الاندفاع الجامح لإنتاج الغاز يقوّض فرص الحد من الانبعاثات (تقرير)
أزمة الطاقة تدفع أوروبا لغض الطرف عن الأهداف المناخية
نوار صبح
- لن يُبنَى الكثير من المشروعات في الوقت المناسب لمواجهة أزمة الطاقة الحالية.
- مشروعات الغاز الجديدة ستزيد من الانبعاثات على المدى الطويل.
- طالب العلماء بخفض انبعاثات غازات الدفيئة العالمية إلى النصف بحلول عام 2030.
- شركات النفط والغاز في العالم جَنَت مبالغ طائلة بسبب ارتفاع أسعار الطاقة.
كشفت الأشهر الأخيرة عن أزمة طاقة كبرى، طالت العديد من دول العالم، ودفعت إلى وضع خطط وإستراتيجيات لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي؛ لمواكبة الطلب المتزايد، في وقت هدأت فيه الدعوات والنعرات المطالبة بتحول الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وكشف تقرير جديد أصدرته مؤسسة الأبحاث والتحليل العلمي "كلايمت أكشن تراكر" (سي إيه تي) المستقلة عن أن ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، واضطراب الإمدادات، أدّيا إلى زيادة الاستثمار في مشروعات النفط والغاز.
وأشار التقرير، الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، إلى أن من شأن هذه المشروعات الجديدة تقويض جهود الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وركّز التقرير على عدد كبير من مشروعات الغاز الجديدة، التي لن يُبنَى الكثير منها في الوقت المناسب لمواجهة أزمة الطاقة الحالية، وبيّن أنها ستزيد من الانبعاثات على المدى الطويل وتجعل العالم معتمدًا على البنية التحتية كثيفة الكربون لعقود مقبلة.
وأشار التقرير إلى مشروعات جديدة للغاز الطبيعي المسال في أوروبا وتحديدًا في ألمانيا وإيطاليا واليونان وهولندا.
وفي إطار خطة "ريباور إي يو"؛ يعتمد الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي المسال ليحل محل الكميات الكبيرة من الغاز التي يشتريها حاليًا من روسيا.
وخُصِّصَ نحو 12 مليار يورو (12.64 دولارًا) لمشروعات خطوط أنابيب الغاز والبنية التحتية لتأمين إمدادات الطاقة، إضافة إلى بناء المزيد من مصادر الطاقة المتجددة.
نتائج التقرير
أشار التقرير الجديد الصادر عن مؤسسة "كلايمت أكشن تراكر" إلى الولايات المتحدة، التي وقّعت صفقة إضافية لتصدير غاز طبيعي مسال إلى الاتحاد الأوروبي، من خلال زيادة الجهود في مجال التكسير المائي (الهيدروليكي).
بدورها، وقّعت ألمانيا وإيطاليا اتفاقيات لتوريد الغاز مع قطر، كما فعلت مصر، الدولة المضيفة لقمة المناخ المقبلة كوب 27 في شرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
- باحث فرنسي: الجزائر ومصر تعوضان أوروبا عن إمدادات الغاز الروسي
- وزيرة البيئة المصرية تبحث مع جون كيري استعدادات قمة المناخ كوب 27
وأفاد التقرير بأن العلماء أكدوا أن التحول نحو بدائل منخفضة الكربون في غضون السنوات القليلة المقبلة هو الطريقة الوحيدة لتفادي تدهور حالة المناخ.
وقال الباحث لدى معهد نيو كلايمت التابع لمؤسسة "كلايمت أكشن تراكر"، نيكلاس هون: إن العالم يشهد اندفاعًا جامحًا لإنتاج الغاز الأحفوري الجديد وخطوط الأنابيب ومنشآت الغاز الطبيعي المسال؛ الأمر الذي سيطيل مدة الاعتماد على مصادر عالية الانبعاثات لعقد آخر من الزمن.
زيادة إنتاج الغاز الطبيعي
زاد إنتاج الغاز الطبيعي في كندا والولايات المتحدة والنرويج وإيطاليا واليابان، وتخطط كندا لإنتاج الغاز الطبيعي المسال الجديد والبناء السريع لمحطات الإسالة لتلبية الطلب على الصادرات، حسب بيانات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتشهد المملكة المتحدة توسعًا ملحوظًا في إنتاج الغاز والنفط في بحر الشمال؛ إذ فرضت الحكومة ضريبة غير متوقعة على الصناعة التي تحتوي على ثغرة تشجع الشركات على الاستثمار في إنتاج جديد، وفقًا لما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وتُحيِي نيجيريا مشروعات خطوط أنابيب الغاز المؤجلة، وتسعى السنغال ودول أخرى إلى استكشاف احتياطياتها من الغاز.
تجدر الإشارة إلى أن شركات النفط والغاز في جميع أنحاء العالم جنت مبالغ طائلة بعد أن أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات عالية جديدة بالتزامن مع تعافي العالم من الصدمة الاقتصادية لوباء كورونا "كوفيد-19".
الاعتبارات البيئية
يأتي الاندفاع الجامح لإنتاج الغاز في الوقت الذي طالب فيه العلماء بخفض انبعاثات غازات الدفيئة العالمية إلى النصف بحلول عام 2030، وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي.
وترى بعض الدول أن إنتاج الغاز له دور في التحول إلى الطاقة النظيفة؛ إذ ينتج الغاز كمية أقل من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالفحم.
وقبل نحو عام من الآن، حذّرت وكالة الطاقة الدولية من أنه لا يمكن إجراء استكشاف جديد للنفط والغاز بدءًا من هذا العام فصاعدًا، إذا كان العالم سيحافظ على الحرارة العالمية دون مستوى 1.5 درجة مئوية.
علاوة على ذلك، وجد بحث منفصل أن التحول المباشر من الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة يُعَد أرخص تكلفة من استخدام الغاز باعتباره وقودًا انتقاليًا، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة كلايمت أناليتكس لتحليلات المناخ، بيل هير، إن العالم يكرر الخطأ الذي ارتُكب بعد انتشار وباء "كوفيد-19".
وأشار بيل هير إلى العديد من السياسات البديلة التي يجب على الحكومات استخدامها، مثل تحسين كفاءة الطاقة، وتكثيف الطاقة المتجددة وتعزيز وسائل النقل العام وفرض ضرائب غير متوقعة على الأرباح الوفيرة لشركات الوقود الأحفوري.
وحذر تقرير مؤسسة "كلايمت أكشن تراكر" من أن العديد من البلدان تجاهلت هذه الاعتبارات وركزت على استجابات إمدادات الطاقة قصيرة الأجل.
اقرأ أيضًا..
- هل يتوقف تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا؟.. ومدريد تهدد بالتحكيم الدولي
- منجم السكري.. هل يصبح أحد أكبر 10 مناجم ذهب عالميًا؟