منتجو النفط والغاز بالخليج العربي في 2021.. خطط خضراء للحياد الكربوني
والسعودية تقود الجهود العالمية بمبادرتين
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار
- الدول الخليجية من بين أكبر 10 دول بالعالم تُصدر انبعاث كربونية
- السعودية تخصص 184.2 مليار دولار لتنمية الاقتصاد الأخضر
- قطر تستهدف خفض كثافة الكربون في منشآت الغاز بنسبة 25% بحلول 2030
- دبي تستهدف خفض الانبعاثات بنسبة 23.5% بحلول 2030
شهد عام 2021 إعلان عمالقة النفط والغاز في الخليج العربي خططًا للحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، مع تحديد هدف للوصول إلى الحياد الكربوني.
وتعدّ كل من السعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر -بحسب تصنيف للبنك الدولي- من بين أكبر 10 دول في العالم تُصدّر انبعاث كربونية من حيث نصيب الفرد.
ورغم التصنيف، وبحسب رصد من وحدة أبحاث الطاقة، فإن تلك الدول اتخذت خلال 2021 خطوات جادة نحو تحقيق حيادية الكربون لتجنّب تغيّرات المناخ، عبر مشروعات لاحتجاز الكربون أو الاستثمار في الطاقة النظيفة.
وتأتي هذه المشروعات بالتزامن مع استمرار إنتاج النفط والغاز، إذ تؤكد هذه الدول أن مواصلة الاستثمار في الوقود الأحفوري سوف تساعدها على التوجه نحو الاقتصاد الأخضر عبر تحقيق التوازن بين الإنتاج ومواجهة الانبعاثات.
ويقصد بالاقتصاد الأخضر (أو Green Economy) تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة عبر استهلاك وإنتاج مستدام جنبًا إلى جنب مع كفاءة الموارد، وبالتبعية الحدّ من انبعاثات الكربون والنفايات الضارّة مقابل كل وحدة منتجة أو كل خدمة.
ولقراءة حصاد 2021 بشأن النفط والغاز والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، والذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، يرجى الضغط هنا.
السعودية
يبرز توجّه السعودية -أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم- نحو الاقتصاد الأخضر للحدّ من انبعاثات الكربون، في إعلانها خلال عام 2021 تخصيص استثمارات بقيمة 700 مليار ريال (184.2 مليار دولار)، لتنمية الاقتصاد الأخضر، مع استهداف المملكة الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060.
وتسعى المملكة إلى خفض انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، مع التوجه إلى تعديل مزيج الطاقة، والاستثمار في المصادر المتجددة مثل الهيدروجين، بالإضافة لانضمام البلاد إلى التعهد العالمي بشأن الميثان، والذي يستهدف خفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30%، وفقًا لتصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتضمنت خطط السعودية تأسيس صندوق للاستثمار في حلول تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون بالشرق الأوسط، فضلاً عن مبادرة عالمية تعمل على تقديم حلول الوقود النظيف لتوفير الغذاء، لأكثر من 750 مليون شخص بالعالم.
ويبلغ إجمالي استثمارات المبادرتين ما يصل إلى 39 مليار ريال (10.4 مليار دولار)، مع مساهمة السعودية بتمويل نحو 15% من الإجمالي.
ويهدف الاقتصاد الدائري للكربون إلى تقليل انبعاثات الكربون، بل وإعادة تدويره، في مسعى لإزالته من الغلاف الجوي.
وكانت المملكة قد عقدت قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر خلال 2021، وجاء من بين أهدافها وضع خارطة طريق لتقليل الانبعاثات الكربونية في الشرق الأوسط، وزراعة 50 مليار شجرة في المنطقة.
وتمتلك السعودية مشروعات تعود لعام 2015 في مجال التقاط الكربون وتخزينه، إذ تقوم باحتجاز ثاني أكسيد الكربون من مصادر كمحطات توليد الكهرباء وغيرها، ومن ثم تخزينه تحت الأرض لمنع انبعاثه في الغلاف الجوي، وبعدها استخدامه في منتجات تجارية كالكيماويات والأسمدة والوقود.
وفي عام 2015، شهدت السعودية بدء أول مشروع في مجال التقاط الكربون ونفّذته شركة أرامكو في مدينة الحوية، والذي كان قادرًا على استخلاص 40 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا من غاز ثاني أكسيد الكربون ومعالجتها في معمل الشركة، قبل نقله في خط أنابيب بطول 85 كيلومترًا إلى حقل النفط بالعثمانية، ومن ثم حقنه في مكمن النفط، وفقًا لبيانات أرامكو.
وبحسب أرامكو، نجحت الشركة السعودية في مضاعفة معدلات إنتاج النفط من 4 آبار لديها، منذ تدشين فكرة حقن غاز ثاني أكسيد الكربون للمرة الأولى عام 2015.
