مدينة صديقة للمناخ وتستقبل ملايين اللاجئين.. في جنوب آسيا (صور)
دينا قدري
في إطار الاهتمام العالمي بمكافحة تغير المناخ، برزت مدينة صديقة للمناخ في جنوب آسيا، يهاجر إليها الملايين من داخل الدولة، واكتسبت شهرة عالمية واسعة.
في هذا الإطار، أصبحت مدينة مونغلا في بنغلاديش نموذجًا لإدارة الكوارث والتكيف والمرونة مع أزمة تغير المناخ، إذ تحولت إلى مدينة رائدة صديقة للمناخ وترحب باللاجئين.
هذا الإنجاز هو ثمرة الرؤية التي وضعها مدير المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية، سليم الحق، لـ"التكيف التحويلي" لتخفيف الضغط على دكا وضواحيها، في ظل توجه معظم المهاجرين إلى العاصمة التي تُعد إحدى أسرع المدن الكبرى نموًا في العالم ومن بين أقل المدن ملاءمة للعيش.
ويهدف سليم الحق إلى تحويل الناس إلى مراكز حضرية أصغر لديها القدرة على التوسع، والأهم من ذلك، توفير الوظائف للحفاظ على قوة عاملة سريعة النمو، حسبما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية.
وأوضح: "ظاهرة الهجرة قديمة -لا يوجد شيء جديد هنا- ولكن تغير المناخ يتسبب في انتقال الناس، وعلينا التعامل مع هذا الأمر بسرعة كبيرة جدًا، وهذا ما جعلنا نعمل على الفكرة".
الهجرة الداخلية في بنغلاديش
تشهد بنغلاديش ضغط الهجرة الداخلية، إذ لا جديد في انتقال فقراء الريف إلى المدن بحثًا عن عمل، لكن الأحداث المناخية الكارثية تعمل على تسريع موجات تدفق الناس إلى المراكز الحضرية.
ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، نزح 4.1 مليون شخص (2.5% من السكان) في بنغلاديش، نتيجة للكوارث الناجمة عن تغير المناخ بدءًا من عام 2019.
وتوقع تقرير حديث للبنك الدولي أن البلاد سيكون لديها 19.9 مليون لاجئ داخلي بسبب المناخ بحلول عام 2050، أي ما يقرب من نصف العدد المتوقع لمنطقة جنوب آسيا بأكملها.
وفي هذا السياق، جرى تحديد أكثر من 12 مدينة وبلدة تابعة، وكلها متاخمة لمراكز اقتصادية مثل الموانئ البحرية والنهرية أو مناطق معالجة الصادرات، بوصفها مواقع محتملة صديقة للمهاجرين، ضمن المشروع.
وقال سليم الحق: "إنها جميعًا مدن ثانوية يبلغ عدد سكانها ما بين بضع مئات الآلاف ونصف المليون، ويمكن أن تستوعب كل منها ما يصل إلى نصف مليون مهاجر بسبب المناخ".
مونغلا ومواجهة تغير المناخ
من بين تلك البلدات، برزت مونغلا بفضل التقدم الذي أحرزته في التخفيف من آثار تغير المناخ، بقيادة رئيس بلدية المدينة الديناميكي، ذوالفقار علي.
وخلال السنوات الـ10 التي قضاها في المنصب، من عام 2011 إلى عام 2021، جعلت مجموعة من التطورات في البنية التحتية من مونغلا مدينة أكثر أمانًا ومرونة.
ويشمل ذلك جسرًا يبلغ ارتفاعه 7 أميال للحماية من الفيضانات، وبوابتين للتحكم في الفيضانات، ونظام صرف محسن، وخزانين بمساحة 40 هكتارًا (100 فدان)، ومحطة لمعالجة المياه العذبة أدت إلى زيادة نسبة المنازل التي تحتوي على مياه جارية من الثلث إلى النصف.
وتسلم الشيخ عبدالرحمن -الذي تولى رئاسة بلدية مونغلا من علي في يناير/كانون الثاني 2021- زمام الأمور.
