إعادة تدوير البطاريات تضمن تأمين المعادن الضرورية مستقبلًا
نوار صبح
- • تشغيل أسطول المركبات الأميركية بالكهرباء قد يكون أمرًا صعبًا
- • يستغرق الأمر 16.5 عامًا لاستثمار منجم جديد من التخطيط إلى الإنتاج
- • يُنتَج معظم المعادن اللازمة للمركبات الكهربائية في عدد قليل من البلدان
- • استند بايدن إلى قانون الإنتاج الدفاعي لزيادة استخراج معادن بطاريات المركبات الكهربائية
- • تقنيات الطاقة النظيفة أصبحت الجزء الأسرع نموًا من الطلب
- • السياسات الحكومية والتمويل ضروريان لإنشاء سلسلة توريد لإعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية
في مطلع شهر مايو/أيار الماضي، أعلنت الحكومة الأميركية أنها ستقدّم أكثر من 3 مليارات دولار لتعزيز الإنتاج المحلي لبطاريات المركبات الكهربائية.
وتُسهم إعادة تدوير البطاريات في تأمين إمدادات المعادن المهمة مستقبلًا، وذلك نظرُا لاستثمار الحكومات في المركبات الكهربائية التي تشهد مبيعاتها نموًا ملحوظًا.
وأُعلن العرض بصفته محور صناعة المركبات الأميركية لتلبية هدف الرئيس الأميركي جو بايدن بأن تكون نصف المبيعات في أميركا بحلول عام 2030 من السيارات الكهربائية، حسب تقرير نشره موقع إنرجي مونيتور.
ويرى محللون أن تزويد أسطول المركبات الأميركية بالكهرباء قد يكون أمرًا صعبًا، إذ يحذّر الخبراء من وجود فجوة بين الإنتاج والطلب المستقبلي على المعادن المهمة اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية.
سلسلة توريد البطاريات
في حين تزدهر مبيعات المركبات الكهربائية، يعدّ توسيع نطاق التعدين على المدى القصير أمرًا صعبًا.
ويستغرق الأمر لاستثمار منجم جديد من التخطيط إلى الإنتاج، وهو ما يستغرق 16.5 عامًا في المتوسط.
بالإضافة إلى ذلك، تُنتَج معظم المعادن اللازمة للمركبات الكهربائية في عدد قليل من البلدان، مما يجعل سلسلة التوريد عرضة لتقلّب الأسعار والاضطرابات.
لهذا السبب أعلنت إدارة الرئيس الأميركي، بايدن، برنامجًا منفصلًا بقيمة 60 مليون دولار لإعادة تدوير البطاريات في أوائل مايو/أيار 2022.
ويمكن إنشاء سلسلة توريد محلية ثانوية مستقلة عن سلسلة توريد التعدين، من خلال إعادة استخدام المواد الموجودة في البطاريات منتهية الصلاحية.
سوق إعادة تدوير البطاريات
بلغت قيمة سوق إعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية العالمية نحو 139 مليون دولار في عام 2017، ومن المتوقع أن تنمو إلى 2.27 مليار دولار بحلول عام 2025، وفقًا لمحللي شركة أبحاث السوق العالمية "ألايد ماركت ريسيرتش" في الولايات المتحدة.
وأصبحت الحاجة إلى استقلالية وأمن الإمدادات أكثر إلحاحًا منذ غزو روسيا لأوكرانيا، إذ دفعت الانقطاعات الأولى لشحنات الغاز إلى بولندا وبلغاريا، ومؤخرًا فنلندا، البلدان إلى البحث عن بدائل.
وقبل شهر من إعلان زيادة مبيعات على بطاريات المركبات الكهربائية بقيمة 3 مليارات دولار، استندت إدارة بايدن إلى قانون الإنتاج الدفاعي لزيادة استخراج معادن بطاريات المركبات الكهربائية.
وهذا يمنح الحكومة قدرة كبيرة للوصول إلى التمويل لدعم التعدين والمعالجة وإعادة التدوير للمعادن المهمة.
في المقابل، كانت الولايات المتحدة تعتمد اعتمادًا كاملًا على الواردات بنسبة 100% للغرافيت والمنغنيز في عام 2021، يليه 75% للكوبالت، ونحو 50% للنيكل، وأكثر من 25% للّيثيوم، وفقًا لهيئة المساحة الجيولوجية الأميركية (يو إس جيولوجيكال سيرفي).
