تقنية جديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر بكفاءة أعلى (فيديو)
بالتعاون بين فريقين مصري وصيني
داليا الهمشري
توصّل فريق بحثي مصري إلى تقنية جديدة للتحليل الكهربائي، ضمن خطة إنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، وذلك من خلال تصميم أقطاب كهربائية أكثر فاعلية من حيث التكلفة والكفاءة.
ووضع الباحثون المصريون -بالتعاون مع فريق بحثي صيني- إستراتيجية سريعة ومباشرة لتعديل سطح الحديد المقاوم للصدأ، باستخدام محفزات من فوسفيد المعادن لتوفير أقطاب كهربائية تتميز بثبات عالٍ تحت ظروف العمل لتفاعلَي تصاعد الأوكسجين والهيدروجين في أنظمة التحليل الكهربائي للماء خلال إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتُعدّ أفضل المحفزات لكل من تفاعلي تصاعد الهيدروجين، وتصاعد الأكسجين، من المواد النبيلة ذات الأساس المعدني، إلّا أن تكلفتها العالية وضعف متانتها على المدى الطويل وندرتها تعوق تطبيقها على المستوى الصناعي.
وتأتي هذه الإستراتيجية الجديدة في إطار سعى الباحثين إلى تطوير آليات التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة مماثلة لتلك التي يتطلبها إنتاج كل من الهيدروجين الرمادي والأزرق، وهو الهدف المتوقع تحقيقه خلال الـ 10 سنوات المقبلة.
وقود محايد للكربون
قال الباحث المتخصص في مجال الكيمياء الكهربية وكيمياء مواد الطاقة بمدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية بالإسكندرية، الدكتور أبوبكر أحمد نصر، إن فكرة البحث جاءت في إطار التوجه العالمي للتوسع بمصادر الطاقة المتجددة وتحقيق التنمية المستدامة.
وأضاف نصر -في تصريحات خاصة إلى "الطاقة"- أن الوقود الأحفوري، الذي يُعدّ المصدر الرئيس للطاقة في جميع أنحاء العالم، ينضب بسرعة بسبب زيادة الطلب على مصادر الطاقة، نتيجة زيادة التعداد السكاني والتوسع الصناعي حول العالم.
بالإضافة إلى الانبعاثات الكربونية الصادرة عن توليد الكهرباء من مصادر الطاقة التقليدية، والتي تسهم بشكل كبير في ظاهرة الاحتباس الحراري، لافتًا إلى ضرورة الاتجاه لما يسمى بـ"اقتصاد الهيدروجين".
وأبرز نصر أن الهيدروجين أصبح مرشحًا واعدًا لتوفير الطاقة الخضراء والمستدامة بسبب كثافة الطاقة العالية المتولدة عنه، بجانب كونه وقودًا محايدًا للكربون.
تقنية صديقة للبيئة
أشار الباحث في مجال كيمياء مواد الطاقة أبوبكر أحمد نصر، إلى أن التحليل الكهربائي للماء قد اكتسب مؤخرًا كثيرًا من الاهتمام بوصفه تقنية صديقة للبيئة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر بديلًا عن التكنولوجيات المعتمدة على الوقود الأحفوري.
وتعتمد تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي على فصل الماء إلى مكوناته الأساسية، وهي الهيدروجين والأكسجين من خلال تفاعلين كيميائيين كهربيين، هما تفاعل تصاعد الأوكسجين عند الأنود، وتفاعل تصاعد الهيدروجين عند الكاثود.
وأوضح نصر أن تفاعل تصاعد الأكسجين في القطب الكهربائي الأنودي للمُحَلِّل الكهربي للماء يُعدّ تفاعلًا ديناميكيًا حراريًا شاقًا، ويحدث بصورة بطيئة.
وأضاف أن هذا التفاعل يحدّ بشدة، ليس فقط من الكفاءة الكلّية للتحليل الكهربائي للماء، ولكن -أيضًا- من كفاءة تقنيات بطاريات تخزين وتحويل الطاقة الأخرى، مما يجعله تحديًا حاسمًا لهذه التكنولوجيات يحتاج إلى مزيد من البحث والتطوير.
ونظرًا لارتفاع تكلفة وضعف متانة المحفزات المستخدمة في عمليتي تصاعد الهيدروجين والأوكسجين خلال التحليل الكهربائي للماء، رأى الفريق البحثي المصري أنّ تطوير مواد مجدية اقتصاديًا يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية لإسهامه بتسهيل انتشار التطبيقات على مستوى واسع النطاق في تقنيات تخزين وتحويل الطاقة الكهروكيميائية.
الترسيب الكهربائي
تُعدّ تقنية التحليل الكهربائي للماء في الوسط القلوي إحدى التكنولوجيات التي تتيح استخدام العناصر الانتقالية وأكاسيدها بصفة مواد محفزة لكل من تفاعلَِي تصاعد الأوكسجين والهيدروجين.
إلّا أن تحسين هذه المحفزات يحتاج إلى مزيد من البحث والتطوير للتقليل من الجهد الفوقي (الزائد) لهذه التفاعلات (أي جعل هذه التفاعلات تحدث عند جهد أقرب إلى القيم القياسية).
ولذا لجأ الباحثون إلى استخدام الحديد المقاوم للصدأ (L316Stainless steel ) حاملًا للمواد المحفزة -وهي جزيئات فوسفيد النيكل (NiP) النانومترية- والتي حُضِّرَت على سطح المادة الحاملة باستخدام تقنية الترسيب الكهربائي.
ولفت الدكتور نصر إلى أن تقنية الترسيب الكهربائي تُعدّ تقنية سريعة وبسيطة من خطوة واحدة، ولا تحتاج إلى معالجات بعد التحضير في أغلب الأحوال.
ثم استخدم الباحثون المواد المحفزة المحملة على الحديد المقاوم للصدأ بصفة قطب كهربي واختباره لكل من تفاعلَي تصاعد الأوكسجين والهيدروجين لدراسة إمكان تطبيق هذه الأقطاب في تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي.
كما درس الباحثون -خلال التجربة- زمن الترسيب للمحفز على سطح المادة الحاملة للحصول على أعلى كفاءة لهذه التفاعلات، والوصول إلى السطح المثالي، الذى يتميز بتركيب مسامي عالٍ للغاية، ومساحة سطح كهربائية عالية، يسمحان بامتصاص المتفاعلات وانتشار النواتج من على سطح القطب بسهولة وسرعة.
تحفيز التفاعلات
أظهرت الدراسات الكهروكيميائية أن الأقطاب المحضّرة في هذا البحث تتميز بأداء عالٍ من النشاط في تحفيز تفاعل تصاعد الأوكسجين ليحدث عند جهد فوقي يبلغ 238 و271 مللي فولت عند كثافة تيار تبلغ 10 و100 مللي أمبير لكل سنتيمتر مربع على التوالي.
وأفاد الدكتور أبوبكر نصر أن هذه نتيجة ممتازة جدًا مقارنة بما هو مثبت في المراجع العلمية الحديثة.
أمّا بالنسبة لتفاعل تصاعد الهيدروجين، فقد ذكر الدكتور نصر أنه توصّل إلى جهد فوقي قدره 268 مللي فولت عند كثافة تيار 10 مللي أمبير لكل سم، مؤكدًا أن هذه النتيجة -كذلك- تُعدّ قيمة جيدة إلى حدّ ما، مقارنةً بالمراجع العلمية الحديثة.
كما أظهرت دراسة الثبات الكهربي للأقطاب ثباتًا عاليًا لكل من التفاعلين في ظل ظروف التحليل الكهربائي ذات الصلة، لمدة 24 ساعة، وهو ما يجعل هذه الأقطاب مرشحة للاستخدام بتكنولوجيا التحليل الكهربائي للماء في الوسط القلوي.
تجميع محلل كهربائي جديد
علاوة على ذلك، قام الباحثون بتجميع محلل كهربائي تجريبي في المعمل من الأقطاب المحضرة، إذ حقق جهدًا قدره 1.77 فولت عند 10 مللي أمبير لكل سنتيمتر مربع.
وقام بهذه الدراسة فريق مصري مكوّن من أستاذ علوم المواد بمدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية بالإسكندرية، الأستاذ الدكتور عبد الهادي قشيوط، والباحث المتخصص في مجال الكيمياء الكهربية وكيمياء مواد الطاقة بالمدينة، الدكتور أبوبكر أحمد أمين نصر، وفريق صيني برئاسة الأستاذ بالأكاديمية الصينية للعلوم، الدكتور إستينهاي فين، وطالب الدكتوراة بالأكاديمية والمدرس المساعد بقسم الكيمياء بكلية العلوم – جامعة الازهر بأسيوط، أحمد زكى الحاكمي.
توطين الهيدروجين الأخضر في مصر
تتصدّر مصر الدول التي بدأت في وضع خطط لتوطين الهيدروجين الأخضر، وشكّلت الحكومة لجنة تضطلع بمسؤولية إعداد إستراتيجية وطنية لإنتاج الهيدروجين.
وأعلنت عددًا من المشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، والهيدروجين الأزرق والأمونيا الزرقاء.
وشهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس -في 11 مارس/آذار الجاري- مراسم توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنتاج الأمونيا الخضراء من الهيدروجين الأخضر بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وهيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، وشركة سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة.
وتبلغ تكلفة المشروع نحو 5 مليارات دولار، وسيُنفَّذ على مرحلتين، وسيبدأ الإنتاج في 2025.
وبموجب مذكرة التفاهم، تتولى شركة سكاتك النرويجية إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر بكميات تتراوح ما بين 50 -100 ميغاواط، لتوريدها إلى الشركة المصرية للصناعات الأساسية المملوكة لشركة فيرتيغلوب -الرائدة في إنتاج الأمونيا- والتي ستستخدم -بدورها- الهيدروجين الأخضر مادةً وسيطة تكميلية لإنتاج أكثر من 45 طنًا متريًا من الأمونيا الخضراء سنويًا، بموجب عقد شراء طويل الأجل.
كما وقّعت الحكومة 5 مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات ذات الخبرات التكنولوجية المتعددة للبدء في المناقشات والدراسات الخاصة بتنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر بخطوة أولى نحو التوسع في هذا المجال، وصولًا إلى إمكان التصدير.
شاهد| عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر بتقنية جديدة
مشهد لإناء زجاجي بسعة 200 مم به محلول مائي قلوي، وضعت فيه أقطاب كهربائية صُنعت بتحميل مادة محفزة من فوسفيد النيكل على سطح الحديد المقاوم للصدأ. بتطبيق التيار الكهربائي على الأقطاب يتحلل الماء إلى #الهيدروجين والأوكسجين (الفقاعات) pic.twitter.com/12ue9ud503
— الطاقة (@Attaqa2) March 18, 2022
موضوعات متعلقة..
- سيمنس تبدي رغبتها بضخ استثمارات جديدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر (فيديو)
- الحياد الكربوني.. 5 مشروعات عالمية تستخدم الهيدروجين لخفض الانبعاثات (تقرير)
- مدينة عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بأكثر من 2.5 مليون طن سنويًا
اقرأ أيضًا..
- النفط الروسي.. هؤلاء أبرز المشترين بعد قرارات الحظر (إنفوغرافيك)
- حقل الدرة.. 4 أسباب تعزز أهميته الإستراتيجية للسعودية والكويت
- مسؤول: الربط الكهربائي بين إيران وقطر ينطلق قريبًا
- هل يعوّض الغاز الليبي والجزائري نقص الإمدادات الروسية في أوروبا؟ (تقرير)