إعلان تفاصيل جديدة عن أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية
تتضمن "مقايضة" الخام مع روسيا وقازاخستان
هبة مصطفى
بدأت تفاصيل أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية، الظهور على السطح بصورة تدريجية عقب أيام قليلة من توقيعها مع شركة غازبروم الروسية.
وكشف مسؤول إيراني عن أن الصفقة تضمّنت إجراء عملية مقايضة للنفط الإيراني، حسبما أورد في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني لقناة "برس تي في" الإيرانية الناطقة باللغة الإنجليزية (Press TV).
كانت إيران وروسيا (ممثلة في شركة غازبروم) قد اتفقتا، الثلاثاء الماضي، على استثمار ما يصل إلى 40 مليار دولار بمشروعات الوقود الأحفوري، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة حينها.
وتتزامن الصفقة مع محاولات موسكو مواجهة العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على صادراتها من الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير/شباط الماضي.
مقايضة النفط الإيراني
تُعَد "مقايضة" النفط الخام المُنتج في طهران بمثيله الروسي والقازاخستاني أحد أبرز بنود أكبر صفقة لصناعة النفط الإيرانية، بما يتوافق مع تصريح وزارة الخارجية -مطلع الشهر الجاري- الذي لم يقترن بأي تفاصيل تشمل الموعد أو طبيعة المقايضة.
بدوره، أوضح كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، أن عملية "المقايضة" من المقرر أن تشمل استهلاك إمدادات النفط الروسي والقازاخستاني (الواردة عبر بحر قزوين) محليًا في طهران.
ومقابل ذلك، تتولى طهران توجيه كميات مماثلة لتلك الواردات لعملاء موسكو وقازاخستان بالجنوب والخليج العربي.
وأضاف ولايتي أن المقايضة -بموجب أكبر صفقة شهدها القطاع- تضمن للبلاد تطبيق سياستها الرامية إلى تطوير معدل وصول مصادر الطاقة لأنحاء البلاد كافة.
وتنظر إيران إلى أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية -الموقّعة مؤخرًا مع الجانب الروسي- باعتبارها أكبر صفقات الاستثمار الأجنبي لصالح الصناعة؛ إذ تشمل تطوير 6 حقول نفطية وتعاونًا واسعًا في مجال الغاز.
- توقيع أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية
- أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية تتضمن إسالة الغاز برعاية روسية
إسالة الغاز الإيراني
تضمّن الاتفاق الإيراني-الروسي التركيز على تطوير 3 حقول غاز في طهران؛ من ضمنها حقلا (كيش، وبارس الشمالي)، بجانب تعزيز إنتاج حقل بارس الجنوبي.
وكانت لمقايضة الغاز ومواصلة مشروعات الغاز المسال حصة لا بأس بها ضمن أكبر صفقات صناعة النفط الإيرانية، بما يشمل خطوط أنابيب التصدير والجانب البحثي والتقني.
وبصورة خاصة، جذبت مشروعات إسالة الغاز الطبيعي الإيرانية اهتمام الشركة الروسية، جنبًا إلى جنب مع تخصيص 25 مليار دولار لتمويل مشروعات تطوير حقول الغاز ومشروع الإسالة، بينما تؤول حصة الاستثمارات المتبقية (المقدرة بنحو 15 مليار دولار لصالح تطوير الحقول النفطية).
وتبلغ احتياطيات حقل بارس الجنوبي -الذي يمتد لمسافة تصل إلى 3.7 ألف كيلومتر مربع، ويُنظر إليه باعتباره أكبر حقول الغاز الطبيعي بالعالم- 14 تريليون متر مكعب من الغاز، بالإضافة إلى 18 مليار برميل من المكثفات.
قطاع النفط والغاز الإيراني
تسعى إيران على قدم وساق إلى تطوير قطاع النفط والغاز، في محاولة منها للتغلب على العقوبات الأميركية المفروضة على صادراتها النفطية.
وتواجه طهران تلك العقوبات بتوسعات على الصعيد المحلي (ممثلة في تطوير الحقول والمشروعات المتعلقة بصناعة النفط الإيرانية)، بجانب توسعات على الصعيد الدولي (وتشمل اتفاقيات ضخمة وخططًا للمقايضة والتصدير).
واتسع نطاق التوسعات الإيرانية لتشمل -مؤخرًا- إسهامها في تطوير مصافي تكرير ومعالجة النفط بدول عدة؛ من ضمنها فنزويلا.
ودبلوماسيًا، واصلت طهران التأكيد على رسائل تعكس قوتها بالقطاع، وكان أحدثها ما أشار إليه أحد مسؤولي شركة النفط الوطنية بجاهزية بلاده للعودة إلى إنتاج النفط بمستويات تصل إلى الحد الأقصى.
ومن جانب آخر، قررت إيران -قبل أسبوع- رفع سعر بيع نفطها الخفيف إلى عملائها في الأسواق الآسيوية نحو 2.80 دولارًا للبرميل لتسليمات شهر أغسطس/آب المقبل.
تفاصيل الاتفاق التاريخي
أزاح الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خوجاشمهر، الستار عن تفاصيل تُنشر للمرة الأولى حول أكبر صفقة لصناعة النفط الإيرانية، مؤكدًا أن الاتفاق تضمَّن العمل على 6 مسارات رئيسة، بالتعاون مع الجانب الروسي.
وأضاف أن التعاون بين إيران وروسيا (ممثلة في شركة غازبروم) تضمّن: استثمارات حقول النفط والغاز، وتخصيص استثمارات لمواصلة مشروع الغاز المسال الإيراني المتوقف لدى منتصفه، وكذلك تحديد تفاصيل الغاز المسال العائم والمشروعات الصغيرة.
وشملت مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين -أيضًا- التركيز على "مقايضة" المنتجات النفطية والغاز، بجانب إنشاء خطوط تصدير ذات ضغط عال، والتبادل التقني بين الجانبين، حسبما أكد خوجاشمهر في تصريحات صحفية نقلتها وكالة أنباء النفط الإيرانية "شانا".
وكشف خوجاشمهر أن مذكرات التفاهم الموقّعة من المنتظر أن تُحوّل تفاصيل مذكرة التفاهم إلى عقود تنفيذية في وقت قريب، لا سيما أن الاستثمار المشترك الحالي يأتي على أعلى المستويات في البلدين.
وأوضح أن صناعة النفط الإيرانية تمثّل أحد أبرز مصادر الدخل في البلاد، ما يعزّز خطواتها لجذب استثمارات القطاع لدعم ميزانية البلاد.
استثمارات في ظل العقوبات
بخلاف الحديث حول تفاصيل أكبر صفقة في تاريخ صناعة النفط الإيرانية، وصف محسن خوجاشمهر العلاقات الروسية الإيرانية، في الآونة الحالية، بأنها أكثر العلاقات الإستراتيجية عمقًا، لا سيما في ظل متغيرات دولية، والعقوبات التي يتعرض لها البلدان.
وغازل خوجاشمهر في تصريحاته شركة غازبروم الروسية، واصفًا إياها بأنها أحد عمالقة الطاقة وأكبر الشركات العالمية لتطوير حقول النفط والغاز، لافتًا إلى قطاع النفط في طهران يسعى منذ أمد طويل للتعاون مع الشركة الروسية.
ويبدو أن تصريحاته حملت رسائل ضمنية للدول الأوروبية بعيدًا عن العقوبات الأميركية، إذ تطرَّق إلى حجم احتياطيات الغاز في روسيا وإيران البالغة مجتمعةً 70 تريليون متر مكعب، وتشكّل معًا 30% من الاحتياطيات العالمية.
وأضاف أن موسكو تعدّ ضمن كبار منتجي الخام، وذات خبرة في زيادة الإنتاج، وسط مناخ صعب وقاسٍ؛ اعتمادًا على تقنيات قوية.
وأشار إلى أن المؤهلات الروسية سوف تعود بالنفع على تطوير حقول النفط والغاز الإيرانية، لا سيما أنه كان للشركات الروسية دور تاريخي بعدم التخلّي عن صناعة النفط في طهران السنوات الماضية، خلال وقوعها تحت طائلة العقوبات المستمرة حتى الآن.
اقرأ أيضًا..
- قفزة متوقعة في فواتير الطاقة.. أوروبا قد تواجه شتاءً باهظ الثمن
- الغاز الجزائري ينقطع عن إسبانيا ولا معلومات عن موعد استئنافه
- النفط الروسي مقابل الدرهم الإماراتي.. لماذا لا تثق موسكو في الهند؟ أنس الحجي يجيب