ذكرى تأميم المحروقات في الجزائر.. تدشين مشروعات إستراتيجية لقطاع النفط والغاز
تحل اليوم الخميس 24 فبراير/شباط، ذكرى تأميم المحروقات في الجزائر، وتكريس السيادة الوطنية على الموارد الطبيعية، التي باتت العنصر الرئيس في مصادر الدخل في البلاد وتنمية الاقتصاد الوطني.
وبالتزامن مع احتفالات البلاد بذكرى تأميم المحروقات، دشّن رئيس الوزراء، أيمن بن عبدالرحمان، في حاسي مسعود بولاية ورقلة -التي شهدت أول إنتاج نفطي في البلاد- مركز الفصل والضغط "أبسايد نورد" التابع لمجمع "سوناطراك".
ويزور بن عبدالرحمان، رفقة وفد وزاري، منطقة حاسي مسعود؛ حيث يتفقد عددًا من المنشآت والمشروعات النفطية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية.
ويفصل مركز "أبسايد نورد" النفط الخام عن الغاز وعن الماء وأيضًا بضغط الغاز الغني بالبروبان والبوتان.
ويتمتع المركز بطاقة إنتاجية في مجال الفصل تقدر بـ40 ألف برميل يوميًا من النفط، وبطاقة إنتاجية في مجال الضغط تقدر بـ5 ملايين متر مكعب يوميًا من الغاز.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الجزائري ضرورة أن تضاعف شركة "سوناطراك" من جهودها للحفاظ على حصتها السوقية، مشيرًا إلى أن الدولة ستدعم الشركة في مجهودها الاستثماري لكي تتمكن من تطوير قدراتها وتبقى ضمن أهم 10 شركات وطنية للنفط في العالم.
وكان رئيس الوزراء الجزائري، قد أعلن خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن حكومته قررت التخلي عن أرباح شركة النفط والغاز الجزائرية "سوناطراك" للسماح لها بإعادة استثمارها وتوسيع نشاطاتها.
مصفاة حاسي مسعود
من جهة أخرى، زار رئيس الوزراء والوفد المرافق له مصفاة حاسي مسعود "آر إتش إم2" القادرة على معالجة 1.07 مليون طن (7.6 مليون برميل) من النفط سنويًا، لإنتاج مختلف أنواع الوقود.
ودشّن بن عبدالرحمان -خلال الزيارة، على هامش احتفالات ذكرى تأميم المحروقات في الجزائر- وحدة جديدة في المصفاة، مخصصة لإنتاج البنزين دون رصاص، بطاقة تقدر بـ85 ألف طن سنويًا.
وكانت الجزائر قد أعطت أولوية قصوى للتوسع في مشروعات التكرير، لتأمين الاحتياجات المحلية، وسط خطط للتصدير، ونجحت، خلال العام الماضي، في خفض واردات المشتقات النفطية بنسبة 70%، من 859 ألف طن في 2020 إلى 255 ألف طن في 2021، إذ لم تستورد أي كمية من الوقود "بنزين ومازوت".
تبلغ احتياطيات الجزائر من النفط نحو 12.2 مليار برميل، ويعود تاريخ الإنتاج الفعلي إلى الخمسينات؛ إذ اكتُشِف أول حقل للغاز الطبيعي عام 1954، تلاه اكتشاف أول حقل نفطي وهو حقل حاسي مسعود عام 1956، بالإضافة إلى حقل الغاز الطبيعي، حاسي الرمل، في العام ذاته، كما بلغ إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة نحو 2.3 تريليون متر مكعب بنهاية 2020.
تكنولوجيا الغاز
يقول خبير الطاقة، توفيق حسني، إن إتقان تكنولوجيا الغاز، ولا سيما الغاز الطبيعي المسال، غداة تأميم المحروقات في 24 فبراير 1971، كان يُعَد أكبر تحدٍّ نجحت البلاد في اجتيازه من خلال شبابها المتحمس.
وأكد، في مداخلة له خلال محاضرة نظمها منتدى يومية المجاهد -بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات في الجزائر- أن التمكن من الغاز بدأ سنة 1964 في عقر الشركة الجزائرية للميثان المسال بصفتها -آنذاك- أول مصنع لإسالة الغاز في العالم، بمبادرة من الإنجليز الذين استثمروا في المصنع بفضل خبرتهم مع شركة بريتشارد.
وأوضح أنه تلى هذه التجربة الأولى إنشاء شركة مشتركة جزائرية فرنسية، تحمل اسم سومالغاز، لتطوير مصنع لإسالة الغاز في سكيكدة، والتي "استُخدِمَت خلالها طريقة تجريبية فرنسية".
ويقول الخبير: "بعد تأميم المحروقات أصبح المصنع ملكًا لشركة "سوناطراك"، ووجدنا أنفسنا مع مهندسين آخرين من خريجي المعهد الجزائري للبترول وخريجي المدرسة المتعددة التقنيات".
واعتبر حسني أن التحكم في التكنولوجيا "كان، في الحقيقة، المعركة الحقيقية لاستقلالنا الاقتصادي"، مؤكدًا أن "التكنولوجيا لا تُمنح بل تُنتزع"، مشيرًا إلى أن الجزائر "بلغت هدفها في مجال التحكم في تكنولوجيا الغاز، خاصة في مجال الغاز الطبيعي المسال".
عزيمة الشباب
من جهة أخرى، أكد عدد من قدماء طلاب البتروكيمياويات وقيادات في قطاع الطاقة أن 24 فبراير/شباط 1971، كان يومًا مشهودًا لقطاع النفط الجزائري، بإعلان تأميم المحروقات لتكريس السيادة الوطنية على موارد البلاد.
أجمع المشاركون في إحياء الذكرى الـ51 لتأميم المحروقات الذي نظمته الجمعية الوطنية "نادي الطاقة"، على تأكيد "الحماس والإيمان والشجاعة" التي كانت تمتلك الشباب عندما أعلن رئيس الجمهورية الأسبق، هواري بومدين، تأميم المحروقات.
وأكدت مختلف شهادات ذكرى تأميم المحروقات "الالتزام المتفاني" للفئة الطلابية بشكل عام وبخاصة تلك المتخصصة في البتروكيميات، فضلًا عن المهندسين والتقنيين الذي تخرجوا حديثًا في المعهد الجزائري للبترول.
وأشار المشاركون في ندوة تأميم المحروقات في الجزائر، إلى أن الشباب استجاب للنداء عن إيمان وقناعة وكانت لهم الشجاعة في مواجهة وضعية غير متوقعة للصناعة النفطية والغازية في الجزائر، وجميع المهن التي تشكلها ولا سيما منها التكرير والتنقيب والصيانة والتموين.
وأكد رئيس نادي الطاقة، داود صحبي، أنهم "استطاعوا بالقليل من الإمكانيات والكثير من الإرادة أن يزودوا قطاع المحروقات بإطارات ذات قيمة".
الطاقات المتجددة
من جانبه، قال الوزير السابق للانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، شمس الدين شيتور، إن شباب اليوم مطالبون بأن يتحلوا بالحماس والعزيمة نفسهما اللذين كان يتمتع بهما شباب تلك المدة.
واعتبر عملية تأميم المحروقات في الجزائر "نقطة تحول حاسمة وثورة ميزت العالم"؛ لأن الجزائر ومن خلال القرار "تكون قد أعطت الحافز للبلدان الأخرى مثل ليبيا والعراق؛ لكي يؤمما محروقاتهما".
ودعا شيتور إلى ضرورة إعادة الاعتبار للمعهد الجزائري للبترول، ليس بطريقة الحنين إلى الماضي، وإنما ليكون متناغمًا مع التغيرات التي يشهدها عالم الطاقة والتركيز كذلك على الطاقات المتجددة وليس فقط الاعتماد على الطاقات الأحفورية.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الوقود في الجزائر.. تحذيرات من زيادة مرتقبة وخبراء يطرحون حلولًا (خاص)
- منتدى الدول المصدرة للغاز.. التأكيد على ريادة الجزائر وموثوقيتها في قطاع الغاز
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات النفط السعودي تقفز 98% في الربع الأخير من 2021
- وزير الطاقة الروسي: ملتزمون بعقودنا مع أوروبا.. ولا ينبغي تسييس إمدادات الغاز