الطاقة النووية.. 5 عوامل تدعم دورها في التحول الأخضر (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
وسط مصادر الطاقة منخفضة الكربون كافّة، تُعدّ الطاقة النووية الوحيدة التي تشهد انقسامًا واضحًا في سياسات الدول بين رفض لمخاوف تتعلق بالسلامة وتأييد بصفتها مصدرًا يحتاجه العالم لتحقيق أهدافه المناخية.
وأدت الحوادث البارزة عالميًا في محطات جزيرة ثري مايل في الولايات المتحدة وتشيرنوبل في دول الاتحاد السوفيتي سابقًا وفوكوشيما في اليابان، إلى رفض واسع للطاقة النووية، لتتراجع الإنشاءات الجديدة، وتدخل الصناعة في ركود مطول.
ومع تزايد الضغوط لمواجهة تغيّر المناخ، وأزمة الطاقة الحالية، بدأت الطاقة النووية تطل من جديد بصفتها مصدر طاقة منخفض الكربون وبأسعار معقولة وموثوق به.
وهناك 5 نقاط رئيسة تجعل الطاقة النووية قادرة على لعب دور محوري نحو مستقبل نظيف ومستدام، وفق تقرير حديث صادر عن منتدى الطاقة الدولي.
مزايا عن المصادر الأخرى
للطاقة النووية مميزات عن المصادر الأخرى، فهى ليست فقط مصدر طاقة منخفض الكربون، ولكنها واحدة من أكثر الطرق موثوقية وفاعلية من حيث التكلفة لإنتاج الكهرباء.
ويشير تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2021 إلى أن إحدى الميزات الرئيسة التي يتمتع بها القطاع النووي هي أنه صناعة راسخة ذات تقنيات وسلاسل إمداد مثبتة.
كما أنها مصدر كهرباء موثوق للغاية، ما يعني أن المحطات قادرة على العمل بأقصى طاقتها في كثير من الأحيان.
وتعني الموثوقية العالية للطاقة النووية أنه من حيث الإنتاج يمكن لمحطة نووية واحدة أن تنتج ما يعادل محطتين لتوليد الكهرباء من الفحم، أو 3 إلى 4 محطات متجددة.
أمن الطاقة
من أجل أن تكون جهود العمل المناخي مستدامة ومنصفة، يجب أن تضع في اعتبارها تلبية احتياجات الطاقة بطريقة تستطيع جميع البلدان تحملها.
وفي هذا الإطار، لن تستطيع الطاقة المتجددة وحدها تحقيق ذلك؛ إذ يتطلب الأمر مزيجًا من مصادر الطاقة المختلفة، خاصة الطاقة النووية، التي توفر أمن الطاقة، بحسب التقرير.
وعلى الصعيد العالمي، تولد 440 مفاعلًا للطاقة النووية نحو 10% من إجمالي كهرباء العالم في 30 دولة، معظمها في أوروبا، بالإضافة إلى أميركا الشمالية وآسيا.
وبلغ إجمالي سعة الطاقة النووية المركبة حول ما يقرب من 400 غيغاواط العام الماضي، مع توقعات إضافة 54 غيغاواط أخرى، بمجرد اكتمال البنية التحتية لنحو 52 مفاعلًا قيد الإنشاء حاليًا، بحسب تقرير حديث لشركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي.
وتدرك العديد من الدول الناشئة الإمكانات التي تتمتع بها الطاقة النووية للمساعدة في توفير طاقة نظيفة بأسعار معقولة لسكانها، إذ تدرس عشرات الحكومات، من بيلاروسيا إلى بنغلاديش ومن أوغندا إلى الإمارات، تعزيز سعة منشآتها للطاقة النووية.
دعم مزيج الطاقة
لتأكيد الدور المهم للطاقة النووية في مزيج الطاقة العالمي، أشار بحث لموقع أور ورلد إن داتا (Our World in Data) إلى أنه رغم النمو الكبير لمصادر الطاقة المتجددة، فإن تأثيره ليس كاملًا في خفض الانبعاثات الكربونية؛ بسبب تراجع استخدام الطاقة النووية، وفقًا لمنتدى الطاقة الدولي.
