أهم المقالاتالتغير المناخيرئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات التغير المناخي

افتقار أميركا إلى سياسة طاقة منطقية يقود إلى كارثة (مقال)

مارك ماثيس – ترجمة نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • المحكمة العليا الأميركية قضت بتجاوز وكالة حماية البيئة سلطتها بإصدارها قانون الهواء النظيف.
  • عندما يتولى رئيس "ديمقراطي" منصبه فإنه يعين مدافعين آخرين ضد الوقود الأحفوري.
  • الرئيس "الجمهوري" قد يحاول عرقلة سياسة "كراهية النفط والغاز الطبيعي والفحم".
  • البيروقراطيون في وكالة حماية البيئة يتعاون مع النشطاء خارج الوكالة.
  • غيرت حرب روسيا على أوكرانيا صورة الطاقة لدى ألمانيا وأوروبا إلى حد كبير.

شعر العديد من الأشخاص المهتمين بمستقبل الطاقة في أميركا بالسعادة مؤخرًا، وانتابني الشعور نفسه، فقد قضت المحكمة العليا بأن وكالة حماية البيئة قد تجاوزت سلطتها بموجب "قانون الهواء النظيف" عندما أنشأت ما يُسمى "خطة الطاقة النظيفة".

إنني أُثني على قرار المحكمة العليا الأميركية، فقد حان الوقت لتتراجع وكالة حماية البيئة عن خطتها.

وعلى الرغم من أنني لست متحمسًا -مثل معظم الأشخاص الذين يتفقون معي في أولويات الطاقة في أميركا- فإن هذا الموقف لا يمثل تحديًا بالنسبة لي.

ولم تكن لدى أميركا سياسة طاقة منطقية وطويلة الأجل منذ عقود؛ لأن وكالة حماية البيئة ووزارة الداخلية ووزارة الطاقة تُملي سياسة البلاد.

وتزخر هذه الوكالات بالموظفين البيروقراطيين، الذين يتضاعف عددهم؛ لأنهم نشطاء مناهضون للوقود الأحفوري.

عندما يتولى رئيس "ديمقراطي" منصبه، فإنه يعيّن مدافعين آخرين ضد الوقود الأحفوري في مناصب قيادية في مجلس الوزراء، وتنطلق البلاد بسرعة كبيرة نحو مدينة الطاقة الفاضلة المتخيلة لتوربينات الرياح والألواح الشمسية والسيارات الكهربائية.

وعندما يتولى رئيس "جمهوري" مقاليد السلطة، قد يحاول إبطاء السياسة المناهضة للنفط والغاز الطبيعي والفحم، لكن سلطته تصبح محدودة جراء سلوك الموظفين البيروقراطيين، الذين يوظفون جميع أنواع الأدوات التقنية والقانونية لتعطيل العملية.

تداعيات قرار المحكمة العليا الأميركية

رفضت المحكمة العليا الأميركية، بقرار 6 ضد 3 أصوات، قانونًا صادرًا عن وكالة حماية البيئة في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما بدءًا من عام 2015.

وينص هذا القانون على أنه يتعيّن على مزودي الكهرباء الحاليين، الذين يستخدمون الفحم أن يختاروا "أفضل نظام لخفض الانبعاثات"، أو دعم توليد الكهرباء الجديد باستخدام الغاز الطبيعي أو طاقة الرياح أو مصادر الطاقة الشمسية.

أميركا
محطة توليد كهرباء بالفحم في بريطانيا - الصورة من BBC

وأشار القانون إلى أن محطات توليد الكهرباء بالفحم (وبعض المحطات التي تعمل بالغاز الطبيعي) يجب أن تدفع إلى شركات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، للمساعدة في إخراج محطات من الخدمة والتخلص منها.

فهل ترون ذلك منطقيًا؟ بالطبع لا. ولم يكن ذلك الإلزام منطقيًا بالنسبة إلى أغلبية أعضاء المحكمة العليا.

وعلى الرغم من أن قرار المحكمة العليا يشجعني، فإنني لست مبتهجًا تمامًا.

أعتقد جازمًا أن الموظفين البيروقراطيين داخل وكالة حماية البيئة يعملون مثل خلية النحل، إذ يتعاونون مع مجموعات الوقود الخارجية المضادة للوقود الأحفوري لتحقيق أهداف سياستهم.

وأؤكد أن الموظفين البيروقراطيين في وكالة حماية البيئة يعملون عن قرب مع النشطاء خارج الوكالة. إن هذه الحقيقة راسخة وتم الكشف عنها عدة مرات، خصوصًا في تقرير "نادي الملياردير" الصادر عن مجلس الشيوخ لعام 2014.

على ضوء ذلك، يتمتع الموظفون البيروقراطيون (والمتعاونون معهم من النشطاء) بأكبر سيطرة على سياسة الطاقة في الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، كان للبيروقراطيين اليد العليا منذ عقود، لكن الأمور تتغير بسرعة.

لنأخذ في الحسبان ما يحدث في أستراليا. فقد وعد رئيس الوزراء الجديد المواطنين بأن البلاد ستتحرك بأسرع ما يمكن نحو طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

عندما نتحدث عن واقع الطاقة، تُعدّ أستراليا بلدًا غنيًا بطاقة الرياح، ويتحول ذلك إلى مشكلة كبيرة عندما لا تهب الرياح، وهو ما حدث مؤخرًا.

وعلى الرغم من أن أستراليا تعاني أزمة كهرباء، يلقي قادتها باللوم في أسباب الأزمة على محطات الفحم، التي يوقفونها عن العمل بصورة ممنهجة.

يمكن فقط للأشخاص الذين يسعون وراء تخيلات الطاقة ويتناقضون مع واقع الطاقة أن يقبلوا هذا النوع من التفكير غير المنطقي.

هل ينبغي أن أذكر مرة أخرى ما يحدث في أوروبا، وتحديدًا ألمانيا؟

تُجدر الإشارة إلى أن ألمانيا، القوة الاقتصادية العظيمة، تدخل في مرحلة الركود. وقد أسهم في ذلك الارتفاع الهائل في سعر الغاز الطبيعي، ووصل إلى 700% في أوروبا منذ بداية عام 2021.

وتنطوي أسعار الغاز الطبيعي على تأثير ضار في ألمانيا، لدرجة أن القادة قلقون من الشركات، ومن حرمان السكان من الغاز الطبيعي؛ ما قد يؤدي إلى انهيار اقتصادي، ناهيك بأزمة في الأمن القومي.

وكما أشرت في المقالات السابقة، غيّرت حرب روسيا على أوكرانيا صورة الطاقة لدى ألمانيا وأوروبا، وفي العالم بأسره.

وقد وضعت ألمانيا نفسها في هذا الموقف عَمْدًا عندما أصر قادتها على اتباع حملة لخفض الانبعاثات، وكانت الحملة منافية للواقع.

الولايات المتحدة تتجاهل الكوارث

تسير الولايات المتحدة على مسار أستراليا وأوروبا نفسه. ويُعدّ تجاهل السياسيين والبيروقراطيين لهذه الكوارث أمرًا واقعًا، معتقدين أن أميركا مختلفة إلى حد ما.

إن الولايات المتحدة ليست استثناء، ولن تحقق الحياد الكربوني في توليد الكهرباء في البلاد بحلول عام 2035. ولا يعود الأمر إلى أن المحكمة العليا الأميركية ألغت "خطة الطاقة النظيفة".

أميركا
أبراج كهرباء - الصورة من رويترز

ولن يتحقق هدف الحياد الكربوني (والعديد من الأهداف الأخرى) لمجرد أن أنظمة الشبكات المنهكة في أميركا تنهار بوتيرة متزايدة، بسبب وجود عدد كبير جدًا من توربينات الرياح والألواح الشمسية غير الموثوق بها وعدم وجود كهرباء موثوقة كافية من الفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية.

في المقابل، عندما يتحول انقطاع التيار الكهربائي العَرَضي إلى انقطاع مستمر للتيار الكهربائي -وهو أمر سيحدث عاجلًا وليس آجلًا- ستتغير الأولويات كما حدث في أستراليا وأوروبا.

لقد وضع القرار الجديد للمحكمة العليا مطبًّا لتخفيف السرعة في طريق النشطاء المناهضين للوقود الأحفوري في وكالة حماية البيئة.

وعلى الرغم من كل الحماس الشديد، فإنهم ليسوا قلقين لأنهم يعرفون أنهم ما زالوا يديرون شؤون العرض.

وأرى أن نوعًا جديدًا من المنافسات الشاقة على وشك الانطلاق، ولم يتعرض النشطاء السياسيون والبيروقراطيون إلى اختبار قوي ومنافسة حاسمة قبل ذلك. وعليهم الاستعداد لخوض التجارب القاسية.

* مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق