انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا.. هل تتخطى الدولة عقبة التمويل؟
في ظل نقص إمدادات الكهرباء وضعف أداء المحطات وعدم توافر بدائل
هبة مصطفى
يفرض واقع انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا نفسه على الاحتفاء العالمي بتوفير تمويل مناخي قُدِّر بما يقرب من 8.5 مليار دولار خلال قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26.
لكن تمويل المناخ المخصص لدعم انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا كان يفتقر لسياسات وقواعد إنفاق واضحة، خاصة أنه طُرح بالتزامن مع نقص الكهرباء ولجوء المرفق الوطني بالبلاد "إسكوم" بفصل وتوزيع الأحمال لتخفيف الضغط على الشبكة في نقص الإمدادات.
وبينما لم تعلن الجهات الراعية لتمويل المناخ المخصص لدعم انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا وجهات إنفاقه، خرج مسؤول أميركي بتصريح -مطلع الشهر الجاري- يفيد بإنفاق تلك المخصصات على وقف عمل محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
تمويل المناخ
كانت مجموعة من الدول الكبرى قد شكّلت -بالتزامن مع انعقاد قمة كوب 26- ما عُرف باسم "شراكة الانتقال العادل للطاقة"، بمشاركة أميركا والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، بصفة كيان يتولى توفير تمويل المناخ للدول الأكثر إنتاجًا للانبعاثات الكربونية.
وحاولت تلك الدول إظهار أنفسها نموذجًا للدول الغنية الداعمة للدول التي تنتج ملوثات الوقود الأحفوري، وأشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالشراكة التي خصصت 8.5 مليار دولار لدعم انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا.
وتولّى صندوق استثمارات المناخ -التابع للبنك الدولي- مسؤولية توفير تمويل انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا، لكن دون الإعلان حتى الآن عن رؤية تمويل المناخ وموعد تخصيصه وجهات إنفاقه والبدائل المطروحة لتوفير الإمدادات حال الاستغناء عن محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
ولم يشمل إعلان تمويل المناخ لدعم انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا إذا ما كان سيُخصص لإغلاق محطات الفحم فقط، أم تطوير مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وسُبل توليد الكهرباء صديقة البيئة، وإزالة الكربون من قطاع النقل عبر تطوير البنية التحتية للسيارات الكهربائية، أو مشروعات الهيدروجين.
كما إنه لم يتطرق -أيضًا- لأهم مرتكزات التخلّي عن الفحم (تطوير الشبكة) التي ستكون حجر الزاوية إمّا لتعزيز أو إضعاف أيّة محاولات ربط بالمصادر المتجددة.
فوجهات الإنفاق لتمويل انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا متعددة، وفي المقابل التمويل المخصص من قبل مجموعة الشراكة غير كافٍ لتغطية كل جوانب انتقال الطاقة.
- تمويل المناخ في جنوب أفريقيا يستهدف محطات الكهرباء العاملة بالفحم
- كهرباء إسكوم في جنوب أفريقيا ضحية الارتفاع العالمي لأسعار الطاقة
الموقف الأفريقي والأميركي
كانت مجموعة معنية بالاستشارات الاقتصادية "ميريديان إيكونوميكس" -ومقرّها كيب تاون- قد اقترحت قبيل قمة المناخ كوب 26، في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، توفير الدول الغنية تمويلًا لدعم انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا والدول النامية، للتخلص من الفحم.
وقدّمت ميريديان إيكونوميكس حينها دراسة حول مدى دعم تمويل انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا لخفض الانبعاثات والتحول لمصادر كهرباء أكثر نظافة من الفحم.
لكن استمرت حالة الغموض حول وجهات إنفاق تمويل المناخ المعلَنة بقيمة 8.5 مليار دولار، وكيفية دعمه انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا، إلى أن حسمَ مسؤول أميركي مطلع الشهر الجاري الموقف بالتأكيد على أن تلك المخصصات ستُنفَق على إغلاق محطات الفحم، دون تحديد آليّة لذلك، أو خطط توفير بدائل الإمدادات.
وأكد أنه بحلول انعقاد قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 27 في مصر العام الجاري، ستكون الدول المانحة قد توصلت لاتفاق مع جنوب أفريقيا، حول خطط استثمار انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا، ووجهات إنفاق تمويل المناخ المقدَّم في صورة منح وقروض ميسرة.
آليات انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا
لا يختلف اثنان على أهمية دعم انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا، لطبيعة البلاد التي تعتمد في توفير إمدادات الكهرباء على محطات الفحم التي تُسهم بأكبر معدلات الانبعاثات الكربونية.
لكن الحديث عن توفير تمويل المناخ لدعم انتقال الطاقة في جنوب أفريقيا يفتقر لقراءة الواقع والاحتياجات، والجانب الأهم أنه يفتقر لخطط واضحة مستندة لآليات وسياسات محددة.
فإغلاق محطات الكهرباء العاملة بالفحم عبارة واسعة النطاق، لا تشير إلى بدائل واقعية لتلك الدولة التي تعاني فقر الكهرباء.
إذ يشير الواقع في جنوب أفريقيا إلى ضعف أداء محطات الكهرباء، ومن ضمنها المحطات الجديدة، مثل محطتي ميدوبي وكوسيل، فرغم أنهما صُممتا بتقنيات تجعل إنتاجهما أكثر نظافة، فمعدلات قدرة توليد الكهرباء منهما جاءت مخيبة للآمال رغم تكلفتها العالية، وفق صحيفة إي إس آي أفريكا.
وواجهت المحطتان خلال المدة الماضية أعطالًا عادة لا تواجهها المحطات الحديثة، وأسهم أداؤهما الضعيف في زيادة مشكلات نقص إمدادات الكهرباء؛ لذا يصعب الحديث عن التخلي عن الفحم.
ولضبط الأمر، يتطلب المشهد الحدّ من الحديث عن تمويل المناخ، والتركيز على سُبل وآليات وخطط إنفاق هذا التمويل المخصص لوقف محطات الفحم التي تعدّ المصدر الوحيد حاليًا لتوفير إمدادات الكهرباء لتلك الدولة، رغم ضعف أداء المحطات.
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة في المغرب تعوض غياب إمدادات الغاز الجزائري
- قطر تدشن مشروعًا جديدًا لزيادة صادراتها من الغاز المسال
- هل يشعل بايدن سعر البنزين والمشتقات النفطية في أميركا؟ (تقرير)