دعم الوقود الأحفوري.. 5 تريليونات دولار في 12 عامًا (تقرير)
من 2010 حتى 2021
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- الحكومات تضخّ نحو نصف تريليون دولار سنويًا لدعم الوقود الأحفوري
- دعم الوقود الأحفوري يحدث سواءً من خلال الإنتاج أو الاستهلاك
- النفط يستحوذ على الحصة الأكبر من الدعم الحكومي للوقود الأحفوري
- إجمالي دعم الوقود الأحفوري تجاوز 5 تريليونات دولار منذ 2010
- دعم الوقود الأحفوري مستمر رغم التعهدات المناخية
تمثل قضية دعم الوقود الأحفوري معضلة كبيرة أمام حكومات العالم؛ نظرًا للتكلفة الكبيرة التي تنطوي على كلا الأمرين، سواء إلغاؤه أو استمراره.
وأمام ذلك، فإن مخاطر تغيّر المناخ ترجّح ضرورة وقف دعم الوقود الأحفوري، لكن هذا الإجراء يجب إدارته بحكمة حتى لا يعاني العالم -خاصة الدول الفقيرة- من نقص كبير في إمدادات الطاقة.
ومنذ عام 2010 وحتى نهاية العام الماضي، أنفقت الحكومات أكثر من 5 تريليونات دولار في دعم استهلاك الوقود الأحفوري، وفقًا لموقع فيجوال كابتاليست، اعتمادًا على بيانات وكالة الطاقة الدولية.
وتقدّم الحكومات هذا الدعم لجعل الطاقة ميسورة التكلفة قدر الإمكان، لذلك فإن سحب مثل هذه المبالغ الضخمة سيُحدث هزة كبيرة للاقتصاد العالمي، ما لم يُدَرْ هذا الإجراء بالطريقة الصحيحة.
أشكال دعم الوقود الأحفوري
كل عام، تضخّ الحكومات في جميع أنحاء العالم ما يقرب من نصف تريليون دولار لدعم الوقود الأحفوري، ويتخذ ذلك شكلين رئيسين من خلال دعم الإنتاج أو الاستهلاك.
أولًا، تقدّم الحكومات تخفيضات ضريبية أو مدفوعات مباشرة تقلل من تكلفة إنتاج الفحم أو النفط أو الغاز، وتشجع على الاستثمارات، كما في الدول المتقدمة بصفة خاصة.
ثانيًا، تدعم الحكومات أسعار الوقود للمستخدم النهائي من خلال ضوابط الأسعار وغيرها من التدابير المماثلة، وهذا اتجاه أكثر شيوعًا في البلدان النامية.
وقدّم 52 من الاقتصادات المتقدمة والناشئة -تمثّل 90% من إمدادات الوقود الأحفوري العالمية- إعانات بقيمة 555 مليار دولار سنويًا بين عامي 2017 و2019، قبل أن تنخفض إلى 345 مليار دولار خلال عام 2020، بسبب الوباء، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
دعم استهلاك الوقود الأحفوري
تقدّر وكالة الطاقة الدولية أن العالم أنفق 440 مليار دولار على دعم استهلاك الوقود الأحفوري خلال عام 2021، وهو ما يمثّل زيادة بنسبة 142%، مقارنة مع العام السابق له.
وهذا يعني أن إجمالي دعم الحكومات للوقود الأحفوري سجّل 5.028 تريليون دولار، منذ عام 2010 وحتى نهاية عام 2021.
وكان من الممكن أن يتجاوز إجمالي الدعم هذا المبلغ، لولا وباء كورونا، الذي أدّى إلى انخفاض دعم الوقود الأحفوري سنويًا لأقلّ مستوى في عقد خلال 2020، عند 181.5 مليار دولار، مع تراجع أسعار النفط وانهيار الطلب على الوقود.
في المقابل، بلغ دعم الوقود الأحفوري أعلى مستوى في العقد الماضي عند 589.5 مليار دولار، خلال عام 2012.
الدعم حسب نوع الوقود
وفق الدعم المقدّم حسب نوع الوقود، حصل النفط والكهرباء المولّدان من الوقود الأحفوري معًا على ما يقرب من 75% من جميع أشكال الدعم، في حين كانت النسبة المتبقية من نصيب الغاز الطبيعي والفحم.
وبالتفصيل، يمثّل النفط 43%، ما يعادل 2.16 تريليون دولار من إجمالي دعم الوقود الأحفوري بين عامي 2010 و2020، لأن المشتقات النفطية مثل البنزين والديزل ضمن الأكثر استحواذًا على الدعم، لاستخدامها الكبير في قطاع النقل.
بينما حصلت الكهرباء المنتجة من خلال الوقود الأحفوري على دعم بقيمة 1.43 تريليون دولار في العقد الماضي، في حين استحوذ الغاز الطبيعي والفحم على 968.9 و25.7 مليار دولار من الدعم على التوالي، بين عامي 2010 و2020.
لماذا تدعم الحكومات الوقود الأحفوري؟
على الرغم من الدفع المتزايد للانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، فإن هذه الصناعة ما تزال تجني مزايا الدعم السنوي المتواصل، لأسباب عدّة.
واستحوذ الوقود الأحفوري على 70% من إجمالي الدعم المقدّم لقطاع الطاقة حول العالم في عام 2020 عند 634 مليار دولار، مقابل 20% و6% و3% للطاقة المتجددة والوقود الحيوي والطاقة النووية على التوالي، بحسب الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).
وبالنسبة للمستهلكين، أصبحت التدفئة والنقل أكثر تكلفة، في حين ترتفع تكلفة السلع والخدمات بالنسبة للمنتجين الذين يعتمدون على الوقود الأحفوري، مع الطلب المتزايد جراء النمو الاقتصادي والسكاني.
لذلك، تلجأ الحكومات إلى تقديم الإعانات للإبقاء على الأسعار منخفضة وتشجيع النشاط الاقتصادي، لأن ارتفاع الأسعار قد يُحدث تقلبات عنيفة في الاقتصاد.
وهذا ما يفسّر التباطؤ العالمي نحو إلغاء دعم الوقود الأحفوري، لا سيما في البلدان النامية التي يفتقر سكانها أساسًا إلى الوصول للكهرباء بأسعار معقولة.
وعلى الرغم من أن إزالة دعم الوقود الأحفوري ستكون ذات تكلفة عالية، فإن استمراره يُحدث آثارًا ضارة، كون خفض الأسعار بشكل مصطنع يمكن أن يشجع الاستهلاك المفرط لأنواع الوقود كثيفة الكربون، ما يؤثر سلبًا في البيئة والصحة العامة.
إلغاء الدعم
تقدّر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) تكلفة الآثار البيئية والصحية السلبية للوقود الأحفوري بما بين 2.6 إلى 8.1 تريليون دولار حول العالم.
واستنادًا للتكلفة الكبيرة لاستمرار دعم الوقود الأحفوري، والتداعيات السلبية التي يُحدثها تغيّر المناخ، جراء استخدام هذا المصدر كثيف الكربون، تعمل العديد من الدول حاليًا على وقف الدعم.
وفي قمة المناخ كوب 26، تعهدت مجموعة من 25 دولة ومؤسسة دولية بوقف معظم الاستثمار العام في مشروعات الوقود الأحفوري خارج الحدود، بحلول نهاية عام 2022.
وبحسب منظمة ستاند إيرث البيئية، تجاوز السحب العالمي لاستثمارات الوقود الأحفوري 39.2 تريليون دولار، منذ بدء المنظمة رصد ذلك سنويًا عام 2014.
ووفقًا لتقرير المعهد الدولي للتنمية المستدامة الصادر في يوليو/تموز الماضي، فإن إلغاء دعم استهلاك الوقود الأحفوري في 32 دولة قادر على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمعدل 6%، بحلول عام 2025.
موضوعات متعلقة..
- بريطانيا تقود مجموعة الـ7 لإلغاء دعم الوقود الأحفوري
- سحب الاستثمارات.. هل ينزع الشرعية عن الوقود الأحفوري قبل كوب 26؟
- هل التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري وراء أزمة الطاقة الحالية؟
اقرأ أيضًا..
- النفط الروسي.. كم يبلغ حجم واردات دول أوروبا؟
- محطات الغاز.. التوسع مستمر رغم التعهدات المناخية (تقرير)