ملك المغرب: الخسائر الاقتصادية لتغير المناخ تتجاوز 124 مليار دولار
أكد ملك المغرب، محمد السادس، أن مشكلة الجفاف تشكّل تحديًا هيكليًا لدول قارّة أفريقيا، أكثر من أيّ مكان آخر، وهو ما يدفعها للعمل بشكل جماعي لمواجهة المشكلات التي تفرضها أزمة تغير المناخ.
وأضاف خلال كلمته، أمس الإثنين 9 مايو/أيار 2022، في قمة قادة الدول ورؤساء الحكومات حول الجفاف والتدبير المستدام للأراضي، المنعقدة في أبيدجان، عاصمة كوت ديفوار، أن تغير المناخ ليس قضية نظرية، ولا موضوعًا للنقاش العقيم، بل واقع مؤلم وقاسٍ، تتزايد آثاره الوخيمة مع تعاقب موجات الجفاف بشكل أكثر حدّة وتدميرًا.
وشدد في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي،على أن مكافحة التصحر وتدهور الأراضي تمثّل معركة من أجل البقاء، يتحتم أن ينخرط فيها الجميع، ولا سيما أفريقيا، قائلًا: "يجب ألّا يقف في طريق هذا الكفاح غياب القدرات التكنولوجية، وانعدام الموارد الاقتصادية، بل وحتى ضعف الإرادة السياسية".
مواجهة التصحر
أشار ملك المغرب إلى أن الجبهات التي يجب أن نخوض فيها غمار المعركة ضد التصحر تتمثل في الحدّ من قابلية التأثر بالجفاف، وبناء القدرات من أجل الإدارة المستدامة للأراضي، والعمل على تضافر الجهود الإقليمية والدولية، وتيسير إعداد وتنفيذ حلول تستهدف مشكلات محددة، والتحكم في استغلال الموارد المائية.
وأضاف أن تعاقُب أوقات الجفاف، وما ينتج عنه من تدهور للتربة، يشكّلان تحديًا كبيرًا، إذ مسّت آثارهما، خلال العقدين الماضيين، أكثر من مليار ونصف المليار شخصًا في العالم، وتسبّبا في خسائر اقتصادية تفوق 124 مليار دولار.
وأوضح محمد السادس أنه في إفريقيا، أصبح التصحر يهدد ملايين الهكتارات، بفعل زحف الرمال الذي يتزايد في بعض المناطق بمعدل 5 كيلومترات سنويًا، علمًا بأن تدهور الأراضي يشكّل عاملًا يسهم في استفحال أوجه الضعف والهشاشة.
تغير المناخ
أوضح ملك المغرب أن المناخ ماضٍ في التغير، وأن الموارد المائية آخذة في التناقص، فضلًا عن تزايد أعداد السكان، وتوسّع نطاق المدن، في مقابل انحسار الأراضي الزراعية وتدهورها، وهو ما يدفع إلى ضرورة العمل على محاربة هذا العدو المشترك، بسلاح العمل المنسّق والتضامني.
ودعا ملك المغرب إلى إرساء تحالف أفريقي لمواجهة الجفاف، ومدّه بالموارد المالية والتكنولوجية الملائمة، والكفيلة ببلورة إجراءات فعالة وناجعة في هذا الشأن.
وأشار إلى أن مكافحة تغير المناخ لا تنحصر فقط في مسألة التخفيف من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بل تشمل كذلك الإدارة المستدامة للأراضي، قائلًا: "معركتنا تقتضي التزامًا على عدّة جبهات، لا سيما المحافظة على النظم البيئية، وحماية التنوع البيولوجي، وتقليص مظاهر الهشاشة لدى الفئات الضعيفة من السكان".
خطط المغرب
أوضح الملك محمد السادس، أن المغرب، الذي استضاف الدورة 22 لمؤتمر المناخ كوب 22، عمل على الرفع من إسهامه المحدد وطنيًا فيما يخصّ الحدّ من انبعاث الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري إلى 45.5%، بحلول عام 2030.
كما حرص على أن يقترن الدفاع عن إستراتيجيات التكيف والتخفيف على الصعيد الدولي بالالتزام بها على المستوى الوطني، من أجل تزويد البلاد بنموذج تدبيري شامل ومستدام.
وعرضت كلمة ملك المغرب عددًا من الجهود الوطنية المبذولة، وفي مقدمتها إستراتيجية "غابات المغرب 2020-2030" وإستراتيجية "الجيل الأخضر 2020-2030"، اللتان تهدفان إلى تحقيق الهدف المتعلق بعكس منحى تدهور الأراضي، وتقليص حدّة التصحر والتخفيف من انعكاساته، من خلال التنمية البشرية والاجتماعية.
مكافحة الجفاف
أشار ملك المغرب محمد السادس إلى أن بلاده ملتزمة بمكافحة الجفاف، والمحافظة على التنوع البيولوجي، وحماية النظم البيئية، بما يحفظ وحماية المورد الأساس للحياة، ألا وهو الماء، موضحًا أن المخطط الوطني للماء يهدف إلى ضمان الأمن المائي وتأمين الموارد المائية الضرورية من حيث الكم والجودة.
كانت أعمال الدورة 15 لمؤتمر الأطراف كوب 15 في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أمس الإثنين 9 مايو/أيار، في أبيدجان، عاصمة كوت ديفوار، تحت شعار (الأرض.. الحياة.. الإرث: من الندرة إلى الازدهار).
وتهدف أعمال القمة، التي تواصل فعالياتها اليوم الثلاثاء، إلى خلق زخم سياسي ورفع الطموح على وجه الخصوص في الوفاء بالالتزامات العالمية لعام 2030 بشأن الاستعادة والإجراءات القوية التي تبني القدرة على الصمود من المجتمعات المعرّضة للجفاف.
التنمية المستدامة
من جانبها، أكدت نائبة الأمين العامّ، أمية محمد، التي شاركت في الجلسة الافتتاحية، أن "استعادة الأراضي ترتبط بكل هدف من أهداف التنمية المستدامة، وبكل بلد وبكل شخص على هذا الكوكب".
وأشارت إلى أن الأزمات المترابطة، بما فيها المناخ وكوفيد-19 وأوكرانيا، تذكّرنا بالسبب الذي اجتمع لأجله العالم في عام 2015، والتزم بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس.
وقالت، إن تحقيق الالتزامات يتطلب استثمارات على نطاق واسع، وتحديد الأولويات، وفي كثير من الحالات، دعمًا ماليًا.
ودعت إلى التأكد من أن الأموال متاحة للبلدان التي تحتاج إليها، وأن تلك الأموال تُستثمر في المجالات التي سيكون لها تأثير حاسم، وتخلق مستقبلًا أكثر شمولًا واستدامة للجميع.
استثمارات مكافحة التصحر
قالت نائبة الأمين العامّ للأمم المتحدة: "الاستثمارات في معالجة التصحر وتدهور الأراضي هي من بين أكثر الاستثمارات فعالية التي يمكننا القيام بها."
وأوضحت أن السور الأخضر العظيم، الذي يمتد شمال المكان الذي نجتمع فيه، أعاد ملايين الهكتارات، وخلق آلاف الوظائف، لكنه لا يزال بعيدًا عن خلق 10 ملايين وظيفة نهدف إليها ونعتمد عليها.
ودعت إلى تحويل التعهدات والمشروعات إلى إجراءات تحولية لأنظمة الأراضي والغذاء، وتحويل الإصلاحات التدريجية إلى إجراءات جريئة لخلق فرص العمل والمهارات.
موضوعات متعلقة..
- المغرب والسعودية يتعاونان في الطاقة الذرية والطاقة المتجددة
- باحث: خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي طريق للتنمية العابرة للحدود
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة الإماراتي: الأزمة السياسية سبب فوضى أسواق النفط والغاز
- الانتقال الطاقي أم التحسن الطاقي؟.. سامي النعيم يجيب عن الأفضل لقيادة التغيير (فيديو)