دعم الوقود في نيجيريا يواجه عقبة جديدة بعد ارتفاع أسعار النفط (تقرير)
وتقديرات تكلفة فاتورة الدعم تقفز إلى 1.4 مليار دولار
هبة مصطفى
مع ارتفاع أسعار النفط، لا يزال ملف دعم الوقود في نيجيريا صداعًا في رأس الحكومة، في ظل احتجاجات شعبية وطوابير مكدّسة أمام محطات الوقود، وهي الأزمة التي تتواصل منذ أشهر، بينما يعوّل المسؤولون على مواصلة الدعم لتجاوزها.
ورفع البنك الدولي تقديراته لتكلفة فاتورة دعم الوقود في نيجيريا إلى 4 تريليون نايرا، في حين ذهب خبراء إلى تقديرات تفوق البنك الدولي، حلّقت حول 6 تريليونات نايرا (مليار و440 مليون دولار).
في غضون ذلك، يُشكّل ارتفاع أسعار النفط العالمية وانخفاض الإنتاج المحلي بنيجيريا ضغطًا على الحكومة بشأن ملف دعم الوقود، فما هي الخيارات المتاحة أمام الحكومة؟
تقديرات دعم الوقود
ارتفعت تقديرات المدير القطري للبنك الدولي في نيجيريا، تشوبام تشودري، حول تكلفة دعم الوقود خلال العام الجاري إلى 4 تريليونات نايرا، وهي تكلفة تزيد عمّا أعلنته الحكومة بما يقارب 3 تريليونات نايرا.
وأرجع تقديره المرتفع لتكلفة الدعم إلى قرار الحكومة بتأجيل إلغاء الدعم لمدة تصل إلى عام ونصف، لافتًا إلى أن إرجاء رفع الدعم هو قرار سياسي وليس اقتصاديًا، في إشارة إلى رغبة الحكومة النيجيرية بامتصاص الغضب الشعبي.
وبيّن أن الحكومة النيجيرية ستحتاج إلى 360 مليار نايرا شهريًا -خلال العام الجاري- حتى تتمكن من مواصلة دعم الوقود.
1 نايرا نيجيرية = 0.0024 دولارًا أميركيًا
وأكد تشودري، في تصريحات خلال زيارته مقر صحيفة "بانش" النيجيرية، أن تلك القرارات السياسية تكبّد الحكومة تكلفة مالية لاستمرار دعم الوقود، مستبعدًا استفادة نيجيريا من ارتفاع أسعار النفط الخام على الصعيد العالمي.
ويتماشى تقدير ممثل البنك الدولي في نيجيريا مع اتجاه تقديرات رابطة كبار مُسوّقي النفط في نيجيريا، بل وفاقتها، إذ أوضح السكرتير التنفيذي للرابطة، كليمينت إيسونغ، أن تكلفة فاتورة الدعم للعام الجاري ستصل إلى 6 مليارات نايرا، في حال استمرار ارتفاع أسعار النفط الخام بالأسواق العالمية.
- دعم الوقود في نيجيريا.. صندوق النقد يصر على الإلغاء رغم الاحتجاجات
- أزمة الوقود في نيجيريا تتفاقم.. ومطالبات بإقالة مسؤولين كبار في قطاع النفط
ارتفاع الأسعار.. وانخفاض الإنتاج
كانت التوقعات تتّجه لتلقّي أسعار النفط النيجيرية دعمًا من ارتفاع الأسعار على الصعيد العالمي، لكن استمرار دعم الوقود في ظل انخفاض الإنتاج المحلي لم يحقّق العوائد المتوقعة من ارتفاع الأسعار العالمية.
ودلّل ممثل البنك الدولي في نيجيريا على تفسيره بوقوف استمرار الدعم وراء عدم تحقيق نيجيريا مكاسب من ارتفاع الأسعار العالمية، بارتفاع تكلفة الدعم من 180 مليار نايرا إلى 200 مليار نايرا شهريًا، حين كان يبلغ سعر برميل النفط العالمي 85 دولارًا للبرميل.
وكذلك ارتفعت تكلفة دعم الوقود في نيجيريا إلى 250 مليار نايرا شهريًا لدى ارتفاع النفط إلى 90 دولارًا للبرميل، وبقفزة أسعار النفط إلى ما يزيد عن 100 دولار للبرميل ترتفع التقديرات السنوية لتكلفة دعم الوقود حتى 4 تريليونات نايرا.
في السياق ذاته، أكد وزير النفط النيجيري، تيمبري سيلفا، أن انخفاض الإنتاج المحلي في ظل استمرار الدعم لم يحقق لبلاده المكاسب المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط العالمية.
وانخفض إنتاج النفط في نيجيريا عن الحصة التي قرّرتها أوبك، إذ أنتجت نيجيريا 1.46 مليون برميل يوميًا، خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، في حين إن الحصة المقررة من قبل أوبك لذلك الشهر قُدِّرت بـ 1.683 يوميًا.
ورغم الأداء المنخفض لإنتاج نيجيريا، فإن أوبك رفعت حصتها الإنتاجية من 1.718 مليون برميل يوميًا خلال الشهر الجاري إلى 1.735 مليون برميل في شهر أبريل/نيسان المقبل.
انعكاس الارتفاع العالمي
أكد مسؤول العلاقات العامة برابطة مُسوّقي النفط المستقلة، أوكاديك شينيدو، أن تكلفة دعم الوقود قد تتضاعف خلال العام الجاري، إذا واصلت الأسعار العالمية الارتفاع بصورتها الحالية.
وأضاف أن تكلفة الدعم قد تتضاعف بنسبة 100%، إذ ما قورنت الأسعار العالمية بتقديرات الحكومة النيجيرية لميزانية العام الجاري، عند مستوى 62 دولارًا للبرميل.
لكن الأسعار الحالية اقتربت من ضعف التقديرات الحكومية التي خُصِّصَت ميزانية دعم الوقود على أساسها، إذ ارتفع سعر النفط عن 118 دولارًا للبرميل.
وأشار أوكاديك إلى أن تلك الفجوة أسهمت في تقليص حجم مكاسب نيجيريا المستخدمة للإنفاق على ميزانية الدعم، مؤكدًا أن بعض المسؤولين النفطيين لجؤوا لدراسة إعادة هيكلة مصافي التكرير في البلاد تمهيدًا لإلغاء دعم الوقود وتوجيه مخصصاته لقطاعات أخرى.
خيارات نيجيريا
باجتماع تلك المعادلة (ارتفاع أسعار النفط العالمية مع انخفاض الإنتاج المحلي)، أصبحت خيارات نيجيريا محدودة؛ إمّا بمواصلة دعم الوقود، ومن ثم اللجوء للاقتراض لتوفير المخصصات المطلوبة، أو إلغائه ومواجهة الغضب الشعبي الرافض لتلك الخطوة.
وقال المُحاضر بجامعة بان أتلانتيك النيجيرية الخاصة، أولا ليكان أوريند، إن خيار الاقتراض سيكون متاحًا أمام الحكومة لتوفير مخصصات الدعم في حال عدم تحقيق مكاسب من الإنتاج المحلي لإنفاقه على الدعم.
ودعا الحكومة النيجيرية للبحث عن خيارات أخرى غير الاقتراض لتغطية تكلفة الدعم، مشيرًا إلى أن الاقتراض سيلقي بأعباء كبيرة على الأجيال المقبلة.
بدوره، توقّع الخبير الاقتصادي، مودا يوسف، ارتفاع تكلفة دعم الوقود واستيراده، لافتًا إلى أن نيجيريا ما زالت مستوردًا صافيًا للمنتجات النفطية التي تتأثّر بالارتفاعات العالمية.
وأشار إلى أن الميزانية التكميلية التي حدّدتها الحكومة لمواصلة الدعم (المقدّرة بما يقرب من 3 تريليونات نايرا) لن تصبح كافية في ظل ارتفاع الأسعار الحالية، وألمح إلى إمكان تعرُّض البلاد لعجز مالي وديون.
موقف الحكومة
كان الرئيس النيجيري، محمد بخاري، قد اقترح -قبل شهر- ميزانية تكميلية مقدَّرة بـ 2.56 تريليون نايرا تجنبًا لإلغاء دعم الوقود، رغم موافقته على قانون صناعة النفط في أغسطس/آب العام الماضي، الذي يقضي بإلغاء الدعم في شهر فبراير/شباط الماضي.
وعقب تهديد الجهات العمالية بالاحتجاجات، ومطالبة كيانات أخرى بإقالة مسؤولين نفطيين، تراجعت الحكومة عن قرارها، وأعلنت مواصلة الدعم.
وأكدت وزير المالية، زينب أحمد، أن المتاح من الميزانية المطلوبة لدعم الوقود 443 مليار نايرا فقط خلال عام 2022 الجاري، ما دعا بخاري لاقتراح موافقة مجلس الشيوخ على ميزانية تكميلية، حتى تصل مخصصات الدعم إلى 3 تريليونات نايرا.
لكن صندوق النقد الدولي تمسَّك بإلغاء دعم الوقود بصفته سبيلًا وحيدًا لإنعاش الاقتصاد النيجيري، ودعا الحكومة النيجيرية للبحث عن سبل أخرى لدعم المواطنين غير دعم الوقود.
اقرأ أيضًا..
- أسبوع سيرا.. قادة صناعة النفط يكشفون السر الحقيقي وراء أزمة الطاقة العالمية
- شل تتوقف عن شراء النفط والغاز الروسي.. وتعتذر عن القرار الخاطئ
- 10 دول تشهد أعلى فواتير كهرباء منزلية في أفريقيا