الهيدروجين.. الطريق الأكثر أمانًا نحو تحول الطاقة والحياد الكربوني (تقرير)
الطاقة
يؤدي الهيدروجين دورًا مهمًا في مزيج الطاقة ضمن مساعي تحقيق تحول الطاقة، بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني، وذلك وفق تقارير مختلفة أصدرها البنك الدولي، ووكالة الطاقة الدولية، والتقرير الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وأرجعت هذه التقارير الأمر إلى سببين رئيسين، الأول هو كفاءته مقابل البدائل الحديثة، إذ إن الكفاءة التكنولوجية لمنظومة الطاقة الخضراء مثل الألواح الشمسية وطاقة الرياح، والبطاريات الكهربائية والهيدروجين الأخضر غير متاحة حتى الآن.
ووفق التقارير، لن تستطيع هذه المنظومة الالتزام بموثوقية شبكة الكهرباء ذات الأهمية الإستراتيجية للاقتصاديات الوطنية، كما أن كهربة قطاع المواصلات ستكون مقيدة بشروط استدامة الشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى خلوها التام من انبعاثات غازات الاحترار.
أما السبب الثاني فهو إمكان إنتاج الهيدروجين من مصادر متعددة، بجانب استخدامات الكثيرة في تطبيقات الطاقة والتصنيع، ولكن الفارق الأهم يتعلّق بأن استدامته شبه كاملة، الأمر الذي يحتم وجوده في مزيج الطاقة.
أنواع الهيدروجين وطرق إنتاجه
يُنتج الهيدروجين من مادة خام تحتوي عليه في تركيبها الكيميائي، مثل الماء، أو الكتل الحيوية، أو الوقود الأحفوري، أو النفايات الحيوية والبلاستكية، ولكنه يخرج في صورته النهائية باستخدام مصدر آخر للطاقة.
ويمكن إنتاج الهيدروجين الأرزق من الوقود الأحفوري، بتسليط بخار ماء ذي درجة حرارة مرتفعة على الوقود، ليٌنتج الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، في عملية تسمى "إعادة النفث البخاري"، كما يمكن استخلاصه من الغاز الطبيعي والنفط، والفحم، وكذلك الوقود الحيوي.
وهنالك طرق أخرى لإنتاج الهيدروجين، ولكنها ما زالت في طور التطوير التكنولوجي، مثل الأكسدة الجزئية للوقود الهيدروكربوني، وتغويز المزيج المكون من الغاز الطبيعي والماء والأكسجين.
وحاليًا، ينتج نحو 95% من الهيدروجين من إعادة النفث البخاري للغاز الطبيعي، لأنه حاليًا الأقل تكلفة، وهو ما يطلق عليه الهيدروجين البني، ويُوصف بالأزرق إذا ما جرى التقاط ثاني أكسيد الكربون وحجزه، أو استغلاله دون إطلاقه إلى الغلاف الجوي.
وبالنسبة إلى الهيدروجين الأخضر، فإنه ينتج من الماء، الذي يُفصل إلى أكسجين وهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي، الذي يتم بعكس التفاعل في خلية الوقود الهيدروجينية، فبدلًا من إنتاج الطاقة من تفاعل الهيدروجين والأكسجين لإنتاج الماء، تُفصل بالتحليل الكهربائي.
وهناك طرق أخرى غير معروفة لغير المتخصصين، لأنها ما زالت قيد الدراسة والتطوير، إذ تستخدم ضوء الشمس لإنتاج الهيدروجين، عن طريق تفاعلات كيميائية وحيوية، باستخدام النشاط الضوئي الطبيعي للبكتيريا والطحالب الخضراء.
كما يمكن إنتاج الهيدروجين بالحرارة الشمسية المركزة لدفع فصل ذرات الماء كيميائيًا، وأيضًا باستخدام العمليات البيولوجية للميكروبات مثل البكتيريا والطحالب الدقيقة، دون استخدام الضوء.
مكامن النفط لإنتاج الهيدروجين
يُعد الهيدروجين الأبيض مكونًا طبيعيًا في آبار النفط أو الغاز، ويمكن استخراجه بوصفه منتجًا جانبيًا، كما يمكن إنتاجه صناعيًا ومباشرة من مكامن النفط الثقيل والرملي، وكذلك المكامن التقليدية الناضبة، لكن هذه التكنولوجيا لم تنضج بعد، رغم أنها واعدة.
ويمكن تطبيق "عملية احتراق" داخل مكامن النفط والغاز، إذ يكون الهيدروجين هو الغاز الصاعد بعد فصله عن بقية المكونات الأخرى، وجربت صناعة النفط هذه الطريقة لعقود من الزمن.
وتتمثّل العقبة الرئيسة لهذه الطريقة في رفع درجات الحرارة فوق 500 درجة مئوية، في مساحة محدودة داخل مكامن النفط، وهو أمر معقد وليس من السهل التحكم فيه، بالإضافة إلى فصل الهيدروجين المنتج عن ثاني أكسيد الكربون والشوائب الأخرى في المزيج، مثل ثاني كبريتيد الهيدروجين السام.
استخدامات الهيدروجين المتعددة
نظرًا إلى طبيعته الفريدة، يمكن تحويل الهيدروجين إلى أشكال مختلفة من الطاقة، سواء الكهربائية أو الحرارية أو الكيميائية، إذ إنه بالإضافة إلى الاحتراق أو التفاعل مع الأكسجين في الخلية الهيدروجينية، يمكن تحويله مباشرة إلى مصدر للحرارة، ليعمل بوصفه مصدر حرارة وكذلك لامتصاص الحرارة خلال بعض التفاعلات الكيميائية.
ويشير تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير حول الهيدروجين إلى احتوائه على كفاءة إنتاجية عالية للطاقة، كما تتعدد استخداماته في تطبيقات الطاقة والتطبيقات الصناعية المختلفة، بالإضافة إلى كونه خيارًا منعدم الانبعاثات.
وباعتباره ناقلًا نظيفًا للطاقة، وغير ضار بالبيئة، يملك الهيدروجين القدرة على توفير مصدر موثوق للطاقة لتلبية احتياجات الطاقة العالمية المتزايدة.
كما يمكن استخدامه بديلًا للبنزين والديزل في محركات الاحتراق الداخلي، ومن المتوقع أن يكون وقودًا اقتصاديًا وأكثر استدامة من بطاريات الليثيوم في السيارات الكهربائية، كما يستطيع اختراق أسواق تخزين الطاقة.
وبمقارنته بالبطارية الكهربائية، يمكن أن يقلل الهيدروجين أوقات التزود بالوقود، ويزيد نطاق القيادة لكل عملية شحن، وهو ما يماثل الوقود التقليدي.
ومع ذلك، ما زالت تكلفة سيارة الهيدروجين عالية نسبيًا، ولكن عمليات التطوير التكنولوجية قد تُسهم في الوصول إلى التكلفة التنافسية مع محركات الاحتراق الداخلي، بزيادة كفاءة خلية الوقود الهيدروجينية، وكذلك زيادة كفاءة سلاسل توريده التي ما زالت محل قلق، لأن تكلفة سيارة الهيدروجين تزداد بزيادة مراحل سلاسل توريده.
استخدامات الهيدروجين الصناعية
بالإضافة إلى استخدامه في النقل وتخزين الطاقة، يمكن استخدام الهيدروجين في تطبيقات صناعية مختلفة، إذ إنه يستخدم -حاليًا- في مصافي النفط، و-أيضًا- في صناعة الغذاء، وذلك في هدرجة الزيوت والدهون، وكذلك هدرجة النفايات الخطرة.
كما يستخدم في صناعة وقود الصواريخ، والزراعة لإنتاج الأسمدة، إذ يُعد لبنة أساسية لتصنيع الأمونيا، وكذلك في صناعة البلاستيك، إذ يدخل في إنتاج الميثانول المستخدم في تصنيع العديد من البوليمرات.
وفي المستقبل -وفقًا للتقارير- يمكن استخدام الهيدروجين في تكنولوجيات تنقية المعادن المستخرجة أو المعاد تدويرها، وذلك في إنتاج الفولاذ الكربوني والخرسانة والمعادن الخاصة والرقاىق الإلكترونية، الأمر الذي يجعل له مستقبلًا واعدًا في الإسهام في تقليل الانبعاثات.
وينتج العالم -حاليًا- نحو 500 مليار متر مكعب من الهيدروجين، إذ يستهلك إنتاج الأمونيا 250 مليار متر مكعب، يليها إنتاج المنتجات الكيماوية الأخرى، التي تستهلك 65 مليار متر مكعب، والبتروكيماويات تستهلك 185 مليار متر مكعب، وذلك وفق وكالة الطاقة الدولية.
اقرأ أيضًا..
- النفط النيجيري يفشل في تعويض أوروبا عن الإمدادات الروسية.. و4 تحديات تفسر الأزمة
- وكالة الطاقة الدولية تقترح خيارات لزيادة صادرات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الغاز
- توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ليلًا وفي المطر.. 3 تقنيات جديدة