وبحسب وحدة أبحاث "الطاقة"، فإن من أبرز مشروعات السعودية كذلك مصنع الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، والذي افتتح عام 2015، وتصفه الشركة بأنه الأكبر في العالم لجمع الكربون وتنقيته واستخدامه، إذ يقوم بجمع 500 ألف طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، ومن ثم تحويله إلى مواد للعمليات الصناعية.
قطر
أطلقت قطر -أكبر مصدّر للغاز المسال في العالم- خلال 2021، إستراتيجية للبيئة والتغير المناخي، تهدف إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عبر تنفيذ تقنيات منخفضة الكربون.
وتضمنت خطة قطر خفض كثافة الكربون في منشآت الغاز الطبيعي المسال لديها بنسبة 25% بحلول 2030، وفقًا لوزارة البيئة والتغير المناخي القطرية.
وتستهدف إستراتيجية قطر 5 مجالات، هي: انبعاثات غازات الدفيئة وجودة الهواء والتنوع البيولوجي والمياه والاقتصاد الدائري وإدارة النفايات واستخدام الأراضي، بحسب نائب الرئيس لشؤون تطوير المرافق السطحية في قطر للطاقة أحمد العمودي.
وتأتي الإستراتيجية في إطار سعي الدوحة إلى إنشاء 30 محطة لرصد جودة الهواء بحلول عام 2023، وزيادة عدد المحميات فيما يتعلق بالتنوع البيولوجي.
وتسعى قطر كذلك إلى خفض كثافة غاز الميثان بنسبة 0.2% بحلول عام 2025، مع التوجه نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة خلال السنوات المقبلة.
وتجدر الإشارة إلى أن قطر تمتلك أيضًا مشروعات تهدف إلى تقليص معدل احتراق الغاز، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تعود إلى عام 2014، وأبرزها مرفق استرجاع الغاز المتبخر خلال الشحن، والذي يؤدي للحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 2.5 مليون طن سنويًا.
ووفقًا لبيانات شركة قطرغاز، بدأت الشركة منذ عام 2014 بتشغيل مرفق استرجاع الغاز المتبخر خلال الشحن باستثمارات تبلغ قرابة مليار دولار، والذي يقوم بجمع الغاز المتبخر من ناقلات الغاز المسال ويضغطه في مرفق مركزي، ثم يرسل الغاز المضغوط إلى المنتجين مرة أخرى لاستهلاكه في صورة وقود، أو تحويله مرة أخرى إلى غاز طبيعي مسال.
وأكدت الشركة أن عمليات استرجاع الغاز المتبخر خلال الشحن أسهم في خفض الاحتراق بنسبة تزيد على 90%، مقارنة بمعدل الاحتراق في 2012.
ويوفر مرفق استرجاع الغاز نحو 29 مليار قدم مكعبة سنويًا من الغاز عبر الحدّ من الاحتراق، وهي كمية تكفي لإمداد نحو 300 ألف منزل بالطاقة الكهربائية، نقلًا عن موقع شركة قطر غاز.
الإمارات
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلنت حكومة الإمارات خلال معرض اكسبو 2020 دبي، إستراتيجيتها لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، إذ تستهدف خفض الانبعاثات في البلاد بنسبة 23.5% بحلول 2030.
وشملت إستراتيجية الإمارات استثمار أكثر من 600 مليار درهم (163.36 مليار دولار) في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى حلول عام 2050، بهدف مكافحة التغير المناخي وتحقيق حيادية الكربون، وفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية.
وتستهدف إستراتيجية الدولة للطاقة حتى منتصف القرن الحالي، رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، منها 44% طاقة متجددة، و6% طاقة نووية.
وتسعى كذلك إلى توفير نحو 700 مليار درهم (190.58 مليار دولار) حتى عام 2050، بالإضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة.
وفي عام 2017، اعتمدت دولة الإمارات الخطة الوطنية للتغير المناخي (2017 -2050)، والتي تحدد إطار عمل لإدارة انبعاثات غازات الدفيئة، والتكيف مع تداعيات التغير المناخي، والابتكار في التنويع الاقتصادي.
ومن المقرر أن تقوم الإمارات بزراعة ما لا يقلّ عن 30 مليون شجرة قرم محلية على مستوى البلاد بحلول عام 2030، تتميز بقدرتها على التقاط وتخزين كميات كبيرة من الكربون.
وفي الأساس، تمتلك الإمارات مشروعًا لالتقاط وتخزين الكربون واستخدامه، وهو مشروع شركة ريادة المتخصصة بالتقاط وتخزين الكربون في إمارة أبوظبي، إذ تعدّ أول منشأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقوم بتخزين الكربون على نطاق تجاري، وبدأت العمل في 2016.