صنع البطاريات والبصمة الكربونية
قالت أستاذة الهندسة الجزيئية في جامعة شيكاغو وكبيرة العلماء في مختبر أرغون الوطني، شيرلي مينغ: "إن تمويل الإدارة الحكومية يمكن أن يساعد بجذب المزيد من الشركات في أميركا الشمالية لتصنيع وإعادة تدوير البطاريات".
ودعت إلى تصنيع وإعادة استخدام وإعادة تدوير البطاريات في المناطق المجاورة للمستهلكين، مشيرة إلى ان طريقة صنع البطاريات واستخدامها تُحدث فرقًا جوهريًا في بصمتها الكربونية، حسبما نشر موقع إنرجي مونيتور في 1 يونيو/حزيران الجاري.
بدورها، قالت وزيرة الطاقة الأميركية، جينيفر غرانهولم، في بيان صحفي يوم 2 مايو/أيار الماضي: "إن وضع الولايات المتحدة في صدارة تلبية الطلب المتزايد على البطاريات المتقدمة يكمن في طريقة تعزيز قدرتها التنافسية وكهربة نظام النقل لديها".
وأوضحت أن الاستثمار التاريخي للرئيس بايدن في إنتاج البطاريات وإعادة تدويرها سيمنح سلسلة التوريد المحلية الحافز الذي تحتاجه لتصبح أكثر أمانًا وأقلّ اعتمادًا على الدول الأخرى.
إعادة التدوير لضمان أمن التوريد
لا يعدّ أمن الإمدادات بالمعادن المهمة مجرد مصدر قلق للولايات المتحدة، فقد أصبحت تقنيات الطاقة النظيفة الجزء الأسرع نموًا من الطلب على المعادن المهمة، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وتُقدِّر وكالة الطاقة الدولية أن طلب القطاع على النحاس والمعادن الأرضية النادرة سيرتفع بأكثر من 40% في العقدين المقبلين، وأكثر من 60% على النيكل والكوبالت، و ما يقرب من 90% الليثيوم، وسيصبح تحوّل الطاقة معرّضًا لخطر التباطؤ دون إمدادات ثابتة.
قال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، في بيان صدر في مايو/أيار 2021، إن البيانات تُظهر تباينًا يلوح في الأفق بين طموحات المناخ المعززة في العالم وتوافر المعادن المهمة الضرورية لتحقيق تلك الطموحات.
وأشار إلى أن التقدم العالمي نحو مستقبل الطاقة النظيفة أصبح بطيئًا ومرتفع التكلفة.
من جهتها، يمكن أن تخفف إعادة تدوير البطاريات بعض الضغط على الإمدادات المعدنية المهمة.
وبالنسبة لبعض المعادن، مثل الرصاص والحديد، فإن إعادة التدوير أمر راسخ على المستوى العالمي، وهذه ليست هي الحال بالنسبة للعديد من المعادن المهمة.
ونظرًا لسوق المركبات الكهربائية، التي ما تزال حديثة العهد، والتوافر الحالي والأسعار المنخفضة للمعادن الرئيسة، لم يكن هناك حافز كبير لدى الشركات للاستثمار في إعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية، ويؤدي صانعو السياسات دورًا مهمًا في تشجيع هذا الاستثمار الآن.
دور السياسات الحكومية
يمكن للسياسات أن تؤدي دورًا محوريًا في التحضير للنمو السريع لكميات النفايات، من خلال تحفيز إعادة تدوير المنتجات التي تصل إلى نهاية عمرها التشغيلي، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وأوضحت الوكالة -التي تتخذ من باريس مقرًا لها- أن زيادة معدلات الجمع والفرز تعدّ نقطة انطلاق مهمة لتوسيع نطاق إعادة التدوير.
ويمكن أن تؤدي السياسات الحكومية دورًا رئيسًا في تسهيل جمع النفايات، ومن ثم ضمان تدفّق نفايات كبير بما يكفي لتبرير الاستثمار في البنية التحتية.
علاوة على ذلك، يمكن للحكومات تمويل الأبحاث في تقنيات إعادة التدوير الجديدة، وتقديم حوافز للمصنّعين لإعادة التدوير.
بدورها، تدرك المفوضية الأوروبية الحاجة إلى تحسين جمع واستعادة المواد القيمة من البطاريات في خطة عمل الاقتصاد الدائري الأوروبي للصفقة الخضراء.
ويُعدّ تأمين الوصول إلى المواد الخام الثانوية من خلال إعادة التدوير أحد الإجراءات ذات الأولوية لتحالف البطاريات الأوروبي، حسبما نشر موقع إنرجي مونيتور في 1 يونيو/حزيران الجاري.
وبينما خصصت الولايات المتحدة أموالًا لإعادة التدوير، فإنها لم تستهدف بعد إعادة التدوير المحلي لبطاريات الليثيوم أيون في اللوائح.
وقال كبير مسؤولي الإستراتيجية في شركة "لي-سايكل" الكندية لإعادة تدوير البطاريات المصنّعة من الليثيوم أيون، كونال فالفر، إن التصنيع وإعادة تدويرها محليًا أمر بالغ الأهمية لتسريع اعتماد المركبات الكهربائية.
تجدر الإشارة إلى أن شركة "لي-سايكل" تأسست عام 2016 في كندا، ووسّعت مراكز إعادة التدوير الخاصة بها إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
وأوضح كونال فالفر أن الالتزام المستمر لإدارة بايدن بدعم تصنيع بطاريات المركبات الكهربائية وإعادة تدويرها يمكن أن يساعد في تعزيز نمو الشركة، لأن إعادة التدوير مهمة في دعم الكهربة المستدامة.
إعادة تدوير البطاريات الكهربائية
نظرُا لأن متوسط عمر بطارية المركبات الكهربائية يتراوح بين عقد واحد وعقدين، لا توجد أعداد كبيرة من بطاريات الليثيوم أيون متاحة لإعادة التدوير حتى الآن، وسيتغير ذلك بدءًا من عام 2030، بسبب ازدهار مبيعات المركبات الكهربائية.
وفقًا لإحدى الدراسات، يمكن أن يؤدي عدد المركبات الكهربائية المبيعة في عام 2019 وحده إلى نفايات 500 ألف طن من البطاريات، عندما تصل إلى نهاية عمرها الافتراضي.
وفي حين إن كميات كبيرة من بطاريات المركبات الكهربائية ليست جاهزة لإعادة التدوير حتى الآن، يمكن إعادة تدوير الخردة من تصنيع البطاريات.
وتُجمع الخردة من الشركة المصنّعة، وإعادة تدوير المعادن المعاد تدويرها والبطارية لاستخدامها في بطاريات المركبات الكهربائية الجديدة.
تدوير خردة تصنيع البطاريات
أشار كبير مسؤولي الإستراتيجية في شركة "لي-سايكل" الكندية لإعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون، كونال فالفر، إلى أن إعادة تدوير الخردة المتولدة خلال إنتاج البطاريات عنصر مهم في صناعة إعادة تدوير البطاريات المصنّعة من الليثيوم أيون.
وأردف قائلًا، إنه مع استمرار زيادة إنتاج المركبات الكهربائية لمواكبة الطلب، يمكن إعادة تدوير البطاريات من خلال تدوير كمية كبيرة من خردة تصنيعها.
وأضاف أنه يمكن استخدام جميع المواد القيمة الموجودة في الخردة والبطاريات المنتهية الصلاحية في صنع بطاريات مركبات كهربائية جديدة.
وفقًا لوزارة الطاقة الأميركية، جُمِع أقلّ من 5% من البطاريات المصنّعة من الليثيوم أيون، وأُعيدَ تدويرها في عام 2019.
ومع ذلك، تقدّر وزارة الطاقة أن المواد المعاد تدويرها يمكن أن توفر ثلث احتياجات مادة الكاثود في الولايات المتحدة من بطاريات الليثيوم أيون بحلول عام 2030.
وبحسب وزارة الطاقة الأميركية، يمكن تفسير معدل إعادة التدوير المنخفض من خلال سلسلة التوريد المحدودة لجمع وفرز وتخزين ونقل بطاريات الليثيوم أيون المستهلكة، فضلًا عن تكلفة إعادة التدوير مقارنة بقيمة البطاريات المنتهية الصلاحية.
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تنتصر قضائيًا ضد محاولة تغريمها 18 مليار دولار
- الهند تهاجم حظر النفط الإيراني والفنزويلي في الأسواق العالمية
- سلطنة عمان.. اكتشافات نفطية قد ترفع الإنتاج 100 ألف برميل يوميًا
- شح الطاقة يدفع حكومة أستراليا الجديدة للجوء إلى شركات النفط والغاز