"في وقت من الأوقات، كانت المدينة تغمرها بانتظام موجات المد العالية. الآن يجري وضعها في إطار تخطيط مدينة صديقة للمناخ"، كما يقول.
وجرى تثبيت نظام مخاطبة عامة لإعلان التغييرات في الطقس للمجتمع.
كما أن قرب المدينة من ثاني أكبر ميناء في بنغلاديش ومنطقة معالجة الصادرات التي توظف 8 آلاف شخص، جعلها أيضًا جذابة من الناحية الاقتصادية، كما أكد سليم الحق.
سفارات صغيرة للمهاجرين
كان عدد سكان مونغلا أقل من 40 ألفًا في تعداد عام 2011، ولكن يُعتقد أن هذا الرقم سيتضاعف 3 مرات بعد عقد من الزمان.
ومن المرجح أن تؤدي مهمة سليم الحق -المتمثلة في تشجيع الهجرة إلى المدينة- إلى تضخم هذا الرقم بالعشرات، وربما مئات الآلاف.
مونغلا هي أول مدينة تتبنى توصيات المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية، لكن هناك مدنًا أخرى ستتبعها. إذ صرّح سليم الحق: "هذا برنامج عمل مدته 10 سنوات، ونحن نأخذها مدينة تلو الأخرى، عمدة بلدية تلو آخر".
وبمرور الوقت، ستنشئ المدن نقاطًا مركزية في المناطق الساحلية والقرى التي يأتي منها غالبية مهاجري المناخ.
يتصور سليم الحق هذه النقاط سفارات صغيرة ستعمل بوصفها مراكز معلومات للمهاجرين، وتوجههم بعيدًا عن دكا ونحو البلدات المضيفة المجهزة بشكل أفضل للتعامل مع التزايد السكاني، وحيث يمكن للمهاجرين أن يكونوا مواطنين، وليسوا مواطني درجة ثانية.
تحديات وتدخلات
أوضح سليم الحق أن التحدي الحقيقي يكمن في "التدخلات الأكثر ليونة" والتغيرات الاجتماعية والثقافية المطلوبة، لتحقيق رؤيته لشبكة من البلدات التي يرحب سكانها الحاليون بالوافدين الجدد.
وقال سليم الحق: "العداء بين المضيف والمهاجر يحدث في كل مكان. في بنغلاديش، لدينا العديد من المزايا الكبيرة؛ إحداها أننا نبدو متشابهين بحيث لا يمكن التمييز بين المهاجرين، ثانيًا هناك لغة واحدة- كلنا نتحدث البنغالية، وثالثًا نتبع جميعًا الدين نفسه".
وأضاف: "ما لدينا هو حاجز طبقي، وبالتالي فإن الوافد الجديد هو شخص فقير يكسب لقمة العيش؛ وهذا ما نعمل عليه، إضفاء الطابع الإنساني على ما كان يُنظر إليه في البداية على أنه آخر".
وتشمل هذه التدخلات التأكد من اندماج أطفال المهاجرين جيدًا في المدارس، وتشجيعهم على الذهاب إلى الجامعة لكسر حلقة الفقر. قد تكون هذه أهدافًا متواضعة نسبيًا على الورق، ولكنها تتطلب مشاركة من المؤسسات التعليمية.
وقضى سليم الحق وفريقه وقتًا في التحدث إلى المدارس والجامعات لكسب دعمها لهذا المفهوم.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة الشمسية.. بنغلاديش تلجأ للمحطات العائمة وأسطح المنازل
- البنك الدولي يدعم الطاقة المتجددة في بنغلاديش بـ500 مليون دولار
- تغيّر المناخ.. 5 أشياء إيجابية شهدها الكوكب في 2021
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة السعودي يتحدث عن مواد "ضخمة" من اليورانيوم ومشروع الطاقة النووية (تحديث + فيديو)
- أزمة الغاز الإيراني تهدد تركيا.. قطع الكهرباء 72 ساعة وتوقعات بتفاقم الأزمة
- أسهم السيارات الكهربائية تتكبد خسائر كبيرة.. ماذا يحدث في السوق؟