وتلتقط منشأة ريادة نحو 800 ألف طن من الكربون سنويًا من مصنع حديد الإمارات الذي كان يطلق في السابق 1% من إجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في البلاد.
وتعتمد المنشأة على 3 مراحل، بدايتها التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من مصنع حديد الإمارات، مرورًا بضغط الغاز ونقله ضمن خط أنابيب يصل طوله إلى 45 كيلومترًا إلى حقول النفط التي تُشغّلها أدنوك، أمّا المرحلة الثالثة، فتشهد استخدامه في الحقول لتحسين عملية استخراج النفط وتخزين ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض.
وتستهدف شركة أدنوك رفع قدرة منشأة ريادة لالتقاط الكربون من 800 ألف طن سنويًا إلى 5 ملايين طن بحلول عام 2030.
الكويت
في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعدّت الكويت إستراتيجيتها لخفض الكربون حتى حلول عام 2050، والتي أعلنتها خلال فعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ، والذي عُقد في غلاسكو بالمملكة المتحدة.
وأكدت الكويت أن إستراتيجيتها تقوم على أساس مبادئ الاقتصاد الدائري للكربون، من خلال تعزيز الحدّ من غازات الدفيئة والتخلص منها، وإعادة استخدامها وتدويرها.
وتسعى الكويت إلى تجنّب ارتفاع غازات الدفيئة بما يعادل 7.4% من إجمالي انبعاثاتها حتى عام 2035، إذ اعتمدت البلاد خطط وبرامج التنمية المستدامة على المستوى الوطني.
وتهدف إلى الانتقال إلى نظام اقتصادي منخفض الانبعاثات من الكربون المكافئ، بناءً على توقعات انبعاثاتها المستقبلية في أنماط العمل المعتادة للمدة ما بين 2015 و2035.
كما تستهدف الكويت زيادة المحميات الطبيعية لتصل إلى 15% من إجمالي مساحة البلاد، وزراعة نبات المانجروف في السواحل والجزر الشمالية وذلك بهدف حجز الكربون وتخزينه.
هل النفط والغاز ضرورة للوصول إلى الحياد الكربوني؟
ترى الدول الخليجية أن للنفط والغاز أهمية في تلبية احتياجات الطاقة مع التحول إلى مستقبل أكثر استدامة والانتقال للطاقة النظيفة للوصول إلى حيادية الكربون، وفق وحدة أبحاث "الطاقة".
ومن جانبه، أكد وزير الصناعة الإماراتي، سلطان الجابر، خلال قمة المبادرة الخضراء التي عقدتها السعودية، الدور المهم للنفط والغاز في تلبية احتياجات الطاقة حاليًا وخلال مدة التحول في قطاع الطاقة، ومستقبلًا، وفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية.
ودعا الوزير الإماراتي إلى ضرورة تفعيل المادة السادسة من اتفاق باريس للمناخ لأجل إنشاء أسواق كربون تساعد في توجيه رؤوس الأموال نحو الحلول منخفضة الكربون، موجهًا إلى ضرورة تصميم الحلول المناخية بشكل مرن يتلاءم مع احتياجات مختلف الدول بحسب خصوصيات وظروف كل منها، وألّا يُفرض نموذج واحد على الجميع.
ويرى الجابر أن الدور المهم للنفط والغاز سوف يستمر في تلبية احتياجات العالم من الطاقة للعقود المقبلة، إذ تلبّي مصادر الطاقة المتجددة 7% فقط من الطلب العالمي على الطاقة، قائلًا: "يعني ذلك أننا بحاجة إلى مزيد من الوقت كي تكون المصادر المتجددة قادرة على تلبية المزيد من احتياجات العالم للطاقة".
واتفقت السعودية في الرأي مع الإمارات، إذ قال وزير النفط السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن بلاده تتبنّى نهجًا كليًا للتحول يشمل إنتاج النفط والغاز والهيدروجين، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز للأنباء.
وجاءت الرؤية الخليجية مختلفة لخريطة الطريق التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية في مايو/أيار 2021، والتي نصّت على الابتعاد عن الوقود الأحفوري، وتطالب بعدم تطوير حقول نفط وغاز جديدة.
موضوعات متعلقة..
- تقرير يتوقع وصول السعودية إلى الحياد الكربوني قبل 2060
- أدنوك تستثمر 3.6 مليار دولار في خفض انبعاثات حقول النفط البحرية
- تجارة الكربون.. هل تستفيد الأسواق الناشئة من قواعد خفض الانبعاثات؟
اقرأ أيضًا..
- معوقات التخلص من محطات الفحم في 3 دول آسيوية
- الشرطة البريطانية تختبر سيارات تيسلا استعدادًا للتحول إلى المركبات الكهربائية
- محادثات الطاقة في الاتحاد الأوروبي بين معارك أسعار الكربون والتمويل الأخضر