التغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير الطاقة المتجددةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددة

هشام العسكري: الطاقة الشمسية وسيلة مصر للإسهام في خفض انبعاثات أوروبا (مقابلة)

أجرت المقابلة - داليا الهمشري

أكد أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظم الأرض في كلية شميد للعلوم بجامعة تشابمان الأميركية، الدكتور هشام العسكري، أن مصر تسير على الاتجاه الصحيح نحو تنويع مزيج الطاقة من خلال التوسع في مصادر الطاقة المتجددة.

ورأى العسكري -صاحب أول أطلس شمسي لمصر- أن الحكومة يمكنها استثمار الطاقة الشمسية في البلاد لتصدير الطاقة إلى قارّة أوروبا، ومن ثم الإسهام في خفض انبعاثات القارّة العجوز.

وكان العالم المصري، هشام العسكري، قد شارك في وضع تقرير التقييم العالمي الخاص بالجفاف 2021 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة للحدّ من مخاطر الكوارث.

منصة "الطاقة" التقت الدكتور العسكري، وأجرت معه المقابلة التالية، التي ألقى فيها الضوء على أطلس الطاقة الشمسية في مصر، ودور القاهرة في الحدّ من الانبعاثات، إضافة إلى محاور مهمة ذات علاقة.

شاركتَ في وضع أطلس الطاقة الشمسية في مصر فإلى ماذا كان يهدف هذا الأطلس؟

عادةً ما تواجه المستثمرين في مجال الطاقة الشمسية أو الطاقة المتجددة بصفة عامة صعوبة كبيرة في عمل دراسة جدوى مستفيضة لتحقيق الأرباح المطلوبة من المشروعات المستهدفة.

وعلى الرغم من قيام بعض المستثمرين في عدد من دول العالم بعمل دراسات جدوى، فإنها لم تفِ بالغرض المطلوب منها، فدائمًا ما تمثّلت المشكلة في أن التوقعات للطاقة المتولّدة من الشعاع الشمسي المتساقط على المزرعة الشمسية عادةً ما تخالف كمية الطاقة الناتجة على أرض الواقع عند بدء التشغيل.

ومن ثم لا تحقق هذه المشروعات القدرة المخططة لها والعوائد المرجوّة منها.

فعلى سبيل المثال، إذا أعددنا دراسة جدوى لمحطة شمسية بقدرة 50 ميغاواط، وتوقعنا بيع الكيلوواط/الساعة بنحو 10 دولارات/سنت، فعند توليد الكهرباء بناءً على الإشعاع الشمسي الفعلي، نضطر لبيع الكيلو واط/الساعة بنحو 11 أو 12 دولارًا/سنت.

وبالطبع تطورت هذه التقنية -حاليًا- وأصبحت الكهرباء المتولدة من الطاقة الشمسية أرخص بكثير.

ويهدف الأطلس الشمسي إلى عمل تصحيح لما يحدث، فطول عمود الهواء الذي يمرّ خلال الشعاع الشمسي يكون مليئًا بالغبار والعوالق الجوية التي تؤدي إلى تشتّت جزء كبير جدًا من الشعاع الشمسي.

ومن ثم كنّا نريد تحديد كمية التشتت التي تحدث للشعاع الشمسي الساقط من العوالق والغبار والأتربة التي كانت تؤدي إلى انخفاض كمية الطاقة الفعلية عن الكمية المتوقعة.

والهدف من الأطلس الشمسي المصري الذي قمنا به منذ عدّة سنوات هو تصحيح طول عمود الهواء وحساب كمية الأتربة والعوالق والشوائب لنحدد بدقة كمية الطاقة الشمسية التي تسقط في أكثر من جزء من الطيف الكهرومغناطيسي أو الأشعة فوق البنفسجية.

وحسَبنا طول عملية التشتت التي تحدث لكل الأطياف في الأماكن المختلفة، واستخدمنا للقيام بذلك البيانات المتعلقة بالأقمار الصناعية على مدار 15 عامًا لنُجري عملية التصحيح، ونحسب كمية الشعاع الشمسي الواقعية أو الفعلية التي تصل إلى سطح الأرض بعد الأخذ في الحسبان التصحيح الذي كان يمكن تشتّته من خلال طول عمود الهواء أو العوالق الشمسية.

وكان الهدف من أطلس الطاقة الشمسية هو إجراء عملية تصحيح لضمان أن كمية الطاقة المتوقعة تكون مماثلة لتلك المنتَجة على أرض الواقع، ومن ثم عندما يأتي المستثمر لبناء مزرعة شمسية يكون على دراية كاملة بكمية الطاقة الحقيقية والفعلية التي يمكن أن تتولد عن مثل هذا المشروع، ومن ثم ينجح في تحقيق الأرباح المطلوبة.

هشام العسكري
الدكتور هشام العسكري خلال مقابلته مع "الطاقة"

ما أهم الأماكن التي تمخّض عنها هذا الأطلس؟

بعد أن قمنا بالدراسة نفسها باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد والأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي، بدأنا في دراسة كل الأراضي التي خصصتها أجهزة الدولة المختلفة من وزارة الكهرباء وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لبناء مشروعات الطاقة الشمسية.

وبدأنا في التقاط صور دقيقة وعالية الجودة لهذه المواقع الحاصلة على تصاريح من الدولة لإنتاج الطاقة الشمسية.

وبدأنا في حساب كمية الطاقة الشمسية الساقطة على هذه القطع الأرضية المخصصة لمثل هذه المشروعات.

وتمخّض عن هذه الدراسة أن جميع الأراضي المخصصة لمشروعات الطاقة الشمسية في الدولة أصبح لها بيانات منقحة يمكن عرضها على المستثمرين لعمل دراسات الجدوى والبدء في المشروعات.

يرى خبراء أن محطة بنبان للطاقة الشمسية كان من الأفضل أن تكون حرارية وليس كهروضوئية، ما تعليقك على ذلك؟

أعتقد أن ما جرى في بنبان كان أفضل شيء يمكن أن يحدث؛ لأن بنبان تمثّل أكبر محطة طاقة شمسية على وجه الكرة الأرضية.

هل نجحت مصر في تجربة الطاقة الشمسية؟

مصر تسير على الطريق الصحيح في تحقيق أهدافها بتنويع مزيج الطاقة من خلال التوسع في مصادر الطاقة المتجددة، وهذا شيء عظيم للغاية؛ لأن أيّ دولة حديثة لا بد أن تتبنّى هذا التوجه نحو مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة من خلال التوسع في محطات الطاقة الشمسية ومزارع طاقة الرياح.

وهناك رغبة لدى الدولة المصرية في ضخّ مزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة، فنحن نجحنا في تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي -حاليًا- بقطاع الكهرباء، ولكن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا في العالم، ومن ثم لابد أن نتجه إلى التوسع في الطاقة المتجددة.

والعالم يسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني، وهذه أصبحت ضرورة وليست رفاهية.

ما حجم المشاركة المصرية في الحد من الانبعاثات الكربونية؟

مصر ليست دولة صناعية كبرى، ومن ثم فهي غير منتجة للغازات المسببة للاحتباس الحراري، فالانبعاثات لدينا ضئيلة للغاية لا تتجاوز 1%.

ولكن إذا توسعنا في إنتاج الطاقة الشمسية، يمكننا تحقيق فائض من الكهرباء وتصديره إلى قارّة أوروبا، وبذلك تسهم مصر بخفض الانبعاثات في القارّة العجوز بصورة غير مباشرة.

كما يمكن للمستثمرين الأوروبيين المشاركة في مشروعات للطاقة الشمسية في الصحراء المصرية.

د. هشام العسكري
الدكتور هشام العسكري خلال مقابلته مع "الطاقة"

كيف تقيّم الدور المصري في القضية المناخية في ظل استضافة قمة المناخ المقبلة كوب 27؟

استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ المقبل كوب 27 ستتيح لها أداء دور ريادي للغاية في المناقشات المناخية والسندات الخضراء، وتحمّل المسؤولية الدولية والتفاوض مع دول عظمى حول تقليل غازات الاحتباس الحراري.

كما سيتعين عليها مساعدة الدول الأخرى غير المنتجة للانبعاثات للتكيف مع التغيرات المناخية.

وأعتقد أن مصر ستؤدي -من خلال استضافة القمة- دورًا مهمًا للغاية على مستوى العالم في قضية التغيرات المناخية.

كما يمكنها -أيضًا- من خلال طرح فكرة توليد كهرباء من الطاقة الشمسية وتصديرها إلى أوروبا أن تسهم في خفض الانبعاثات العالمية، إذ تُعدّ مصر أرضًا خصبة للغاية للاستثمار في الطاقة الشمسية.

شاركتَ في وضع تقرير الأمم المتحدة حول الجفاف .. كيف أسهمت التغيرات المناخية في هذه القضية؟

الانبعاثات الكثيفة المتولّدة عن استخدام الوقود الأحفوري تسبّبت في حدوث ظاهرة الاحتباس الحراري، أو الاحترار العالمي.

فالفكرة تتلخص في حدوث تدفئة للكوكب عمومًا، وهذا لا يعني بالضرورة زيادة درجة الحرارة في كل بقعة من بقاع الكوكب، وإنما ستنخفض درجة الحرارة في أماكن كثيرة كذلك، ولكن سيكون الانخفاض بصورة كبيرة جدًا والزيادة جامحة.

وعندما نجمع الحرارة الجامحة والبرودة الشديدة على سطح الكوكب عمومًا تكون المحصلة زيادة في الحرارة، وهنا جاءت ظاهرة الاحترار العالمي.

ويمكن أن نرى آثار هذه الظاهرة بوضوح في مدينة الإسكندرية في مصر التي شهدت جليدًا أو صقيعًا هذا العام، وهذا بالتأكيد غير طبيعي، إذ تسببت التغيرات المناخية في طقس مختلف تمثَّل بانخفاض درجة الحرارة في بعض الأماكن وجفاف شديد في أماكن أخرى.

ومع الجفاف الذي انتشر في أماكن كثيرة من العالم ظهر التصحر؛ لأن الجفاف يؤدي إلى اختلاف خصائص التربة وانخفاض كمية الأمطار المتساقطة عليها.

ومن ثم يحدث تراجع في الإنتاج الغذائي نتيجة انهيار المحاصيل الزراعية لندرة مياه الأمطار فينتج عن ذلك التصحر، الذي يؤدي بدوره إلى تناقص الغذاء العالمي وخلل اقتصادي نتيجة تناقص المعروض من السلع وارتفاع الأسعار.

ومن ثم فإن التغيرات المناخية تُعدّ ظاهرة عالمية لها تأثيرات سلبية في قطاعات كثيرة للغاية، سواء صحية أو تنموية أو زراعية أو صناعية أو طيران أو نقل، ومن هنا تصاعدت المخاوف العالمية من التغيرات المناخية.

ما تقييم هشام العسكري لقمّة المناخ الأخيرة كوب 26 في غلاسكو؟

المؤتمرات المناخية تُعقد منذ مدة طويلة، وكان أشهرها قمة المناخ كوب 21 في باريس عام 2015، عندما فطن العالم إلى وجود مشكلة خطيرة، وأنه لا بد من خفض الانبعاثات إلى حدّ معين للسيطرة على درجة حرارة الكوكب حتى لا تزيد عن 2 درجة مئوية بنهاية القرن الحالي.

وكان الهدف من قمة المناخ التي عُقدت عام 2015 أن يتفق العالم على ضرورة مواجهة مشكلة ارتفاع درجة الحرارة.

ولكن في أعقاب اتفاقية باريس، لم يحدث توافق عالمي، ولم توجد رغبة دولية حقيقية لاتخاذ إجراءات فعلية على أرض الواقع ووضع خطة للحدّ من الانبعاثات حتى عام 2018، عندما ظهر تقرير الأمم المتحدة الذي يدعو إلى الحدّ من الاحتباس الحراري، بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة .

ما المخاوف التي أثارها هذا التقرير على وجه الخصوص؟

حذّر هذا التقرير من وجود مشكلة ضخمة للغاية تهدد بانهيار كوكب الأرض، وأننا نسير في اتجاه فناء البشرية إذا استمرت درجة الحرارة في الازدياد.

فدرجة حرارة الكوكب تزداد درجتين مئويين كل 10 سنوات، وبما أنها زادت إلى أقلّ من 1.1 درجة مئوية في عام 2022، فسنكون قد اقتربنا من 3 درجات مئوية بنهاية القرن، وهذه هي المشكلة.

فإذا استمرت الانبعاثات، ووصلت درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية بحلول 2030، فلا شك أن درجة الحرارة ستزداد عن درجتين مئويتين، وستقترب من 3 درجات مئوية بنهاية القرن الحالي.

ومن ثم كان هذا التقرير بمثابة الإنذار الذي حثّ البشرية على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لمواجهة التغيرات المناخية، ومن هنا بدأ المجتمع الدولي في التعامل بجدّية مع الموقف، ولاسيما أن آثار التغيرات المناخية أصبحت واضحة في عدد من الظواهر الطبيعية التي انتشرت مؤخرًا مثل الأعاصير والأمطار والفيضانات التي حدثت في نيويورك وأغرقت محطات القطارات فيها، وفيضانات سومطرة والأعاصير في الساحل الشرقي الأميركي، وما حدث في مصر مؤخرًا في أسوان من تساقط الثلوج، إضافة إلى تساقط الثلوج في المملكة العربية السعودية، وإعصار اليمن، والإعصار الذي شهدته مدينة الإسكندرية خلال العام الماضي.

ومن ثم أصبحت هناك شواهد تؤكد أن التغيرات المناخية أصبحت واقعًا؛ ولذلك كان لا بد أن يتخذ المجتمع الدولي مواقف لمواجهة هذه التغيرات.

أعتقد أن مؤتمر غلاسكو أرجع الأمور إلى المسار الصحيح، لا أستطيع أن أقول، إنه كان ناجحًا، ولكنه فتح المجال مرة أخرى للحوار ومحاولة إيجاد الحلول لهذه المشكلة.

وبالطبع هناك دول صناعية -مثل الصين والهند- ما تزال مستمرة في ممارستها المسببة للانبعاثات، بينما تحاول بعض الدول -مثل الولايات المتحدة- الحدّ من انبعاثاتها قدر الإمكان، ولكن لم تتخذ أيّ من الدول موقفًا حقيقيًا لمواجهة التغيرات المناخية.

وأتمنى أن يتمخض مؤتمر غلاسكو وقمة كوب 27 في مصر والقمة التالية في الإمارات عن اتخاذ خطوات فعلية على أرض الواقع؛ لأن التغيرات المناخية تهدد عددًا كبيرًا من الدول التي تحتاج إلى مساعدة حتى تستطيع التكيف مع ما يمكن أن يحدث في المستقبل.

ولا بد على الدول العظمى المتسببة في الانبعاثات أن تتحمل مسؤوليتها، فنحن جميعًا في المركب نفسه، والجميع مهدد إذا لم يحدث توافق عالمي على أهمية هذه القضية وضرورة اتخاذ قرار حاسم، فنحن لم نعد نملك رفاهية الوقت.

شح المياه نتيجة سد النهضة يؤدي إلى بوار الأراض الزراعية
شحّ المياه نتيجة سدّ النهضة يؤدي إلى بوار الأراض الزراعية

حذرت من أن بناء سد النهضة سيسهم في تفاقم مشكلة الجفاف، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟

التغيرات المناخية تتسبب في ظهور بعض الظواهر المستحدثة، مثل التصحر وارتفاع درجات الحرارة، وظاهرة النينيو التي تحدث نتيجة خلل في العلاقة بين الغلاف المائي والجوي والغلاف الحيوي، فعندما يحدث ذلك يؤدى إلى حدوث ظواهر أخرى على مستوى العالم جفاف في أماكن وفيضانات في أماكن أخرى.

وتهدد هذه الظاهرة بحدوث جفاف في عدد من دول قارّة أفريقيا خلال السنوات المقبلة، ومن هنا جاءت فكرة تسليط الضوء على الجفاف المتعلق بسد النهضة، عندما أُعلنت اتفاقية إعلان المبادئ كان من المفترض على الدول الـ3 المتشاطئة في النيل الأزرق التنسيق والتعاون، ولكن هذا لم يحدث.

وأصبح هناك نوع من التعنت في التوصل إلى اتفاق عادل وملزم في إدارة وتشغيل الموارد المائية وسد النهضة، ومن ثم فالوضع الحالي يهدد بحدوث نقص في الموارد المائية المصرية والسودانية على المدى البعيد إذا لم تحدث عملية تنسيق كاملة بين الدول الـ3، ومن ثم فإن الظواهر العالمية المرتبطة بالتغيرات المناخية لها تأثيرات إقليمية مختلفة، بعض هذه الظواهر يسبّب الجفاف وبعضها الآخر يسبّب فيضانات.

وسد النهضة يهدد مصر والسودان بالجفاف، ومن ثم كان لا بد أن نعرف بالضبط كيفية الإدارة في أوقات الجفاف خاصة المتعلقة بالملء والتشغيل؛ لهذا كان هناك اهتمام بالربط بين الموارد المائية والجفاف الناتج عن التغيرات المناخية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق