تقويض الأهداف المناخية عالميًا.. هؤلاء أنكروا الحقائق (مقال)
مايكل شلنبرغر - ترجمة: نوار صبح
- لا تسعى الصين ولا روسيا إلى التحول إلى الديمقراطية، وكلاهما أصبح أكثر استبدادًا
- تنظر روسيا إلى التغير المناخي على أنه فرصة لتوسيع الزراعة والشحن
- تشتري الصين والهند النفط الروسي بخصم كبير في الأسعار
- يتزامن الغزو الروسي لأوكرانيا مع انهيار خطة الدول الغربية المتعلقة بالمناخ والطاقة المتجددة
- الليبراليون -وليس المحافظون- في جميع أنحاء العالم هم من كافحوا لإغلاق المحطات النووية
- الغاز الطبيعي والطاقة النووية هما التقنيتان المسؤولتان بشكل كبير عن خفض الانبعاثات
تعترف النائبة الجمهورية الأميركية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز بأن البلاد تشهد أزمة تقوض الأهداف المناخية، بينما يكافح الرئيس الأميركي جو بايدن للاستجابة لأسوأ أزمة طاقة منذ 50 عامًا.
وندّد المفكرون والساسة الليبراليون في الغرب بخصومهم السياسيين، لأنهم ينكرون ظاهرة التغير المناخي والعِلْم والواقع عمومًا، في العقود الـ3 التي تلت انهيار الاتحاد السوفيتي.
وحاول التقدميون والليبراليون الجُدُد إثبات أنهم وحدهم يستطيعون رؤية شكل العالم الجديد الذي يولد، وأنه سيتبع نهج العولمة، وسيكون ديمقراطيًا بشكل متزايد، ومهتمًا بالتهديدات الجديدة، مثل التغير المناخي، واتضح الآن أن كل ذلك كان مجرد وهم.
سياسات الصين وروسيا
لا تسعى الصين ولا روسيا إلى التحول للديمقراطية، وكلاهما أصبح أكثر تعسّفًا واستبدادًا، علاوة على ذلك، لا تنظر أيّ من الدولتين إلى التغير المناخي على أنه تهديد كبير.
وعلى العكس تمامًا، تنظر روسيا إلى التغير المناخي على أنه فرصة لتوسيع الزراعة والشحن عبر مياهها الخالية من الجليد حديثًا.
وفي حين اعتاد كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس مجلس الدولة الصيني شي جين بينغ على التشدّق بمعالجة التغير المناخي، لم يكلف أحدهما نفسه عناء حضور محادثات المناخ التي عقدتها الأمم المتحدة في الخريف الماضي.
- الغسل الأخضر.. خطر يعرقل تحقيق الأهداف المناخية
- بايدن يعترف: أميركا في أزمة.. وأمامنا 10 سنوات لتحقيق الأهداف المناخية (فيديو)
وعلى الرغم من أن الدول الغربية فرضت عقوبات على روسيا، لا يزال الشعب الأوكراني يقاتل الروس بضراوة، حتى مع انسحاب الروس من العاصمة الأوكرانية كييف، قبل أيام قليلة.
يضاف إلى ذلك أن الدول الغربية جمدت الحسابات المصرفية للشركات الروسية، ما أدى إلى انهيار الروبل الروسي، كما إن الحكومات الأوروبية تدعو مواطنيها إلى تقليل استهلاك الطاقة.
وساعدت الصين الغزو الروسي لأوكرانيا من خلال هجوم إلكتروني واسع النطاق على المنشآت العسكرية والنووية في أوكرانيا، وفقًا لمذكرات استخباراتية حصلت عليها صحيفة "ذا تايمز أوف لندن" البريطانية.
بدورها، تستمر أوروبا في استيراد الطاقة الروسية، بينما تشتري الصين والهند النفط الروسي بخصم كبير في الأسعار.
على ضوء ذلك، لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأن التدابير الوقائية التي يتخذها المستهلكون الغربيون ستُحدث تأثيرًا كبيرًا في استهلاك الطاقة.
ويأتي الغزو الروسي لأوكرانيا في الوقت الذي حدث فيه: انهيار خطة الدول الغربية المتعلقة بالمناخ والطاقة المتجددة، وأزمة الطاقة التي أثارها نشطاء المناخ، وتفاقم أزمة المخدرات والجريمة والمشردين في المدن الأميركية.
مخاطر التفاؤل الليبرالي
الليبراليون ليسوا الوحيدين المذنبين نتيجة تفكيرهم الرغبوي، ويوجد عدد متزايد من النواب الجمهوريين الذين يعتقدون أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب قد انتُخِب رئيسًا في عام 2020، وأن لاري إلدر هزم حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم في انتخابات إعادة الثقة في كاليفورنيا، الخريف الماضي.
وفي حين يرى الجمهوريون أن مؤامرة تزوير انتخابية متقنة منعتهم من تولّي المنصب، أسهم المحافظون في كوارث أوكرانيا والتشرد والحياد عن الأهداف المناخية.
ويُنسَب إلى الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش مقولته الشهيرة، إنه نظر في عيني الرئيس بوتين، و كان قادرًا على الشعور بروحه".
واتخذ بوش سياسة "الإسكان أولاً" الكارثية المتمثلة في التخلي عن الوحدات السكنية، دون قيد أو شرط، لصالح المدمنين والمصابين بأمراض عقلية، وقد شجع العديد من الجمهوريين، في السنوات الأخيرة، دعم الطاقة المتجددة.
ولكن عندما يتعلق الأمر بفشل الغرب في ردع روسيا والصين التي تزداد استبدادًا وعنفًا، والندرة المتزايدة للطاقة، وعدم موثوقيتها، وتدمير المدن الأميركية بمشاهد المخدرات في الهواء الطلق، فإن الخطأ يقع مباشرة على عاتق الأشخاص الموجودين على الطرف الأيسر للطّيف السياسي.
إنكار الحقائق
أنكر القادة الغربيون، بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، ما كان واضحًا للعديد من المحللين لسنوات: وهو أن الرئيس بوتين كان يعتزم غزو أوكرانيا.
وحتى خلال استعداد القوات الروسية لخوض المناورات في الخريف الماضي، تساءل مستشار الأمن القومي لبايدن جيك سوليفان، قائلًا: "لماذا تتخذ روسيا مثل هذا العمل العسكري في ذلك الوقت"، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
وفيما يتعلق بالأهداف المناخية، خدعت أحزاب يسار الوسط في جميع أنحاء العالم نفسها للاعتقاد بأن اقتصاداتها عالية الطاقة يمكن أن تكون مدعومة بمصادر الطاقة المتجددة، في حين دعا مؤرّخو الطاقة، لقرون، لوجوب التخلّي عنها للوقود الأحفوري، من أجل حدوث الثورة الصناعية.
وكان الليبراليون -وليس المحافظون- في جميع أنحاء العالم هم من حاربوا لإغلاق المحطات النووية وسدّ خطوط أنابيب الغاز الطبيعي والبنية التحتية.
إستراتيجية المناخ والطاقة
كان بوسع الليبراليين والتقدميين أن يتبنّوا إستراتيجية للمناخ والطاقة، تركّز على الغاز الطبيعي والطاقة النووية المنتجة محليًا، كما حثثتهم على ذلك لأكثر من عقد، وهو ما فعله الرئيس بوتين، ما سمح له بالسيطرة على إمدادات الطاقة في أوروبا.
وكانت مثل هذه الإستراتيجية هي الوحيدة المجدية من وجهة نظر بيئية، ويعدّ الغاز الطبيعي والطاقة النووية التقنيتين المسؤولتين بشكل كبير عن خفض الانبعاثات لدى الولايات المتحدة وأوروبا، منذ السبعينات.
بدلًا من ذلك، اختار اليسار في أوروبا استيراد الوقود الأحفوري من روسيا، وسعى اليسار في الولايات المتحدة لاستيراد الألواح الشمسية المصنوعة من قبل المسلمين المستعبدين في الصين.
وفيما يتعلق بالجريمة، قلّلت المدن الليبرالية تدريجيًا من عواقب انتهاك القوانين، سواء من ناحية الإدمان أو العنف، مما أدى إلى ارتفاع جرائم القتل والسطو ومشاهد تعاطي وترويج المخدرات علنًا وفي الهواء الطلق.
وفيما يتعلق بالطاقة وتغير المناخ، انهمك التقدميون في تصوُّر أننا قادرون على تزويد العالم بالطاقة بمصادر طاقة ليس لها عواقب سلبية.
وقد أقنعوا أنفسهم بأن مصادر الطاقة المتجددة أفضل من جميع النواحي من الوقود الأحفوري والنووي، حتى عندما طالبوا بإعانات ضخمة، وبالحق في قتل الأنواع المهددة بالانقراض نتيجة نشر تلك المصادر.
وانخرط الليبراليون في التفكير الرغبوي بأنه يمكن الحفاظ على مستويات المعيشة المرتفعة بمستويات متقشّفة من استهلاك الطاقة، وبأن الفقراء والعاملين سيقبلون مستويات معيشية متدنّية.
في هذا السياق، يتضح أن مزاعم إنكار الواقع من جانب التقدميين كانت نوعًا من التوهم النفسي، وكان التقدميون هم من أنكروا حقائق التغير المناخي والطاقة ونوايا الرئيس فلاديمير بوتين.
* مايكل شلنبرغر - كاتب صحفي ومؤلف أميركي مهتم بقضايا البيئة وتغير المناخ
ملحوظة: نُشر هذا المقال لأول مرة في المدونة الشخصية للكاتب، وأعادت "الطاقة" نشره بالاتفاق معه.
اقرأ أيضًا..
- مقال - كيف تسبب نشطاء المناخ في أسوأ أزمة طاقة؟
- النفط الجزائري يتجه شمالًا لتأمين احتياجات أوروبا من الوقود
- إستراتيجية الطاقة في بريطانيا تتجاهل وضع حلول لأزمة ارتفاع الفواتير