خبير أوابك: وقود الهيدروجين حل مثالي لقطاع النقل.. وتجارب رائدة للإمارات والسعودية
أحمد بدر
يتزايد التوجه العالمي حاليًا نحو استخدام وقود الهيدروجين، بوصفه آمنًا ونظيفًا وأكثر موثوقية، ولكن هذا الإقبال لا ينفي وجود مشكلات ومخاطر لاستخدامه، في توقيت تُقدّم فيه الدول العربية، وفي مقدّمتها الإمارات والسعودية، تجارب رائدة في هذا المجال.
ويوضح خبير الهيدروجين والصناعات الغازيّة في منظمة الأقطار العربية المصدّرة للبترول "أوابك"، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، خلال مشاركته في برنامج "أنسيات الطاقة" في تويتر، مع مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، أفضل طرق استخدام الهيدروجين والمشكلات والمخاطر المرتبطة بها.
وقال المهندس وائل، إن هناك حاجة إلى شرح المشكلات المتعلقة باستخدام وقود الهيدروجين، وما إذا كانت التكنولوجيا الحالية كافية ووافية للانتقال، وإنشاء سلسلة توريد سلسلة للهيدروجين، على غرار أنواع الوقود الأخرى مثل النفط والغاز.
طرق استخدام الهيدروجين
لفت خبير أوابك إلى أن الهيدروجين يمكن استخدامه في شكل وقود أو مادة خام، وحال استخدامه في صورة وقود يكون ذلك بطريقتين، إما بحرقه بشكل مباشر في محركات تشبه محركات الاحتراق الداخلي في السيارات، أو استخدامه فيما يسمى بـ"خلايا الوقود".
وأوضح أن "خلايا الوقود" هي العملية العكسية لعملية استخراج الهيدروجين من الماء بالتحليل الكهربائي، إذ إنه في هذه الحالة يكون لدينا وقود الهيدروجين في خزّانات السيارات -مثلًا- وندمجه مع الأكسجين من الهواء الجوي، الأمر الذي ينتج عنه تفاعل بين الهيدروجين والأكسجين، ينتج عنه تيار كهربائي يؤدي إلى تحريك السيارة، مع تكوين بخار ماء.
وأضاف: "من ثم فإن مفهوم خلية الوقود، عكس عملية إنتاج الهيدروجين، ففي الحالة الثانية ينتج الهيدروجين من التحليل الكهربائي للماء بفصل الهيدروجين عن الأكسجين، وفي الحالة الثانية ندمج الهيدروجين مع الأكسجين لتوليد تيار كهربائي نستخدمه في تحريك السيارة".
الهيدروجين في قطاع النقل
قال المهندس وائل عبدالمعطي، إن الاستخدام الأفضل لوقود الهيدروجين يكون في قطاع النقل، لعدّة أسباب، أبرزها أن السيارات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني تتفوق على تلك التي تعمل بالوقود الأحفوري في إمكان السير لمسافة أطول قد تصل إلى 530 كيلومترًا، وهذا الرقم يقلّ إلى 300 كيلومتر في حال استخدام السيارات الكهربائية.
وأشار إلى أن هذه المسافة تقطعها السيارة في حالة ملء خزان الوقود بما يصل إلى 4 أو 5 كيلوغرامات من الهيدروجين، وهي سعة الخزان العادية.
بالإضافة إلى ذلك، وفق عبدالمعطي، فإن المنتج الثانوي الناتج عن احتراق وقود الهيدروجين داخل محرك السيارة هو بخار الماء، ومن ثم فإنه يكون صديقًا للبيئة بنسبة 100%.
تجارب الدول العربية
أجاب خبير أوابك المهندس وائل حامد عبدالمعطي، عن سؤال للدكتور أنس الحجي، حول التجارب الرائدة للدول العربية في هذا المجال، قائلًا: إن "بعض الدول العربية، وتحديدًا الإمارات والمملكة العربية السعودية، لها بعض التجارب الناجحة في استخدام السيارات الهيدروجينية".
وبدأت الإمارات التوجه إلى وقود الهيدروجين في عام 2017، من خلال أسطول مكون من 3 سيارات، وبدورها امتلكت السعودية محطتين تعملان بخلايا الوقود في منطقة الظهران، وهما تجربتان رائدتان في المنطقة العربية.
وأوضح أنه في الوقت الحالي توجد نحو 25 ألف مركبة تعمل بخلايا الوقود حول العالم، وهناك تجارب ناجحة لبعض شركات السيارات، حتى تلك المتخصصة في محركات الاحتراق الداخلي مثل شركة "تويوتا"، في استخدام وقود الهيدروجين.
وبحسب إحصائيات أوابك، فإن الأهداف المعلنة من الدول التي تتجه لاستخدام وقود الهيدروجين في قطاع النقل، وسنجد أن هناك توجهًا إلى إنتاج نحو 10 ملايين مركبة بحلول عام 2030.
مخاطر استخدام الهيدروجين
قال خبير الهيدروجين والصناعات الغازيّة في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، إن الهيدروجين له عدّة مشكلات فنية.
وأوضح أنه بطبيعة الحال -بصفته مادة- له مشكلتان أساسيتان، الأولى أنه سريع الاشتعال، "وهنا نقول، إنه لكي يحدث اشتعال لأيّ مادة تنتشر، يجب توفر 3 عناصر، الأول هو مادة قابلة للاشتعال، والثاني هو الأكسجين، والثالث مصدر للاشتعال، فكلما كان مدى اشتعال المادة قليلًا، كانت أكثر أمانًا".
وأضاف: "مشكلة الهيدروجين هنا أن مدى اشتعاله كبير جدًا، إذ إنه كلما كان تركيزه من 4% إلى 74% في الهواء سيحدث اشتعال، ومن ثم فإن الاشتعال سيحدث مع تسرّب أيّ قدر من الهيدروجين في الهواء، وهذا الكلام لا ينطبق –مثلًا- على الغاز الطبيعي، الذي يتراوح مدى اشتعاله بين 6 و16%".
وشدد على أن استخدام وقود الهيدروجين في خلايا الوقود يكون أكثر أمنًا، لأنه هنا يكون داخل صهاريج محكمة، يُضغط الهيدروجين فيها أحيانًا إلى 350 ضغط جوي، وأحيانًا إلى 700 ضغط جوي، ومن ثم يمكن استخدامه دون مشكلات في السيارات.
كما إن الهيدروجين له قدرة تفجيرية، تصل إلى 2.5 مرة حجم القدرة التفجيرية للوقود الأحفوري، ومن ثَمَّ فإنه سيكون له معايير تتعلق بالأمن والسلامة أكثر صرامة مقارنة مع الوقود الأحفوري المعتاد، سواء كان سائلًا مثل الديزل والغازولين أو الغاز الطبيعي.
تكنولوجيا نقل واستخدام الهيدروجين
قال خبير أوابك، إن تكنولوجيا إنتاج ونقل وتخزين واستخدام وقود الهيدروجين متوفرة في الوقت الحالي، لكن الفكرة هنا تكمن في السعر والتكلفة.
وضرب عبدالمعطي مثالًا بتكنولوجيا إنتاج الخلايا الشمسية، التي كانت تكلفتها قبل 10 سنوات تبلغ 5 أضعاف قيمتها في الوقت الحالي، وهو ما كان يؤثّر قبل 10 سنوات في تكلفة الكهرباء المنتجة من هذه الخلايا، فاليوم تراجعت تكلفة الكهرباء المنتجة من الطاقة المتجددة بشكل كبير مع تراجع تكلفة الخلايا الكهروضوئية.
وأضاف: "الأمر نفسه ينطبق على الهيدروجين، فالتكنولوجيا موجودة بشكل أو بآخر، ولكن بتكلفة مرتفعة جدًا، فلكي يُنقل الهيدروجين بكميات ضخمة هناك خياران، إمّا ضغطه أو تسييله، على غرار عمليات تسييل الغاز".
- الهيدروجين منخفض الكربون.. السعودية والمغرب ومصر أبرز اللاعبين عربيًا
- أول سيارة كهربائية تعمل بخلايا وقود الهيدروجين في الهند (صور)
وأوضح المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أنه حال التوجّه إلى تسييل الهيدروجين، ستكون هناك حاجة إلى تبريده إلى 252 درجة مئوية تحت الصفر، ومن ثم فإن شروط الحصول على هيدروجين مسال صعبة جدًا، وفي حال التوجّه إلى ضغطه، ستكون هناك حاجة إلى مواد تستطيع استيعابه عن 700 ضغط جوي، إذ ستكون هناك حاجة إلى نقله في شاحنات ضخمة ستزيد أوزانها على الطرق.
لذلك، يشير خبير الهيدروجين والصناعات الغازيّة إلى أنه في كلا الحالتين ستكون هناك حاجة إلى إمكانات أكبر بتكلفة أكبر، موضحًا أن الابتكار خلال المدة القادمة سيكون في خفض تكلفة استخدامه ونقله وتخزينه.
نبذة تعريفية بالمهندس وائل حامد
خبير صناعات غازية في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك" منذ عام 2013، لديه خبرة متراكمة تصل لأكثر من 18 عامًا في مجال صناعة الغاز، تمتد من إدارة عمليات الغاز، مرورًا بتخطيط الإنتاج ونمذجة العمليات وهندسة النفط.
المهندس وائل، حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية وتكرير البترول، ودرجة الماجستير في هندسة النفط من جامعة البوليتكنيك في إيطاليا، ودبلومة إدارة الأعمال في إدارة المشروعات.
قبل التحاقه بمنظمة أوابك، شغل المهندس وائل منصب مدير إدارة الإنتاج في إدارة العمليات بشركة "بتروبل" في مصر، ولديه العديد من الدراسات والأوراق الفنية في مجال أسواق الغاز والهيدروجين، والتنمية المستدامة، والقضايا البيئية المرتبطة بصناعة النفط والغاز.
يشارك خبير أوابك في المؤتمرات والندوات وورش العمل المرتبطة بصناعة النفط والغاز على المستويين الإقليمي والدولي، وهو عضو بلجنة خبراء الغاز بالأمم المتحدة في جنيف منذ عام 2016، وحاصل على عدة جوائز دولية من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا.
والعام الماضي، حصل المهندس وائل على جائزة وكالة ستاندر آند بورز غلوبال بلاتس الأميركية لعام 2021 "جائزة النجم الصاعد العالمية"، ضمن جوائز المؤسسة العالمية المخصصة للأفراد المتميزين في قطاع الطاقة على مستوى العالم خلال عام 2021، إذ كان أول عربي يفوز بها، منذ تنظيم هذه الجائزة قبل 23 عامًا.
كما حصل على جائزة قائد المستقبل لقطاع الطاقة من مجلة بتروليوم إيكونوميست البريطانية.
اقرأ أيضًا..
- قصة "صفر" النفط البرازيلي في الصين (إنفوغرافيك)
- مسؤول: الغاز الجزائري لن يلبي الطلب الأوروبي كاملًا.. ونحن أحرار في التعاقد
- استثمارات النفط والغاز العالمية تواجه 5 عقبات جديدة (تقرير)
