بعد استبعاد أوبك+ بيانات وكالة الطاقة.. هل تتضرر العلاقات السعودية الأميركية؟
أحمد بدر
تتعرض العلاقات بين الرياض وواشنطن إلى ضغوط متزايدة، بعد دعم السعودية قرار أوبك+ الأخير، الخاص باستبعاد وكالة الطاقة الدولية من لجنة المصادر الرسمية التي تراقب الإنتاج الشهري لدول التحالف.
وتجاهلت منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك، وحلفاؤها بقيادة روسيا، وهي المجموعة المعروفة باسم أوبك+ -حتى الآن- الدعوات الغربية لزيادة الإنتاج، في محاولة لخفض أسعار النفط إلى أقل من 100 دولار للبرميل.
ووفقًا لتحليل أعدته وكالة رويترز؛ فإن القضية الحالية حساسة بسبب أسعار الطاقة المرتفعة، وهو أمر يرجع جزئيًا إلى حرب روسيا وأوكرانيا التي أدت إلى إذكاء التضخم، في وقت يواجه فيه الرئيس الأميركي، جو بايدن، ضغوطًا لخفض أسعار البنزين، قبل انتخابات الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
في الوقت نفسه، لا يوجد لدى السعودية وحلفائها أي استعداد لمساعدة أميركا، التي لم تتصدَّ لمخاوف الخليج بشأن إيران في المحادثات النووية في فيينا، وأنهت دعمها للعمليات الهجومية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وفرضت شروطًا على مبيعات الأسلحة الأميركية لدول الخليج.
اجتماع مارس
في أواخر مارس/آذار الماضي، صدر قرار بالإجماع من أوبك+ -بعد اجتماع استمر لأكثر من 6 ساعات ترأسته السعودية وروسيا، وحضرته الجزائر والعراق وقازاخستان والكويت ونيجيريا والإمارات وفنزويلا- بإلغاء أرقام وكالة الطاقة الدولية، عند تقييم حالة سوق النفط.
ووفقًا لتحليل رويترز؛ فإن القرار يُعَد رمزيًا إلى حد كبير؛ إذ إنه بإمكان أوبك+ دائمًا اختيار الأرقام التي تستخدمها من 6 مصادر خارج أوبك، عند تشكيل وجهة نظرها حول ميزان العرض والطلب في سوق النفط.
وقالت مصادر إن إسقاط البيانات رسميًا يعكس تصاعد الإحباط بشأن ما تعدّه أوبك+ تحيزًا من وكالة الطاقة الدولية تجاه الولايات المتحدة، أكبر عضو فيها.
وبشكل خاص، استشهدت المصادر بالمراجعة التصاعدية الكبيرة لوكالة الطاقة الدولية في الطلب التاريخي في فبراير/شباط الماضي، بالإضافة إلى وجهة نظر الوكالة حول مقدار النفط الخام الروسي الذي ستزيله العقوبات من الأسواق، والتي اعتبروها مبالغًا فيها.
وقال أحد المصادر المشاركة في القرار إن "وكالة الطاقة الدولية لديها مشكلة في الاستقلالية، تُترجَم إلى مشكلة تقييم فني"، بينما ذهب مصدر آخر إلى وصف الوضع بأنه "حرب باردة" بدأتها وكالة الطاقة الدولية.
رد وكالة الطاقة الدولية
قالت وكالة الطاقة الدولية إن تحليل بياناتها محايد سياسيًا، موضحة أنها "تسعى جاهدة لتقديم رؤية غير متحيزة ومستقلة لأساسيات سوق النفط، ولم تكن الاعتبارات السياسية أبدًا عاملًا في كيفية تقييم الوكالة لتوقعات السوق"، حسب وكالة رويترز.
وأضافت أن "تقرير سوق النفط يتضمن بيانات العرض والطلب والمخزون من مصادر رسمية، تكملها تقديرات عندما لا تكون هناك بيانات متوافرة".
وتأسست وكالة الطاقة الدولية -التي تضم 31 دولة صناعية- في عام 1974 لمساعدة الدول الصناعية في التعامل مع أزمة النفط، بعد أن أدى الحظر العربي -حينها- إلى تقليص الإمدادات ودفع الأسعار للارتفاع؛ حيث تقدم المشورة للحكومات الغربية بشأن سياسة الطاقة، وتعد الولايات المتحدة أكبر ممول لها.
الوكالة والسعودية والإمارات
قبل تصاعد التوترات خلال العام الجاري، تسبب تقرير لوكالة الطاقة الدولية قبل قمة المناخ كوب 26، أواخر العام الماضي، في أزمة مع السعودية والإمارات، بعدما طالب بعدم الاستثمار في مشروعات هيدروكربونية جديدة إذا كان العالم جادًا في تحقيق الحياد الكربوني.
وأدى هذا التقرير إلى مخاوف داخل أوبك+ من أن وكالة الطاقة الدولية تتجاهل استمرار الطلب على المدى المتوسط؛ إذ ألغت المنظمة طلب وكالة الطاقة الدولية للحصول على نفط إضافي لخفض الأسعار لتناسب الغرب، عندما رأت أن السوق مزودة بشكلٍ كافٍ.
وفي مارس/آذار الماضي، طالب وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، وكالة الطاقة الدولية بأن تكون "أكثر واقعية" وألا تصدر معلومات مضللة.
تحول وكالة الطاقة
في فبراير/شباط الماضي، فاجأت وكالة الطاقة الدولية سوق النفط بتعديل تقديرها الأساسي للطلب العالمي بنحو 800 ألف برميل يوميًا؛ أي أقل بقليل من 1% من حجم سوق النفط العالمية البالغة نحو 100 مليون برميل يوميًا.
وقال محللون إن المراجعة التي أعقبت إعادة تقييم تصاعدية للطلب على البتروكيماويات في الصين والسعودية إلى عام 2007، تؤدي إلى وجهة نظر مفادها أن سوق النفط أضيق مما كان يُعتقد سابقًا؛ ما يزيد من حُجة أن أوبك+ يجب أن تحاول زيادة الإنتاج بسرعة أكبر، وهو أمر لم توافق عليه السعودية.
بينما قالت وكالة الطاقة الدولية إن الاضطرابات الناجمة عن الوباء جعلت من الصعب الحصول على أرقام دقيقة، موضحة أنها نشرت مراجعتها بمجرد توافر المعلومات.
وأضافت: "لاحظت وكالة الطاقة الدولية لبعض الوقت عدم توافق متزايد في التغييرات الملاحظة والضمنية في المخزون، كما أن مراجعة تقديراتنا التاريخية للطلب على النفط المدرجة في تقرير فبراير/شباط قد قطعت شوطًا ما في سد تلك الفجوة".
في الوقت نفسه، رأى محللون أن تنبؤات وكالة الطاقة الدولية بشأن تأثير العقوبات في الإنتاج الروسي أثارت انتقادات من داخل أوبك+؛ كونها تهدف للضغط من أجل زيادة إنتاج أوبك.
وكانت الوكالة قد أعلنت أن إنتاج النفط الروسي قد ينخفض بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا من أبريل/نيسان، بينما قالت شركات تجارية، مثل فيتول وترافيجورا، إن صادرات النفط الروسية قد تنخفض بمقدار 2 إلى 3 ملايين برميل يوميًا.
ولكن -وفقًا لتقديرات محللين وبيانات روسية- انخفض إنتاج النفط الروسي بأقل من مليون برميل يوميًا فقط في أوائل أبريل/نيسان.
مقاومة أوبك+
حتى الآن، تقاوم أوبك+ دعوات الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الدولية لضخ المزيد من النفط لتهدئة أسعار الخام، التي ارتفعت إلى أعلى مستوياتها في 14 عامًا، بعد العقوبات الغربية على موسكو في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.
وقالت السعودية والإمارات، اللتان تمتلكان الجزء الأكبر من الطاقة الفائضة داخل أوبك، إن أوبك+ يجب أن تظل بعيدة عن السياسة، وفي اجتماع شهري في نهاية مارس/آذار، اتفقت المجموعة على زيادة شهرية متواضعة كانت مخططة مسبقًا.
وكان تحالف أوبك+ قد قرر إزالة وكالة الطاقة الدولية من لجنة المصادر الثانوية "الرسمية"، التي تراقب إنتاج النفط الخام الشهري للمجموعة؛ إذ قررت اللجنة الفنية تغيير وكالة الطاقة الدولية بأرقام من وود ماكنزي وريستاد إنرجي.
وتحسب أوبك+ حصة الإنتاج للأعضاء، بتقييم متوسط تقديرات الإنتاج للمصادر المستقلة الـ6، وهي آرغوس وإدارة معلومات الطاقة الأميركية وإس آند بي غلوبال بلاتس، وأي إتش إس ماركت، وإنرجي إنتليجنس، ووكالة الطاقة الدولية، التي حُذِفَت مؤخرًا.
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة في المغرب تحقق 7 أرقام مميزة خلال 2021 (إنفوغرافيك)
- الإنفاق على الطاقة النظيفة عالميًا يقفز إلى 710 مليارات دولار (تقرير)
- خدعة موسكو لتصدير النفط الروسي وتجنب العقوبات.. نصفه يمر عبر قناة السويس (خريطة)