انتقال الطاقة في أميركا.. إغلاق محطة ومنجم كريغ يفتح ملف "مصير عمال الفحم"
ومسؤول يطرح إعادة توظيفهم في مشروعات الطاقة المتجددة
هبة مصطفى
خلال رحلة انتقال الطاقة، ترفع عدّة مدن في العالم شعار "وداعًا للفحم"، بينما تعتمد مدن أخرى على التخلص التدريجي منه، عقب مرور ما يقرب من 3 أشهر على قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26 وتوصياتها.
ورغم أن إجراءات تلك المدن تصبّ في النهاية تجاه دعم الأهداف المناخية، فإنها تتباين فيما بينها في كيفية تطبيق خطط الانتقال، سواء بصورة فورية أو تدريجية، مع الأخذ في الحسبان مصير الوظائف المتعلقة بمصادر الطاقة الحالية.
ولأن توديع الوقود الأحفوري أصبح حقيقة مناخية لا جدال فيها التزامًا بالتعهدات العالمية الرامية للتغلب على آثار التغير المناخي، يبقى أمر واحد فقط متاح للنقاش فيما يتعلق بالفحم في أميركا، وهو كيفية الإعداد لهذا الانتقال.
عمّال الفحم في كريغ
في بقعة هادئة بمدينة كريغ بمقاطعة موفات بولاية كولورادو الأميركية، تتواصل خطوات انتقال الطاقة، إذ تستعد محطة كهرباء تعمل بالفحم (يعمل بها 180 شخصًا) ومنجم الفحم الذي يغذّي تلك المحطة (ويعمل به 115 شخصًا) للإغلاق.
وقرر مالكوّ محطة الكهرباء إغلاق 3 وحدات تابعة لها بطاقة 1285 ميغاواط، في غضون 10 سنوات، في أعوام 2025 و2028 و2030 على التوالي.
وبينما تخدم تلك الخطوة الأهداف المناخية وانتقال الطاقة، يظل مصير 295 عاملًا بالمحطة والمنجم مجهولًا، رغم أن تلك الوظائف ممتدة لبعضهم منذ ما يقرب 30 عامًا، وتشكّل مصدر دخل أعلى من باقي الوظائف في المدينة.
وقال مدير أحد فروع الاتحاد الدولي لعمال الكهرباء، ريتشارد ميسينغر، إن العمل في إحدى محطات الكهرباء يعدّ من الوظائف "الدائمة" بمدينة كريغ؛ ما يُلحق الضرر بعمّال المحطة والمنجم.
- أميركا.. تراجع عدد محطات الفحم بأكثر من 90 محطة خلال 10 سنوات
- مخزونات الفحم في أميركا تسجل أقل مستوى منذ 43 عامًا
تاريخ كريغ مع الوقود الأحفوري
توالت على مدينة كريغ صناعات رئيسة عدّة في مجال الطاقة، إذ اشتهرت بصناعة النفط، ثم استخراج اليورانيوم، إلّا أن الفحم أصبح الصناعة السائدة منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى الآن.
وأسهمت إمكانات مقاطعة موفات من المعادن والفحم منخفض الكبريت في تعزيز الصناعة وترسيخ جذور عائلات العاملين بها لسنوات وعقود، حسبما نقلت صحيفة ذي كولورادو صن عن ذي أسوشيتد برس.
وتثير خطوة إغلاق المحطة والمنجم -ضمن خطوات انتقال الطاقة في أميركا- القلق حول تعويض عائد تلك الصناعة الذي يقارب نصف الناتج المحلي للمقاطعة، المستخدم في الإنفاق على الخدمات الصحية والبنية التحتية وأعمال الصيانة.
الأمر في محطة ومنجم مدينة كريغ يتكرر في مدن أميركية أخرى، بعدما قررت إدارة البلاد إحالة الفحم إلى "التقاعد" وتطبيق خطط انتقال الطاقة، بعد عقود من تغلغل تلك الصناعة في أسلوب الحياة الأميركي للقوى العاملة وللصناعات وللاستهلاك على حدّ سواء.
إذ لا تملك الولايات والمدن الأميركية كل خطط انتقال نحو كهرباء نظيفة مثل ولاية وايومنغ التي تفتح أبوابها لمحطة الطاقة النووية الخاصة ببيل غيتس.
تأثير إغلاق محطة ومنجم الفحم في كريغ لم يطل العمال والقوى العاملة فقط، إذ تتلقى البنية التحتية في المقاطعة دعمًا من عمّال الفحم الذين يبلغ متوسط رواتبهم السنوية 100 ألف دولار، مقارنة بمتوسط 40 ألف دولار لباقي وظائف المقاطعة.
ما مصير عمّال الفحم؟
حذّرت المديرة التنفيذية لغرفة كريغ التجارية، جينيفر هولواي، من تأثير غياب وظائف الفحم بالشركات الصغيرة في المدينة.
أمّا مدير محطة كريغ المقبلة على الإغلاق، تيم أوسبورن، فأوضح أن العمّال معرّضون للاستنزاف وضغوط العمل في المحطة حتى الإغلاق نهاية العقد الجاري، مع وقف عقود التوظيف الجديدة.
وأضاف أن الوضع الأمثل لعمّال محطة ومنجم الفحم في كريغ، وكذلك المعدّات المستخدمة بهما، هو إعادة التوظيف في مشروعات الطاقة المتجددة.
ويشير محلل الطاقة في وكالة الطاقة الدولية، كارلوس ألفاريز، إلى أن الفحم يشكّل ثلثي مزيج الكهرباء في العالم، لكن الدول المتقدمة عزّزت من تنوّع مزيج الطاقة لديها، ما يجعل عملية الانتقال نحو الطاقة النظيفة أكثر سهولة.
وتطرّق مشرف الإنتاج بشركة تريبر ماين للتعدين في ولاية كولورادو، سين هوفوركا، إلى أن مجال التعدين هو جزء من عملية الانتقال نحو الطاقة المتجددة والخضراء، مضيفًا أن توربينات وطواحين محطات الرياح وكذلك الألواح الشمسية تحتاج للمعادن.
وأضاف أن صناعة التعدين يجب أن تظل قائمة يالتوازي مع خطوات انتقال الطاقة، مستشهدًا باحتياج الانتقال للسيارات الكهربائية وبطاريتها إلى الليثيوم، وكذلك المعادن الأخرى كالنحاس والنيكل والكوبالت.
اقرأ أيضًا..
- مشروع ديزرتيك للطاقة الشمسية.. تفاصيل لأول مرة عن أسباب فشل حلم الجزائر
- السيارات الكهربائية.. المبيعات الأميركية أقل من الصين وأوروبا في 2021
- أرامكو السعودية توقع 50 اتفاقية لتعزيز المحتوى المحلي بقطاع التوريد