انتقال الطاقة في تركيا قد يضمن للدولة 146 مليار دولار
بحلول عام 2040
هبة مصطفى
- 3 مسارات تعزز خطط التكيف مع انتقال الطاقة في تركيا (الكهرباء، والمباني، والنقل)
- يمكن لأنقرة تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2053
- البنك الدولي: يمكن تنفيذ الخطط المناخية والنمو الاقتصادي بالتوازي
- تركيا تحتاج إلى التخلص من أصول لمحطات فحم بتكلفة 4 مليارات دولار
- الأبنية الموفرة للطاقة تخدم الخطط المناخية وتخفض فواتير الكهرباء
في العادة تتكلّف الدول مبالغ طائلة للإنفاق على عمليات التحول الأخضر، لكن انتقال الطاقة في تركيا كان له رأي آخر، إذ توقع تقرير لمجموعة البنك الدولي أن تعود تلك الخطوة بمكاسب تصل إلى 146 مليار دولار بحلول عام 2040.
وربط تقرير المجموعة بين تحقيق تلك المنافع الاقتصادية وقدرة أنقرة على إنجاز خطوات جدية تتعلق بـ3 مسارات تسمح بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2053 بحسب الخطط الزمنية المُعلنة، وفق ما ورد بالموقع الإلكتروني للبنك الدولي (World Bank Blogs).
وبصورة إجمالية، خلص تقرير البنك الدولي إلى أن هناك فرصًا كبرى تنتظر التنمية الشاملة وانتقال الطاقة في تركيا، غير أنها تتطلب دعمًا سياسيًا معتمدًا على بيانات موثوقة وفاعلة، بجانب قدرة البلاد على مواجهة التحديات، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
عوائد اقتصادية وتوسع بالصادرات
حدّد تقرير البنك الدولي 3 مسارات يمكنها دعم عملية انتقال الطاقة في تركيا، لا سيما أن الدولة الواقعة بين قارتي آسيا وأوروبا يتعيّن عليها الاختيار بين مواصلة القطاعات أداءها بصورة اعتيادية دون الاعتداد بالتغيرات المناخية مع إمكان تعرضها لتداعيات تلك التغيرات، أو دعم انتقال الطاقة الأخضر.
وأكد التقرير الأول من نوعه لمجموعة البنك الدولي أن دعم انتقال الطاقة في تركيا يُسهم في تعزيز قابلية الاقتصاد للتكيف مع التغيرات المناخية وخطط التخلص من الكربون.
وبخلاف العوائد الاقتصادية، تطرّق التقرير -الذي حمل عنوان "المناخ والتنمية القطرية في تركيا"- إلى منافع إضافية لدعم عمليات انتقال الطاقة وتحقيق مستهدفات الحياد الكربوني، من ضمنها تعزيز عمليات التوظيف، والتوسع بالتقنيات الحديثة.
وبجانب التوظيف والتقنيات يمكن لدعم انتقال الطاقة في تركيا إتاحة فرص التوسع بالصادرات لا سيما في ظل قواعد الانبعاثات الحاكمة للتجارة.
وخلص التقرير إلى أن التصميم والتنفيذ القوي لخطط انتقال الطاقة في تركيا لا يُسهمان فقط بانتقال يسير، وإنما بجلب مكاسب ومنافع اقتصادية تُقدر بالمليارات أيضًا.
مسارات انتقال الطاقة في تركيا
أثبتت النتائج التي توصل إليها تقرير مجموعة البنك الدولي حول المناخ والتنمية القطرية أن الخطط المناخية والنمو الاقتصادي يمكن أن يسيرا جنبًا إلى جنب، -فقط- بإدراك الدول مخاطر التغيرات المناخية والعمل على معالجتها بتقنيات منخفضة الكربون، لتحويل دفتها من دول تركز على محاربة الفقر وتعزيز النمو إلى دول يمكنها تحقيق عوائد ومكاسب اقتصادية من انتقال الطاقة.
وفيما يلي 3 مسارات يمكن لخطط انتقال الطاقة في تركيا التركيز عليها، ولخصها التقرير في دمج تقنيات التحول بقطاعات (الكهرباء، والبناء، والنقل).
- قطاع الكهرباء
قطاع الكهرباء هو من أكبر تحديات انتقال الطاقة في تركيا، إذ يُعد أكثر القطاعات إسهامًا في الانبعاثات بالبلاد، ويتطلب وضع القطاع على مسار الطاقة الخضراء اتباع خطوات عدة.
ومن ضمن تلك الخطوات وضع أنقرة حدًا زمنيًا لتشغيل محطات الكهرباء العاملة بالفحم بحلول عام 2040، والتوقف عن ضم محطات فحم جديدة إلى أصول الكهرباء بها، إلى جانب إضافة مصادر طاقة بديلة تكون أكثر نظافة وموثوقية وبأسعار ملائمة.
وتتطلب خطط تطوير قطاع الكهرباء التركي التركيز على جانب مهم حول أصول محطات الفحم العالقة، إذ تُشير التقديرات إلى أن قيمتها الاقتصادية تقارب 4 مليارات دولار، نظرًا إلى أن العمر الافتراضي لنحو 65% منها ينحدر دون 20 عامًا.
وبالنظر إلى ذلك، تكتسب قضية دعم الأصول أهمية كبرى ضمن إستراتيجية التعويضات المطلوبة لدعم انتقال الطاقة في تركيا.
وشدد التقرير على قدرة خطط انتقال الطاقة في تركيا وضع حد لانبعاثات قطاع الكهرباء، لا سيما أن أنقرة يمكنها الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالنظر إلى اعتبارات انخفاض تكلفتهما مقابل القدرة على تلبية الطلب المستقبلي.
وتتطلب خطط التحويل الأخضر -أيضًا- تعزيز قطاع الكهرباء باستثمارات تهتم بالتخزين وتطوير الشبكة.
- قطاع المباني
من شأن خطط انتقال الطاقة في تركيا خفض تكلفة البناء، بإجراء تعديلات تحديثية تدمج ما بين كفاءة الطاقة وقدرة الأبنية على مقاومة الزلازل.
وتوقع تقرير مجموعة البنك الدولي نمو أصول المباني التركية إلى 17 مليون مبنى بحلول عام 2050، ارتفاعًا من 9.9 مليون مبنى بالآونة الحالية.
ومن جانب آخر، يدعم الاعتماد على التوسع بالأبنية الموفرة للطاقة ذات الأنظمة المستدامة للتبريد والتدفئة الاتجاه نحو خفض فواتير الكهرباء للأسر والشركات إلى جانب مراعاة الاعتبارات الصحية.
ولفت التقرير إلى إمكان دمج التقنيات والحصول على فوائد مزدوجة لتسريع وتيرة انتقال الطاقة في تركيا في قطاع المباني من خلال إجراء تطوير فوري على المباني الموفرة للطاقة.
وأشار إلى أنه يمكن خفض فاتورة التكلفة الإجمالية عبر تلك التطويرات الفورية التي تُسهم في التخلص من الكربون، وتسمح بإرجاء كهربة التدفئة حتى نهاية العقد الجاري.
- قطاع النقل
يكتسب إدراج قطاع النقل ضمن خطط انتقال الطاقة في تركيا أهمية كبرى، إذ إن تطويره لا يقتصر على خفض الانبعاثات فقط، وإنما يمتد لخفض تكلفة لوجستيات القطاع الصناعي ودعم نموه بمواصلة الاعتماد على "النقل بالشاحنات" كالمعتاد، لكن مع إضفاء تعديلات تزيد من كفاءة عمليات النقل دون الإسهام بحصص انبعاثات ضخمة.
وبجانب ذلك، يتعيّن على الإدارة التركية تطبيق سياسات مختلفة لخفض الانبعاثات من قطاع النقل ودعم النقل العام والسكك الحديدية، بالاعتماد على السيارات الكهربائية والشاحنات والقطارات والطيران الخالي من الانبعاثات والنقل البحري وخطوط أنابيب النقل.
ورصد التقرير نقل البضائع التركية بمعدل 4% فقط عبر السكك الحديدية خلال عام 2019 مقابل 17% للاتحاد الأوروبي، ما يتيح إمكان إجراء تطوير على نقاط الربط بين مرافق السكك الحديدية من جهة والمنشآت الصناعة والمواني والتجمعات الصناعية من جهة أخرى.
مقومات الانتقال
يحتاج تحقيق انتقال الطاقة في تركيا بطريقة سلسة وسريعة إلى التعامل مع متطلبات التكيف المؤقتة بالقطاعات الـ3 المذكورة، ومن ضمنها التيقن من موثوقية إمدادات الكهرباء والماء التي تُكبّد الاقتصاد خسائر 2.2% سنويًا من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن المتوقع زيادة رقعة الخسائر جراء استمرار حالة عدم اليقين تجاه موثوقية تلك الإمدادات.
وللتكيف مع مستويات تغير المناخ في أنقرة أجرت هيئة الأرصاد الجوية التركية تقييمًا لإعداد قاعدة بيانات تستند إليها على المستويات الإقليمية وأحواض المياه، بغرض رصد مخاطر المناخ والكوارث المتوقعة مسبقًا.
وبالتوازي مع تلك الخطوات، اقترح تقرير مجموعة البنك الدولي بدء العمل على زيادة الوعي المناخي للمواطنين وإتاحة الوصول إلى البيانات المتعلقة بالتغيرات والكوارث المناخية والمخاطر المحدقة بها.
وذكر التقرير أن التكيف مع الخطط المناخية والتخفيف من حدة آثار تغير المناخ، سواء عبر خطط قصيرة أو طويلة الأجل، يُكسب الاقتصاد التركي قدرًا من المرونة.
اقرأ أيضًا..
- 3 دول وراء انخفاض إنتاج أوبك النفطي لأول مرة في 15 شهرًا
- أنظار أوروبا على غاز شرق المتوسط.. وتوقيع صفقة غدًا في القاهرة
- تدوير بطاريات السيارات الكهربائية عدة مرات للاستفادة من الخامات