تقارير الكهرباءالتقاريرتقارير منوعةرئيسيةكهرباءمنوعات

الفحم في أفغانستان.. صراع الشتاء بين التدفئة والانبعاثات

كابول واحدة من أكثر 10 مدن مُسببة للتلوث في العالم

هبة مصطفى

الفحم والتدفئة في الشتاء.. معضلة ستظل تتكرر كل عام ما دام جنحت عدة دول بعيدًا عن مصادر الطاقة النظيفة، لتقع البلدان الفقيرة بين مطرقة الأسعار العالمية المرتفعة لمصادر الطاقة اللازمة للحصول على التدفئة والإنارة، وسندان الانبعاثات الضارة لمصادر الطاقة الملوثة مثل الفحم.

يأتي ذلك في حين لم تهدأ بعد حدة الجدل حول الفحم في قمة المناخ كوب 26، التي اختتمت أعمالها الشهر الجاري في غلاسكو بالمملكة المتحدة، بعدما وقعت 200 دولة اتفاقًا لخفض استخدام الفحم كونه أحد مصادر الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

سبيل التدفئة.. والانبعاثات

رغم ارتفاع أسعار الفحم في الأسواق العالمية، ووقوف حرقه وراء أخطر أنواع ملوثات الهواء، فإنه السبيل الوحيد للحماية من برد الشتاء في أفغانستان.

ورغم اعتماد أفغانستان -واحدة من دول العالم الأكثر فقرًا- كليًا على الفحم، فإنها لا تُعدّ ملوثًا عالي الخطورة على الصعيد العالمي (من ناحية حجم الانبعاثات) مقارنة بأميركا على سبيل المثال.

ورصد البنك الدولي مساهمة أفغانستان بانبعاثات ثاني أكسيد كربون بـ0.2 طنًا، مقارنة بـ15 طن انبعاثات أميركية خلال عام 2018، ورغم ذلك تحتل العاصمة الأفغانية كابول موقعها ضمن أسوأ 10 مدن مسببة للتلوث عالميًا.

موارد النفط والمعادن في أفغانستان

هواء سام

"الفحم هو خيارنا الوحيد للحصول على التدفئة".. هكذا أجمع عدد من الأفغان خلال استقبالهم الشتاء، إذ تكتظ الأسواق الأفغانية بأطنان الفحم.

وخلال فصل الشتاء يتحوّل الهواء الأفغاني على ارتفاع 5 آلاف و900 قدم إلى هواء سام مليء بالغبار والدخان، نتيجة حرق الفحم والأخشاب والنفايات والبقايا المنزلية وإطارات السيارات.

ومن بين الجبال في أفغانستان يمكن رؤية سُحب كثيفة تحمل ضبابًا ودخانًا تُغطي المحيط السكني الذي يضم ما يقرب من 5 ملايين أفغاني.

أحد مناجم الفحم في أفغانستان.. الصورة من يو إس إيه توداي
أحد مناجم الفحم في أفغانستان - الصورة من يو إس إيه توداي

لا بديل..

أحد العملاء في الأسواق الأفغانية -يدعى أمان الله دودزاي- أكد أنه رغم علم الأفغان بأخطار حرق الفحم وما يسببه من التلوث الناتج عن حرقه من أمراض تنفسية خطيرة، فإنهم مضطرون إلى ذلك.

واستدرك دودزاي قائلًا إن الفحم ما زال أرخص البدائل المطروحة في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعانيها الشعب الأفغاني عقب ما يزيد على 3 أشهر من إبعاد حكومة طالبان الحكومة المدعومة من الغرب خارج البلاد.

وأضاف دودزاي أن الأفغان يمكنهم الشعور بآثار أزمة الاحتباس الحراري العالمية، إذ أصبح الطقس أكثر سخونة، ولم تعد الثلوج تتساقط عادة مثل كل شتاء، مشيرًا إلى أن الأفغان مضطرون إلى شراء الفحم من أجل البقاء.

واتفق معه أحد سماسرة العقارات، يبلغ 21 عامًا، محمد يوسف مانغال، مشيرًا إلى أنه اشترى 5 أطنان من الفحم وسيحتاج إلى 6 أطنان أخرى لتوفير التدفئة خلال فصل الشتاء.

وقال مانغال: "رغم معاناة التجارة والاقتصاد، فإن الأفغان يشترون الفحم في الشتاء من أجل البقاء".

إحدى السيدات الأفغانيات، شريفة أطايي، أكدت -أيضًا- ارتفاع أسعار الفحم العام الجاري، مضيفة أنها رغم ذلك ستحتاج إلى شراء مزيد منه للتدفئة فور حصولها على القيمة المناسبة.

أحد تجار السوق الأفغانية يُدعى عبدالله رحيمي -ويعمل لديه 40 موظفًا وعاملًا كسا الرماد الأسود وجوههم- أشار إلى أنه لو توافرت كهرباء أو غاز للأفغان لما لجأوا إلى الفحم.

الفحم يتغلغل

علامات رماد الفحم لم تظهر على كبار السن فقط في أفغانستان، إذ رصدت الكاتبة لدى وكالة الأنباء الفرنسية، كارولين تاكسي -خلال رحلة قصتها الصحفية داخل السوق الأفغانية، نشرتها في الوكالة- علامات رماد سوداء تحت أظافر عمال صغار السن.

أحد الأطفال في أفغانستان خلال عمله في قطاع الفحم.. الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية
أحد الأطفال في أفغانستان خلال عمله في قطاع الفحم.. الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية

ووصفت تاكسي بأنه رغم صغر سن هؤلاء العمال والموظفين -ربما أعمارهم لم تتجاوز 15 عامًا- فإن رماد الفحم قد يكون مستقرًا داخل أجهزتهم التنفسية وشعبهم الهوائية.

وتتنوع صور تعاملهم معه، إذ يتلقفون كتل الفحم ويتعاملون مع عربات يدوية محملة بحقائب الفحم، ويستخدمون المجارف والمعاول لصناعة أكوام منه لتحميلها على ناقلات العملاء، رغم حرارة الفحم العالية.

حركة طالبان

أوضحت تاكسي أن أفغانستان وقعت ضحية عقود من الحروب والأزمات وآخرها وصول حركة طالبان للسلطة أغسطس/آب الماضي، وظل انخفاض الأولوية البيئية عاملًا مشتركًا خلال تلك الأزمات.

وقالت إن الجوع انتشر في أفغانستان، إثر توقف الاقتصاد والمساعدات الدولية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفحم العام الماضي بنسبة 9% لارتفاع أسعار النقل.

كهرباء إيران

قبل أيام، لجأت حركة طالبان إلى إيران لمساندتها في حل أزمة انقطاع التيار الكهربائي في غالبية محافظات أفغانستان والعاصمة كابول، وهي الأزمة التي تزداد حدتها مع اقتراب فصل الشتاء.

ونتيجة لتراكم ديون حركة طالبان لدى الدول المجاورة -وصلت إلى 90 مليون دولار- وتوقف الإمدادات، أبرمت صفقة مع الجانب الإيراني لشراء 100 ميغاواط، بعد توقف إمدادات أوزبكستان إلى أفغانستان.

وبجانب ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، تواجه أفغانستان أزمة سيولة نقدية عقب تجميد الرئيس الأميركي جو بايدن أصولها في المصارف الأميركية المقدرة بما يقرب من 9 مليارات دولار.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق