التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

القضاء يلاحق تغير المناخ من أوروبا إلى أميركا الجنوبية.. انبعاثات عابرة للقارات

الانبعاثات الألمانية تهدد بيرو بفيضان

هبة مصطفى

اقرأ في هذا المقال

  • تغير المناخ والانبعاثات يهددان بفيضان مُدمر في بحيرة بالكا كوتشا في بيرو.
  • وفد قضائي ينتقل من ألمانيا إلى بيرو لرصد حجم الضرر.
  • مُزود الكهرباء الألماني مُعرّض للتغريم بما يقرب من 18 ألف دولار.
  • مزود الكهرباء والغاز الألماني "آر دبليو إي" يُسهم بـ0.47% من الانبعاثات.
  • البحيرة تضاعف حجمها 34 مرة خلال الأعوام الـ50 الماضية.
  • القضية تفتح الباب لملاحقة شركات الوقود الأحفوري؛ ومن ضمنها بي بي وشل.

تنطلق الانبعاثات في قارة أوروبا؛ فتُهدد بفيضان مُدمر في قارة أميركا الجنوبية.. هكذا يؤثر تغير المناخ؛ إذ لا قانون يحكم تداعياته ولا حدود بين القارات تحجب آثاره، ولا حواجز جوية تعترض انبعاثاته.

وتُعلَّق الآمال منذ 5 سنوات على ساحات القضاء لإنقاذ بيرو من كارثة محققة وفيضان مُدمر ينجرف من بحيرة بالكا كوتشا الجليدية، لكنه ينشأ بفعل انبعاثات تُطلق بفعل مرفق يقع مقره على بُعد آلاف الكيلومترات -تحديدًا من ألمانيا- في وسط غرب القارة الأوروبية.

ويفتح تبني القضاء الألماني لقضية مناخية تتعلق بانبعاثات أحد مرافق أكبر اقتصادات القارة العجوز وتداعياته التي وصل مداها لبيرو بأميركا الجنوبية- المجال أمام إمكان ملاحقة تغير المناخ "البشري" قضائيًا لإنقاذ قاطني الكوكب.

التعويض مقابل الانبعاثات الألمانية

تغير المناخ
تغير المناخ وانبعاثات ألمانيا تهدد مصير سكان المدن المحيطة ببحيرة بالكا كوتشا في بيرو - الصورة من (European Geosciences Union)

بدأت قصة بحيرة بالكا كوتشا الواقعة بمنطقة السلاسل الجبلية "كورديليرا بلانكا" في بيرو منذ عام 2017، بعدما لجأ أحد المزارعين إلى القضاء الألماني يشكو تكلفة أضرار محتملة إثر تدفق انبعاثات مُزود الكهرباء والغاز الألماني "آر دبليو إي".

وسجل القضاء الألماني إنجازًا تاريخيًا بقبوله دعوى المزارع ومرشد الجبال في بيرو، سول لوتشيانو ليويا، الذي طلب تعويضًا قدره 17 ألف يورو تكلفةً لمنع الضرر الناجم عن فيضان محتمل ينطلق من البحيرة، وفق ما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية واطلعت عليه منصة "الطاقة" المتخصصة.

(1 يورو = 1.07 دولارًا أميركيًا)

واعتبر ليويا حينها أن عمله في الإرشاد الجبلي جعله يتوقع تهديد مسار الفيضان لحياة ما يقرب من 50 ألف شخص، وعكفت السلطات في بيرو بعدها على إنشاء نظام يتولى إطلاق تحذيرات وصافرات إنذار في حالة تخطي منسوب البحيرة مستوياتها الطبيعية.

من جانب آخر، أوضحت المحامية البيئية ممثلة مُقدم الدعوى سول لوتشيانو ليويا، رودا فيرهيين، أن القضية تُعَد سابقة من نوعها ولا سيما فيما يتعلق بسفر القضاة من بلد لآخر لرصد حجم الضرر الوارد بالدعوى القضائية وعلاقته بتداعيات تغير المناخ.

وتطرقت فيرهيين إلى جانب آخر من تفرد الدعوى محل الحديث، مشيرة إلى أنه للمرة الأولى يُنظر قضائيًا في مسؤولية الشركات الخاصة عن انبعاث غازات الاحتباس الحراري ونقل تداعيات تغير المناخ المدمرة لبلد آخر.

مصير شركات الوقود الأحفوري

تُوصف بحيرة بالكا كوتشا بأنها بحيرة جليدية؛ ما يُفسر كونها مصدرًا للفيضان المحتمل إثر تسبب الغازات المُسببة للاحتباس الحراري بذوبان الجليد وانجراف شلالات المياه لتهدد حياة سكان بيرو.

وشهد مسار الدعوى القضائية المرفوعة من أحد مواطني بيرو بأميركا الجنوبية ضد مُزود الكهرباء والغاز الألماني بالقارة الأوروبية تطورًا، الأسبوع الماضي، بعدما زار وفد من القضاة الألمان موقع البحيرة؛ لتقييم مدى الضرر الذي تُسببه انبعاثات الشركة الألمانية.

تغير المناخ - ضحايا

وتُعَد تلك القضية هي الأولى من نوعها فيما يتعلق بالاحترار العالمي وتداعيات تغير المناخ "البشري"، ولا يقتصر دور تلك القضية على حماية بيرو من فيضان مُدمر محتمل، لكن تمتد لتفتح الباب أمام ملاحقة شركات الوقود الأحفوري العالمية.

وورد في تفاصيل الدعوى أن مُزود الكهرباء والغاز الألماني "آر دبليو إي" يُسهم بما يقرب من 0.47% من الانبعاثات العالمية، ويمتد تأثير انبعاثاتها العابرة للقارات لتصل إلى البحيرة الجليدية في بيرو بأميركا الجنوبية.

وتفتح الدعوى القضائية ضد المُزود الألماني بالمستقبل الباب أمام انتهاج النهج ذاته مع شركات عالمية مثل شركة النفط البريطانية بي بي وشركة شل الأنغلو هولندية، وملاحقتها قضائيًا بالمستقبل لتقويض انبعاثاتها وتداعياتها على تغير المناخ.

انبعاثات عابرة للقارات

تُشكل زيارة الوفد القضائي الألماني لبحيرة بالكا كوتشا الجليدية في بيرو خطوة مهمة في مسار الدعوى؛ إذ تهدف للوقوف على مدى مسؤولية مُزود الكهرباء والغاز الألماني "آر دبليو إي" عن إطلاق الانبعاثات التي تحمل خطرًا مُدمرًا للدولة الواقعة غرب أميركا الجنوبية.

وجاءت تلك الخطوة بعدما أكدت المحكمة الألمانية أنه في حالة طرح ما يُثبت وقوف تغير المناخ وراء ذوبان البحيرة والصخور الجليدية وتشكيل فيضانها خطرًا؛ فإن المسؤولية عن حجم الأضرار المُدمرة سوف تؤول إلى مُزود الكهرباء والغاز "آر دبليو إي".

ويُفسر الخبراء تأثير الانبعاثات "العابرة للقارات" بأن حجم غازات الدفيئة المُطلقة عبر المزود الألماني يزيد من حدة الاحتباس الحراري قرب البحيرة الجليدية في بيرو؛ ما يدفع تجاه ذوبان جليدها وتعريض حياة آلاف القاطنين قربها لخطر مُدمر.

وتفصيليًا، واجهت بحيرة بالكا كوتشا تضخمًا يعادل حجمها الطبيعي 34 مرة خلال الأعوام الـ50 الماضية، وأجرى باحثون دراسة لرصد حجم توسع حجم البحيرة المحاطة بقمم جليدية ضخمة.

وخلصت الدراسة إلى أن غازات الاحتباس الحراري تدفع نحو ذوبان التجمعات الجليدية حاملة بين طياتها فيضانًا مدمرًا وانهيارات صخرية كفيلة بإغراق وغمر مدينة هواراس في بيرو.

تغير المناخ - تغيّر المناخ - التأثير البشري

تغير المناخ يُحرك فيضانًا مُدمرًا

فسر خبير الجيومورفولوجيا (علم شكل الأرض) بجامعة غراز النمساوية، الدكتور مارتن ميرغيلي، نشأة الفيضان المحتمل في بيرو بأن الانبعاثات والحرارة تسمحان بسقوط الصخور الجليدية بالبحيرة حاملة ملايين الأمتار المكعبة من المياه لتغمر المدينة وتمتد خارجها.

ورغم خطورة تداعيات الفيضان؛ فقد اعتبره ميرغيلي جزءًا ضمن أنهار وبحيرات جليدية عدة بسلسلة جبال الأنديز "تمثل غالبية الأنهار الجليدية بالعالم"؛ ما يزيد من حجم الدمار المتوقع للفيضان والانهيار الجليدي في بيرو الذي تُسببه الانبعاثات الألمانية.

وقال إنه على مدار السنوات الـ10 الماضية، أدى اضطراب القمم الجليدية إلى فيضانات عدة ببحيرات مماثلة.

واعتبرت أستاذ القانون الدولي بجامعة درهام بإنجلترا، بيترا مينيروب، أنه رغم تطرق قضايا عدة بالسابق للحديث عن المناخ؛ فإن تلك الدعوى هي الأولى من نوعها التي تختبر وقوف تغير المناخ وراء الظواهر المتطرفة كالفيضانات والجفاف وموجات الحرارة أو الأعاصير.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق