أسواق تعويضات الكربون تشهد تقلبات نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا
مي مجدي
تنعكس آثار الحرب الروسية على أوكرانيا ليس فقط على أسواق الطاقة والسيارات الكهربائية والحبوب، لكنها أصبحت ملموسة في أسواق تعويضات الكربون أيضًا.
وفي هذا الصدد، طرحت منصة "كلايمت إمباكت إكس" العديد من التساؤلات حول تأثير الحرب الروسية في أسواق تعويضات الكربون العالمية، خلال فعالية في سنغافورة عُقدت أمس الأربعاء 16 مارس/آذار.
ويرى العديد من المسؤولين التنفيذيين للشركات أن الحرب الروسية على أوكرانيا تعزّز الطلب على الوقود الأحفوري وانبعاثات الكربون على المدى القريب، ويعني ذلك أن الشركات ستحتاج إلى أرصدة الكربون لتعويض الانبعاثات، وسينعكس ذلك بوضوح على أسعار الكربون.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، شهدت أسعار الكربون تقلبات شديدة، إذ انخفضت أسعار بدل الكربون في الاتحاد الأوروبي بنحو 42% في غضون أسبوع، قبل أن تشهد انتعاشًا قويًا.
وأثّر تقلب الأسعار في اتجاهات أسواق الكربون حول العالم، لا سيما السوق الطوعية وأسواق الكربون الإقليمية.
تعويضات الكربون والحرب الروسية
أجبر الغزو الروسي لأوكرانيا أوروبا على خفض اعتمادها على الإمدادات الروسية، خاصة إمدادات الغاز الطبيعي، ومن المحتمل أن يدفعها ذلك إلى الاعتماد على استيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال، وتعزيز توليد الكهرباء من الفحم، وكلها خيارات أكثر كثافة للانبعاثات.
ورغم محاولات القارة العجوز تسريع وتيرة الانتقال إلى الطاقة النظيفة على المدى الطويل، فإن الحال قد ينتهي بها إلى حرق مزيد من الفحم على المدى القصير، حسب موقع إس آند بي غلوبال بلاتس.
وتتوقع العضو المنتدب في مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة، كلير أونيل، أن العالم سيشهد ارتفاعًا ملحوظًا في الانبعاثات خلال العام الجاري بسبب انتعاش الطلب على الوقود الأحفوري.
وأضافت أن الوضع الحالي يستلزم البحث عن حلول لإزالة الكربون مع تزايد الانبعاثات التي يتعيّن إزالتها، إلى جانب زيادة التركيز على عمليات إزالة الكربون عالية الجودة المصحوبة بفوائد مشتركة.
بينما يرى رئيس تطوير سوق الكربون في شركة ستاندرد تشارترد للخدمات المصرفية، كريس ليدز، أن الطلب على أرصدة الكربون سيرتفع، وسيُسهم ذلك في تداول أسعار معقولة للكربون عالميًا.
وقال إن آلية تعديل الكربون عبر الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي، التي تحدد سعرًا للكربون على واردات السلع والمواد، هي مثال على كيفية ترابط أسعار الكربون في جميع أنحاء العالم، وصلتها بالتجارة العالمية.
وأضاف أن الروابط المتنامية بين أسواق الكربون في جميع أنحاء العالم، مثل الأسواق الصينية والهندية والأميركية، تعني أن تبادلات الكربون العالمية ستكتسب أهمية متزايدة، وتوفر مؤشرات أسعار مهمة للأشخاص الراغبين في تقليل الانبعاثات.
تداول الكربون
خلال الفعالية، أطلقت منصة كلايمت إمباكت إكس منصة تداول كربون رقمية تُعرف بـ"بروجيكت ماركتبليس"، التي تسمح للشركات وموردي مشروعات الكربون في جميع أنحاء العالم بتبادل أرصدة الكربون، إذ تسعى سنغافورة لتصبح مركزًا تجاريًا لتبادل الكربون.
وفي النصف الثاني من العام الجاري، تهدف منصة كلايمت إمباكت إكس إلى التوسع في حلول إزالة الكربون المعتمدة على التكنولوجيا، مثل أرصدة احتجاز الكربون وتخزينه.
وقال الرئيس التنفيذي للمنصة، ميكيل لارسن: "أتوقع تسعير أرصدة الكربون الخاصة بمشروعاتنا بسعر مرتفع".
وقدرت بلاتس أرصدة الكربون المستندة إلى الطبيعة عند 10.20 دولارًا أميركيًا/طن متري من ثاني أكسيد الكربون، أمس الثلاثاء 15 مارس/آذار، بانخفاض 30% عن مستويات الشهر الماضي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
اضطراب أسواق الكربون الأوروبية
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى اضطراب الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم، ولم تكن سوق ائتمان الكربون الأوروبية استثناءً، فمع ارتفاع أسعار النفط، تراجعت أسعار ائتمان الكربون.
فبعد الغزو، انهارت علاوات الاتحاد الأوروبي، وانخفضت من 59 يورو (104.46 دولارًا أميركيًا)/طن متري إلى 55 يورو/طن في 5 أيام، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 35% في القيمة.
(يورو= 1.10 دولارًا أميركيًا)
ويُعد تسعير الكربون أساس السياسات المناخية في الاتحاد الأوروبي للحد من انبعاثات الكربون في القطاعات التي تستهلك طاقة عالية، وجزءًا من حزمة "فيت فور 55" التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030.
وبعد قمة المناخ كوب 26 العام الماضي، ارتفع سعر الكربون في الاتحاد الأوروبي إلى مستويات قياسية، واستمر في الصعود خلال يناير/كانون الثاني مع ارتفاع التضخم وأسعار الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تحذر: نقص النفط الروسي يهدد بصدمة في المعروض
- تراجع كبير في صادرات الفحم والنفط والغاز الروسية خلال مارس
- خطط إسكتلندا لتغير المناخ غير كافية.. ومخاطر تهدد أهداف خفض الانبعاثات