مستقبل صادرات الغاز والكهرباء من إيران إلى العراق (مقال)
أومود شوكري - ترجمة: أحمد بدر
رغم امتلاكها ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، لم تتمكن إيران بعد من زيادة حصتها في سوق الطاقة العالمية.
العقوبات العديدة وزيادة الاستهلاك المحلي تسببت في مواجهة إيران نقصًا في الغاز الطبيعي في بعض المواسم، في حين لا توجد لإيران -حاليًا- وجهة تصدير رئيسة بخلاف صادرات الغاز إلى تركيا والعراق.
وقد واجهت صادرات الغاز الطبيعي إلى العراق وتركيا في السنوات الأخيرة، مع استهلاك الغاز المتزايد في إيران، العديد من المشكلات، إذ قلّصت إيران -مرارًا وتكرارًا- حجم الغاز المصدّر إلى هذه الدول، أحيانًا تذرعت إيران بإصلاح خط الأنابيب، لقطع صادرات الغاز إلى هذه الدول.
ورغم أن العراق يسعى للحصول على مساعدة من شركات النفط العالمية للحصول على الغاز والنفط لحل أزمة الكهرباء، وتقليل الاعتماد على واردات الغاز والكهرباء الإيرانية، يقول الخبراء إن هذا يتطلّب بنية تحتية.
العراق والغاز الإيراني
يعتمد العراق -ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بعد السعودية- على مبيعات النفط للحصول على أكثر من 90% من إيرادات ميزانيته، ويتعرّض لضغوط من الولايات المتحدة لتقليل اعتماده على واردات الغاز.
وتعاني شبكة الكهرباء العراقية الضعف بعد سنوات من الحرب التي دمرت البنية التحتية الحيوية، وأدى الإمداد المتقطع للغاز والكهرباء من إيران إلى نقص واسع النطاق في الكهرباء في العراق، خاصة خلال أشهر الصيف الحارة، إذ أثار انقطاع التيار -مرارًا وتكرارًا- احتجاجات واسعة النطاق من جانب العراقيين.
تُجدر الإشارة إلى أنه نظرًا إلى أن إيران لم تكن موردًا موثوقًا به لتركيا والعراق، فقد كانت هذه الدول في السنوات الأخيرة تبحث عن بدائل للغاز الإيراني المستورد، في حين أن الوضع الصعب لسوق الغاز الطبيعي الإيراني يؤثر في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
وبحسب وزير الكهرباء العراقي عادل كريم، فإن البلاد لديها طاقة كهربائية تبلغ نحو 6 غيغاواط، ثلثها تقريبًا خارج الإنتاج بعد توقف صادرات الغاز الإيراني بسبب الطقس البارد.
وأدت أسوأ أزمة كهرباء في تركيا منذ عقود إلى انخفاض إمدادات الطاقة للمستخدمين الصناعيين، بعد انخفاض صادرات الغاز من إيران، في حين سعت تركيا إلى استخدام أسواق مؤقتة للغاز الطبيعي المسال، وطلبت الحكومة زيادة واردات الغاز الأذربيجاني عبر خط أنابيب جيهان.
ديون العراق لطهران
شكل سداد ديون العراق بسبب الكهرباء والغاز الطبيعي من إيران تحديًا خطيرًا لصادرات إيران إلى العراق.
ففي فبراير/شباط الماضي، نُوقشت القضية بجدية مرة أخرى، إذ قال القائم بأعمال وزير الكهرباء العراقي إن العراق مدين بنحو 1.6 مليار دولار من المدفوعات المتأخرة مقابل واردات الغاز الإيراني، مطالبًا واشنطن بالسماح بالدفع النقدي رغم عقوباتها المفروضة على طهران.
وعلى الرغم من احتياطياته الهائلة من النفط والغاز، لا يزال العراق يعتمد على الواردات لتلبية احتياجاته من الطاقة، في حين تزوده إيران المجاورة بثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء بموجب إعفاء محكم من العقوبات الأميركية.
وكان وزير الكهرباء العراقي عادل كريم قد أعلن الأسبوع الماضي أن بلاده وإيران توصلتا إلى اتفاق لاستئناف صادرات الغاز الإيراني وسداد ديون بغداد لطهران. وبحسب عادل كريم، فقد اتفق خلال زيارته لطهران مع الجانب الإيراني على استيراد الغاز إلى العراق في الصيف.
وأضاف: "تعهدنا بتجهيز محطات توليد الكهرباء ووحدات توليد الكهرباء، ونتوقع أن يكون تزويد الكهرباء للمواطنين جيدًا خلال الصيف، ونطلب من المواطنين التوفير في الاستهلاك لضمان التوزيع الجيد للكهرباء".
وأوضح أن إنتاج الكهرباء في العراق جيد، لكن الاستهلاك مرتفع للغاية، إذ زاد بأكثر من 600% منذ عام 2003.
حاجة إيران إلى الاستثمار
تحتاج إيران إلى الاستثمار في جنوب فارس لتحسين وضعها وزيادة إنتاج الغاز والحفاظ على الأسواق العالمية، التي توفر أكثر من 70% من احتياجات إيران من الغاز.
وتقدر تكلفة تطوير المراحل المتبقية من حقل الغاز بنحو 7.8 مليار دولار، ولكن حتى ذلك الحين قد تبدأ الدول التي تعدّ عملاء للغاز الإيراني في العمل وتفكر في سوق بديلة لإيران.
وقد يكون الإيرانيون صبورين، لكن هذا ليس سببًا بالنسبة إلى الدول التي تعمل بالغاز الإيراني أن تنتظر، فقد كان العراق يتفاوض مع بعض الدول في السنوات الأخيرة لاستيراد الكهرباء والغاز الطبيعي لتنويع موارده من الطاقة.
احتياجات العراق من الطاقة
تُجدر الإشارة إلى أن صناعة الطاقة العراقية تحتاج إلى ما لا يقل عن 7 مليارات قدم مكعبة يوميًا من الغاز مقابل 40 غيغاواط من السعة المركبة، ما يعني أن هناك طريقًا طويلًا لقطع الاعتماد على الواردات من إيران.
بالإضافة إلى ذلك، يتزايد الاستهلاك السنوي للطاقة بنسبة 5 إلى 7% بسبب النمو السكاني، لذا قد تتمكن إيران من الاستمرار في تصدير الكهرباء والغاز الطبيعي إلى العراق لمدة قصيرة.
ولكن لحين رفع عقوبات الاستثمار في البنية التحتية للطاقة في إيران، وإدارة الاستهلاك المحلي، ستواجه إيران العديد من التحديات في الحفاظ على حصتها في المنطقة.
وعلى محمل الجد، يمكن للعراق أن يخفّض اعتماده على موارد الطاقة الإيرانية تمامًا على المدى المتوسط، فإذا خسرت إيران سوق الطاقة العراقية، سيعني ذلك -أيضًا- تراجع النفوذ السياسي الإيراني في العراق.
* الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".
اقرأ أيضًا..
- مؤسسة النفط الليبية تطلق تحذيرًا عاجلًا من كارثة بيئية في ميناء الزويتينة
- بدائل إيطاليا للاستغناء عن الغاز الروسي.. مصر والجزائر وليبيا في المقدمة
- الفحم أو الانهيار.. العالم يختار بين الوقود الملوث والأهداف المناخية (تقرير)
- شراكة بين فولكس فاغن وبي بي لنشر محطات شحن السيارات الكهربائية السريعة