوق الواردات الهندية من الولايات المتحدة.
فقد تجاوزت روسيا أستراليا والولايات المتحدة لتصبح ثالث أكبر مصدر للفحم الحراري للبلاد في شهر يوليو/تموز (2022)، بعد إندونيسيا وجنوب أفريقيا.
ووفقًا للبيانات، بلغت الشحنات المفرغة من الإمدادات الروسية في المواني الهندية نحو 1.9 مليون طن في يوليو/تموز (2022)، أي قرابة 3 أضعاف الكميات خلال المدة نفسها في 2021.
في حين انخفضت الواردات من جنوب أفريقيا بنسبة 9% إلى مليوني طن متري، وتراجعت الإمدادات من أستراليا بنسبة 29% إلى مليون طن متري، ومن الولايات المتحدة بنسبة 27% إلى 800 ألف طن متري خلال المدة نفسها.
وكشف أحد المحللين عن أن البنوك لم تكن مستعدة للتداول بالروبل أو اليوان الصيني أو أي عمولة أخرى بخلاف الدولار الأميركي عند بدء روسيا بيع الفحم الرخيص في الهند، لكن في الأسابيع الـ4 الأخيرة تكيفت البنوك الهندية، وأسهم ذلك في زيادة الإمدادات الروسية واستبعاد البلدان الأخرى.
ووفقًا للأرقام الرسمية، ارتفع إجمالي تكلفة استيراد الفحم في الهند، بما في ذلك فحم الكوك، بنسبة 166.76% على مدار العام إلى 10.1 مليار دولار في أبريل/نيسان ومايو/أيار (2022)، على الرغم من انخفاض حجم الواردات بنسبة 5.24% عند 29.93 مليون طن متري.
ومن المتوقع أن تؤثر الشحنات القادمة من روسيا في البضائع القادمة من أستراليا وإندونيسيا، ولا سيما أن مستخدمي الأسمنت في الهند يفضّلون الفحم الروسي ويمزجونه مع نظيره المحلي، وبدأ ينافس الكوك النفطي الفنزويلي.
تغيير الموارد
أوضحت البيانات أن الهند استوردت 5.3 مليون طن متري من الفحم الحراري الروسي خلال فبراير/شباط ويوليو/تموز 2022، ارتفاعًا بنسبة 1.4% من الأحجام المستوردة خلال المدة نفسها في عام 2021.
وحافظت جنوب أفريقيا على مكانتها بصفتها ثاني أكبر مصدر للفحم الحراري إلى الهند خلال فبراير/شباط ويوليو/تموز 2022، على الرغم من انخفاض الإمدادات إلى 11.5 مليون طن متري من 14.3 مليون طن متري خلال المدة نفسها في 2021.
كما أن إمدادات الفحم الحراري الأسترالي تأثرت، وتراجعت خلال فبراير/شباط ويوليو/تموز 2022، إلى 5.6 مليون طن متري من 10.9 مليون طن متري خلال المدة نفسها في 2021.
أما إندونيسيا؛ فقد استطاعت الحفاظ على مكانتها بصفتها أكبر مصدر للفحم الحراري في الهند، إلى جانب ارتفاع صادراتها عند 68.2 مليون طن متري خلال فبراير/شباط ويوليو/تموز (2022)، من 38.5 مليون طن خلال المدة نفسها في عام 2021.
بينما انخفضت الواردات الهندية من الولايات المتحدة بنسبة 52% على أساس سنوي إلى 3.4 مليون طن متري، وساعد ذلك في أن تصبح روسيا بالمرتبة الرابعة خلال المدة من فبراير/شباط إلى يوليو/تموز 2022.
إلا أن قدرات التصدير الأميركية المتجهة إلى أوروبا المتعطشة لاستبدال الإمدادات الروسية قبل حظر أغسطس/آب 2022 ارتفعت.
وارتفع إجمالي واردات الهند من الفحم الحراري إلى 96.8 مليون طن متري خلال هذا الإطار الزمني، من 75 مليون طن متري في 2021.
اقرأ أيضًا..
- شركات الكهرباء الهندية تواجه صعوبات مالية.. ورئيس الوزراء للولايات: سددوا ديونكم
- مسلسل حرائق السيارات الكهربائية مستمر.. وبي إم دبليو تستدعي 83 وحدة (تقرير)
- مجمع ورزازات للطاقة الشمسية.. القدرة المركبة وتكلفة محطات نور (إنفوغرافيك)
