3 دروس مستفادة من ديناميكية أسواق النفط في 2021
وحدة أبحاث الطاقة
الحدث الأهم والجديد في أسواق النفط في عام 2021 ليس انتعاش أسعار النفط، ولا التزام أوبك المميز بالحصص الإنتاجية، وليس انخفاض إنتاج الخام في خليج المكسيك جراء العواصف، أو انتعاش الاقتصاد العالمي وزيادة الطلب على النفط، وإنما قيام كبار الدول النفطية، خاصةً السعودية وروسيا، بتبنّي سياسات ومواقف جديدة، غيّرت مجرى الأحداث في تلك السوق، وستظل تؤثّر فيها لسنوات مقبلة.
فهذه الدول أصبحت أكثر فاعلية ومصداقية عن طريق تبنّي سياستين جديدتين؛ الأولى، احترام الحصص السوقية للدول التي لا تستطيع زيادة الإنتاج وعدم التعويض عنها، وهو ما لم يدعم أسعار النفط فقط، بل أعطى مصداقية لاتفاق أوبك+ ضمن الدول الأعضاء، وفي أسواق النفط.
ويُعدّ ما سبق قفزة نوعية في سلوك أوبك -مع بداية عقدها السابع- وإثباتًا آخر على أن الهدف من أوبك وأوبك+ هو إدارة السوق وتنظيمه، وهذا يتطلب تعاون الجميع، ولكن استمرار هذا التعاون يتطلب شروطًا متعددة؛ منها، عدم زيادة إنتاج دولة على حساب الحصة الإنتاجية لدول أخرى.
أمّا الثانية، فهي تبني هذه الدول -أعضاء أوبك وحلفاؤها من خارج المنظمة- دورًا قياديًا وإيجابيًا، بل وفعالاً واستباقيًا في محادثات المناخ، سواء في قمة العشرين أو في مؤتمر المناخ كوب 26، الذي عُقد بمدينة غلاسكو في إسكتلندا، وهو الدور الذي مكّنها من تحقيق مصالح عدّة ما كان لها أن تحققها لو استمرت بدورها التابع والسلبي.
أزمة الطاقة العالمية
أمّا ثاني أهم حدث، وهو جديد أيضًا، كون أزمة الطاقة العالمية لاعلاقة لها بالنفط، لكنها حوّلت الخام إلى منافس قوي للفحم والغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، مع انقطاع الكهرباء وانخفاض إمدادات الفحم والارتفاع التاريخي في أسعار الغاز والغاز المسال بالأسواق الفورية.
ويندرج تحت هذا الحدث مدى ترابط أسواق مصادر الطاقة ببعضها من جهة، ومدى تنافسيتها من جهة أخرى، إذ أدى نقص إمدادات الفحم في الصين والهند، ومن ثم انقطاع الكهرباء، إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي والغاز المسال، فارتفعت أسعارهما إلى مستويات قياسية، وهذا الارتفاع القياسي في أسعار الغاز رفع الطلب على النفط؛ بسبب تحوّل بعض شركات الكهرباء من الغاز إلى النفط، لأنه الوقود الأرخص، كما إن العجز في إمدادات الكهرباء جعل المصانع والأفراد يلجؤون للتوليد الخاص، والذي يستخدم أغلبه الديزل.
وانطلاقًا من هذه الفكرة، نجد أن الدول الأوروبية التي تنادي بضرورة تبنّي سياسات قوية لمكافحة التغيّر المناخي، هي الدول التي تراجعت عنها مع أول مشكلة في إمدادات الطاقة، وهذا يؤكد أن سياسات التغير المناخي من ضمن الأولويات إذا لم توجد أولويات أخرى.
وأسهم تراجع الساسة الأوروبيين وتبنّيهم للفحم والنفط وقت الأزمات بتصلّب مواقف الهند والصين وغيرها في مباحثات المناخ، وهذا تطور جديد من ضمن التطورات في 2021.
إنتاج النفط الصخري
ثالث أهمّ حدث هو تباطؤ زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي، رغم الارتفاع الكبير في أسعار النفط، وعزز ذلك تصريحات بعض رؤساء شركات النفط الصخري بأنهم سوف يستمرون بهذه السياسة؛ لأن السياسات القديمة التي ركّزت على زيادة الإنتاج باءت بالفشل، ونتج عنها خسائر كبيرة.
وعدم زيادة الإنتاج مع ارتفاع الأسعار في البداية، لم يأت من فراغ، ولم يأت عن رغبة من إدارات الشركات، إنما جاء من نقص الاستثمارات والقروض نتيجة انخفاض أسعار النفط، وخسائر النفط الصخري، ثم القيود البيئية التي فرضتها مجالس الإدارة في بعض الشركات، لهذا لم يكن هناك خيار سوى الاعتماد على التدفقات النقدية للتوسع، وهذه لم تصبح متوفرة حتى ارتفعت أسعار النفط فوق 60 دولارًا للبرميل، ولكن الشركات وعدت المستثمرين بتوزيعات نقدية فصلية، ومن ثم فإن كمية الأموال المتوافرة للتوسع ما زالت منخفضة.
ولقراءة حصاد 2021 بشأن النفط والغاز والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، والذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، يرجى الضغط هنا.