التغير المناخيأخبار التغير المناخيالتقاريرتقارير التكنو طاقةتكنو طاقةرئيسية

زراعة الكربون.. توجه جديد لدى الاتحاد الأوروبي يسمح بدفن الانبعاثات في التربة

يوفر عائدًا ماديًا للمزارعين بتقدير أرصدة الكربون وإعادة بيعها للشركات

هبة مصطفى

فتح الاتحاد الأوروبي مسارًا جديدًا خلال رحلته للوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2050، بدعم وتطوير خطط زراعة الكربون ضمن صفقة الاتحاد الخضراء.

وتقوم تقنيات عمل المسار على اعتماد أساليب زراعية يمكنها احتجاز الكربون المنتشر جويًا في التربة الزراعية وجذور النباتات والمحاصيل وأخشاب الأشجار وأوراقها.

وهو نهج متكامل لتطوير معدلات احتجاز الكربون من الغلاف الجوي وتخزينها نباتيًا وعضويًا بالتربة، وفق ما عرفه معهد دورة الكربون الأميركي "سي سي آي".

زراعة صديقة للبيئة

تلقّى مسار زراعة الكربون دعمًا من وزراء الزراعة بالاتحاد الأوروبي، باعتباره مشروعًا صديقًا للبيئة، بالإضافة إلى أنه يوفر دخلًا للمزارعين، لكن بعض المجموعات البيئية اعتبرته غير كافٍ لإجراء تغييرات في القطاع الزراعي.

زراعة الكربون
زراعة الكربون في الاتحاد الأوروبي - الصورة من صحيفة يورأكتيف

وما زالت خطط زراعة الكربون تخطو المراحل الأولى في التطوير، وعززها تأكيد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دور الزراعة في مكافحة التغير المناخي.

وقدرت المنظمة أن احتجاز الكربون في القطاع الزراعي -وهو ما يُطلق عليه "زراعة الكربون"- يمكنه تعويض 4% من الانبعاثات التي يتسبب بها الإنسان، خلال السنوات المتبقية من القرن الحالي.

وتقارب تلك النسبة ما يعادل 10% من خطط مستويات درجات الحرارة الواردة في اتفاق باريس للمناخ، وفق صحيفة ذي برس آند جورنال.

وبموجب خطط زراعة الكربون، يتلقّى المزارعون مقابلًا ماديًا نظير احتجاز الكربون بأراضيهم في مشروعات يمكن بيعها للشركات التي تتجه للغسل الأخضر أو تحتاج لإنتاج تعويضات الكربون لمشروعات الوقود الأحفوري الخاصة بها؛ ما يوفر دخلًا للمزارعين.

وتغطي مشروعات احتجاز الكربون، خلال العمليات الزراعية، الغابات وعمليات التحريج والأراضي العشبية الثابتة.

ممارسات زراعة الكربون

كانت المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- قد اعتمدت، في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، مقترح دورات الكربون المستدامة، لإزالة الكربون من الغلاف الجوي، بإجراءات قصيرة ومتوسطة الأجل.

وأكدت أنها ستطرح مقترحًا تشريعيًا يتضمّن تفصيلات توضيحية وموحدة بين الدول الأعضاء بالاتحاد، خلال العام الجاري، تقف على عمليات إزالة الكربون وحساب أرصدته بصورة صحيحة.

ومن ضمن ممارسات زراعة الكربون التي طرحتها المفوضية، تعزيز إدارة الغابات بصورة مستدامة وبممارسات تتلاءم مع التنوع البيولوجي، وتطبيق تقنيات إعادة التحريج (إعادة تشجير الغابات بما يضمن قدرتها على امتصاص الملوثات والأتربة والكربون).

بالإضافة إلى دمج تقنيات الزراعة المختلطة التي تجمع بين توفير غطاء نباتي عبر الأشجار والغابات وأنظمة الإنتاج الحيواني على المساحات الزراعية ذاتها.

وتشمل -أيضًا- حماية التربة من التآكل، وتعزيز الكربون العضوي، واستعادة الأراضي الرطبة التي تدعم عمليات احتجاز الكربون.

مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه
مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في العالم

مسارات الزراعة

أعدت المفوضية دراسة ودليلًا استرشاديًا، في أبريل/نيسان العام الماضي، حول تقنيات تطبيق زراعة الكربون في الاتحاد الأوروبي؛ تمهيدًا لبدء تفعيل مبادرات هذا المسار.

وتوصلت تلك الدراسة إلى أن زراعة الكربون لديها القدرة على دعم جهود الاتحاد الأوروبي خلال رحلة مكافحة تغير المناخ، داعية لتطوير المبادرات التجريبية محليًا وإقليميًا، مع التركيز على تعزيز معرفة المزارعين بأهمية تلك الخطوة وفوائدها.

