نقص إمدادات الطاقة.. كيف أثر على الأوروبيين وغير حياتهم؟ (تقرير)
نوار صبح
- • هانوفر أول مدينة ألمانية كبرى تعلن تدابير لادّخار الطاقة
- • ستتم تدفئة المباني البلدية بين شهري أكتوبر ومارس فقط
- • سيُحظَر استخدام وحدات تكييف الهواء المتنقلة ومراوح التدفئة
- • تحذيرات من أن تواجه بريطانيا مشكلة انقطاع التيار الكهربائي على غرار ألمانيا
- • في بريطانيا يُتوقع خَفْت أضواء الشوارع أو إطفاؤها، وخفض التدفئة المركزية في المباني العامة
تفاقمت تأثيرات نقص إمدادات الطاقة في أوروبا بسبب تقليص موسكو تدفقات الغاز الروسي إلى عدد من الدول الأوروبية، وانعكس ذلك على نمط حياة الأوروبيين الذين أُجبِروا على اتباع إجراءات تقشفية مثل تقليل وقت الاستحمام، إلى جانب إطفاء الأنوار عن المعالم الأثرية والسياحية.
وقررت السلطات الألمانية خفض استهلاكها من الطاقة، بعد أن أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة عزمها خفض إمدادات الغاز الطبيعي إلى ألمانيا، وفق المعلومات التي رصدتها منصة "الطاقة" المتخصصة.
وأصبحت هانوفر أول مدينة ألمانية كبرى تعلن تدابير لادِّخار الطاقة وسط مخاوف على مستوى البلاد من أزمة طاقة شتوية، بعد أن قيّدت موسكو تدفق الغاز الروسي عبر خط أنابيب نورد ستريم إلى 20% فقط من سعته، حسبما نشرت صحيفة "ذا ويك" (theweek) مؤخرًا.
- غازبروم تؤكد زيادة ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا.. اليوم
- الغاز الروسي.. ألمانيا تحذر من تداعيات اقتصادية وخيمة للحظر الأوروبي
وتزامنت المخاوف من أزمة طاقة تلوح في الأفق في البلاد، التي تعتمد بصفة كبيرة على الغاز الروسي، إلى جانب القلق بشأن الخطوات التي تتخذها العديد من المدن للحفاظ على الإمدادات.
نقص الغاز الروسي وحياة الأوروبيين
تخطط السلطات المحلية في مدينة هانوفر الألمانية لقطع المياه الساخنة عن المباني العامة وحمامات السباحة والقاعات والصالات الرياضية، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية (theguardian) في 28 يوليو/تموز الجاري.
وستتم تدفئة المباني البلدية بين شهري أكتوبر/تشرين الأول ومارس/آذار فقط، عند درجة حرارة لا تزيد على 20 درجة مئوية، وسيُحظَر استخدام أجهزة تكييف الهواء المتنقلة ومراوح التدفئة، حسب تقرير اطلعت عليه منصة "الطاقة" المتخصصة.
وتشمل الإجراءات الأخرى إغلاق نوافير المياه في الساحات العامة والتوقف عن إضاءة المباني الرئيسة في الليل.
وستُحوّل جميع المصابيح إلى مصابيح توفير الإضاءة "الليد"، وستُستخدم أجهزة كشف الحركة بدلاً من مصابيح الإضاءة الدائمة في المراحيض ومواقف السيارات والممرات.
وأشارت صحيفة الغارديان إلى أن نحو 200 نصب تذكاري تاريخي ومبنى بلدية في مدينة برلين، بما في ذلك كنيسة الذكرى في ساحة "برايت شايد" والمتحف اليهودي، "غرقت في الظلام" هذا الأسبوع، بسبب إطفاء الأضواء في المدينة لتوفير الكهرباء.
من جانبها، أعلنت مدينة ميونخ أنها ستطفئ الأضواء في مبنى البلدية وستوفر مياهًا جارية باردة فقط في مكاتب البلدية.
وستغلق مدينة نورمبرغ 3 من حمامات السباحة الداخلية الـ4 التي تديرها المدينة، وستغلق أحواض السباحة في الهواء الطلق بدءًا من 25 سبتمبر/أيلول.
ونظرًا لكونها الدولة الأكثر اعتمادًا على الغاز الروسي، فإن ألمانيا تبادر لإطلاق حملة وطنية لتوفير الطاقة حتى تتمكن من مواجهة برودة فصل الشتاء.
وقالت كبيرة مسؤولي البيئة في برلين، بيتينا جاراش: إنه بالنظر إلى الحرب ضد أوكرانيا والتهديدات الروسية لسياسة الطاقة، من المهم أن توخّي الحذر قدر الإمكان فيما يتعلق باستخدام الطاقة، حسبما نشر موقع "فيرست بوست" (firstpost) في 29 يوليو/تموز الجاري.
وقال الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير إنه يريد أن يكون مثالاً يُحتذى به من خلال إطفاء الأنوار في مقر إقامته الرسمي، بقصر "بليفيو".
وتشمل المدن الألمانية الأخرى، التي قللت استخدام أضواء الشوارع، فايمار وماينز، إذ انخفض الاستخدام إلى النصف، وتدرس بلدية مدينة أوغسبورغ إمكان إطفاء بعض إشارات المرور.
وقال عمدة مدينة هانوفر، بيليت أوناي، إن "نقص الغاز الوشيك" أدى إلى تراجع استخدام الطاقة بنسبة 15%.
تُجدر الإشارة إلى أن شركة غازبروم الروسية قطعت تدفق الغاز من خط أنابيب نورد ستريم بصفته جزءًا من محاولة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعمال الغاز الطبيعي سلاحًا لإنهاء الدعم الأوروبي لأوكرانيا.
فقد تقلّصت إمدادات الغاز الطبيعي بنسبة خُمْسَيْن في يونيو/حزيران قبل أن تُخفض هذا الأسبوع إلى 20% من السعة، ما جعل ألمانيا تواجه زيادات ضخمة في فاتورة الكهرباء.
انعكاسات نقص إمدادات الطاقة على بريطانيا
يحذّر الخبراء من أن تواجه بريطانيا مشكلة انقطاع التيار الكهربائي على غرار ألمانيا بسبب تفاقم أزمة الطاقة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المتوقع خَفْت أضواء الشوارع أو إطفاؤها، كما يمكن خفض استخدام التدفئة المركزية في المباني العامة، في محاولة لتوفير الكهرباء، وفقًا لما نشرت صحيفة "مترو" (metro.co.uk) البريطانية في 29 يوليو/تموز الجاري.
في المقابل، يمكن لمناطق في بريطانيا أن تحذو حذو مدينة برلين الألمانية، التي شهدت تعتيم الأضواء طوال الليل لنحو 200 من المعالم التاريخية والمباني البلدية، بما في ذلك كاتدرائية المدينة والقصر القديم وقصر شارلوتنبورغ.
وقال محلل الطاقة لدى شركة التحليلات والأبحاث كورنوول إنسايت، روبرت باكلي، إن بريطانيا ستشهد وقتًا قد تكون فيه أسعار الطاقة للأعمال التجارية 5 أو 6 أو 7 أضعاف حيث كانت من الناحية التاريخية.
وأكد أن الشركات لا تستطيع تحمل تكاليف التشغيل، وقد تمتنع الشركات عن تسخين حمامات السباحة.
علاوة على ذلك، تستعد الملايين من الأسر البريطانية لزيادة المعونات الاقتصادية مع استمرار أزمة تكلفة المعيشة.
ويتوقع النشطاء أن نقص إمدادات الطاقة سيؤثر في الشركات التجارية في البلاد، التي تطلب من الحكومة وضع خطة طوارئ لمكافحة نقص الوقود لتجنب الوفيات في فصل الشتاء.
لماذا تحافظ ألمانيا على الطاقة؟
أعلنت شركة الطاقة العملاقة في روسيا غازبروم، يوم الإثنين 25 يوليو/تموز الجاري، أنها ستقيّد تدفق إمدادات الغاز الروسي إلى ألمانيا.
وأفادت الشركة بأنها ستخفض الإمدادات عبر خط أنابيب نورد ستريم بمقدار 33 مليون متر مكعب يوميًا.
يأتي ذلك بعد أن استأنفت الشركة خدماتها الأسبوع الماضي بعد 10 أيام من أعمال الصيانة.
وأضافت غازبروم أن العمليات توقفت بسبب "الحالة التقنية للمحرك". ومع ذلك، دحضت وزارة الاقتصاد الألمانية هذا التفسير، قائلة إنه "لا يوجد سبب تقني لخفض عمليات التسليم"، وفقًا لتقرير نشرته قناة الجزيرة (Al Jazeera).
وقال رئيس هيئة تنظيم الطاقة الألمانية، كلاوس مولر، إن تدفق الغاز انخفض من 40% إلى 20%.
بدوره، دعا المستشار الألماني أولاف شولتس، على مدى أسابيع، إلى بذل جهود على مستوى البلاد للحفاظ على الطاقة مع انخفاض إمدادات الغاز الروسي، في الوقت الذي تكافح فيه البلاد ارتفاع الأسعار منذ غزو روسيا لأوكرانيا.
وفي محاولة لإنقاذ شركات الطاقة من الإفلاس، أعلنت الحكومة الألمانية أن رسوم الغاز الإضافية التي تُفرض على العملاء يمكن أن تصبح أعلى بكثير مما هي عليه حاليًا، وفقًا لصحيفة الغارديان البريطانية (theguardian).
وحذّر المسؤولون الألمان من احتمال قطع إمدادات الغاز الروسي بالكامل هذا الشتاء ردًا على العقوبات الغربية التي فرضت على البلاد لغزو أوكرانيا.
خطة طوارئ الطاقة في ألمانيا
وضعت وزارة الاقتصاد الألمانية خطة طوارئ للغاز الطبيعي من 3 مستويات لتقليل استهلاك الطاقة.
ويعتمد نصف سكان ألمانيا على الغاز للتدفئة، ونحو 13% من الكهرباء في البلاد مشتق من الوقود الأحفوري، وفقًا لوكالة رويترز.
وتستورد ألمانيا معظم احتياجاتها من الغاز الروسي، ويستخدم الغاز المستورد لتدفئة المنازل وتشغيل القطاعات الصناعية.
وتتكوّن خطة الطوارئ للغاز الطبيعي من 3 مراحل، هي: مرحلة التحذير المبكر ومرحلة الإنذار ومرحلة الطوارئ.
وقد بدأت ألمانيا، في الشهر الماضي، المرحلة الثانية بعد أن خفضت موسكو إمدادات الغاز الروسي عبر خط أنابيب نورد ستريم 1.
كيف تحافظ ألمانيا على طاقتها؟
خلال الأسبوع، كثفت ألمانيا جهودها للحفاظ على الطاقة، وأعلنت مدينة ميونخ أن الأضواء في دار البلدية ستُطفأ.
وفي إطار جهود الحفاظ على الطاقة، تخطط ألمانيا لتقليل استخدام مكيفات الهواء وستشجع الناس على استخدام وسائل النقل العام.
وستغلق شركة كهربائية في ألمانيا من 100 إلى 120 مصباحًا يوميًا، وفقًا لموقع قناة فرانس 24 (France 24).
وأطلقت وزارة الاقتصاد في ألمانيا حملة تحث المواطنين على الاستحمام لمدة أقصر، وزيادة درجة حرارة الثلاجة بمقدار درجة واحدة، وإبقاء منازلهم معزولة جيدًا.
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: أسعار النفط بين 2008 و2022.. هكذا نستفيد من دروس التاريخ (تقرير)
- حريق جديد في إحدى مصافي بيمكس المكسيكية.. الرابع خلال 18 شهرًا
- اكتشافات النفط والغاز بالمنطقة العربية.. السعودية والجزائر والإمارات في الصدارة (تقرير)