الأمونيا الخضراء عمود اقتصاد أوروبا للتحرر من تبعية الوقود الروسي (تقرير)
في الوقت الذي تتطلع فيه أوروبا إلى الطاقة المتجددة، تبرز الأمونيا الخضراء لتؤدي دورًا رئيسًا في اقتصاد القارة العجوز خلال السنوات المقبلة.
وتحتاج دول الاتحاد الأوروبي إلى تركيب ما لا يقل عن 150 غيغاواط من الطاقة المتجددة وإنتاج نصف احتياج دول الاتحاد البالغ 20 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، لإنهاء اعتماد دول القارة على واردات الطاقة من روسيا وتسريع الانتقال إلى أنظمة خضراء ونظيفة للطاقة.
ووفقًا لأبحاث ستاندرد آند بورز غلوبال، فإن معظم القدرة الإضافية لتوليد الطاقة المتجددة ستكون من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
خطة الطاقة المتجددة
قدمت المفوضية الأوروبية خطة لإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، تعمل على الاستجابة إلى الصعوبات واضطراب سوق الطاقة العالمية الناجمة عن غزو أوكرانيا.
وتأتي الخطة وسط إلحاح لتحويل نظام الطاقة في أوروبا، لمواجهة نفوذ طاقة الوقود الأحفوري الروسي، الذي يستخدم بصفته سلاحًا اقتصاديًا وسياسيًا، ويكلف دافعي الضرائب الأوروبيين ما يقرب من 100 مليار يورو (102.57 مليار دولار) سنويًا، ويفاقم من أزمة المناخ.
وترسم الخطة مسارًا يمكّن أوروبا من التخلص التدريجي من الاعتماد على الوقود الروسي بصفة سريعة، في ظل أن هناك نحو 85% من الأوروبيين يعتقدون أن على دول الاتحاد تقليل اعتمادها على الغاز والنفط الروسيين في أقرب وقت ممكن لدعم أوكرانيا.
ويمكن للتدابير الواردة في الخطة الأوروبية أن تستجيب إلى هذا الطموح، من خلال توفير الطاقة، وتنويع إمداداتها، وتسريع نشر الطاقة المتجددة لتحل محل الوقود الأحفوري في المنازل والصناعة وتوليد الطاقة، فضلًا عن التوسع في إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء.
وتستهدف الخطة زيادة إجمالي قدرة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة إلى 1.236 تيراواط بحلول عام 2030، مقارنة بـ1.067 غيغاواط بحلول عام 2030 التي كان يستهدفها الاتحاد الأوروبي سابقًا.
قوة الأمونيا الخضراء
يستهلك الاتحاد الأوروبي سنويًا 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، غالبًا تكون هذه المادة وسيطة لصناعة الأسمدة، وهي مهمة لضمان الأمن الغذائي للاتحاد.
وفي هذا الإطار، تبرز الأمونيا الخضراء لتؤدي دورًا بارزًا في تحقيق أمن الطاقة الأوروبي، بالتزامن مع خطط إنتاج 20 مليون طن من الهيدروجين الأخضر بدول الاتحاد بحلول 2030.
وعلى سبيل المثال، تتمتع الأمونيا بأعلى كثافة طاقة حجمية من بين جميع التقنيات القائمة على الهيدروجين -أكثر بكثير من غاز الهيدروجين أو الهيدروجين المسال أو الميثانول- ما يجعلها رخيصة نسبيًا وسهلة النقل عبر مسافات كبيرة.
وكما تُعد الأمونيا الخضراء سهلة نسبيًا ورخيصة للنشر، لأن أوروبا يمكنها الاستفادة من البنية التحتية الحالية، إذ يوجد نحو 270 محطة بحرية للأمونيا في جميع أنحاء العالم، منها 30 محطة في الاتحاد الأوروبي.
خيار دول الاتحاد
تقف أوروبا -حاليًا- على مفترق طرق، إذ لديها هدف مزدوج يتمثل في الوصول إلى أهدافها المناخية الطموحة لعام 2030، مع تقليل اعتمادها بسرعة على الوقود الأحفوري القادم من روسيا.
ويمكن تحقيق هذه الأهداف المتنافسة على ما يبدو من خلال إعطاء الأولوية للدعم المالي لمشروعات الأمونيا الخضراء، ما يسمح لدول القارة بتحويل قطاع الأمونيا بعيدًا عن الغاز الطبيعي وجعل الوقود الأخضر العمود الفقري لاقتصاد الهيدروجين المستقبلي في الاتحاد الأوروبي.
كما يمكن لقطاع الأمونيا أن يؤدي دورًا مركزيًا في تحول الطاقة، إذ يستخدم هذا القطاع في الاتحاد الأوروبي نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، في الغالب بصفته مادة وسيطة لصنع الأسمدة.
وبالطبع، لا يمكن لأوروبا التوقف عن استخدام الأسمدة فقط، لأنها ضرورية للمساعدة في ضمان الأمن الغذائي للاتحاد الأوروبي.
الأمن الغذائي
وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي، تضاعف عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدامًا حادًا للأمن الغذائي بأكثر من 3 أضعاف بين عامي 2017 و2021، ويمكن أن يرتفع بنسبة 17% إلى 323 مليونًا هذا العام نتيجة للأزمة في أوكرانيا.
وكان الارتفاع في أسعار المواد الغذائية منذ منتصف عام 2021 مدفوعًا بعوامل مثل انتعاش الطلب بعد التعافي العالمي من تبعات جائحة كورونا، ومن ناحية أخرى، أضاف الغزو الروسي لأوكرانيا إلى الضغط المتزايد على سلاسل الإمداد الغذائي.
وتُعد روسيا وأوكرانيا مصدرين رئيسين للأغذية -يمثلان معًا ما يقرب من 30% من صادرات القمح العالمية- ويؤديان دورًا رئيسًا في الإمداد العالمي بالأسمدة.
وأدى الحصار الروسي لمواني البحر الأسود إلى تعطيل صادرات المواد الغذائية والسلع الأخرى من أوكرانيا، في حين أن العدوان العسكري الأوسع يُعرض محصول هذا العام للخطر.
كما أدت الحرب إلى ارتفاع أسعار الطاقة، الأمر الذي كانت له آثار غير مباشرة على سلاسل الإمداد الغذائي من خلال ارتفاع فواتير الطاقة وارتفاع أسعار الأسمدة، وهو ما يجعل من الأمونيا الخضراء سلاحًا اقتصاديًا وتأمين احتياجات دول أوروبا من الغذاء.
موضوعات متعلقة..
- الهيدروجين والأمونيا الخضراء في المغرب.. شركة فرنسية تستثمر 11 مليار دولار
- الأمونيا الخضراء.. العصا السحرية في تحول الطاقة
اقرأ أيضًا..
- 8 خبراء يحللون لـ"الطاقة"; مستقبل أوبك+ وإنتاج السعودية في ظل العقوبات ضد روسيا
- ليلى بنعلي لـ"الطاقة": المغرب ينفذ مشروعات كهرباء وطاقة نظيفة عملاقة.. بالأرقام