تقارير الغازالتقاريرسلايدر الرئيسيةغاز

أزمة الطاقة تنتقل إلى 2022.. وأوروبا وآسيا تتنافسان على إمدادات الغاز المسال نفسها

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • أسعار الطاقة تهدد بعرقلة استمرار تعافي الاقتصاد العالمي من عواقب الوباء
  • تعافي الطلب أصبح يرهق أسواق النفط والغاز الطبيعي وحتى الفحم
  • يبدو دور روسيا محدودًا في كمية الغاز التي يمكن أن توفرها إلى أوروبا
  • أزمات الإمدادات العالمية الماضية كانت تقتصر عادةً على النفط.

كشف تقرير بعنوان "سوق الغاز الطبيعي العالمية الناشئة وأزمة الطاقة في 2021-2022"، أصدره معهد بروكينغز الأميركي، عن أن أزمة الطاقة المستمرة في أواخر عام 2021 ستنتقل إلى عام 2022، وأنها تنطوي على تأثيرات واسعة النطاق على الاقتصاد والبيئة والأمن.

وبيّن التقرير أن عناصر أزمة الطاقة تتمثّل في زيادة الترابط بين أسواق الغاز الطبيعي وتداعيات تفشي وباء كوفيد-19 واضطرابات سلسلة التوريد وانعكاسات تقلب أسعار الطاقة خلال استغناء هذا القطاع عن الوقود الأحفوري.

من جهتها، تهدد أسعار الطاقة بعرقلة استمرار تعافي الاقتصاد العالمي من عواقب الوباء الذي تسبب في انخفاض تاريخي بالطلب على الطاقة وأسعارها، بحيث أصبح تعافي الطلب حاليًا يرهق أسواق النفط والغاز الطبيعي وحتى الفحم.

أزمة الطاقة والإمدادات العالمية

أشار تقرير معهد بروكينغز الأميركي إلى أن أزمات الإمدادات العالمية الماضية كانت تقتصر عادةً على النفط، في حين تشهد أسواق الغاز الطبيعي سريعة التغير أزمة أيضًا.

وأوضح أن سوق الغاز المسال المتنامية قد فتحت أبواب التنافس العالمي على إمدادات الغاز، وهو وضع لم يكن ممكنًا عندما توفّرَ الغاز عن طريق خطوط الأنابيب أو الغاز الطبيعي المسال بموجب العقود طويلة الأجل.

وفي المقابل، تتنافس أوروبا وآسيا على إمدادات الغاز الطبيعي المسال نفسها، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في كلتا السوقين وتوسيع السوق الشحيحة اليوم إلى الولايات المتحدة.

وقد أصبح الغاز الطبيعي ضحية حلوله محل الفحم، فقد كان التخلي عن توليد الكهرباء بالفحم لأسباب اقتصادية أو بيئية مصدرًا مهمًا للطلب على الغاز.

إسكوم في جنوب أفريقيا
إحدى محطات توليد الكهرباء بالفحم - أرشيفية

توليد الكهرباء بالفحم

مع أزمة الطاقة وتراجع توليد الكهرباء بالفحم في الولايات المتحدة، فإن حاجزًا مهمًا للطلب على الغاز وأسعاره آخذ في الاختفاء، ونظرًا إلى انخفاض القدرة على استخدام الفحم لتوليد الكهرباء عند ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي، يصبح الطلب على الغاز أقل مرونة والأسعار أكثر تقلبًا.

وذكر تقرير مركز بروكينغز أن التركيز على البيئة والقدرة على تحمل التكاليف خلال الجزء المبكر من تحول الطاقة ربما أدى إلى تقليل الاهتمام بأمن الطاقة.

وأشار إلى أن الترابط الجديد لأسواق الطاقة عبر أنواع الوقود والمناطق الجغرافية قد غيّر طريقة انتشار الأزمات.

وألمح إلى أن تدابير مثل الاحتياطيات الإستراتيجية والاستجابة إلى الطلب قد تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، إلى جانب برامج لمساعدة المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض، الذين يعانون ارتفاع أسعار الطاقة.

وأضاف أن التنويع في إمدادات الطاقة يتعزز باستخدام مصادر الطاقة المتجددة التي لا تخضع لأهواء الأسواق العالمية.

انعكاسات تفشي الوباء على أزمة الطاقة

أوضح تقرير معهد بروكينغز الأميركي الذي جاء بعنوان "سوق الغاز الطبيعي العالمية الناشئة وأزمة الطاقة في 2021-2022" أنه نتيجة انعكاسات انتشار وباء كوفيد-19 ومتحوراته، أصبحت أزمات الطاقة المتزامنة تهدد انتعاش الاقتصاد العالمي.

فقد أدّى الارتفاع المستمر في أسعار الطاقة إلى شل حركة أوروبا، وتسبب انقطاع التيار الكهربائي في تفاقم سلسلة التوريد ومخاوف الركود في الصين، وفي اضطراب الأسواق في الولايات المتحدة.

وبعد أقل من عامين من تسبب الوباء في حدوث انهيار كبير في الطلب العالمي على الطاقة، يمكن أن تتسبب مجموعة من العوامل في إحدى أشد صدمات إمدادات الطاقة العالمية التي شهدها العالم.

وسوف يتأثر الوصول إلى الطاقة لدى العديد من السكان الضعفاء، الذين يعانون فقدان الوظائف نتيجة إجراءات الإغلاق تفاديًا لأضرار تفشي الوباء، بارتفاع الأسعار.

وكشف تقرير بروكينغز عن أن العالم ربما يتجه حاليًا نحو انتعاش عالمي ضعيف وتعثر في سلاسل التوريد المتأثرة بأسعار الطاقة وأزمة العرض غير المسبوقة في التاريخ الحديث.

وفي إطار تناوله لأزمة الطاقة، أوضح التقرير أن تصميم سوق الطاقة في أوروبا، وبدرجة أقل في الولايات المتحدة، ركز على الأسواق الهامشية قصيرة الأجل، ولم يكن مهتمًا بالقدر اللازم بضمان أمن التوريد على المدى الطويل عبر قطاعات متعددة.

وبدوره، أدى نهج القيادة والسيطرة الذي تتبعه الصين لتقليل أسعار الطاقة الاستهلاكية إلى حدوث نقص في الإمدادات.

محطة لتوليد الكهرباء بالغاز
محطة لتوليد الكهرباء بالغاز - الصورة من موقع كونستراكشن ريفيو

التحول إلى الغاز الطبيعي

أفاد تقرير بروكينغز بأن التحول طويل الأمد نحو الغاز الطبيعي في أوروبا مع استمرار الاعتماد على واردات الغاز، أدى إلى أزمة الطاقة بشكل حاد في القارة.

وبيّن أن الدول الأوروبية تحولت، على مدى سنوات، من الفحم إلى الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتحقيق الأهداف البيئية الأخرى.

وتُعد المملكة المتحدة مثالًا واضحًا لذلك، حيث حل الغاز الطبيعي بالكامل تقريبًا محل الفحم (وبعض مصادر الطاقة المتجددة) في قطاع الكهرباء لديها في أقل من 10 سنوات.

وقد تمت تلبية هذا النمو في السنوات الماضية من خلال زيادة واردات الغاز المسال والواردات الروسية والإنتاج النرويجي، في حين يبدو أن العرض غير كافٍ، لا سيما بعد العجز في تخزين الغاز من العام الماضي.

وأشار التقرير إلى أن الطلب القوي والمنافسة الآسيوية الشديدة على واردات الغاز المسال وانخفاض التدفقات الروسية والتخزين المنخفض نسبيًا في بداية موسم التدفئة الشتوي يتسبب في حدوث أزمة في إمدادات الغاز الطبيعي.

وتكشف هذه الأزمة قصيرة الأمد الاعتماد المتزايد طويل الأمد لأسواق الغاز الأوروبية على الواردات.

وأضاف التقرير أنه مع انتهاء موسم تخزين الغاز الطبيعي، كانت مستويات التخزين في جميع أنحاء القارة عند أدنى مستوياتها خلال عقد من الزمان.

وقبل أشهر من الآن، سجلت أسعار الغاز والطاقة أرقامًا قياسية جديدة يوميًا، إذ تندفع الشركات لتلبية جزء من الطلب على الغاز غير مشمول بالعقود طويلة الأجل في السوق الفورية الشحيحة.

من ناحية ثانية، ارتفعت أسعار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في برنامج الاتحاد الأوروبي لتجارة الانبعاثات للحد الأقصى من مستويات ضئيلة نسبيًا في العقد الأول من القرن الـ21 إلى أكثر من 70 يورو للطن.

دور الغاز الطبيعي الروسي

زادت أزمة الطاقة من حدة الجدل حول اعتماد أوروبا على إمدادات الغاز الروسي، حسب تقرير معهد بروكينغز .