وترى شركة الأبحاث وود ماكنزي أنه على الرغم من وجود إمكانات هائلة لنمو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإن هذا النمو ستصاحبه مشكلات متزايدة مرتبطة باستخدام الأراضي وتوصيلات الشبكة؛ ما يعني الحاجة إلى دعمها من مصادر أخرى للطاقة النظيفة مثل الطاقة النووية.
وفي الـ50 عامًا الماضية، أدت الطاقة النووية إلى تجنب إطلاق 74 غيغا طن من انبعاثات الكربون، بحسب الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة النووية الرومانية، نووي إليكتريكا، كوزمين جيتا.
وتتوقع منظمة أوبك -في تقرير آفاق النفط 2021- نمو حصة الطاقة النووية في مزيج الطاقة العالمي إلى 6.2% بحلول عام 2045، مقابل 5.2% عام 2020.
الإدراك العلمي والسياسي
لطالما جادل العلماء في أن الاستخدام المشترك لمصادر الطاقة المتجددة والطاقة النووية هو طريق جيد للمضي قدمًا في تحقيق أهداف المناخ.
وقبل أيام قليلة من توقيع اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، قال علماء بارزون في مجال تغير المناخ من أوروبا لصحيفة الغارديان البريطانية، إن الطاقة النووية ستكون بمثابة عنصر حاسم في تحقيق الأهداف المناخية العالمية أو فشلها.
وفي عام 2018، وجد باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة أنه في ضوء تدابير الأمان المحسنة للطاقة النووية والشكوك المتزايدة بشأن تقليل الانبعاثات، فإن إغلاق المحطات النووية الحالية يقوّض الجهود المبذولة لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من انبعاثات قطاع الكهرباء.
وعلى الصعيد السياسي، فإن الاتحاد الأوروبي يدرس -حاليًا- الاعتراف رسميًا بالطاقة النووية بصفتها مصدرًا أخضر، نظرًا إلى قدرتها على المساعدة في الوصول إلى أهداف طموحة لخفض الانبعاثات.
الابتكار والمرونة
وجدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن هناك إمكانات كبيرة لإنشاءات جديدة من مفاعلات الطاقة النووية واسعة النطاق التي يمكن أن تمنع انبعاثات تُقدر بـ23 غيغا طن حتى عام 2050.
كما أن التقدم التكنولوجي في المفاعلات الصغيرة يمكن أن يُجنّب العالم أيضًا 15 غيغا طن أخرى من الانبعاثات بحلول الموعد نفسه، وفق التقرير.
ويمكن للطاقة النووية أن تتجاوز دورها طويل الأمد في توليد الكهرباء، وتستخدم في إنتاج الهيدروجين الذي أصبح خيارًا للوقود النظيف في قطاع النقل وأحد أشكال تخزين الطاقة، فضلًا عن إمكان التوصل إلى حلول أخرى، بحسب منتدى الطاقة الدولي.
وفي الهند أيضًا، يُنظر إلى زيادة استخدام الطاقة النووية على أنها طريقة حاسمة لخفض الاعتماد على الفحم والسعي نحو تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070.
وفي بيان صدر أغسطس/آب 2021، أشارت الأمم المتحدة إلى أن قدرة محطات الطاقة النووية على إنتاج كهرباء منخفضة الكربون توفر فرصة لإزالة الكربون من الصناعات كثيفة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- استثمارات الطاقة النووية قد تتجاوز 90 مليار دولار بحلول 2023 (تقرير)
- أول محطة للطاقة النووية في مصر.. إعلان موعد بدء أول مفاعلات "الضبعة"
اقرأ أيضًا..
- حرق الغاز.. تحديات تواجه الشرق الأوسط لكبح جماح الانبعاثات
- الطاقة المتجددة في مصر 2021.. إنجازات نحو كهرباء نظيفة (إنفوغرافيك)