أسبوع سيرا.. قادة صناعة النفط يكشفون السر الحقيقي وراء أزمة الطاقة العالمية
ومطالب بضخ استثمارات جديدة والإفراج عن المزيد من الاحتياطي
كشف عدد من قادة صناعة النفط، خلال مشاركتهم في فعاليات أسبوع سيرا للطاقة في الولايات المتحدة، عن السر الحقيقي وراء أزمة الطاقة التي يشهدها العالم، بعد أن وصلت أسعار النفط لأعلى مستوى منذ 2008، وسجلت أسعار الغاز مستويات قياسية.
ودعا عدد من رؤساء ومديري شركات النفط العالمية، وكالة الطاقة الدولية والولايات المتحدة إلى الإفراج عن كميات إضافية من احتياطي النفط الإستراتيجي، والعمل على زيادة الإنتاج من أجل مواجهة ارتفاع الأسعار.
وطالب قادة النفط والغاز في مؤتمر أسبوع سيرا، بالجمع بين المزيد من إنتاج الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على أماكن مثل روسيا مع ارتفاع أسعار النفط في أعقاب غزو تلك الدولة لأوكرانيا.
احتياطي النفط الإستراتيجي
قال الرئيس التنفيذي لشركة هيس، جون هيس، إن على الدول المستهلكة للطاقة الإفراج عن مزيد من النفط الخام من احتياطياتها الإستراتيجية لخفض السعر المرتفع بشدة للمنتجات النفطية.
وقفزت أسعار النفط بالقرب من 140 دولارًا للبرميل في تعاملات اليوم الثلاثاء، وهو أعلى مستوى منذ 2008، ارتفاعًا من نحو 79 دولارًا للبرميل في نهاية عام 2021، إذ أدت العقوبات المفروضة على السفن الروسية والمشترين الرافضين للنفط الروسي إلى تفاقم نقص الإمدادات.
وقال جون هيس، خلال مشاركته في فعاليات أسبوع سيرا للطاقة، المنعقد في هيوستن، بولاية تكساس: "هذه حالة طارئة، حان الوقت لإطلاق وكالة الطاقة الدولية والولايات المتحدة 120 مليونًا من الاحتياطيات الإستراتيجية، والالتزام بإنتاج 120 مليون برميل أخرى".
وأضاف أن إطلاق 60 مليون برميل الذي أعلنته الولايات المتحدة الشهر الماضي "كان ضئيلًا للغاية".
وأكد أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بحاجة إلى خطة عاجلة لتخفيف مخاوف الإمداد، قائلًا: "إذا كنت تنفق تريليونات الدولارات، فيجب أن يكون لديك خطة رئيسة".
الاستثمارات في النفط والغاز
من جانبه، وصف الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الماليزية، "بتروناس"، تينغكو محمد توفيق، الزيادة الهائلة في أسعار النفط بأنها حالة من الهرج والمرج المطلق، قائلًا: "لا توجد أساسيات تدفعها".
وحذّر رئيس بتروناس من أن التوقعات بشأن الطاقة الإنتاجية الفائضة للنفط التي يمكن طرحها بسرعة في السوق هي "سراب"، وتطرّق إلى نقص الاستثمارات في النفط والغاز الذي أدى إلى نقص المعروض، إذ تعرّضت الصناعة لـ"ضربة" قبل المصرفيين الذين تجنّبوا التمويل النفطي.
وقال تنغكو محمد، خلال مشاركته في أسبوع سيرا، موجهًا حديثه لقطاع التمويل: "عليك أن تراعينا" مشيرًا إلى أن المصرفيين ومنتجي النفط والغاز "جزء من الحل".
زيادة إنتاج النفط
من جانبه، دعا الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، دارين وودز، إلى وضع سياسات لزيادة إنتاج النفط وتلبية احتياجات الطاقة في العالم، مع إنتاج طاقة بانبعاثات كربونية أقلّ من ذي قبل.
افتتحت أمس الإثنين فعاليات أسبوع سيرا للطاقة في هيوستن، في يوم وصلت فيه أسعار النفط الخام العالمية إلى مستويات لم تشهدها منذ الأزمة المالية لعام 2008، إذ يتجنب المشترون الصادرات الروسية من الخام والوقود، ما قد يكون أكبر اضطراب في إمدادات الطاقة العالمية منذ عقود.
وقال وودز خلال مشاركته في أسبوع سيرا: "أعتقد أن هناك متّسعًا كبيرًا لنا للتحدث.. ما نشهده الآن، في أوكرانيا وروسيا، يزيد الأمر تعقيدًا".
النفط الروسي
من جانبه، قال الأمين العامّ لمنظمة أوبك محمد باركيندو: "هذا يتعلق بكيفية تجاوزنا لهذه الأزمة.. لا توجد طاقة في العالم في الوقت الحالي يمكنها أن تحلّ محلّ 7 ملايين برميل من الصادرات".
وتصدر روسيا ما بين 4 و5 ملايين برميل من النفط الخام، و2 و3 ملايين برميل من المنتجات يوميًا.
كان من المتوقع في الأصل أن يركّز مؤتمر أسبوع سيرا على تقنيات انتقال الطاقة ودور أكبر لمصادر الطاقة المتجددة، وبدلًا من ذلك، ركّز العديد من المشاركين على أمن الطاقة وموثوقيتها،إذ تعتمد العديد من الدول، ولا سيما أوروبا، بشكل كبير على روسيا للحصول على الوقود.
وكرر باركيندو، خلال مؤتمر صحفي على هامش فعاليات أسبوع سيرا، الحاجة إلى مزيد من الاستثمار في النفط والغاز، بينما أشار آخرون إلى أن نقص الاستثمار في السنوات السابقة أدى جزئيًا إلى ضيق السوق.
الطاقة المتجددة
قال الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة البرتغالية غالب، آندي براون، إن الحكومة البرتغالية تناقش "كيف يمكننا تسريع مصادر الطاقة المتجددة في البرتغال.. حتى قبل ظهور الوضع في روسيا، كانت السوق متدهورة".
من جانبه، أشار الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي، باتريك بويانيه، خلال مشاركته في أسبوع سيرا، إلى أن ما يحدث اليوم في أوروبا هو جرس إنذار كبير لكثير من صانعي السياسة، إذا كانوا جادين بشأن أمن الإمدادات والقدرة على تحمّل التكاليف، وبالتأكيد التوافق مع تغير المناخ".
تعدّ توتال إنرجي واحدة من شركات النفط الكبرى القليلة التي لم تُسحَب من روسيا، على الرغم من أن بويانيه قال، إن الشركة لا تستثمر رأس مال إضافيًا في البلاد.
الطاقة البديلة
تحدّث العديد من المتحدثين عن الغزو الروسي، بداية من المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري، الذي وصف تصرفات روسيا بأنها "مقيتة".
وقال كيري خلال مشاركته في أسبوع سيرا: "هذه لحظة حاسمة لهذا القرن"، مضيفًا أنه يجب على الناس العيش بتكاليف طاقة أعلى لبعض الوقت، وأن إدارة بايدن تدعم سياسة الطاقة الشاملة التي تشمل الغاز الطبيعي والطاقة النووية.
يؤكد المدافعون عن مصادر الطاقة المتجددة أن الغزو يجعل الانتقال إلى أنواع وقود أنظف أمرًا مرغوبًا فيه، وأن الاستثمار الإضافي في الوقود الأحفوري الآن لن يؤدي إلّا إلى زيادة اعتماد العالم على النفط والغاز، في وقت يستمر فيه ارتفاع درجة حرارة المناخ.
ويعتقد المحللون أن الأسعار المرتفعة قد تستمر لأشهر، إذ تدرس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض حظر تامّ على شراء الطاقة من روسيا.
أزمة الطاقة في أوروبا
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة "ريبسول" الإسبانية، جوسو جون إيماز: "علينا أن نتحدث عن التنويع، نحتاج إلى المزيد من الطاقة المتجددة في السلة.. لتقليل الاعتماد على الطاقة في أوروبا".
ودعت الولايات المتحدة ودول أخرى إلى زيادات أكبر من أوبك+، لكن المنتجين يفشلون باستمرار في تحقيق الزيادات المستهدفة.
وتعمل منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية، وتحالف المنتجين من الخارج بقيادة روسيا في تحالف أوبك+، على زيادة الإمدادات بمقدار 400 ألف برميل يوميًا كل شهر، لاستعادة تخفيضات الإنتاج المرتبطة بالوباء التي تعود إلى 2020.
وقالت مصادر في أوبك+ أمس الإثنين، إن أساسيات سوق النفط ظلّت سليمة، مما قلّل من احتمال أيّ معروض إضافي.
بعد خفض الإنفاق والإنتاج خلال أزمة كورونا، لم تكن الصناعة في وضع يضاهي النمو في الاستهلاك، إذ لا تزال الولايات المتحدة تنتج أكثر من مليون برميل أقلّ من ذروتها في عام 2019، البالغة 13 مليون برميل يوميًا.
موضوعات متعلقة..
- أول مسؤول أوروبي يعلن صعوبة الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية
- طموح صادرات الطاقة الروسية يصطدم بأهداف الصين المناخية (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أكبر 5 مشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. مصر والمغرب في المقدمة
- الطاقة الشمسية قد تُشكل 48% من سعة توليد الكهرباء في أميركا (تقرير)