تقارير الطاقة المتجددةتقارير الكهرباءرئيسيةطاقة متجددةكهرباء

الكهرباء في لبنان.. هل تنجح الطاقة المتجددة في إنهاء المعاناة؟ (3 رسوم بيانية)

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • أصبح انقطاع التيار الكهربائي جزءًا من الحياة اليومية للمواطنين اللبنانيين
  • أدى نفاد الوقود من محطتي الكهرباء الرئيستين في البلاد إلى انقطاع كامل للكهرباء
  • الحكومة اللبنانية توقفت عن الاستثمار في البنية التحتية وتوليد الكهرباء في أواخر التسعينات
  • رغم ارتفاع أسعار الوقود لم تُعَدَّل رسوم الكهرباء منذ عام 1992
  • يُعزى نصف إجمالي الدَّيْن اللبناني إلى مؤسسة كهرباء لبنان
  • يتمتع لبنان بـ 300 يوم مشمس سنويًا، ولديه وفرة من الرياح والطاقة الكهرومائية

يرى عدد من المحللين أن بإمكان التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة أن يساعد للخروج من أزمة الكهرباء في لبنان، ولكن فقط إذا كان مصحوبًا بإصلاح كامل لسوق الطاقة.

يأتي ذلك بعد أن أصبح انقطاع التيار الكهربائي جزءًا من الحياة اليومية للمواطنين اللبنانيين على مدى أوقات طويلة.

وبعد عقود من سوء الإدارة والفساد شهدها لبنان، وخلّفت منظومة طاقة غير موثوقة، انقطعت الكهرباء عن كامل الأراضي اللبنانية لمدة 24 ساعة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

حينذاك، نفد الوقود من محطتي الكهرباء الرئيستين في البلاد، ما أدى إلى انقطاع كامل الكهرباء في لبنان، وإجبار المستشفيات على وقف الإجراءات الحيوية، وفقًا لما نشره موقع إنرجي مونيتور قبل أيام.

في أغسطس/ آب من العام نفسه، ناشد المركز الطبي في الجامعة الأميركية ببيروت المجتمع الدولي للمساعدة، عندما لم يتبقّ لديه من الوقود ما يكفي لتشغيل مولداته سوى 48 ساعة.

بعد ذلك، لم يعد المركز قادرًا على تشغيل أجهزة التنفس، التي تعتمد عليها حياة 15 طفلاً وأكثر من 100 مريض يخضعون لغسيل الكلى.

أزمة الكهرباء في لبنان

كان انقطاع الكهرباء انعكاسًا لمشكلة أكبر، فقد بلغ سوء الإدارة والنقص الشديد في الوقود، طوال عقود، ذروته، وتحوّل لأزمة طاقة بدأت في عام 2020.

وتأتي أزمة الكهرباء في لبنان اليوم تتويجًا لعدم الاستقرار السياسي والأزمة المالية وتفشّي وباء كوفيد -19 والآثار الدائمة لانفجار ميناء بيروت عام 2020.

ووقع انفجار ميناء بيروت عندما انفجرت كمية كبيرة من نترات الأمونيوم المخزّنة فيه، ما تسبّب في مقتل المئات، وتسبّب بأضرار تبلغ نحو 15 مليار دولار، وترك ما يزيد عن 300 ألف مشرد.

وأشارت دراسة أجراها اتحاد أبحاث أدلة مكافحة الفساد (إيه سي إي) في المملكة المتحدة إلى أن الفساد وسوء الإدارة في قطاع الكهرباء في لبنان أسهما على مدى عقود لبنان في استنزاف المالية العامة وحرمان اللبنانيين من حقّهم في الحصول على كهرباء موثوقة وبأسعار معقولة.

مؤسسة كهرباء لبنان

ذكر مقال بعنوان "هل تجلب الطاقة المتجددة النور للوضع المظلم في لبنان؟" للكاتبتين الصحفيتين نور غنطوس وإيزابو فان هولم، ونشره موقع إنرجي مونيتور، أن مؤسسة كهرباء لبنان الحكومية هي أصل المشكلة.

وأضافت كاتبتا المقال أن مؤسسة كهرباء لبنان التي تبلغ سعتها التوليدية الإجمالية 3000 ميغاواط مسؤولة عن توصيل الكهرباء إلى جميع أنحاء البلاد.

وأشارتا إلى أن المؤسسة لم تنفّذ الإصلاحات الموعودة لجعل نظام الطاقة أكثر أمانًا وموثوقية، ما أدى إلى خسائر تقنية عالية، وعدم توافق كبير بين الطلب والتوليد.

وتمثّل الخسائر التقنية وغير التقنية معًا -على سبيل المثال: الاستهلاك غير المحسوب بموجب الفواتير أو التوصيلات غير القانونية- ما يصل إلى ثلث توليد الكهرباء السنوي لمؤسسة كهرباء لبنان.

استثمارات الكهرباء

يبيّن الزميل المشارك في معهد عصام فارس بالجامعة الأميركية في بيروت، مارك أيوب، أن الحكومة اللبنانية توقفت عن الاستثمار في الكهرباء، البنية التحتية والتوليد، في أواخر التسعينات، ولذلك بقي العرض ثابتًا، بينما استمر الطلب في الزيادة.

علاوة على ذلك، غطت مؤسسة كهرباء لبنان 63% فقط من إجمالي الطلب على الكهرباء في البلاد في عام 2018، ولبّت 78% من الطلب قبل 10 سنوات.

وتُعزى الفجوة المتزايدة إلى زيادة عدد السكان والاستهلاك في البلاد، فضلًا عن نقص الاستثمار في محطات توليد الكهرباء الجديدة.

وارتفع استهلاك الفرد من الطاقة الكهربائية في لبنان من 1343 كيلوواط / ساعة في عام 1995 إلى 2589 كيلوواط / ساعة في عام 2014، وفقًا للبنك الدولي.

وللمقارنة، كان استهلاك الفرد في المملكة المتحدة في ذلك الوقت 5130 كيلوواط/ساعة و 12994 كيلوواط/ساعة في الولايات المتحدة، بمتوسط ​​عالمي يبلغ 3128 كيلوواط ساعة.

أزمة الكهرباء في لبنان
شركة كهرباء لبنان - أرشيفية

الانقطاعات اليومية

تشير أبحاث البنك الدولي إلى أن المواطنين اللبنانيين يواجهون انقطاعًا يوميًا في التيار الكهربائي، يتراوح من متوسط ​​3 ساعات في مدينة بيروت إلى أكثر من 10 ساعات في باقي المناطق.

من ناحية ثانية، تعتمد الشبكة الوطنية على زيت الوقود المستورد، ما يجعل البلاد عرضة لندرة الوقود أو تغيرات أسعار النفط، على الرغم من ارتفاع أسعار الوقود، لم تُعَدَّل رسوم الكهرباء منذ عام 1992.

ونتيجة اقتراض الحكومة للأموال لدعم تكاليف الطاقة للحفاظ على التعريفات الأصلية، دُفِعَت البلاد إلى مزيد من الديون، وفقًا لما نشره موقع إنرجيمونيتور.

ويقول مارك أيوب، إن سعر النفط في التسعينات كان 20 دولارًا، وارتفع الآن إلى أكثر من 90 دولارًا للبرميل، لكن وزارة المالية تدفع الفرق.

ويضاف أنه في كل عام، تُحَوَّل موازنة قيمتها نحو 1.5 إلى 2 مليار دولار من وزارة المالية إلى مؤسسة كهرباء لبنان.

الكهرباء في لبنانأزمة قطاع الطاقة

يؤدي قطاع الطاقة دورًا رئيسًا في الأزمة المالية للبلاد؛ إذ يُعزى نصف إجمالي الدَّيْن اللبناني إلى مؤسسة كهرباء لبنان.

ووصف البنك الدولي الأزمة المالية اللبنانية بأنها "واحدة من أكبر 10 انهيارات اقتصادية حادّة في جميع أنحاء العالم منذ خمسينات القرن الـ19.

وتُظهر الأرقام الصادرة عن البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انخفض من ما يقرب من 55 مليار دولار في 2018، إلى 33 مليار دولار في عام 2020، وانكمش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 40%.

تدابير علاجية يائسة

نظرًا لأن المواطنين اللبنانيين لا يحصلون على كهرباء موثوقة، فإنهم يعتمدون على مولدات ديزل باهظة الثمن وملوِّثة.

ووفقًا لتقرير البنك الدولي بشأن مولدات الكهرباء الخاصة في لبنان، فإن أصحاب المولدات قد أنشؤوا اقتصادًا معقدًا وغير رسمي يقاوم الأنظمة والرقابة الحكومية.

ويقدّر البنك الدولي أن هناك أكثر من 32 ألف مولدة كهربائية في لبنان، ويعتمد عليها 75% من العملاء السكنيين والتجاريين في توليد الكهرباء.

وتوفر المولدات الكهرباء للمواطنين عندما تنقطع الكهرباء من شركة كهرباء لبنان، لكنها بعيدة كل البعد عن الحل المستدام، وتتغاضى الحكومة عن كون هذه المولدات ليست قانونية، ولا منظمة بشكل جيد.

وعلى الرغم من تلوث الوقود - في عام 2018، تسبّبت مولدات الديزل في أكثر من 11% من إجمالي انبعاثات لبنان.

وتوجد الآن سوق سوداء للديزل بين مالكي المولدات الخاصة، الذين حددوا أسعارًا عالية، فلا خيار أمام المواطنين الآخرين سوى اللجوء إليها عند وجود نقص في الوقود لدى مؤسسة كهرباء لبنان.

الكهرباء في لبنانالغاز المصري إلى لبنان

وافقت مصر، الغنية حديثًا بالوقود الأحفوري، على مدّ خط أنابيب غاز إلى لبنان في ديسمبر/كانون الأول 2021، ويمول البنك الدولي أيضًا خط أنابيب من الأردن إلى لبنان عبر سوريا من شأنه تعزيز قدرة لبنان بمقدار 250 ميغاواط.

كان من المفترض أن تبدأ واردات الغاز في فبراير/شباط 2022، لكن التأخير في التمويل والمخاوف بشأن العقوبات الأميركية على سوريا التي تعطّل التدفقات تسبّب في حدوث تأخيرات.

في أواخر مارس/ آذار، اتفقت الحكومة اللبنانية والبنك الدولي على خطط لبناء 3 محطات جديدة بطاقة 825 ميغاواط تعمل بالغاز الطبيعي وزيت الوقود الثقيل والديزل.

وتشمل الخطط الأخرى زيادة سعة التوليد بمقدار 520 ميغاواط في محطة توليد الكهرباء المؤقتة في دير عمار، التي ستُرَكَّب في المدة بين عامَي 2022-2026.

وسيتطلب ذلك زيادة في كمية الغاز المستورد من مصر، ومن المحتمل أن يكون مكلفًا؛ نظرًا لتقلّب السوق من حرب أوكرانيا.جيسيكا عُبيد - منصة الطاقة - الكهرباء

وفي حين يحتاج لبنان إلى 2000 ميغاواط من السعة الجديدة لسدّ العجز الحالي في إمدادات الكهرباء، فإن كل هذه الخطط لم تُدعَم حتى الآن بتمويل من البنك الدولي.

وتعتقد مستشارة سياسات الطاقة لدى الحكومات والمنظمات الدولية في الشرق الأوسط بمجال الكهرباء، جيسيكا عبيد، أن تقاعس الحكومة اللبنانية عن التعامل مع أزمة الطاقة لديها يشجّعه استعداد المجتمع الدولي لتقديم الدعم لمنع الانهيار الكبير.

دور مصادر الطاقة المتجددة

وفقًا لتوقعات الطاقة المتجددة لعام 2020 للبنان الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، تعدّ الطاقة المتجددة الآن إلى حدّ بعيد حل الطاقة الأقلّ تكلفة في البلاد. ويتمتع لبنان بـ 300 يوم مشمس سنويًا، ولديه وفرة من الرياح والطاقة الكهرومائية.

تحدد البيانات السياسية الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه اللبنانية، في فبراير/شباط 2022، مقترحات لتحسين قطاع الطاقة، وتشمل الحدّ من خسائر نقل الكهرباء، وتحسين أداء خدمات التوزيع، وتعزيز الحوكمة، ووضع الدولة على المسار الصحيح؛ لاستعادة الاستدامة المالية.

تجدر الإشارة إلى أن التحسينات مشروطة بعوامل مختلفة، بما في ذلك الدعم المالي والقانوني من الوزارات الداخلية وأصحاب المصلحة الدوليين.

من ناحية ثانية، تتضمن إستراتيجية فبراير/شباط 2022 خططًا لدمج نحو 1200 ميغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح و200 ميغاواط من تخزين الطاقة الشمسية في مزيج الطاقة في لبنان بحلول عام 2026.

وقد شكّلت الطاقة المتجددة، في عام 2018، أقلّ من 2% من إجمالي توليد الكهرباء، مع إحراز تقدّم ضئيل منذ ذلك الحين.

حتى مع احتساب 1000 ميغاواط المقصودة، يجب تركيب 3600 ميغاواط إضافية من سعة الطاقة المتجددة إذا كان لبنان يريد تحقيق هدفه لعام 2030 المتمثل في توليد 30% من الطاقة المتجددة.

اقرأ ايضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق