5 خرافات حول الطاقة.. تهدم الواقع (مقال)
مارك ماثيس - ترجمة: أحمد بدر
لدى كثير من الناس معلومات مغلوطة ومضللة بشكل صارخ بشأن الجانب الأكثر أهمية في حياتهم، وهو الطاقة.
إنه أمر مدهش للغاية، فدون طاقة موثوقة بأسعار معقولة تنهار جودة حياتنا بسرعة، ومع ذلك، ورغم هذا الواقع الصعب، لا يبالي معظم الناس بشأن مصدر طاقتهم ومدى موثوقيتها في المستقبل.
وهذا الافتقار إلى الفضول يقود الناس إلى القبول الأعمى بأوهام أو خرافات الطاقة التي يغذّيها السياسيون والنشطاء وأعضاء وسائل الإعلام في عقولهم، والذين هم في الغالب مضلّلون وغير مبالين.
إليكم قائمة بـ5 خرافات يعتقدها الناس حول الطاقة، إذ إن القائمة أطول بكثير مما يمكن تناوله في هذا المقال، وهذه الخرافات الـ5 من أكبر الأكاذيب وأكثرها وضوحًا، والتي تمر في الغالب دون اعتراض.
الخرافة الأولى: حدوث تحول الطاقة
عادة ما يخلط الناس بين الطاقة والتكنولوجيا، فهم يرون كل التغييرات المذهلة التي حدثت في عالمنا بسبب الاختراعات مثل أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة والإنترنت وما إلى ذلك.
لقد حدث التغيير بسرعة البرق، ويفترضون أن الشيء نفسه يمكن أن يحدث مع الطاقة، فقط إذا كانت لدينا الإرادة.
باستثناء أن موارد الطاقة الحقيقية تختلف اختلافًا جوهريًا عن التكنولوجيا التي تعتمد على تلك الموارد في إنشائها، فنحن لا يمكننا استخدام توربينات الرياح لصنع توربينات الرياح الأخرى، ولكن بوساطة النفط والغاز الطبيعي والفحم يمكن فعل ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوفر الوقود الأحفوري وقودًا سائلًا للنقل والكهرباء فحسب، بل إنه يعدّ المادة الأولية لجميع المنتجات الحديثة، ولا توجد بدائل مجدية اقتصاديًا له.
وضع في حسبانك أنه في عام 1980 قدّم النفط والغاز والفحم 91% من إجمالي الطاقة، ورغم كل التغييرات المذهلة التي حدثت في الـ40 عامًا الماضية، نادرًا ما قلّ اعتماد العالم على الوقود الأحفوري عن 84%.
الخرافة الثانية: كهرباء دون انبعاثات بحلول عام 2035
شكّل الاندفاع نحو استبدال توربينات الرياح والألواح الشمسية بالكهرباء المولدة من الفحم والطاقة النووية والغاز الطبيعي فشلًا هائلًا، وسيزداد الأمر سوءًا قبل أن يتحسن.
ويمكن العثور على دليل لهذه الحقيقة في جميع أنحاء أوروبا وأستراليا والولايات المتحدة، هناك حيث توفر طاقة الرياح والطاقة الشمسية كهرباء غير موثوقة يجب دعمها بالكهرباء من المصادر التقليدية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التكلفة.
وتولد الكهرباء عادةً على مسافة كبيرة من مكان استهلاكها، لذلك هناك تكلفة إضافية لبناء خطوط كهرباء عالية الجهد، ويعتقد الكثيرون أنه يمكن تخزين الكهرباء الزائدة في البطاريات، ثم استخدامها، عندما لا تولِّد الرياح أو الطاقة الشمسية إلكترونات، ولكن هذا لن ينجح لأن البطاريات باهظة الثمن، ولا يمكنها تخزين ما يكفي من الطاقة لتلك الأوقات التي تأخذ فيها طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية أوقات راحة طويلة.
لقد ذاقت أوروبا مرارة هذا الواقع خلال العام الماضي، عندما واجهت "موجات الجفاف الناتجة عن الرياح".
وفي ولاية تكساس الأميركية عانينا من أكبر كارثة في تاريخ الولاية في فبراير/شباط 2021، بسبب الاعتماد المفرط على طاقة الرياح، التي اختفت خلال عاصفة شتوية شديدة، لذلك لن يحدث "صفر انبعاثات" بحلول عام 2055، وليس في 2035، كما قالوا.
الخرافة الثالثة: المركبات الكهربائية بدلًا من المحركات التقليدية
تدّعي كل شركة كبرى لتصنيع السيارات والشاحنات في العالم أنها تنتقل إلى السيارات الكهربائية، ولكن هذا لن يحدث -في المقام الأول- بسبب استحالة استخراج مواد وموارد بالسرعة الكافية لصناعة جميع المركبات الكهربائية، التي تقول هذه الشركات، إنها ستصنعها.
قال الرئيس التنفيذي لشركة ريفيان -مؤخرًا- لصحيفة وول ستريت جورنال، إن إنتاج خلايا البطاريات في العالم يمثّل أقلّ بكثير مما سنحتاجه خلال 10 سنوات.
وأضاف: "ما بين 90% و95% من سلسلة التوريد غير موجودة"، بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم المعادن الأرضية النادرة اللازمة لصنع البطاريات أيضًا في كل شكل آخر من أشكال الإلكترونيات الحديثة.
ومما زاد الطين بلة، أن الصين لديها احتكار شبه كامل لسلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة، إذ تجري معظم عمليات التعدين وجميع عمليات المعالجة تقريبًا، ويمكن من الناحية النظرية فتح العديد من المناجم، ولكن حتى لو كان الأمر كذلك، فإنه عادة ما يستغرق عقدًا أو أكثر للسماح لها وتشغيلها في الدول الغربية.
الخرافة الرابعة: ضريبة الكربون لتقليل الانبعاثات
يفترض مروّجو ضريبة الكربون أنه إذا أصبح استخدام الوقود الأحفوري أكثر تكلفة، فإن المبدعين سيبتكرون طرقًا جديدة لنتمكن من مواصلة حياتنا، ولكن كما تكشف الأساطير 1 و2 و3، فإن هذه المهمة مستحيلة.
هناك تحديات فنية واقتصادية هائلة في مواجهة الالتفاف على استخدام النفط والغاز الطبيعي والفحم، وفي معظم الحالات تعتمد هذه "البدائل" على الوقود الأحفوري في إنشائها وصيانتها.
وفي كثير من الحالات، لا توجد بدائل قابلة للتطبيق، إذ قد تؤدي ضريبة الكربون إلى تقليل استهلاك الناس للطاقة، ولكن فقط عن طريق خفض مستويات المعيشة.
الخرافة الخامسة: الطاقة النظيفة
الحقيقة أن المركبات الكهربائية ليست "نظيفة"، فالبطاريات تحتاج كميات هائلة من التعدين والمعالجة، ومن ثم يجب التخلص من البطاريات السامّة.
ولا يمكن إعادة تدوير توربينات الرياح، فالشفرات تلتهم كميات هائلة من مساحة مكبّ النفايات، وأيضًا لا يمكن إعادة تدوير الألواح الشمسية، بسبب الشوائب والمعادن السامّة مثل الرصاص والكادميوم، وكذلك المواد الكيميائية الخطرة، كما تلتهم الرياح والطاقة الشمسية كميات كبيرة من معادن الأرض النادرة الثمينة والمعادن المهمة.
لا يوجد مصدر طاقة أو تقنية "نظيفة"، ولكن المركبات الكهربائية وتوربينات الرياح والألواح الشمسية هي الأقذر على الإطلاق، لا سيما عند وضع نقص الموثوقية والتنوع في الحسبان.
مارك ماثيس، مؤلف وصانع أفلام وثائقية متخصص في شؤون الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- تطورات محطة الضبعة النووية.. وتكنولوجيا تضع مصر في المرتبة الثالثة (خاص)
- أوبك تستحوذ على 71.6% من واردات الهند النفطية
- كيف تحل الشمس والرياح أزمتي الطاقة والسياسة في باكستان؟ (تقرير)