واحتوى الدليل الاسترشادي لتطبيق ممارسات زراعة الكربون على 5 تقنيات أساسية؛ من ضمنها ترميم الأراضي وإعادة ترطيبها، وتعزيز التحريج الزراعي والكربون العضوي للتربة، وفحص الكربون في مزارع الثروات الحيوانية، حسبما أوردت المفوضية الأوروبية على موقعها الإلكتروني.

وتُتيح خطط الاتحاد في هذا الشأن دعم مسار زراعة الكربون للمزارعين، بتعزيز مستويات تخزين الكربون في مزارعهم، والحصول على عائد سواء بإجراء عمليات تبادل لأرصدة الكربون بينهم أو بين الشركات.

كما تُمكن السياسات الزراعية المشتركة بين دول الاتحاد وخطط تطوير الأسواق الطوعية للكربون من رفع أجور المزارعين مقابل تطبيق مسار زراعة الكربون وتقنياته في أراضيهم.

الانبعاثات الكربونية

توفر خطط تخزين الكربون زراعيًا -وفقًا لسياسة دورات الكربون المستدامة التي أقرها الاتحاد نهاية العام الماضي- ما يقرب من 42 مليون طن من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030، وفق صحيفة ذي آيريش فارمرز جورنال الأسبوعية الأيرلندية.

إذ تهدف زراعة الكربون إلى تعزيز مستويات تخزين الانبعاثات عبر النظم البيئية لخفض حجمها في الغلاف الجوي، وهو مسار يمكن أن يفتح مجالًا للاستثمار لمزارعي الاتحاد الأوروبي.

ولتحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية عبر الممارسات الزراعية، يتعيّن إعداد وتهيئة المزارعين لتلك التقنيات والتعامل مع وسائل الرصد والقياس، مع إتاحة البيانات لهم وفق آخر تحديثاتها.

ويُخطط الاتحاد الأوروبي لإعداد نظام معرفي للممارسات الزراعية والابتكارية، يُقدم الخدمات الاستشارية والخبرات والمهارات المطلوبة، وفق المطور الزراعي إي أغرونوم.

وتُشكّل الأراضي الزراعية نصف المساحة السكنية في العالم، وتُسهم عملية توفير الغذاء بما يتراوح بين 21 و37% من الانبعاثات، بالإضافة إلى الآلات والمعدات الزراعية الثقيلة التي تعمل على تجريف التربة والتي تحتوي على 3 أضعاف انبعاثات الغلاف الجوي؛ ما يسهم في تسرب الكربون مرة أخرى.

لذا أصبح توفير تقنيات حديثة تضمن تعديل المعدات والآلات الزراعية بما يسمح لها بالعمل دون الإضرار بالتربة ضرورة مهمة خلال عمليات زراعة الكربون.

أسعار تعويضات الكربون
أسعار تعويضات الكربون

زراعة الكربون في يوركشاير

إحدى قاطنات مقاطعة يوركشاير بالمملكة المتحدة تُدعى تمارا هول، وتعمل مديرة إدارية، أكدت أن الأراضي الأوروبية تخضع لأساليب زراعة تقليدية تُفقدها المواد العضوية؛ ما دفع أصحاب أحد الأراضي للتفكير في التحول نحو زراعة الكربون؛ للاستفادة من التقنيات الحديثة وتوفير عائد ربحي في الوقت ذاته.

وانتهجت ضاحية مولي سكروفت بيوركشاير نهج الاستدامة الزراعية وزراعة الكربون، متبعة في ذلك إجراءات؛ من بينها خفض معدلات حرث الأراضي للحد من فساد التربة، حسبما نقل الموقع الإلكتروني لقناة بي بي سي.

وعززت هول من تقنيات قصيرة المدى لدعم صحة الأرض الزراعية؛ نظرًا لارتفاع تكلفة التقنيات الحديثة في ظل انخفاض العوائد الحالية، ليبقى المخرج أمام هول ومزارعي الضاحية اللجوء إلى "زراعة الكربون".

وروت هول أنه زُرِعَت نباتات ذات غطاء أرضي، مثل نبات الجُمية وعُشبة أفينا ستريغوزا (يُطلق عليه الشوفان الأسود)؛ إذ تعمل تلك النباتات على التقاط الكربون من الغلاف الجوي واحتجازه في التربة.

وأضافت أنه عقب عامين من تلك الخطوات وإجراء قياسات لرصد مستويات الكربون في التربة؛ فإن مديري تلك الأراضي يحوّلون الكربون المحتجز إلى أرصدة معتمدة تمهيدًا لبيعها للشركات التي تسعى إلى تعويض انبعاثاتها.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق