بدأت مفاوضات لرفع أسعار الغاز الجزائري، في محاولة من الدولة للاستفادة من الارتفاع القياسي للأسعار في السوق الفورية مؤخرًا.
فقد أعلن المدير العام لشركة النفط والغاز الجزائرية سوناطراك، توفيق حكار، اليوم الأحد 3 يوليو/تموز، أن الشركة تتفاوض مع عملائها في مختلف أنحاء العالم، لمراجعة الأسعار، نافيًا أن يكون الهدف من المراجعة "دولة بعينها".
*(التحديث أعلاه بتاريخ الأحد 3 يوليو/تموز).
كانت قد تواترت أنباء قبل أيام، أن شركة سوناطراك تدرس رفع أسعار الغاز الجزائري إلى عملائها في أوروبا، للاستفادة من أسعار الغاز العالمية التي سجلت مستويات مرتفعة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
يأتي ذلك في خطوة تهدف إلى الاستفادة من الزيادات الكبيرة في أسعار الغاز بعقود الجزائر طويلة الأجل مع المشترين الأوروبيين.
خيارات سوناطراك
تدرس سوناطراك عدة خيارات لرفع أسعار الغاز الجزائري إلى عملائها في أوروبا من بينها ربط جزئي بأسعار الغاز الفورية في العقود التي ارتبطت تاريخيًا بسعر خام برنت.
ودخلت الشركة الجزائرية في مفاوضات مع عدد من الشركات الأوروبية، ناتورغي، وسيبسا، وإنديسا من إسبانيا، وناتورغي البرتغالية، وإنجي الفرنسية، وهي تلك الشركات التي تتلقى إمدادات الغاز الجزائري عبر خط أنابيب ميدغاز.
وتضمن الصيغ التي تتعامل بها شركة النفط والغاز الجزائرية 3 خيارات رئيسة:
- العمل بعقود الغاز حسب مؤشر تي تي إف الهولندي، التي ترتبط بالأسعار الفورية.
- ربط أسعار الغاز الجزائري بسعر خام برنت.
- المزج في العقود بين الأسعار الفورية، وفقًا لعقود الغاز الهولندية وأسعار برنت.
وقالت مصادر: "إنهم يتعاملون مع كل شيء، ويحتفظون بصيغ برنت، وصيغ عقود الغاز (مؤشر تي تي إف)، ويطالبون بزيادة مماثلة للزيادة في أسعار الغاز الدولية والعذر أن عقود الغاز الهولندية باهظة الثمن"، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
وعادة، تستند الأسعار على المدى الطويل إلى متوسطات طويلة الأجل بدلًا من الأسعار الفورية.
أزمة الغاز في أوروبا
أدى القلق بشأن إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، لارتفاع قياسي لشهر وأيام مقبلة في عقود الغاز الهولندية بأكثر من 80% و110% على التوالي حتى الآن هذا العام.
ومع وصول السوق إلى مستويات قياسية في مارس/آذار بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ارتفع مزيج برنت 55% في المدة نفسها، حسبما ذكرت رويترز.
وزادت أهمية دور الجزائر بصفتها موردًا للغاز إلى إيطاليا وإسبانيا ودول جنوب أوروبا الأخرى، بسبب الصراع في أوكرانيا وفرض أوروبا عقوبات على موسكو.
وخفضت روسيا -مؤخرًا- الإمدادات إلى أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 إلى 40% من طاقتها، مع تحذير السياسيين من إمكان تعليق التدفقات بالكامل.
وتحاول الجزائر وبائعون آخرون إيجاد طرق لتعويض الإيرادات المفقودة الناتجة عن اعتماد العقود طويلة الأجل على مؤشر تسعير واحد.
مراجعة أسعار الغاز
تأتي مراجعات أسعار الغاز الجزائري في وقت صعب بالنسبة إلى أوروبا، إذ تتدافع الدول لملء مرافق التخزين قبل موسم التدفئة الشتوي ووضع خطط طوارئ للاضطراب المحتمل للتدفقات الروسية.
وتتمتع سوناطراك بقدرة تفاوضية قوية، إذ إنها تعد موردًا رئيسًا للغاز، وتدرك أن أوروبا بحاجة إليه، كما يدرك المشترون أنهم عالقون بين المطرقة والسندان.
وكان وزير الطاقة محمد عرقاب قد أكد -في تصريحات مؤخرًا- أنه يُعاد تقييم أسعار الغاز الجزائري المُصدَّر إلى إسبانيا، مرة كل 3 سنوات من حيث الحجم والسعر.
وأشار إلى تجديد بلاده في الآونة الأخيرة العقود مع إيطاليا وزيادة السعة، والآن حان دور إسبانيا.
وأوضح أن السعر العالمي للغاز يتبع سعر النفط، وعندما ترتفع أسعار الخام -كما هو الحال الآن- ترتفع أسعار الغاز كذلك، لذلك من الواضح أن الزيادة قيد المناقشة.
اتفاقيات البيع والشراء
قال العضو المنتدب لشركة الاستشارات كابرا إنرجي، تامير دروز، إن عملاء سوناطراك الخاضعين لمؤشر برنت حصلوا على خصم كبير مقارنة بعقود الغاز الهولندية المعمول بها في أوروبا ومؤشرات الغاز العالمية الأخرى.
وشدد على أن أحكام مراجعة الأسعار في اتفاقيات البيع والشراء تسمح لشركة سوناطراك باسترداد جزء من الدخل المفقود.
وأدت زيادة الطلب على الطاقة إلى توقعات بارتفاع عائدات النفط والغاز بعد سنوات من تراجع مبيعات النفط، ما قلّص احتياطيات النقد الأجنبي.
ومن المتوقع أن ترتفع عائدات الطاقة في البلاد إلى 50 مليار دولار بحلول نهاية عام 2022، من 35.4 مليار دولار في عام 2021.
ومن جانبه، قال خبير صناعة الغاز في أوابك، وائل عبدالمعطي، في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "تطور مهم جدًا للجزائر في عقود بيع الغاز مع الشركاء الأوروبيين".
وتابع: "في الحقيقة هذا وقته تمامًا.. الغاز الجزائري يقدم بأسعار منخفضة عن الأسعار السائدة الحالية، ويحق للجزائر عمل مراجعة السعر حسب بنود الاتفاقيات المتعارف عليها".
ويُشار إلى أن الغاز الجزائري يتدفق إلى أوروبا عبر 3 خطوط أنابيب، خط أنابيب (ترانسمد)، الذي ينقل الغاز إلى إيطاليا عبر تونس، وخطين إلى إسبانيا؛ "ميدغاز" مباشرة إلى مدريد، وخط أنابيب الغاز المغربي وأوروبا الذي يمرّ عبر المغرب، وتوقَّفَ الضخّ به منذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (2021) لخلافات دبلوماسية بين البلدين.
موضوعات متعلقة..
- الغاز الجزائري.. إسبانيا تطالب بزيادة حصتها و"سوناطراك" تراجع الأسعار
- ما الدول العربية المستفيدة من أسعار الغاز التاريخية؟.. قطر والجزائر الأبرز
اقرأ أيضًا..
- مصر تستحوذ على ثلثي صادرات زيت الوقود للسعودية.. الأكبر في 6 سنوات
- الطاقة المتجددة بحلول 2030.. الجزائر تنافس المغرب على الصدارة العربية