النفط الروسي مقابل الدرهم الإماراتي.. لماذا لا تثق موسكو في الهند؟ أنس الحجي يجيب
أحمد بدر
فسّر خبير اقتصاديات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، أسباب مطالبة موسكو للهند بدفع ثمن النفط الروسي بالدرهم الإماراتي، بأن جزءًا من الأمر أن الروس لا يثقون في نيودلهي، ولا حكومة مودي.
وأضاف الحجي، خلال حلقة "أنسيات الطاقة" في موقع تويتر، أن رئيس الوزراء الهندي شارك بصفة مراقب في اجتماعات مجموعة الدول الـ7، ووافق معهم على تحديد سقف لسعر النفط القادم من موسكو، لذلك فهو لا يحظى بثقة الروس.
وأوضح أن ما فعله مودي جعل الجميع يعلمون أنه ستكون هناك ردة فعل من جانب روسيا، ولكن لم يكن أحد يعلم ما هي، لذلك عندما جاء قرار دفع مقابل النفط الروسي بالدرهم الإماراتي، كان هذا المطلب جزءًا من ردّة الفعل.
- تصدير النفط الروسي "ممنوع" إلى هذه الدول.. بأمر البنك المركزي
- وضع سقف لسعر النفط الروسي لن يحل مشكلات الطاقة العالمية (مقال)
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن هناك موقفًا سابقًا -أيضًا-، عندما تجاوزت حكومة الهند كل العقوبات المفروضة على موسكو، لتشتري النفط الروسي، ولكنها بعد تواصل مودي مع الولايات المتحدة توقفت وتوجهت إلى الاستيراد من فنزويلا.
لذلك، وفق الحجي، فإن روسيا تعرف أن الهند ستخاف من أميركا، وستفعل أيّ شيء تطلبه منها، ما يعني أن نيودلهي قد تحجز الأموال الروسية التي يجب على الشركات الهندية دفعها، أو تجبر شركاتها على الدفع بطريقة محددة، أو تضعها في حسابات مجمدة في بنوك معينة، لذلك استبق الروس الأحداث، وطالبوا بالدفع بالدرهم الإماراتي.
أهمية الدفع بالدرهم الإماراتي
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إن أهمية الدفع بالدرهم الإماراتي، هو أن الدفع سيكون في البنوك الإماراتية، خاصة مع عدم وثوق روسيا في الحكومة الهندية خوفًا من تجميد الأموال، أو خوفًا من إجبار موسكو على أمور بعينها، لأن الهند ستخضع للولايات المتحدة في النهاية.
ولفت إلى أن الهند شهدت قبل هذا الطلب أزمة أخرى، إذ كان هناك هجوم سيبراني على شركة النفط الهندية "أويل إنديا"، وتوقفت إثره جميع عمليات الشركة داخل الهند.
وأضاف: "أوضحتُ وقتها أن الهند لن تلوم أحدًا، ولكن الروس هم من قاموا بذلك، والسبب هو أنه عندما بدأت موسكو تخفيض أسعار النفط الروسي، وكان التخفيض في حدود 30 دولارًا، بينما كان سعر برميل النفط 120 دولارًا، أي كانت الهند تدفع نحو 90 دولارًا، ولكن الهنود حاولوا مساومة روسيا بشكل فظ".
وتابع: "هذه الطريقة لا يمكن التفاهم مع الروس بها، لذلك كان ردّ فعل الروس، أنهم قالوا "نعم"، وفي اليوم التالي حدث الهجوم السيبراني الذي جعلهم لا يملكون إنتاجًا محليًا نهائيًا، وهو ما ضغط على الهنود ليفهموا أنهم لا يجب عليهم المساومة مع الروس".
الأمر الآخر، بحسب الدكتور أنس الحجي، أن الدفع بالروبية لم يعد ممكنًا، في ظل تراجع الروبية الهندية مقابل الدولار، وفي الوقت نفسه، الدرهم الإماراتي مربوط للدولار، لذلك فإنه عند دفع ثمن النفط الروسي بالدرهم الإماراتي، يكون الروس وكأنهم يقبضون الثمن بالدولار الأميركي الذي يرتفع.
التنسيق مع الشركات الخاصة
يرى مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، أن السياسة الروسية الجديدة، جرت بالتنسيق مع بعض شركات النفط الهندية الكبيرة جدًا، الخاصة وليست الحكومية، إذ إن الهند فرضت خلال الشهر الجاري ضرائب استثنائية على هذه الشركات.
وأوضح أن هذه الضرائب هي ضرائب أرباح، إذ تمنعها هذه الضريبة من تحقيق أيّ أرباح إضافية من النفط المستخرج محليًا في الهند، وتخفف من صادراتها، لذلك هناك احتمال كبير أن يكون هناك اتفاق بين هذه الشركات وروسيا للتعامل خارج الهند؛ للتحايل على ضريبة الأرباح.
وأشار مستشار تحرير منصة الطاقة، الدكتور أنس الحجي، إلى أن هذا الاتفاق يتيح أيضًا تسهيل التعامل بين هذه الشركات وموسكو، فتحصل الشركات الهندية على أرباحها، وتحصل موسكو على أموالها مقابل النفط الروسي، ويجري الدفع بطريقة عادية.
- ارتفاع تكلفة النفط الروسي مع استعداد قمة الدول الـ7 لوضع سقف للأسعار
- أنس الحجي: تحالف أوبك+ لا يمكنه تعويض الخفض المقترح بإنتاج النفط الروسي
وقال الحجي، إن الأمر الآخر، أن هذه الشركات الهندية اشترت كميات ضخمة من النفط تفوق حاجة الهند، لذلك يكون أمامها إمّا إعادة تصدير النفط الروسي إلى بلاد أخرى، أو إعادة تصدير المنتجات النفطية المكررة في الهند، والمستخرجة من النفط القادم من موسكو.
بعبارة أخرى، ستبيع هذه الشركات منتجاتها في الخارج، وتستطيع تحصيل الأموال في الخارج ووضعها في البنوك الإماراتية، ومن البنوك الإماراتية تستطيع موسكو الحصول على أموال، دون وجود داعٍ إلى دخول هذه الأموال إلى الهند، والمخاطرة بأيّ تجميد لهذه الأموال، أو أي مخاطر قد تشكّلها الضغوط الأميركية.
اقرأ أيضًا..
- من أين يستورد المغرب الغاز المسال؟.. مصادر تجيب عن الصفقة المنتظرة
- محطة أدنوك للغاز المسال في الفجيرة قد تكون وجهة عالمية
- أمين عام جيبكا: البتروكيماويات في الخليج تستفيد من التغيرات الجيوسياسية (تقرير)
- أوبك: صناعة النفط والغاز "تحت الحصار".. ونحتاج نفط إيران وفنزويلا