وعلى الرغم من التركيز على خط أنابيب نورد ستريم 2، فإن مسارات خطوط الأنابيب المحددة والجغرافيا السياسية المرتبطة بها لا تُعدّ سببًا رئيسًا للنقص الحالي في الغاز الطبيعي.

الغاز الروسي

وأضاف التقرير أن دور روسيا يبدو محدودًا في كمية الغاز التي يمكن أن توفرها لأوروبا بسبب الصيانة الميدانية والتخزين المحلي المنخفض، مشيرًا إلى أن روسيا لا تستغل الموقف لممارسة الضغط الجيوسياسي.

وتشكل القوة السوقية لروسيا في إمدادات الغاز الطبيعي الأوروبية تهديدًا لأمن الطاقة للدول الفردية، وربما الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا ليس دافعًا رئيسًا للتحديات الحالية.

وتلقي مرونة النظام غير الكافية وتخطيط إمدادات الغاز ومرونة إمدادات الوقود بظلالها على الجغرافيا السياسية في هذه الأزمة.

تقلبات أسواق الطاقة

يرى تقرير معهد بروكينغز، أن السياسيين يميلون إلى إلقاء اللوم على المضاربة وتلاعب السوق في ارتفاع حدة أزمة الطاقة وزيادة الأسعار.

وأوضح أن الوقائع تشير إلى أن التقلبات قصيرة الأجل متأصلة في أسواق الطاقة، لأنها في الغالب غير مرنة من ناحية الأسعار.

وأكد أن إحدى المفارقات الواضحة الموجودة الآن، التي من المحتمل أن تفاجئ العديد من المستثمرين المتحمسين، هي أن جزءًا كبيرًا من الطلب العالمي على الطاقة يخضع لعقود التحوط التي تتأثر بدرجة طفيفة بارتفاعات الأسعار الحالية.

واعتبر أن التقلب ليس عرضيًا ولا خطأ في أنظمة الطاقة الحالية، وإنما يمثل سمة نشأت عن خيارات تصميم نظام الطاقة التي تقدر التحسن الهامشي على المدى القصير، وتتجاهل إلى حد كبير الأسواق المترابطة.

واقترح التقرير أنه عند تقييم خيارات أنظمة الطاقة، يجب على صانعي السياسات وأصحاب المصلحة أن يتذكروا معضلة الطاقة الثلاثية على صعيد الاقتصاد والبيئة والأمن.

وأكد أنه مع إعادة تقييم البلدان المخاطر خلال هذا الوقت المضطرب، تحتاج الحكومات وشركات الطاقة إلى تطبيق منظور متكامل لاستقرار أسعار الغاز الطبيعي وأمن الإمدادات، لا سيما مدى تأثيره على قطاعات الطلب المتعددة.

وأوضح أنه على عكس الفحم يُعد الغاز الطبيعي وقودًا أحفوريًا يلعب دورًا رئيسًا في إزالة الكربون من أسواق طاقة معينة بفضل موازنة الطاقة المتجددة، في حين يؤدي التحول السريع وغير المدروس نسبيًا إلى أسواق الغاز المدفوعة عالميًا إلى حدوث تعقيدات في النتائج الأمنية والبيئية.

الغاز المسال

تجارة الغاز المسال

ارتفع حجم التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال بأكثر من 60% بوصفه موردًا جديدًا للغاز الطبيعي المسال، من عام 2010 حتى عام 2020، حسب تقرير معهد بروكينغز.

وأضاف أن الصادرات الأميركية وفّرت أكثر من ثلث هذا النمو العالمي، إذ تُعد الولايات المتحدة الآن ثالث أكبر مصدر في العالم، وتمتلك نحو خمس السوق، ويمكن بمحطات التصدير الإضافية أن تنقلها إلى المرتبة الأولى قريبًا.

وأوضح أن تسعير الغاز المسال الأميركي لا يتم على أساس أسواق النفط مثل معظم المصادر الأخرى للغاز الطبيعي المسال، وإنما على أساس معطيات السوق الأميركية للغاز الطبيعي المسال.

وألمح إلى أن العقود تميل إلى أن تكون أكثر مرونة، ولم يغير الارتفاع الهائل في إنتاج الغاز في الولايات المتحدة طريقة تسعير الغاز وتداوله فحسب، وإنما غيّر أيضًا العلاقات الجيوسياسية الرئيسة، بما في ذلك علاقة الغاز بين أوروبا وروسيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق