وزير الكهرباء اليمني: لم يدعمنا سوى السعودية.. ومفاوضات حالية مع قطر والكويت (فيديو)
لدينا عجز 50% في الكهرباء.. والبنية التحتية متهالكة
أجرى المقابلة - عبدالرحمن صلاح
ناشد وزير الكهرباء اليمني، أنور كلشات، الدول العربية والمجتمع الدولي، دعم قطاع الطاقة في بلاده؛ للتغلب على الأزمات والتحديات الحالية التي يواجهها.
وقال "كلشات"، في مقابلة أجرتها معه "الطاقة"، إن اليمن لم يتلقَّ أي دعم منذ تشكيل الحكومة سوى من السعودية؛ لذا "نطالب كل الأشقاء بالوقوف إلى جوارنا في هذا الظرف الصعب"، حسب تعبيره.
وأشاد بالدور الكبير الذي تمثله منحة المشتقات النفطية السعودية، التي أسهمت في توفير الوقود لمحطات الكهرباء بالمناطق المُحررة.
وأكد أن منحة المشتقات النفطية السعودية "عامل أساسي مهم جدًّا في استقرار البلد، بسبب الانقطاعات الكبيرة في الكهرباء التي كانت تحدث، وساعدت الدولة في تخطي الصيف واستمرار عمل الحكومة".
وفي خضم حديثه عن قطاع الكهرباء في بلاده، أبدى وزير الكهرباء اليمني إعجابه بالتجربة المصرية في هذا القطاع، ونجاحها في التحول من العجز إلى الوفرة، ثم التصدير.. وإلى نص المقابلة:
ناقشتم قبل أيام في اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الكهرباء العرب موضوع السوق العربية المشتركة للكهرباء.. ما أبرز المستجدات؟
كل الأعضاء أبدوا موافقتهم على التوصيات التي رُفِعَت من اللجان المشكّلة بشأن السوق العربية المشتركة، وهي لجان الخبراء الذين ناقشوا المقترحات باستفاضة.
حقيقة، السوق العربية تعد من الطموحات العربية لتعزيز العمل العربي المشترك في المستقبل، وهناك نماذج عالمية؛ حيث توجد في أوروبا سوق مشتركة للاستفادة من الاستثمارات الكبيرة في مجال الطاقة، وهناك دول وصلت إلى مرحلة متطورة، مثل مصر التي لديها فائض حاليًا، بينما الدول العربية لا تزال تعاني عجزًا، وبحاجة للاستفادة من هذه الطاقة المتوافرة؛ فالربط المشترك لا شك أنه ستكون له فائدة كبيرة في المستقبل.
هل هناك خطوات فعلية لتنفيذ هذا المشروع العملاق؟
هناك اتفاقيات بينية بين الدول نُفِّذَت بالفعل، مثل الربط بين مصر ودول السودان وليبيا والأردن والسعودية، وهناك مباحثات للربط بين السعودية والعراق.. هذه الخطوات كلها تُعَد بداية لسوق عربية مشتركة، تنظمها اتفاقيات دولية تحكم هذا الإطار وتنظم العملية بشكل أفضل.
هل هناك إمكانية للربط الكهربائي بين الدول العربية كافة؟
الإمكانية باعتبارها طاقة متوافرة حاليًا؛ نعم هناك إمكانية، لكن الدول العربية تتفاوت من حيث البنية التحتية واستعدادها للربط المشترك؛ فمثلًا نحن في اليمن أو السودان ودول أخرى نعاني أن البنية التحتية لا تلبي رغبتنا في المضي قدمًا نحو الربط الكهربائي مع الدول المجاورة، وهذا يجعل بعض الدول غير مستعدة بشكل آني، لكن لا شك أنه في المستقبل ستشهد البلدان نهضة، ولن يكون الوضع على ما هو عليه الآن.
اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الكهرباء العرب ناقش أيضًا ملف الطاقة النظيفة.. هل ترى فرصة قريبة لتحول المنطقة العربية إلى الطاقة النظيفة؟
التحول نحو الطاقة النظيفة هو توجه لدى كل الدول العربية، لكن بدء تنفيذ هذا النوع من الاستثمارات يختلف من دولة لأخرى؛ فهناك دول بالفعل متقدمة في هذا المجال، مثل مصر والسعودية ودول الخليج وأيضًا المغرب العربي، وهناك دول ما زالت تحاول مثل اليمن، ونحن في إطار البدء في تنفيذ أول مشروع محطة طاقة شمسية، لكنه لم يُستكمل بعد.
وتُعَد الدول العربية مصدرًا كبيرًا جدًا سواء للطاقة الشمسية أو الرياح، أو الطاقة المائية، وحتى الطاقة الكامنة في باطن الأرض، ومن ثم فالفرص كبيرة جدًا، لكن الأمر يحتاج إلى استثمارات ضخمة.
إذًا، هل التمويل هو العقبة الوحيدة؟
بالنسبة لنا في اليمن؛ فإن العائق الحقيقي والأساسي هو التمويل وعدم القدرة حاليًا على الاستثمار؛ لأنه يحتاج إلى تمويلات كبيرة جدًا، ونحن نعيش في حالة حرب وأوضاع صعبة، رغم أن هذه المصادر النظيفة أقل تكلفة لإنتاج الكهرباء في المستقبل.
كما أن هناك بعض الدول العربية التي تعاني، ونجد أن عندها المشكلة نفسها، بينما الدول المستقرة التي لديها اعتمادات مالية كبيرة استطاعت أن تخطو خطوات كبيرة في هذا المجال.
ما أبرز الدول التي يراها وزير الكهرباء اليمني نموذجًا ناجحًا؟
أنا معجب جدًا بالتجربة المصرية في تجاوز العجز وتحقيق نجاح كبير جدًا خلال مدة وجيزة.. نحن نتحدث عن 5 إلى 6 سنوات، استغرقتها مصر في التحول من العجز إلى الوفرة ثم البيع للدول المجاورة.
ما تحقق من إنجازات، هو مشهود لدى الجميع، بإصرار وعزيمة من الرئيس المصري، والإخوة في وزارة الكهرباء، ونجاحهم ملهم لنا ولغيرنا؛ كونه تحقق في مدة صعبة، وفي أوقات قياسية.. الآن لديهم إنتاج الكهرباء من مصادرة مختلفة، مثل الشمس والرياح والمياه، ويدرسون إنتاج الكهرباء من الهيدروجين الأخضر.
وهناك أيضًا المملكة العربية السعودية؛ لديها استفادة من الطاقة الشمسية، وهناك الإمارات والمغرب والأردن والجزائر.. هذا كله يضعنا أمام تجارب ناجحة نسعى للاستفادة منها مستقبلًا.
ما تطورات أزمة نقص الوقود في اليمن الذي أدى بدوره لأزمة كهرباء؟
لا توجد أزمة حاليًا في توافر المشتقات النفطية، الأزمة في الأسعار، وهذا طبيعي بسبب ارتفاع سعر النفط عالميًا، وأيضًا انهيار العملة المحلية، وتضخم الأسعار، وهذا سبّب أزمة للمواطنين في شراء الوقود.
أما الكهرباء فكنا نعاني في توفير الوقود لمحطات الكهرباء قبل توقيع اتفاقية منحة المشتقات النفطية السعودية مع الإخوة في المملكة، ومع سريان المنحة شهدت المحطات استقرارًا كبيرًا في عملية التوليد من خلال تدفق الوقود بشكل مستمر، وهذا أدى إلى استمرار تشغيل أكثر من 80 محطة في المناطق المحررة، وساعد الحكومة في البقاء على الأرض وأداء عملها بشكل أفضل مقارنة بإذا لم تكن هناك منحة.
هل يتفاوض وزير الكهرباء اليمني لزيادة المنحة أو تمديدها؟
كانت هناك منحة في 2013 ثم منحة في 2018، ومنحة المشتقات النفطية السعودية الأخيرة كان لها سقفان؛ سقف مالي بـ422 مليون دولار، وسقف كمي هو مليون و250 ألف طن ديزل ومازوت.
حتى الآن استفدنا بما يعادل 40 إلى 50% من المنحة الممتدة إلى عام.. ونحن الآن تقريبًا في منتصف المنحة، التي ستنتهي في أبريل/نيسان المقبل.
منحة المشتقات النفطية السعودية عامل أساسي مهم جدًا في استقرار البلد، بسبب الانقطاعات الكبيرة في الكهرباء التي كانت تحدث، وساعدتنا في تخطي الصيف واستمرار عمل الحكومة، أيضًا نحن -الحكومة- نُسهِم في المنحة بدفع ما لا يقل عن 15 مليون دولار شهريًا في توفير الوقود.
يقول وزير الكهرباء اليمني: "استمرار المنحة ضروري جدًا في المرحلة الحالية، ونحاول حاليًا ومن الآن التواصل مع الإخوة الأشقاء في السعودية لتمديد المنحة؛ كون الوضع الحالي لا يزال صعبًا؛ فالحكومة تمر بأزمة اقتصادية خانقة، وإيراداتنا من النفط الخام لا تلبي احتياجات المواطن الأساسية، وإذا انقطعت المنحة فربما نصل إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي، وهذا نقوله للأشقاء في المملكة، وهم مشكورون في مساندتنا".
مفاوضاتنا مع السعودية تتضمن تمديد المنحة عامًا إضافيًا، لكن في النهاية للمملكة رؤيتها ورأيها.. هناك إصلاحات وأمور لا بد أن ننفذها أولًا.. الوضع لم يخدمنا، حيث نفذنا جزءًا ويتبقى جزء، ونأمل في أن يتفهم الإخوة في الجانب السعودي الظروف التي نمر بها ويتجاوبوا معنا.
هل دعم المملكة يتوقف على منحة المشتقات النفطية، أم يمتد إلى الدعم الفني والبشري لتطوير قطاع الكهرباء؟
الإخوة في البرنامج السعودي لتنمية اليمن وإعماره لهم الفضل في دعم التنمية بالمناطق المحررة، وفي بعض المحافظات ورّدوا مولدات كهرباء، وتحسين شبكات، وتوفير دفعات سابقة من المشتقات النفطية باعتبارها منحة، وأبدوا استعدادهم لتقديم المشورة وتوفير مهندسين مختصين في الوصول إلى الحلول المقترحة لمعالجة الاختلالات بالقطاع وتحديد الإصلاحات المطلوبة.. المملكة مستعدة دائمًا لدعمنا في تطوير القطاع.
هل هناك دعم مماثل من الدول العربية، أو على الأقل حديث عن منحة عربية مماثلة؟
ليس هناك أي حديث.. وحتى الآن لم نتلقَّ أي دعم سوى من السعودية (من خلال منحة المشتقات النفطية السعودية) منذ تشكيل الحكومة.. نطالب كل الأشقاء بالوقوف إلى جوارنا في هذا الظرف الصعب.
الإخوة في مصر مشكورين قدموا لنا دورات تدريبية في قطاعات متعددة للمهندسين في المؤسسة العامة، وخلال جلوسنا مع الوزير محمد شاكر، أبدى استعدادًا كبيرًا لمساعدتنا في التدريب وتأهيل الكوادر في المؤسسة العامة للكهرباء، وعمل الهيكل المطلوب.
وهناك بوادر دعم من الإخوة في قطر لصيانة المحطة القطرية، وهي عبارة عن محطة بقدرة 50 ميغاواط كانت قد تضررت سابقًا وتحتاج صيانتها إلى مبلغ لم تستطِع الحكومة توفيره؛ فطلبنا منهم عمل صيانة للمحطة، وأبدوا موافقة، والأمر في مرحلة الدراسة.
وهناك أيضًا منحة من الإخوة في الكويت بـ40 مليون دولار، لصيانة محطة مأرب التي تعمل بالغاز، لكن الأمر في مرحلة الاتفاقيات والإجراءات الروتينية.
ماذا عن الدعم الدولي من الجهات المانحة؟
الدعم الدولي يقتصر على الجانب الاستشاري والإنساني فقط.. قطاع الكهرباء لم يلقَ الدعم الدولي إلى الآن.
في أبريل/نيسان 2021، صرح وزير الإعلام اليمني بأن الحوثيين يفتعلون أزمة كهرباء ووقود.. هل لا يزال الأمر مستمرًا؟
الحوثيون تفرغوا للحرب، والحشد للمعركة، ولا يكترثون باحتياجات المواطنين ولا معاناتهم اليومية؛ فالجماعة لم تعد تقدم خدمات للمواطنين في مناطق سيطرتها، وتركت الأمر للقطاع الخاص.
صار المواطن يشتري الكهرباء بأسعار خيالية، بينما نحن في المناطق المحررة نوفر الكهرباء بأسعار زهيدة جدًا، بمتوسط 15 ريالًا للكيلو واط/ساعة، بينما يكلفنا إنتاجه 240 ريالًا.
*الدولار الأميركي = 250 ريالًا يمنيًا
ما خطتكم للتغلب على انقطاعات الكهرباء في 2022، خاصة خلال الصيف؟
الوزارة جاءت في وضع صعب جدًا؛ فالعجز الحالي يصل إلى 50%؛ فاحتياجنا يبلغ 600 ميغاواط في الصيف، بينما التوليد المتاح لا يصل حتى إلى 300 ميغاواط، ورغم ذلك وبينما نحن في حرب وأزمة اقتصادية؛ فإن رئيس الجمهورية وجّه بإنشاء محطة في عدن بقدرة 264 ميغاواط، وتم الآن الانتهاء منها، وبدأت التشغيل التجريبي، وستسهم في تقليل حدة الانقطاعات في الصيف، ونعلق عليها الآمال في تجاوز حرارة الصيف.
بينما في الشتاء، لا توجد أي أزمة، وساعات التشغيل تصل إلى 24 ساعة يوميًا.
ما الاستثمارات التي تحتاجون إليها لإنقاذ القطاع؟
رفعنا احتياجاتنا إلى مجلس الوزراء، وطلبنا عدة أمور، لمواجهة الصيف المقبل، لكن حتى الآن لم تُقَر؛ لعدم توافر التمويل.
نحتاج إلى محطات جديدة في المكلا ولحج وعدن، وهذه الاستثمارات تصل إلى نصف مليار دولار، لكن توفير ذلك المبلغ صعب جدًا حاليًا.
في الوقت الحالي نتجه إلى تشغيل المحطات بنظام (B.O.T) البناء والتشغيل ثم نقل الملكية للدولة.. نحتاج تقريبًا إلى ما لا يقل عن 700 ميغاواط لإنهاء المشكلة، لكن الأمر يستغرق سنتين تقريبًا، وإن تم فسيكون وقتًا قياسيًا.
ماذا عن مشروع مناقصات الطاقة الشمسية؟
المشروع عبارة عن 7 مناقصات في 7 محافظات، لإنشاء محطات صغيرة تتراوح قدراتها بين 10 و20 ميغاواط، بحد أقصى 70 ميغاواط، وطرحنا المناقصة عام 2020، لكن العروض التي وصلت إلينا كلها من شركات محلية أسعارها مرتفعة جدًا مقارنة بالدول المجاورة.
المشروع توقف إلى حين الحصول على عرض أفضل وأسعار متوازنة.
هل تخططون لتنفيذ مشروع طاقة رياح؟
كانت هناك خطوات سابقة في هذا السياق من خلال مشروع ممول من البنك الدولي بقدرة 160 ميغاواط، لكنه توقف -للأسف- بسبب الحرب.. نريد فتح الباب أمام المستثمرين، خاصة فيما يتعلق بمشروعات الطاقة الشمسية.
هناك شركات ترغب في مساعدتنا، لكنها مترددة وغير واثقة بالوضع الحالي على الأرض؛ فالشركات تهرب من الاستثمار بسبب الوضع الحالي والحرب.
البنية التحتية لقطاع الكهرباء ما زالت ضعيفة، وتمنعنا من تنفيذ الربط المشترك مع الدول المجاورة.. كل ما نفكر فيه الآن هو كيفية توفير احتياجات المواطن للكهرباء، لكن هناك أيضًا احتياجات للصناعة والمستثمرين.
نأمل في التعاون مع الإخوة في مصر، والمركز الإقليمي للطاقة، أن يساعدونا في تحديد الأشياء المطلوبة للاستثمار في الطاقة المتجددة، أو الطاقة بشكل عام.
اقرأ أيضًا..
- أسواق النفط في 2021.. ماذا حدث وماذا سيحدث؟
- منتجو النفط والغاز بالخليج العربي في 2021.. خطط خضراء للحياد الكربوني
- سوق الفحم في 2021.. مستويات قياسية ونقص بالإمدادات واضطرابات مناخية
- قناة السويس في 2021.. إيرادات تاريخية وأزمة استثنائية شغلت العالم