الذكاء الاصطناعي.. ثورة في اكتشاف المعادن النادرة اللازمة للسيارات الكهربائية
نوار صبح
- ستتطلب كهربة أساطيل السيارات العالمية كميات ضخمة جديدة من المعادن الأساسية
- الكميات الصغيرة تقدّم أدلة على ما إذا كانت الخامات تحوي النحاس والكوبالت
- استخراج المعادن ومعالجتها مايزال يلوّث المياه والتربة ويطلق الملوثات وغازات الدفيئة
- بطاريات أيونات الليثيوم أحدثت ثورة في الإلكترونيات الاستهلاكية أوائل التسعينيات
يعمل فريق التنقيب لدى شركة كوبولد ميتالز الأميركية الناشئة، التي يدعمها بيل غيتس، في مساحات شاسعة شمال غرب زامبيا، مستخدمين التكنولوجيا الفائقة والذكاء الاصطناعي، للعثور على المعادن النادرة كالكوبالت والنيكل والنحاس التي تدخل في صناعة السيارات الكهربائية.
وستتطلب كهربة أساطيل السيارات العالمية كميات ضخمة جديدة من المعادن الأساسية مثل الكوبالت والنحاس، التي قد يصعب العثور عليها دون مساعدة التقنيات المتطورة والبيانات الضخمة.
ورغم تشابه الخطوات الأولى في استكشاف المعادن مع الطرق المتّبعة منذ منتصف القرن الـ20، يمكن للتقنيات الجديدة، التي تعتمد على اختبار عالي المخاطر للبيانات الضخمة، إحداث تغيير جذري في قطاع التعدين واستغلال الطاقة النظيفة، حسبما نشره موقع "ناشيونال جيوغرافيك".
البحث عن المعادن النادرة
أشار الكاتب الصحفي لدى مجلة ناشيونال جيوغرافيك، جوناثان دبليو روزين، إلى أن أعضاء فريق التنقيب لدى شركة كوبولد ميتالز في زامبيا يجمعون أكياس التربة وينقلون العينات إلى معسكر مؤقت، حيث تُجَفَّف وتُنخّل وتُختبَر بحثًا عن آثار 34 عنصرًا كيميائيًا.
وقال، إنه حتى الكميات الصغيرة تقدّم أدلة على ما إذا كانت الخامات تحتوي على النحاس والكوبالت، وهما معدنان مهمان لإنتاج السيارات الكهربائية.
وعلى عكس أساليب التنقيب التقليدية، يستخدم فريق التنقيب لدى الشركة البيانات التي يجمعونها من عينات التربة، إلى المسوحات المنقولة جوًّاً، إلى رزم الوثائق التاريخية، بصفة وحدات بناء لمجموعة من النماذج الجيولوجية المعقدة التي يشغّلها الذكاء الاصطناعي.
وتعتمد شركة كوبولد ميتالز وداعموها على إمكان أن يتنبّأ الذكاء الاصطناعي تنبؤًا فاعلًا بمكان تكوّن الخامات، ويكشف عن مكامن جديدة عميقة.
ثورة الطاقة الخضراء
تجدر الإشارة إلى أن كوبولد ميتالز ليست شركة التعدين الوحيدة التي تتبنّى البيانات الضخمة لمساعدة الجيل المقبل من الاكتشافات، لكن ممولي الشركة والتركيز على المعادن اللازمة لثورة الطاقة الخضراء يجذبون الانتباه إلى شحّ المواد الخام الذي يهدد بإحباط جهود تحوّل الطاقة عالميًا.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن الحفاظ على الاحترار العالمي دون مستوى درجتين مئويتين -وهو الهدف الرئيس لاتفاقية باريس للمناخ لعام 2015- سيتطلب نموًا غير مسبوق في إنتاج السلع، مثل النحاس والكوبالت والنيكل والليثيوم.
وتعدّ جميع هذه السلع لَبِنات أساسية للألواح الشمسية، وتوربينات الرياح، وأسلاك الكهرباء، والسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، وتُعدّ أقلّ كثافة كربونية من نظيراتها التي تعمل بالبنزين، خصوصًا عند توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
أهمية المعادن النادرة
بحلول عام 2040، ستتطلب مشروعات وكالة الطاقة الدولية، التي تلبّي أهداف اتفاق باريس للمناخ، مبيعات عالمية سنوية لأكثر من 70 مليون سيارة وشاحنة كهربائية، التي ستطلب معًا نحو 30 ضعف كمية المعادن المستخدمة في إنتاجها الآن.
ويرى كاتب المقال جوناثان دبليو روزين أن التحول إلى مستقبل أخضر لا يخلو من تعقيدات متناقضة، على الأقلّ في المستقبل القريب.
وعلى الرغم من أن التقنيات الجديدة واللوائح التنظيمية الصارمة جعلت التعدين أقلّ تدميرًا للبيئة، فإن استخراج المعادن ومعالجتها ما يزال يلوّث المياه والتربة، ويطلق الملوثات وغازات الدفيئة التي تسببت بارتفاع درجة حرارة المناخ في بادئ الأمر.
ومع ذلك، تمثّل الانبعاثات المرتبطة بالمعادن المستخدمة في تقنيات الطاقة الخضراء جزءًا صغيرًا من الانبعاثات الناتجة عن الأنظمة التي تعمل بالوقود الأحفوري المصممة لتحلّ محلّها.
ونتيجة تسارع اعتماد السيارات الكهربائية، قد يؤدي المزيد من إعادة تدوير البطاريات، بمرور الوقت، إلى أن يصبح البحث عن معادن بطاريات جديدة أقلّ إلحاحًا.
ويمكن تحمّل بعض عبء التحول البيئي الأخضر من خلال حلول أخرى ما تزال قيد التطوير، مثل: السيارات التي تعمل بالهيدروجين، أو التقنيات قيد التطوير.
الصخور العميقة
اشتقّت شركة كوبولد، التي تأسست في عام 2018، اسمها من الكوبالت، وهو معدن فضي مزرقّ لامع يساعد في تحسين أداء بطاريات أيونات الليثيوم التي أحدثت ثورة في الإلكترونيات الاستهلاكية عندما طُرحت في الأسواق أوائل التسعينات.
-
مفاجأة.. وزن السيارات الكهربائية يقلّل فاعليتها في مواجهة تغير المناخ
-
السيارات الكهربائية.. أسعار الليثيوم تهدد مصير المبيعات القياسية
وتُستخدم البطاريات نفسها على نطاق أوسع لتشغيل السيارات الكهربائية، ويمنحها الكوبالت نطاق سير أكبر وعمرًا أطول وحماية أفضل ضد الحرائق عن طريق تقليل التآكل.
وتنتج جمهورية الكونغو الديمقراطية ما يقرب من 70% من الكوبالت في العالم، وقد أدت انتهاكات حقوق العمّال والفساد إلى زيادة الحاجة الملحّة للعثور على مكامن في مكان آخر.
في المقابل، يبحث صانعو السيارات عن بدائل معدن الكوبالت لأنه سلعة باهظة الثمن، على الرغم من أن قيود الأداء للبطاريات الخالية من الكوبالت تزيد وتيرة الطلب على الكوبالت.
من ناحية ثانية، يتوقع المحللون ندرة معدن النحاس، الذي يستخدم في مجموعة من التقنيات الخضراء، بما في ذلك محركات السيارات الكهربائية، والأسلاك، والبنية التحتية للشحن.
وتستخدم السيارة الكهربائية النموذجية التي تعمل بالبطارية 3 أضعاف كمية النحاس التي تستخدمها السيارة التقليدية المُستهلِكة كميات كبيرة من البنزين.
وكانت الخامات المستخرجة اليوم، في زامبيا، ثاني أكبر منتج للنحاس في أفريقيا، إمّا تخرج من الأرض أو توضع أسفل السطح مباشرة عند العثور عليها، وفقًا للخبير الجيولوجي، ديفيد بروتون، الذي يتمتع بخبرة 25 عامًا في المنطقة ويقدّم استشارات لشركة كوبولد ميتالز وغيرها.
وفقًا لمعظم تقديرات الصناعة، تظهر المكامن المعدنية المجدية تجاريًا بأقلّ من 1% من المشروعات في المناطق التي لا توجد بها عمليات استكشاف مسبقة واسعة النطاق، حسبما نشره موقع "ناشيونال جيوغرافيك".
دَوْر البيانات الضخمة
قال رئيس قسم التكنولوجيا في شركة كوبولد ميتالز، جوش غولدمان، إن الشركة تهدف إلى تقليل حالة عدم اليقين بشأن المكامن تحت سطح الأرض.
وأضاف أن الاستخدام الدقيق للبيانات المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطور يُعدّ أمرًا أساسيًا للتحقق من الاحتمالات.
وقد ساعدت تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الأتمتة والتعلم الآلي، بمكافحة المناخ من خلال تمكين تتبّع دقيق للانبعاثات، ووضع نماذج مناخية أكثر تعقيدًا، وتطوير شبكات ذكية وأجهزة أخرى موفِّرة للطاقة.
وركّزت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعدين تحديدًا على تحسين الاستخراج في العمليات الحالية، على الرغم من وجود زخم متزايد باستخدامها للمساعدة في البحث عن مكامن جديدة.
وتعدّ شركة كوبولد ميتالز إحدى الشركات القليلة التي تستثمر رأسمالها في مشروعات الاستكشاف في زامبيا وغيرها في كندا وغرينلاند وغرب أستراليا.
اقرأ أيضًا..