رئيس الشركة المصرية الألمانية للطاقة الشمسية: الطاقة المتجددة تشهد طفرة في مصر (حوار - فيديو)
أجرى الحوار - داليا الهمشري
أكد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية الألمانية للطاقة الشمسية، الدكتور هاني بركات، أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح لتحقيق أهدافها للتوسع في مجال الطاقة المتجددة.
وأوضح أن مصر تحتلّ -حاليًا- مكانة متميزة للغاية في تطبيقات الطاقة المتجددة، لا سيما في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ودعا بركات خلال حوار مع "الطاقة" إلى ضرورة توافر سياسات عامة تمهّد الطريق لاستثمارات مجدية اقتصاديًا في مجال الطاقة المتجددة، لافتًا إلى أن مثل هذه السياسات ستعمل على جذب للمستثمرين وإقبال جهات التمويل.
كما يرى بركات أن الهيدروجين الأخضر سيؤدي دورًا كبيرًا في مستقبل الطاقة المتجددة، ليس في مصر وحدها، بل في العالم أجمع.
ما أهم المشروعات التي تعملون عليها لتطوير قطاع الطاقة المتجددة في مصر؟
نحن نعمل -حاليًا- على تنفيذ مشروعين كبيرين للطاقة الشمسية، الأول بالتعاون مع المركز القومي للبحوث وجامعة كارديف البريطانية، ويستهدف تطوير وحدات لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية.
ويتضمن المشروع جزأين رئيسين: جزءًا بحثيًا يركز على تطوير تكنولوجيا تحلية المياه بالطاقة الشمسية، وجزءًا صناعيًا يتمثل بإنتاج هذه الوحدات في مصر وتوفيرها في السوق المحلية بسعر مناسب.
انتهينا من الجزء الأول من المشروع، وسنعرض النتائج البحثية التي توصلنا إليها مع الجانب الإنجليزي خلال مؤتمر صحفي -سيُعقد يوم 23 يناير/كانون الثاني الجاري- بمقرّ المعهد البريطاني في القاهرة.
وماذا عن المرحلة الثانية من المشروع؟
خلال الجزء الثاني من المشروع، سنحوّل النتائج البحثية إلى مُنتج صناعي ونطرحه في الأسواق المصرية، وهذه تُعدّ خطوة مهمة نظرًا لزيادة احتياجات مصر من المياه، ومن ثمّ فنحن نعمل على تطوير أنشطة تقنيّة جديدة لتحلية المياه.
أمّا المشروع الثاني، فهو مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وهو اتجاه عالمي لتبنّي تقنية تهدف إلى إنتاج الهيدروجين لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة المتجددة بحيث لا ينتج عنه أيّ أثر بيئي ملوث.
وبدأنا -بالفعل- الجزء البحثي بالتعاون مع جهة بحثية مصرية وجهة بحثية أجنبية لنقل تقنية الهيدروجين الأخضر إلى مصر، ثم سننتقل إلى الإنتاج الصناعي لتوفير المنتج بصناعة مصرية وسعر مناسب.
لماذا اتّجهتم إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر رغم تخصصكم في الطاقة الشمسية؟
أعتقد أن الهيدروجين الأخضر يمثّل مستقبل الطاقة المتجددة، ليس في مصر وحدها، بل في العالم أجمع.
ولذلك يتجه العالم بقوة إلى تقنية الهيدروجين الأخضر، ونحن نستهدف أن تكون مصر مالكة لهذه التقنية، ولا تظل في انتظار الحصول عليها من الخارج.
وبدأنا في الشركة المصرية الألمانية للطاقة الشمسية -بالتعاون مع جهات بحثية مصرية وأجنبية- في تطوير تقنية الهيدروجين الأخضر، وسنبدأ بجزء بحثي لتطوير التقنية ثم جزء تطبيقي لتوفير هذا المنتج بصناعة مصرية وسعر مناسب.
ما أهم التحديات التي تواجه هذه المشروعات؟
يمكن تقسيم التحديات إلى عدّة أجزاء، أولًا: تحديات علمية وتقنيّة، لأن التقنية من أندر العناصر في العالم، فقد يتوافر التمويل والمواد الخام والمعدّات، ولكن يظل الجزء الثمين في هذه المعادلة هو التكنولوجيا.
ونحاول التغلب على هذه التحديات من خلال التعاون مع الجهات البحثية الأجنبية، التي تمدّنا بخبرات كبيرة نحن في حاجة إليها، فنحن نبني شبكة علاقات دولية لنقل التقنية إلى مصر.
بينما تتمثل التحديات الأخرى في توفير سياسات عامة داعمة ومحفزة للاستثمار في الطاقة المتجددة؛ لأنها تتحول -الآن- إلى مشروعات كبرى، ولها اقتصادات وتكلفة وعائد.
ومن ثم لا بد أن تتوافر سياسات عامة تمهد الطريق لاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة مجدية اقتصاديًا؛ لأن مثل هذه السياسات ستؤدي إلى توسع في السوق وجذب للمستثمرين وإقبال من جهات التمويل.
وفيما يتعلق بالسياسات، نحن نحاول بلورة سياسات مع جهات مختلفة، ونقترحها على صانع القرار حتى تسمح بالتوسع في مجال الطاقة المتجددة في مصر.
كيف تقيّم التجربة المصرية في مجال الطاقة المتجددة؟
مصر تحتلّ حاليًا مكانة متميزة للغاية في تطبيقات الطاقة المتجددة، لا سيما في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ لأن مصر تحظى بموارد شمسية جيدة للغاية، وخريطة رياح إيجابية.
ونجحت مصر في أن تتصدر تطبيقات الطاقة الشمسية في أفريقيا والشرق الأوسط، ولكن ما يزال علينا بذل مزيد من الجهد لتحقيق القدر المستهدف.
فمصر ما يزال أمامها طريق للتوسع في مجال الطاقة المتجددة، ولكن أحد التحديات التي تواجهها يتمثل في توطين صناعة الطاقة المتجددة، وليس فقط استخدامها.
أي لا بد من تحقيق نِسب تصنيع محلي مرتفعة في مصر في معدّات الطاقة المتجددة، ولكن بالفعل، الدولة حققت نجاحًا كبيرًا في مجالات الطاقة المتجددة لا بد أن نستثمره ونبني عليه.
في ظل توافر طاقة شمسية وطاقة رياح جيدة في مصر، كما ذكرتم، هل تعتقد أن الدولة في حاجة حقيقية للطاقة النووية؟
هناك أسبابًا مثل معدلات النمو السكاني الحالية في مصر، بجانب زيادة معدلات التنمية وارتفاع مستوى معيشة المواطن المصري ستعمل على زيادة الطلب على الكهرباء.
ومن ثم فليس هناك تعارض بين التوسع في مصادر الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ووجود محطات نووية لتوليد الكهرباء.
تحظى أفريقيا ومعظم دول العالم العربي بموارد شمسية جيدة، هل يمكننا المراهنة على الطاقة الشمسية لصياغة مستقبل الطاقة المتجددة؟
أعتقد أن الرهان على الطاقة الشمسية هو الأجدى اقتصاديًا، فعلى الرغم من أن مصر لديها خريطة رياح قوية في بعض المناطق مثل ساحل البحر الأحمر، فإن التوسع في طاقة الرياح سيقتصر على هذه الأماكن، إلّا أن التوسع في الطاقة الشمسية سيشمل مصر بأكملها.
ففرص الاستثمار في الطاقة الشمسية في مصر واعدة للغاية، وتُعدّ أكثر تطبيق مناسب من مصادر الطاقة المتجددة لطبيعة مصر.
ماذا يحتاج قطاع الطاقة المتجددة في مصر لينمو على النحو المطلوب؟
تنتشر الطاقة المتجددة على مستوى العالم بصورة سريعة، وستستمر في النمو، لأنها تجيب على سؤال: كيف نقلل الانبعاثات الكربونية.
وأعتقد أن التحديات الأساسية في مصر تنحصر في مجالين، المجال الأول يتمثل في نقل التقنية، وإلّا ستستمر مصر في انتظار شرائها من الخارج.
وللتوسع في بناء المحطات الشمسية، على سبيل المثال، فلا بد من صناعة الخلايا الشمسية بصورة كبيرة على المستوى المحلي، لأنه كلما زاد التصنيع المحلي زادت القيمة المضافة على الاقتصاد.
فلا بد أن تتجاوز مصر مرحلة شراء هذه المعدّات لتكون ناقلة للتقنية، ومصر لديها كفاءات وخبرات تمكّنها من ذلك.
ومن ثم، دور مصر الحالي هو توطين التقنية والتوسع في صناعة معدّات الطاقة الشمسية، بل ولا بد أن تكون مُصدّرة لهذه المعدّات.
ما العقبات التي تواجه تصنيع الخلايا والألواح الشمسية في مصر؟
تمثّل التقنية والمعرفة التحدي الحقيقي أمام توطين صناعات الطاقة المتجددة في مصر؛ لأنها تقنية حديثة بوجه عامّ، ولا بد من نقلها وتوطينها في مصر.
إلى جانب ضرورة توفير مناخ استثماري جاذب للمستثمرين الدوليين في هذه الصناعة، فلا بد من تمهيد الطريق لجذب الصناعة الدولية في مجال الطاقة المتجددة إلى مصر.
قدّمتم توصيات لصانع القرار المصري للتوسع في مجال الطاقة المتجددة، ما هذه التوصيات؟
قدّمنا توصيات تتعلق بكيفية جذب الاستثمارات في مجال التصنيع، وإعطاء بعض المزايا الضريبية والجمركية على المعدّات حتى لا تشكّل الرسوم الجمركية عقبات أمام استيراد المعدّات اللازمة للتوسّع في الطاقة المتجددة.
كما طالبنا بتوفير سياسات عامة لسهولة الدمج بين محطات الطاقة المتجددة وشبكات الكهرباء في مصر.
إلى جانب منح نوع من الحوافز والتسويق الدولي لجذب المستثمرين الدوليين إلى مصر وإقناعهم بالجدوى الاقتصادية للعمل على مشروعات في مصر، وتوفير مزايا أخرى لهم عند تصنيع معدّات الطاقة المتجددة.
فلا بد من بناء هذه السياسات ومتابعتها حتى نتمكن من إنشاء صناعة ناجحة بمجال الطاقة المتجددة في مصر.
كيف أقنعتم صانع القرار المصري بدمج الطاقة الشمسية على شبكات الكهرباء المحلية؟
لقد تقدّمنا بهذا المقترح، واستجابت وزارة الكهرباء بسرعة، ووضعت تسعيرة لإمكان ضخّ الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية أو الطاقة المتجددة بصفة عامة إلى الشبكة.
وهذا كان بمثابة نقلة أدت إلى التوسع الذي نشهده الآن في مجال الكهرباء المتجددة.
ونحن نشارك دائمًا في تنسيق السياسات مع وزارة الكهرباء، بما يحفّز التوسع في محطات الطاقة المتجددة.
يشكك الكثيرون في الطاقة الشمسية، ويعتقدون أنها مصدر غير موثوق للكهرباء نظرًا لغياب الشمس في بعض الأوقات، كيف ترى ذلك؟
بالفعل هي طاقة متقطعة، لكن حلّها الفني يتطور، فأحد الحلول هو ربطها بالشبكة، أي عندما تتوافر بكميات كبيرة تضخ في الشبكة وعندما لا تتوافر نأخذ الكهرباء من مصادر أخرى.
كما إن هناك تطورًا كبيرًا في وسائل تخزين الطاقة المتجددة، منها الهيدروجين الأخضر، فهو وسيلة جيدة لتخزين الطاقة دون فقد، واستخدامها في أيّ مكان آخر، فيمكن أن أقوم بإنتاج الهيدروجين في أسوان -على سبيل المثال- وأستخدمه في القاهرة.
فالهيدروجين هو الشكل المُطوَّر لتخزين الطاقة، أمّا البطارية فهي الشكل التقليدي للتخزين، وهناك فاقد كبير، فضلًا عن قصر عمر التخزين.
شهدت الطاقة المتجددة في مصر طفرة خلال المدة الماضية، فما مدى إسهام الطاقة الشمسية في ذلك؟
مصر تغطي نحو 20% من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة المتجددة، سواء من الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، وهي نسبة جيدة، لكن الخطة المصرية تستهدف نسبة أعلى من ذلك بكثير.
تحقيق نسبة 20% يمثّل إنجازًا، ولكن احتياجات مصر من الكهرباء في تزايد مستمر، ومن ثم لا بد من التوسع في مصادر الطاقة المتجددة لمواكبة الطلب وتوفير فرص العمل.
وأعتقد أن مصر تسير على الاتجاه الصحيح لتحقيق أهدافها في مجال الطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة والسيارات في مصر.. إستراتيجيات جديدة في 2021
- مجمع بنبان للطاقة الشمسية.. مصر تخطط لتصدير الكهرباء النظيفة
- مسؤولة: مصر تقود التحول الأخضر على مستوى المنطقة وأفريقيا
اقرأ أيضًا..
- استثمارات النفط والغاز العالمية قد ترتفع إلى 628 مليار دولار في 2022
- وزير الطاقة السعودي: العالم يواجه تحولًا معقدًا للطاقة النظيفة.. ونحتاج لمزيد من المرونة
- لماذا يفضّل الأميركيون شراء السيارات الهجينة عن الكهربائية؟